أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد القصبي - الجرف الصامد ليست اختبارا للسيسي















المزيد.....


الجرف الصامد ليست اختبارا للسيسي


محمد القصبي

الحوار المتمدن-العدد: 4523 - 2014 / 7 / 25 - 00:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الوقت الذي كان قادة جيش الدفاع الإسرائيلي "تساحال " يضعون اللمسات الأخيرة على عملية إحراق غزة " الجرف الصامد " كان رئيس الوزراء بنيامين نتينياهو يجري اتصالاته لتهيئة العالم لتقبل فكرة أن العملية تدخل في نطاق حق الدولة العبرية في الدفاع عن نفسها ضد صواريخ القسام ..وأيضا ردا على خطف ثلاثة صبية إسرائيليين..وواكب تلك الاتصالات حملات إعلامية تجاوزت الميديا الإسرائيلية إلى الميديا العالمية ..لتهيئة الرأي العام العالمي لتقبل الطرح الإسرائيلي !
فهل كان هذا هو بالفعل هدف نتينياهو .. الدفاع عن المدن والمستوطنات الإسرائيلية من القصف الصاروخي ..وحماية " مراهقو " إسرائيل من الخطف؟!
ودائما للحروب أسبابها "النبيلة " المعلنة " ودوافعها "القذرة" الخفية !
ودائما أيضا ثمة أطراف لاتشارك بالطبع في التخطيط للحرب ..لكنها تحاول مع مقتل كل طفل أو إمرأة أو مسنا أن تتاجر بالدم النازف !
وعملية"الجرف الصامد " ليست فريدة في هذا الشأن ..فثمة أهداف غير معلنة سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى تحقيقها غير الثأر من خطف المراهقين الثلاثة ..وثمة أطراف تتمنى أن تتحول برك الدماء في غزة إلى بحور ..فكل قطرة دم تنزف من شريان طفل فلسطيني يحاول البعض إلى توظيفها لتحقيق مصالح رخيصة ووضيعة!
عام الرمادة الحمساوي
مع خلع الدكتور محمد مرسي من الاتحادية في صيف 2013 يخوض الجيش المصري حربا شرسة لتجفيف مستنقعات الإرهاب في سيناء .. أحد محاورها هدم مئات الأنفاق لسد منافذ تهريب الأسلحة وتسلل الإرهابيين على الحدود الشرقية ..وأيضا إيقاف عمليات تهريب السلع من مصر إلى القطاع ..ومنها ماهو مدعم بمليارات الجنيهات كالوقود والدقيق من الخزانة المصرية التي تعاني من نقص حاد في الموارد.. وطبقا للمصادر الفلسطينية فقد تمكنت القوات المصرية من هدم 90% من شبكة الأنفاق .. كما شرعت في إقامة منطقة عازلة على طول الحدود مع غزة بعرض 500 م
الأمر الذي كان له أبلغ الأثر على الحمساويين في القطاع .. خاصة وأن نصف الاقتصاد الغزاوي يتكيء على الأنفاق ..حيث تفاقمت أزمات السلع الغذائية والوقود ومواد البناء..كما تم تهجير كبير للتجمعات السكانية المتاخمة للحدود، في مناطق صلاح الدين، والبراهمة، وكندا، والبرازيل، والصرصورية وغيرها. علاوة على غلق المنطقة البحرية بين مصر وقطاع غزة،
وتشير مصادر فلسطينية إلى أن تدمير الأنفاق أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة ومستوى الفقر إلى ما يزيد عن 40% في قطاع غزة.. وتسريح عشرات الآلاف من العمال من أعمالهم،..لكن ثمة وجها آخر قبيحا لتجارة الأنفاق ..هذا الذي كشف عنه الرئيس الفلسطيني أبو مازن في أحد تصريحاته حين أكد إن أرباح تجارة الأنفاق كانت أكثر من خيالية وأدت إلى وجود 1800 مليونير في غزة يهربون من الأنفاق كل شيء من السجائر إلى الصواريخ والحشيش وماكينات تزوير العملات !.
ومن الإنصاف القول أن صناعة الأنفاق تلك دشنت عام 1982 وقبل تأسيس حركة حماس بما يقرب من خمس سنوات ..وكانت تستخدم في تهريب البضائع إلى القطاع ..لكن من الإنصاف أيضا القول أن حركة حماس أضفت على ظاهرة الأنفاق تلك صفة الرسمية حين أسست هيئة خاصة عقب ثورة 30 يونيو لتنظيم عمل هذه الأنفاق ..وقد يكون هذا مبررا من الناحية الاقتصادية حيث كانت تجارة الأنفاق تدر على الحركة 230 مليون دولار شهريا..لكن المثير للتساؤل أن حماس جعلت تبعية هذه الهيئة من اختصاص وزارة الداخلية والأمن الوطني ..مما يؤكد شكوك الشارع المصري بأن الهدف من هذه الأنفاق ليس فقط تهريب البضائع إلى داخل القطاع ..أنما أيضا تمرير الأسلحة والإرهابيين إلى سيناء!
..ومن الحمساويين من يحاول تسويق ما يقوم به الجيش المصري بأنه جزء من مؤامرة يشارك فيها "الانقلابيون" في القاهرة مع أطراف إقليمية لخنق القطاع ..وبالطبع المقصود بهذه الأطراف إسرائيل والسلطة الفلسطينية في رام الله ..!بل أنه في إطار حملة الأخوان للنيل من المؤسسة العسكرية في مصر يدعي الإعلام الحمساوي أن التعاون الأمني بين الجيشين المصري والأسرائيلي ارتفع إلى مستوى غير مسبوق بهدف الإطاحة بحركة حماس ..ويزعم تقريرا نشره مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات مؤخرا أن هذه الإجراءات لا يظهر أنها تستهدف فقط حماية الأمن المصري.. ولكنها تأتي في سياق أجندة تستهدف "الربيع العربي" ومخرجاته، وتستهدف إضعاف الحكومة التي تقودها حماس في غزة.. باعتبارها أحد تجليات "الإسلام السياسي" الذي برز إثر الثورات والتغيرات في المنطقة.
و في تقرير آخر صدر عن مركز الزيتونة في أواخر العام الماضي يتخيل باحثوه عدة سيناريوهات لإزاحة حركة حماس من المشهد الفلسطيني والإقليمي .
السيناريو الأول ..وينطوي على احتمالين ..هما :
1- التوصل عبر حوار فلسطيني فلسطيني إلى إدارة مشتركة لمعبر رفح بالتوافق مع القاهرة..
2-العودة لصيغة ما قبل عزل الرئيس مرسي تحت وطأة ضغوط شعبية أو رسمية دولية وإقليمية على الحكم الجديد في مصر، فتضطر القاهرة إلى فتح معبر رفح بشكل طبيعي
السيناريو الثاني وهو سيناريو الفوضى:
حيث تنجح "تمرد غزة "في استغلال السخط الشعبي بسبب الحصار الخانق، في خلق حالة من الفوضى في القطاع قد يجبر حماس على استخدام القوة المفرطة ضد الجماهير مما يؤدي لانفجار الوضع العام، وبالتالي تفقد الحكومة سيطرتها على القطاع.
أما السيناريوالثالث فهو سيناريو التصعيد العسكري.. ويتفرع إلى فرعين:
1-اجتياح عسكري محدود بهجوم من قبل الجيش المصري بقصد الضغط على الحكومة في غزة لإسقاطها.. وإدخال مجموعات فلسطينية من سيناء لقطاع غزة من القوى التي يديرها محمد دحلان.
2-اجتياح عسكري إسرائيلي شامل بهدف اقتلاع حكم حماس من غزة.. وإعادة السلطة الوطنية لقطاع غزة ثانية
أما السيناريو الرابع فهو سيناريو الخنق والانتظار ..ويرتكز على رفع
درجة الحصار تدريجياً لخنق حكومة غزة ولكن بدرجة محسوبة.. لتأليب الشعب عليها، وخلق المتاعب لها.. بانتظار أن تستقر الأمور للحكم الجديد في مصر، للنظر في خيار حاسم فيما بعد.
فهل لجأت إسرائيل إلى الشق الثاني من السيناريو الثالث بعمليتها العسكرية في غزة التي بدأت يوم 8يوليو الحالي ؟
الذين يجيبون بنعم على هذا السؤال يلقون بالاتهامات في وجه مصر ويشيعون أن " الجرف الصامد " تمت بالاتفاق بين القاهرة وتل أبيب .. لانهاء حكم حماس لغزة.. وأن الطرفين المصري والإسرائيلي يترقبان سقوط المئات من القتلى المدنيين مما يؤدي إلى ارتفاع مؤشر السخط على حركة حماس ..مما يهيء الأجواء لاحتجاجات شعبية تنتهي بالإطاحة بالحركة ..!ويزعم هؤلاء أن التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية في مصر وإسرائيل بلغ الآن حدا غير مسبوق منذ التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد ..
وهذا الطرح غير حقيقي بالمرة ..فرغم ماعاناه الشعب المصري اقتصاديا وأمنيا وعسكريا بسبب مواقفه الثابتة من القضية الفلسطينية ..إلا أن تلك المعاناة لم تدفع صاحب القرار في القاهرة في أي وقت أن يصرف نظره عن مصالح الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة .
وإلا لماذا أسرعت القاهرة إلى طرح مبادرتها لايقاف نزيف الدم الفلسطيني ؟
خلال حوار الزميلة نسرين العسال مع الدبلوماسي محمد عاصم سفيرنا السابق في تل أبيب وجه الدبلوماسي المصري نقدا للقيادة المصرية لأنها أسرعت بطرح مبادرتها ..وكان ينبغي أن تؤجل هذه المبادرة إلى أن " ينضج " الصراع ..وينال الإجهاد من الطرفين ..وتصبح الأجواء مهيأة لأن ينصتا للحديث عن إيقاف القتال !
وما يقوله الدبلوماسي المصري يتفق تماما مع منطق الحرب والسلام ..لكن القاهرة وهي تطرح مبادرتها لم تفكر طبقا لهذا المنطق ..بل بمنطق آخر هو الأصوب ..إيقاف نزيف الدم الفلسطيني فورا ..فحين يتعلق الأمر بحياة وموت أشقائنا في غزة لايكون أمامنا سوى منطق واحد ..التحرك الفوري والسريع لحمايتهم ..فلا يعقل أن يتابع صانع القرار بعين باردة سقوط المئات من الفلسطينيين ..في انتظار اللحظة المناسبة من وجهة نظر السياسيين ليبدأ في التحرك ..بل من الخطأ تصور أن التحرك المصري بدأ مع القصف الجوي الإسرائيلي لغزة ..إنما قبل ذلك بأيام ..حيث لم تكف القاهرة عن اتصالاتها بأطراف إقليمية ودولية للحيلولة دون اشتعال الموقف .
لكنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو الذي يعاني من ضغوط أمريكية لاستئناف المفاوضات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ..ووجد نيتنياهو في حادث اختفاء المراهقين الإسرائليين فرصة للهروب من تلك الضغوط بشن الحرب على حماس ..بالإضافة إلى هدف آخر لايقل أهمية من المنظور الإسرائيلي كان وراء إقدامه على الحرب وهو إجهاض المصالحة الفلسطينية ..وهي المصالحة التي أثارت غضب ساسة إسرائيل .. فأرسل نيتنياهو طائراته لقصف غزة ثم أعقبها بقواته البرية دون الاستئذان على غير العادة من البيت الأبيض مما أزعج الإدارة الأمريكية .. لتبدأ تمارس لعبتها التقليدية ..التباطؤ المتعمد في التعامل مع الموقف .. إن واشنطن تدرك جيدا أن الإسرائيليين ليسوا سعداء بالخسائر التي تكبدوها في حملتهم العسكرية على القطاع حتى لو كانت قليلة ..وأنهم يبحثون عن مخرج ..والمخرج يكمن في المبادرة المصرية التي أسرعوا بقبولها ..لكن ثمة محاولات من التحالف التركي القطري للتشويش على المبادرة .. ولايخفى على أحد أن أمريكا وحدها هي التي تستطيع أن تلجم السلطان أردوغان والأمير تميم اللذين يحرضان حماس على رفض المبادرة المصرية .. لكن واشنطن تابعت ما يجري بعين باردة ..وأحيانا بالشكل الذي يوحي للمراقبين أن الإدارة الأمريكية تعاني شيئا من الارتباك في تعاملها مع الصراع ..والحقيقة غير ذلك ..لدى أمريكا موقف غير معلن ..التباطؤ المتعمد ..نوع من العقاب للساسة الإسرائيليين الذين شنوا حملتهم البرية دون موافقة واشنطن ..وأيضا لمترسة نيتنياهو الطريق إلى مائدة المفاوضات مع الفلسطينيين بالعقبات ..ورغم الحرص الأمريكي عبر أكثر من نصف قرن على تحاشي الجهر بأي نوع من الامتعاض من السياسات الإسرائيلية ..إلا أن هذا الامتعاض موجود دائما ..دون أن يعلن عنه ..وقد أفصح وزير الخارجية جون كيري عن عدم رضاه عما يجري في غزة من قتل للمدنيين من قبل قوات الجيش الإسرائيلي عبر مكالمة هاتفية مع مسئول في الخارجية الأمريكية هو جوناثان فينر ..كان ذلك خلال فترة الاستراحة بين حوارات تليفزيونية كان يجريها مع قناة فوكس نيوز .. كيري كان يظن أن الميكروفون مغلق ..لكن الميكروفون كان يعمل .. و التقط انتقاداته لإسرائيل ..لكن هذا لايمنع من أن يظهر في القاهرة بعد إسبوعين من الحرب على غزة ليحمل في مؤتمرصحفي حركة حماس مسئولية حمامات الدم في القطاع !!
وترى الولايات المتحدة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس شريك يمكن الوثوق به في عملية المفاوضات مع إسرائيل ..لكن إسرائيل لم تظهر ما يكفي من الجدية لانجاح هذه المفاوضات ..وخلال ندوة عن السلام في الشرق الأوسط نظمتها صحيفة
هاآرتس الإسرائيلية يوم 8 يوليو الماضي قال فيليب غوردون منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
ومنطقة الخليج بالبيت الأبيض ".
إن إجراءات اتخذتها القيادة الفلسطينية مؤخرا في رام الله تعكس شجاعتها وموثوقيتها كشريك أمني لإسرائيل لغرض تدعيم قضية السلام.. ومن تلك التدابير خطاب الرئيس عباس الأخير في العربية السعودية، الذي شدد فيه على أهمية التعاون الأمني مع إسرائيل.. وجهود قوة الأمن للسلطة الفلسطينية في سعيها للعثور على الشبان الإسرائليين الثلاثة المخطوفين والمحافظة على الهدوء في مناخ مشحون بالمشاعر الملتهبة
قال جوردون أيضا :
إسرائيل تجابه حقيقة لا يمكن إنكارها وهي أنها لا تقوى على الاستمرار في السيطرة عسكريًا على شعب آخر إلى ما لا نهاية. وسيطرتها هذه ليست مجرد عمل باطل فحسب إنما هي عوامل تؤدي إلى مشاعر الاستياء وتكرار عدم الاستقرار..
كما أنها ستجعل المتطرفين على الجانبين أكثر جسارة وستمزق نسيج إسرائيل وتغذي ما يقوم به كل من الجانبين لتجريد إنسانية الجانب الآخر ..وكما قال الرئيس- يقصد الرئيس أوباما - فإن الاحتلال أو الطرد ليس هو الجواب. وكما بنى الإسرائيليون دولة في وطنهم، يحقّ للفلسطينيين أن يكونوا شعبًا مستقلا وحرًا وآمنًا على أرضه.
وذًكر جوردون الإسرائيليين بما قاله :آرييل شارون : "من المستحيل قيام دولة ديمقراطية ويهودية، وفي الوقت نفسه، السيطرة على كلّ إسرائيل التوراتية"..
وعلق جوردون على عبارة شارون بقوله : ..إذا أصررنا على تحقيق الحلم بأكمله، نكون معرّضين لأن نخسره برمّته!
وتحدث جوردون في المؤتمر عما أسماه بالموقف الأمريكي الثابت والمستمر ..حيث تعتبر واشنطن
أن المستوطنات غير شرعية وعائقًا على طريق التقدم في مفاوضات السلام..
وعلى نقيض ذلك – يقول المسئول الأمريكي - إذا أخفقنا في العودة إلى محادثات السلام فسوف يكون من المؤكد تقريبًا أن تتجدد المساعي لعزل إسرائيل دوليًا، ولإضفاء الصبغة الشرعية من جانب واحد على كينونة الدولة الفلسطينية.. صحيح أن الولايات المتحدة ستبذل كل ما في طاقتها لمحاربة إجراءات المقاطعة وغيرها من مساعي نزع الشرعية. ولكن قدرتنا في العديد من هذه المحافل.. لا سيما خارج مجلس الأمن الدولي، على احتواء الضرر تظل محدودة.. وتكتنفها التحديات أكثر فأكثر..
وواصل جوردون شرح أبعاد الموقف الأمريكي قائلا :.
بحكم أننا المدافع الأكبر وأقرب صديق لإسرائيل، فمن واجبنا نحوكم أن نطرح أسئلة جوهرية وهي في الواقع أسئلة يطرحها الكثير من الإسرائيليين على أنفسهم: كيف ستظل إسرائيل دولة ديمقراطية ويهودية إذا حاولت أن تحكم ملايين العرب الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية؟ وكيف ستحظى بالسلام إذا ظلت غير مستعدة لترسيم الحدود وإنهاء الاحتلال، وتقبّل السيادة والأمن والكرامة للشعب الفلسطيني؟ كيف يمكننا منع الدول الأخرى من عزل إسرائيل أو مؤازرة المساعي الفلسطينية في المحافل الدولية إذا اعتبرت إسرائيل غير ملتزمة بالسلام؟
وأنهى جوردون حديثه بقوله . إن "حل الدولة الواحدة" هو حل غير مقنع وغير محتمل، ويعني بصورة فاعلة نهاية الطبيعة اليهودية والديمقراطية لدولتكم. كما أن الضمّ الأحادي لأراضي الضفة الغربية المأهولة بمواطنين إسرائيليين هو الأمر الخطأ .
هذا هو الموقف الأمريكي من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ..وهو موقف لايروق لساسة إسرائيل ..خاصة إن كان على رأس الحكم هناك متشدد متعجرف من عينة نيتنياهو .
لكن الولايات المتحدة رغم وضوح موقفها لاتمارس الضغط بقوة على حليفتها ..بل تكتفي بالمناشدة ..وتلجأ للتأديب السلبي ..كما حدث في الحرب على غزة بأن تبطيء من تدخلها لالحاق المزيد من الخسائر بإسرائيل ..! حتى لو كان ثمن هذا التباطؤ مقتل المئات من الفلسطينيين الأبرياء !
فإن كان هذا هو دافع نيتنياهو الخفي لشن عملية" الجرف الصامد " التنصل من المفاوضات وبالتالي استحقاقات السلام على قاعدة الدولتين ؟؟ فحركة حماس ليست بريئة من الدفع بالأحداث إلى نقطة الاشتعال ..ولديها أيضا أجندتها الخفية !
ولنتذكر الاحتمال الثاني من السيناريو الأول الذي ورد في تقرير مركز الزيتونة الفلسطيني .. ومفاده العودة لصيغة ما قبل عزل الرئيس مرسي تحت وطأة ضغوط شعبية أو رسمية دولية وإقليمية على الحكم الجديد في مصر، فتضطر القاهرة إلى فتح معبر رفح بشكل طبيعي ..إذا أسهمت حماس في تأجيج الموقف لتحفيز إسرائيل إلى شن حربها على الحركة ..فيسقط مئات القتلى ..ليتعاطف العرب والمسلمين والعالم مع الحركة ..ويصب الجميع غضبه على نظام السيسي الذي أغلق معبر رفح ..فتضطر السلطات المصرية تحت وطأة الضغوط ..مما يمثل انتصارا للحركة إيذانا بانتهاء عام الرمادة ..
لكن مصر السيسي لن تتعامل مع حركات وجماعات.. مصر السيسي تتعامل مع دول ..وحركة حماس ليست دولة ..بل انقلبت على الدولة حين أطاحت بكل رموز الدولة في قطاع غزة .. لتجعل منه إمارة إسلامية .. ومن الممكن أن تعيد مصر فتح المعبر بشكل دائم لو وجد على الطرف الآخر حراس ينتمون للسلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا
وثمة طرفان يكابدان ليسجلا حضورا ولو تليفزيونيا في المشهد الغزاوي ..السلطان العثماني رجب أردوغان ..وأمير قطر تميم الذي لايمكن أن يكون بريئا في أي من لغات الأرض إلا في اللغة العبرية " كلمة تميم في اللغة العبرية تعني البريء !!"
وكلاهما - الأمير والسلطان - يرفع الآن راية الكفاح المسلح ضد الصهاينة الهمج ..وضد مصر المتخاذلة
والموقف التركي القطري يرمي ليس إلحاق الهزيمة بإسرائيل أو نصرة حماس ..هذا هو المعلن فقط ..أما غير المعلن فهو
إزاحة مصر من المشهد ..من خلال التشويش على مبادرتها وطرح مبادرة بديلة ..! وبالطبع وكما قال سفيرنا السابق في تل أبيب إن مصر هي اللاعب رقم واحد في صراع مثل هذا ..لأن الصراع يجري على حدودنا ..إنها ليست مسألة سياسية بالنسبة لمصر ..بل قضية أمن قومي . ولايمكن لمصر أن تتخلى عن دورها ..فإن فعلت فهي بذلك تفرط في ثوابتها الأمنية .
ولايخفى على أحد العلاقات الوطيدة التي تربط بين الدوحة وأنقرة من جهة ..وساسة إسرائيل من جهة ثانية ..ويكفي القول إن حجم التجارة الإسرائيلية التركية يقترب طبقا لآخر التقارير من 4.5مليار دولار سنويا !! ..وثمة تعاون عسكري وتنسيق أمني بين الدولتين ..وقصة هذا التعاون طويلة تعود إلى عام 1949 ..وسوف أتطرق أليها في تقرير لاحق إن كان في العمر بقية .
أما قطر فثمة حقيقة واحدة كشف عنها موقع ويكلكس عبر عدة وثائق ..أن ثمة تعاونا عميقا بين الدوحة وتل أبيب لإثارة الفوضى في الدول العربية خاصة مصر ..وتشير إحدى هذه الوثائق إلى
" أن لقاءً سرياً جمع بين الشيخ حمد بن جاسم وزير الخارجية القطرى السابق ومسئول إسرائيلى نافذ وكشف فيه الشيخ جاسم للمسئول الإسرائيلى أن الدوحة تتبنى خطة لضرب استقرار مصر بعنف، وأن "قناة الجزيرة" ستلعب الدور المحورى لتنفيذ هذه الخطة، عن طريق اللعب بمشاعر المصريين لإحداث هذه الفوضى.

وكشفت الوثيقة إلى أن الشيخ حمد بن جاسم وصف مصر بـ"الطبيب الذى لديه مريض واحد" ويجب أن يستمر مرضه، وقال "جاسم" للمسئول الإسرائيلي إن المريض الذى لدى مصر هو القضية الفلسطينية ! والمعني بكلام حمد أن مصر تريد إطالة أمد القضية الفلسطينية دون حل، حتى لا تصبح بلا قضية تضعها فى منصب القائد للمنطقة العربية ..

موقع "ويكيليكس" قد نوه إلى أن لديه 7 وثائق عن قطر، نشر منها 5 وثائق، وحجب وثيقتين ..ويقال إن سبب الحجب تفاوض قطر مع إدارة الموقع الذى طلب مبالغ ضخمة حتى لا يتم النشر لما تحويه من معلومات خطيرة عن لقاءات مع مسئولين إسرائيليين وأمريكان وأن هذه اللقاءات كلها للتحريض ضد مصر.

وعلى الرغم من أن الموقع التزم بسريه الوثيقتين بعد أن حصل على الثمن من القطريين، إلا أنه تم تسريبها إلى عدد من وسائل الإعلام، أهمها جريدة الجارديان والتى نشرت نصهما على موقعها وشملت ضمن محتواها تحليل السفارة الأمريكية لموقع قناة الجزيرة على خريطة التحرك السياسى لقطر، ودورها فى رسم ملامح سياسة قطر الخارجية.

الوثيقة التي تحمل رقم 432 بتاريخ الأول من يوليو 2009 تتحدث عن اللقاء الذى استغرق 50 دقيقة بين الشيخ حمد بن جاسم وقناة الجزيرة والذى أسهب فيه بن جاسم عن السياسة الخارجية القطرية، فى عدد من الموضوعات بما فيها المصالحة الفلسطينية وعملية السلام ولم يدخر جهداً فى شن هجوم شرس على مصر وسياساتها بشكل مباشر وغير مباشر فى لحظات أخرى، وقد قام السفير الأمريكى بتحليل اللقاء، وأشار فى مجمل تحليله إلى كون الجزيرة أداة فى يد القطريين يستخدمونها كيفما يشاءون لخدمة مصالحهم على حساب أطراف أخرى.

أما الوثيقة الثانية وحملت رقم 677 بتاريخ 19 نوفمبر 2009 فقد تعلقت بتقييم شامل تعده الأقسام المختلفة بالسفارة كل فى اختصاصه حول قطر، وتطرق التقييم إلى دور قناة الجزيرة فى منظومة السياسة القطرية وتحليلتوجهات الشبكة منذ تولى الرئيس أوباما لمقاليد السلطة فى واشنطن.

الوثيقتان تكشفان أيضا أن الشيخ جاسم قال لعدد من المسئولين الإسرائيليين والأمريكان أنه بمجرد خروج المصريين إلى الشارع فإنه سيكلف قناة الجزيرة ببث كل ما يزكى إشعال الفتنه فى الشارع ليس فقط بين المصريين والنظام ولكن بين المصريين بعضهم البعض !!.

وأشارت الوثيقتان إلى أن النظام القطرى يستخدم دائماً قناة الجزيرة فى تصفيه حساباته مع خصومه وأنه نجح أكثر من مرة فى إشعال الفتن فى عدد كبير من العواصم العربية

إذا تسعى قطر إلى انتزاع المريض الوحيد الذي يتولى الطبيب المصري علاجه ..فهل سيتولى الأمير تميم غير البريء رغم أنف اللغة العبرية علاجه ؟ الأمير لايعنيه أن يبقى المريض حيا أو يموت ..خلال الحملة الإسرائيلية على غزة استخدم الأمير قناته لتأجيج النار المشتعلة في القطاع ..مزايدا على موقف مصر .. كل ما يعني الأمير غير البريء أن يجد موطيء قدم في المشهد العربي للخروج من عزلته الإقليمية..

وكلمة أخيرة ..إن الاجتياح الإسرائيلي لغزة لم يكن اختبارا للرئيس عبد الفتاح السيسي ..كما يشيع البعض ممن يزايدون على القاهرة ..مصر لديها موقف قومي ثابت من القضية الفلسطينية ..مساعدة الشعب الفلسطيني في تحقيق حلمه في الدولة الفلسطينية الحرة ذات السيادة ..لكن ..لا السيسي ولاأي مواطن مصري سيقبل أن تخضع صناعة القرار المصري لحفنة من الصبية ..يخطفون أطفالا إسرائلييين ..ليشتعل الإسرائيليون غضبا ..فيهاجموا القطاع ..ليرتفع صراخ الحنجوريين أين مصر ..أين السيسي ؟
هي لعبة كارثية ..كل الأطراف التي شاركت فيها لها مصالحها الخاصة جدا والضيقة جدا .. بدءا بحماس ومرورا بتميم غير البريء والسلطان العثماني ..وانتهاء المتعجرف بنيامين نتنياهو ..! الكل يعدو بجواده فوق جسد الطفل الفلسطيني البائس !



#محمد_القصبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فابية عبد الناصر وطريق السيسي الثالث
- في مصر ينتشر دين المشايخ وليس دين الله !
- الكلمة العليا في الإخوان الآن لسيد قطب !
- مايحدث في العراق صراع قوميات تحت عباءة مذهبية
- كل مصائب مصر سببها وزارة التلقين
- مصر المتعبة بدون عروبتها
- رسالتي الأخيرة ربما ..فصل من كتاب -الأنثى الحلم -
- على السيسي أن يلتزم بلاءات الشعب الثلاثة
- لماذا يكون مسرح الثقافة الجماهيرية خشنا ؟
- عودة ناصر في نسخة محسنة عبر صناديق الاقتراع
- درويش وعزة بدر وأنا ..يالها من قصيدة خالدة !
- الصبر ليس الحرف الوحيد في أبجدية المصريين
- سؤال أماني فؤاد الصعب وإجابتها الموجعة
- أفكار عضو منتسب بوشائج الحب لجمعية الكتاب العمانيين
- هل ينصف مهرجان مسقط موسيقى الأفلام ؟
- الزدجالي ..الأب الروحي لمهرجان مسقط محاصر دائما بالشكوك
- هل مازالت حواء العربية مزنزنة في علبة مكياجها ؟
- مالم تقله النساء
- المصالحة الوطنية بين الحتمية والإمكانية ..في ندوة بجريدة الم ...
- سيدي الرئيس المرتقب ..عليك الاختيار ..إما شعبك الذي يحبك أو. ...


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد القصبي - الجرف الصامد ليست اختبارا للسيسي