أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - قراءات في أساطير الخلق الأولى ح1














المزيد.....

قراءات في أساطير الخلق الأولى ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4602 - 2014 / 10 / 13 - 23:07
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


صورة الخلق في الأساطير الأولى

تباينت الأسطورة القديمة في رسم الصورة التي كونتها عن قضية الخلق حسب الموقع الجغرافي الذي نشأت فيه ,وحسب الديانات التي سادت هناك, فبالرغم من أن جميع الأساطير تشترك في موضوعية الإيجاد السماوي وأن الآلهة هي المسئولة عن حدوث ذلك إلا أننا نجد تفاوت في الكيفية تبعا لما قلنا, الموقع الجغرافي وطبيعة تكون ونشأة الديانة في ذاك المجتمع.
ففي الاسطورة الصينية ما يثبت انعكاس الإيمان الديني الخاص بالمجتمع الصيني على تكون الصورة الخاصة في الخليقة بناء على ما يربط الإنسان الصيني بالسماء من معتقد فهو لا يرى الخليقة إلا فعل إله تحدى وجوده ففلق بهذا التحدي وجود الظلام ليكشف عن النور, هذه الثنيوية لازالت مسيطرة على الفكر الثقافي الصيني وعلى روح الديانة الصينية وهنا نقتبس جزء من قصة الخلق عند الصينين لنبين أن العامل الجغرافي والطبيعة التي تتحكم بوضع العلاقة بين الانسان والسماء هي من معطيات تكون الصورة الاجمالية للفكر,
تقول الاسطورة الصينية((انه في العهود الموغلة في القدم كانت السماء والارض صنوين لا ينفصلان، وكان الفضاء يشبه بيضة كبيرة، في داخلها ظلام دامس، لا يمكن من خلاله تمييز الاتجاهات. ونشأ في هذه البيضة الكبيرة بطل عظيم واسمه "بان قو" يفصل الارض عن السماء. واستيقظ بان قو بعد 18 الف سنة من النوم، ولم ير الا ظلاما حالكا، وشعر بحرارة شديدة حتى كاد يختنق، وكان يريد النهوض ،لكن قشرة البيضة كانت تلف جسده بشدة، ولم يتمكن من مد يديه ورجليه، فغضب "بان قو" واخذ يلوح بفأس كانت معه ،وبعد ذلك سمع صوتا مدويا وانشقت البيضة فجأة، وتطايرت المواد الخفيفة والصافية الى الاعلى لتشكل السماء وسقطت المواد الثقيلة والعكرة الى الاسفل لتكون الارض))* .
هنا الأسطورة تعتمد على الفعل الفردي للآلهة وقدرته على أحدات التغير الذي جعل من السماء والأرض عالمين مختلفين ليهيئ لقضية الخلق الإنساني بالصورة التي تجعل من مبدأ القبول بالفكرة اللاحقة أمر مسلم به, فتواصل الاسطورة الصينية في سرد القضية لتبين سبب خلق الإنسان((ان الالهة "نيوى وا" التي تتميز بجسد انسان وذيل تنين كانت تتجول بين السماء والارض بعد انفصالهما بسبب "بان قو"، ورغم وجود الجبال والانهار والنباتات والحيوانات على سطح الارض في ذلك الوقت ،لكن الدنيا كانت راكدة وهامدة بسبب عدم وجود بشر، وفي يوم من الايام، شعرت "نيوى وا" بالوحدة وهى تتجول على الارض الساكنة، لذلك، قررت اضافة اشياء مفعمة بالروح والحيوية الى الدنيا))*.
لقد كان عامل الرتابة وعدم قدرة الكون المختلق بالصورة الأسطورية من إشباع رغبة الآلهة هو السبب الرئيسي الذي تشترك فيه معظم الأساطير القديمة في تعليل قضية خلق الإنسان ولكنها أيضا تجتمع معا في قضية خلق هذا الإنسان من الطين الذي كان لوحده غير كافيا في تثبيت الوجود بل لا بد له شيء من ذاتيات الإله, لذا نرى أن مفهوم الدم والنفخ كان العامل الأكثر شراكة في تصور الأسطورة لقضية الخلق, هنا مثلا بعد أن إنهار جسم الإله "بان قو" تحول دمه إلى أنهار وبحيرات لذا ربطت هذه الفكرة بين خلق الإنسان الأول وبين الماء عندما صنعت الآلهة "نيوى وا" دمى على شاكلتها وبنفس صورتها التي رأتها منعكسة على الماء, من طين بأعداد كثيرة وبسرعه إلا أنها استبدلت ذيل التنين الذي كانت هي عليه بأرجل وأخيرا نفخت عليها لتتحول تلك الدمى إلى بشر يتميز بالحيوية والتفكير.
لم تنتهي الأسطورة الصينية هنا فقط بل عدت فعل الآلهة ذاتها عندما جعلت لبعض هذه المخلوقات التي صنعتها من طين ونفخت فيها القوة الذكورية اولا وبعد ذلك أعطت القسم الباقي القوة الأنثوية وهنا أثبتت لهذه المخلوقات القدرة على الاستمرارية والدوام لذا كان الرقص حول الآلهة هذه عرفان من الرجال والنساء على هذه الهبة.
في هذه الأسطورة نجد تقاربا مع الكثير من المفاهيم الدينية التي وصلتنا عن طريق الرسالات السماوية أو لنقل أن هذه الأسطورة تجد لها عوامل مشتركة مع التصور الديني مما يشير إلى أرتباط أو خيوط مشتركة تؤكد لنا أن أصل الأسطورة هذه لا بد أن يكون دينيا قبل أن يكون تصور فطري إنساني خالص, وهذا ما نجده أيضا في الأسطورة الإغريقية والمصرية والعراقية القديمة.
هذا التصور الصيني لقضية الخلق تتشابه مع وتتقارب كل الأساطير الأسيوية والشرقية في الإطار العام ولكن تختلف في بعض الجزئيات الدقيقة وبعض أسباب التحولات فمثلا في الأسطورة اليابانية نجد المقدمة كما هي والبيضة هي الأساس في وجود السماء والأرض لكن العلة التي سببت انفلاق البيضة لم يكن شخصا محددا بل عوامل فيزيائية تتعلق بحركة الذرات التي تكونت داخل البيضة, وهناك أيضا اختلاف في طريقة النشأة وتوزيع الأدوار الخلقية إلا أنها تشترك مع معظم الأساطير في المكون الأول للخلق وهو الأرض والماء والنور والظلمة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءات في أساطير الخلق الأولى ح2
- لماذا يكذب الله علينا ؟.
- نكوص العقل الجمعي عن مدارات الضروريات
- الدكتور علي الوردي ومفهومه للثقافة
- المجتمع العراقي وقضية الحرية
- الدكتور علي الوردي ومقدمة في النشأة الأولى لنظريته الأجتماعي ...
- الجذور الفكرية لثقافة التطرف والأصولية التكفيرية 2
- الجذور الفكرية لثقافة التطرف والأصولية التكفيرية
- نظرية السلام ورؤية الحرب
- المفهوم التقليدي للشخصية في مجتمع إيماني
- الشخصية الإنسانية وتعريفها
- حدث ذات ليلة _ قصة قصيرة
- التأريخ بين العقلانية الكلية وبين المادية وقوانينها
- دور البواعث والمحفزات دراسة في علم النفس التجريبي ح1
- دور البواعث والمحفزات دراسة في علم النفس التجريبي ح2
- صورة الرب في العبادات الدينية القديمة
- البحث عن جذر الذات
- التدين والإلحاد واللا دينية وعلاقة العقل بهم
- الدكتور علي الوردي وقراءة في منهجه النقدي
- الكلب الوديع وشارع عشرة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: شرخ في القيادة الأمنية بسبب تعيينات في الجيش ...
- ذعر في شرق أوكرانيا بسبب -صفقة ترامب وبوتين- المحتملة.. ما ا ...
- قمة ألاسكا.. كيف يمكن لترامب أن يحقق نجاحا خلال التفاوض مع ب ...
- -سنتحول من دولة ميتة إلى فاشلة-.. -العدل- الأمريكية تحذر من ...
- هل تحتاج روسيا إلى 100 عام للسيطرة على أوكرانيا؟
- ترامب يقول إنه سيحاول إعادة أراضٍ لأوكرانيا في محادثاته مع ب ...
- ترامب يمدد الهدنة التجارية مع الصين تسعين يوما قبل ساعات من ...
- حفتر يعين نجله صدام نائبا له
- ترامب عن خطة إسرائيل بشأن غزة: تذكروا السابع من أكتوبر
- ثلاثة خيارات صعبة أمام حزب الله


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - قراءات في أساطير الخلق الأولى ح1