أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - قراءات في أساطير الخلق الأولى ح2














المزيد.....

قراءات في أساطير الخلق الأولى ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4602 - 2014 / 10 / 13 - 22:33
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


وحتى الأسطورة الهندية القديمة تشترك في تصورها للبيضة كأساس تنطلق منه في بنيان الأسطورة((خـلال عـام كامل عاش براهـمان، الـذي لا يعـتبر إلـهـا ولكنه قـوة مقـدسـة، في بيضـة جيلاتينية في البحر الابدي(ليس مقصودا بحار الارض ولا زمن الارض)براهما نفسه هـو الـذي صنع البحـر الابـدي والبيضة الجيـلاتينيـة التي في النتيجـة خـرج مـنـها الى جـانب القـوى المقـدسـة الأخرى نـاريـانـا (Narayana)الـروح الاولى، بوروشا (Purusha) الانسان الاول، واخيرا براهما الذي يعتبر إله يعكس خصائص براهمان لتلائم مع الانسان .براهمان في نفس الوقت خالق ومخلوق. بعد سنة في البيضة خلق الكون بأسره والحياة فقط من خلال تفكيره ومن خلال إرادته))*.
وحدها الأسطورة العراقية القديمة كانت الأكثر تنوعا واقترابا وجدية من تصور الخلق ,وهذا راجع بتقديري لكون العراق هو المهد الطبيعي للديانات السماوية ولذلك نجد الأثر الديني السماوي له حضور أوسع واكثر في رسم الصورة عند العراقي القديم, فبعد صراع طويل بين الآلهة القدامى والجدد والذي هم من نسل متوالي ولأسباب مذكورة في الأسطورة جاء مردوخ الإله الشاب الذي أنتزع سلطات استثنائية من مجمع الإلهة لمواجهة الحرب المصيرية القادمة, هذه السلطات هي الرداء الذي في سر الوجود.
لقد أستعان مردوخ بهذا الرداء والذي كان فيه سر نجده حاضرا ومؤثرا بل وأساس المكون الفكري في القصة الدينية ذاتها أنه (قول كن فيكون) لذا نجد أن ما ورد بالأسطورة هنا قريب في تبرير الخلق وميكانيكيته من الصورة الدينية((أعطى الآلهة، مردوخ ،قوة تقرير المصائر، بدلاً من انشار .وأعطوه قوة الكلمة الخالقة, ولكي يمتحنوا قوة كلمته الخالقة، أتوا بثوب وضعوه في وسطهم وطلبوا من مردوخ أن يأمر بفناء الثوب ،فزال الثوب بكلمة آمرة من مردوخ، ثم عاد إلى الوجود بكلمة أخرى .هنا تأكد الآلهة من أن مردوخ إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون .فأقاموا له عرشاً يليق بألوهيته ،وأعلوه سيداً عليهم جميعاً))*،
في الأسطورة البابلية نجد ذات الصراع قائما بين قطبين كما في باقي الأساطير كلها لينتهي بانتصار الإله الواحد الذي هو في معظم الأحيان الذكر القوي الذي يمتلك سلطة التقدير ويتغلب على منافسيه جميعا بما يملك من قوة هائلة, لكن هذا النصر لم يكن دوما نهائيا فبعض عناصر الطرف الثاني تبقى قائمة لتثير الحركة والصراع وتسير به نحو الاستمرارية, لأن واضع الرواية الأسطورية أراد أن يمنح الرؤية حركة لا تتوقف من خلال استمرارية الصراع بين الطرفين ,لأن تبريره الأول قام على مفهوم كسر الرتابة والملل الذي ساد الكون نتيجة الأحادية المسيطرة التي تقتل روح الحركة.
((بعد هذا الانتصار المؤزر على قوة السكون والسلب والفوضى، التفت مردوخ إلى بناء الكون وتنظيمه وإخراجه من حالة الهيولي الأولى ،إلى حالة النظام والترتيب ،حالة الحركة والفعالية و الحضارة. عاد مردوخ إلى جثة تعامة يتأملها ،ثم أمسك بها وشقها شقين، رفع النصف الأول فصار سماء وسوى النصف الثاني فصار أرضاً. ثم التفت بعد ذلك إلى باقي عمليات الخلق. فخلق النجوم محطات راحة للآلهة. وصنع الشمس والقمر وحدد لهما مسارين. ثم خلق الإنسان من دماء الإله السجين كنغو، كما خلق الحيوانات والنبات .ونظم الآلهة في فريقين، جعل الفريق الأول في السماء وهو الانوناكي، والثاني جعله في الأرض وما تحتها وهم الأيجيجي))*.
لم تنكر الأسطورة البابلية قضية القدرة الوحدانية على الخلق ففي أصل الأسطورة هنا أن الخالق واحد ,وأن القدرة لديه تتجلى بكن فيكون, وأن أصل الخلق هو الطين الممزوج بدم الآلهة, هذه المفردات التي نجدها تتجلى في كل الأساطير بمستويات تكاد تكون متقاربة بالرغم من البعد الزماني والمكاني إنما تشير إلى البعد الديني والأثر الرسالي فيها, في حين أننا نجد في أساطير أخرى غياب هذا العامل المشترك لسبب بسيط أن هذه الأساطير أما أنها بنيت على فهم لا ديني لعدم وصول التبليغ بالرسالات لها أو لانتشار ظاهرة الألحاد الأصلي في الفكر الجمعي في تلك المجتمعات.
المهم في الأسطورة البابلية والتي جعلت منها أنموذج للمقاربة مع النص الديني ليس في نهايتها التي تشترك فيها مع كل الأساطير عندما تجتمع الآلهة في السماء لتعظم الإله القادر بل لما تضمنته من فرادة في بناء مدية للإله في الأرض وهي بابل(باب الاله) وهو مفهوم مقارب تماما للنص الديني عندم أمر الله تعالى أحد أنبياءه ببناء بيت له على الأرض ليكون محلا للنسك الذي يقرب الإنسان من الخالق{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }البقرة127.
نعود لقضية خلق الإنسان في نموذجين من الأساطير أحدهما يمثل القرب من الفهم الديني ومتأثر به كما هي الأساطير العراقية والقريبة منها إلى أن تبتعد شيئا فشيا مع بقاء المشترك الأصلي وهو قضية الماء والتراب والسماء والبعض من روح الله التي خلطت بالطين والنفخ وهو ما يمثل امتداد حقيقي لوحدة التصور الأولي ,وبين مجموعة أخرى من الأساطير التي تبتعد كليا عن الفهم الديني ولا نجد لها أثرا فيه ,كما نلاحظ طغيان الاضطراب والتشتت وتجزأ الأسطورة عن بعضها مما يجعلها ركيكة بالبناء الفكري الواحد بالمقارنة مع النموذج الأول.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يكذب الله علينا ؟.
- نكوص العقل الجمعي عن مدارات الضروريات
- الدكتور علي الوردي ومفهومه للثقافة
- المجتمع العراقي وقضية الحرية
- الدكتور علي الوردي ومقدمة في النشأة الأولى لنظريته الأجتماعي ...
- الجذور الفكرية لثقافة التطرف والأصولية التكفيرية 2
- الجذور الفكرية لثقافة التطرف والأصولية التكفيرية
- نظرية السلام ورؤية الحرب
- المفهوم التقليدي للشخصية في مجتمع إيماني
- الشخصية الإنسانية وتعريفها
- حدث ذات ليلة _ قصة قصيرة
- التأريخ بين العقلانية الكلية وبين المادية وقوانينها
- دور البواعث والمحفزات دراسة في علم النفس التجريبي ح1
- دور البواعث والمحفزات دراسة في علم النفس التجريبي ح2
- صورة الرب في العبادات الدينية القديمة
- البحث عن جذر الذات
- التدين والإلحاد واللا دينية وعلاقة العقل بهم
- الدكتور علي الوردي وقراءة في منهجه النقدي
- الكلب الوديع وشارع عشرة
- إنعكاس البيئة في الحس السلوكي عند الإنسان _ نظرية د على الور ...


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - قراءات في أساطير الخلق الأولى ح2