أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مزوار محمد سعيد - مأتم العيد















المزيد.....

مأتم العيد


مزوار محمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 4598 - 2014 / 10 / 9 - 15:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



مأتم العيد
لا يمكن للإنسان أن يعود إلى الحياة، ولا يوجد إنسان قد جرب الموت، الكل خائف وفزع، والبعض يستغل هذا الخوف والحيطة، وهذا كله يدور في فضاء يسموا في ظل العطالة والتفكير الافتراضي، لكن هناك ما ينقص ويجعل الأمر أكثر توازنا وشموخا.
من أحب الأمور إلى البشر أن يجعل الإنسان مأساته فردية خالصة، أن يعود إلى تفكير البوادي الذي يحث الإنسانية على اعتناق قيمها المتجاهلة، وتعود الحروف إلى أحضان معانيها، تلك التي تدغدغ المصافي رغدا في مستويات الأنفس، وهي التي تعلب الناس على حسب قناعاتهم، لتذروا المشافي في زوايا القوافي.
إمكانية حضور الموجودات هي التي تقيم الأوزان على حسب ما يدور من أوضاع، وهي التي تخبر الأفراد عن زاد سلوكهم اليومي، فتكون المستلزمات كلها رفيقة عوالم كاذبة، وتسير القضايا على اختلافها في جحر الحجر، في ذاك العالم المظلم قطعا، لكن نوره من أنوار الصلاح، ومزاجه متأرجح ما بين الفشل والفلاح.
ما أغلى دموع الأحباب، وصخب العقاب علانية ودون رأفة، كل امرئ يعود به الزمن إلى متطلبات عمره الفاني، تسأله روحه إن كان قادرا على مواكبة الأوضاع، ويحاول قدر المستطاع إحداث الجلبة اللازمة من أجل إقناع ذاته بالفناء. لغة اعتيادها هي كلمات تفاهم بين المستور والمنثور، لتكوّن العوالم على تباينها مسترسلات هجينة، تعبث بالأرواح وكأنها أشباح، هي مضاد الإبقاء على كنوز البقاء.
لا يبقى مع المرء سوى ما كان مفيدا للدنيا قبل أن يكون مفيدا لروح الدنيا، فالحياة هي مسيرة تبدأ ولا تنتهي عند مشتهى واحد وقطعي، ومع ذلك التجربة النهائية للنهاية، تجربة الوداع هي التي تحدد المكاسب مما كُتب وعولج بعيدا جدا، ففي مستوى الرهانات هناك نواة قبلية تراجع ما يأتي من بعد، وكأن المكسب الرئيس من كل هذا، هو مسلك جامع لكل يد تبيح التفتيت الابتدائي لمسلك المهابة، هي تدفع باتجاه الترتيل، ترتيل الأولي على مسامع الزائل والمزيل.
السعيد من يجعل من ذاته عنوانا، يجعل من مسار الحكم كله استهلاكا ميسرا للجميع، لكن الوفاء هو حكمة قديمة ساقتها الأقدار من منبعها اليمني إلى مكة الثوار بلا منازع، ثائر؛ لقب يجب أن يلازم العازم على مكوثه الأبوي منذ الصفر إلى ما هو أقدم من مستودعات الآجل العامة، كون أنّ الإنسان هو ما يساعد ويساند الأوامر الجافة، وكون أنّ الإنسان هو معلَم في حد ذاته، فإنّ الذات الإنسانية هي التي تؤكد قدراته في كل لحظة، في كل عمر من أعماره المختلفة قانونا وعرفا.

"... ومن المفارقات الفاضحة في هذا الخصوص، أنّه فيما كانت أميركا توجه ضربة للمنطق العنصري بانتخاب أوباما، كانت الحرب الرمزية، بين السنّة والشيعة، تبلغ أوجّها كما استمعنا يومئذ إلى السجالات العنيفة (...) نعم، لقد فضحنا أوباما، نحن الذين نهاجم الغزو الثقافي، لكي ندافع عن ثقافة متحجرة، (...) نحن إزاء عقل ذكوري استئصالي لا يعادله سوى الاستئصال الاستيطاني... "
(علي حرب، المصالح والمصائر، منشورات الاختلاف-الجزائر، 2010م، ص: 133)

التحجر في إقدامه على السيطرة في المستوى العقلي، هو يقود الإنسان إلى معادلة وجوده المادي بالوجود الروحي، وهذا ما يجعل الفرد الإنساني ضمن أزمة تخضعه لجملة من التساؤلات، فيكون عليه في نهاية المطاف أن نخلص إلى نوع من التركيز على جناح معرفي، أو أن يلج دائرة التسليم الأعمى فيما يخص إدارة أعماله الفكرية، حيث يتنازل في هذه الحالة عن عقله لصالح عقل زعامة ما، أو عقل الهي يلبسه الفؤاد البشري المحتال، ويغلفه بأساطير مستحية أو صعبة الاختراق.
لا يعدوا أن نعتبر المشكلة التي يعيشها الفرد الإنساني مشكلة مادية، كون أن الفيزياء والبيولوجيا، أو الانتاج والاستهلاك، هي فضاءات ازدهرت بشكل عملي وظيفي لافت في الفترة الراهنة، ولكنّ الداء هو على المستوى الفكري، ذاك العامل الروحي الذي يشكّل الإنسان ويتشكّل من الإنسان ذاته. إذ من الجميل أو نعود إلى المشكلة الأصل، من أجل طرحها للنقاش أوّلا، على طريقة اعتراف الفيلسوف سقراط بجهله أوّلا، حتى نعي المشكلة وأبعادها، كونها مشكلة تتعدى اشكاليتها الأم، لتصل إلى صلب النواة البينية بين الانسانية والبشرية.
المنطقة الحساسة من قضية فكرية تتخذ شكل الوقع الإنساني الذي يتخبط في العماء، هي عدم عودة الإنسان إلى فضاء التركيز على ما وجد لديه من جهة، وما يخصه من جهة أخرى، هو تشتت ينموا في تلك القوالب التي تتحصن بمسميات عديدة، وبذلك فإنها تعد بتحويل حياة الإنسان إلى أعياد يومية، بينما هي تذيقه أياما طويلة من المآتم الأزلية التي توهمه بأنها أعياد. لا نطمح إلى تغيير الواقع بالقدر الذي يحمل طموحنا إلى الوعي بما يشكله والاحاطة بما يجعله قابلا للدراسة والتحليل.
"... هذه هي مشكلة الفيلسوف والعامل في مجال النفس أو الاجتماع أو الاقتصاد أو السياسة، وسواها من حقول المعرفة. إنها تكمن في مفهومه للحقيقة، أو في نظريته حول الواقع، أو في نموذجه في التفسير، أو في استراتيجيته في التدخل... "
(علي حرب، المصالح والمصائر، منشورات الاختلاف-الجزائر، 2010م، ص: 10)

كون أن هناك أفرادا بعون بأنّ هناك مشكلة، وهذا ما حدثني به أحد الأطباء الجزائريين، حين لاحظ بأنّ عيون الناس تحدثه عن ألم واضح رغم تجاهلهم إياه بواسطة الابتسامات أو عدم الاكتراث، إنه الألم إذن، ألم من واقع يعيد انتاج معطياته السيئة بطريقة أسوء، وثقافة تلتهم أساساتها المفتوحة، لتحصن قاعدتها الحديدية، فلا ينتج عن هذا سوى الاحباط المشترك، لدى أمة فرقتها مشاريع الحضارة، وجمعت أفرادها كتل اليأس العام.

"... لا وجود لمعايير ثابتة أو حلولا حتمية ونهائية، كل نموذج يشكّل تجربة حية تبقى قيد الدرس والبناء والاستكمال، على سبيل التعديل والتحسين. ولذا لا وجود لحلول فردوسية أو لأزمنة ذهبية تُملأ فيها الأرض عدلا وسلاما على يد المهدي، هو نبيّ مبشِّر أو فيلسوف منظِّر... "
(علي حرب، المصالح والمصائر، منشورات الاختلاف-الجزائر، 2010م، ص: 158)

الحلول هي مؤقتة وناقصة مهما اعتقدنا بلوغها للكمال، وعليه فإن التحجر هو الابن المطيع لمن يدّعي الكمال الدنيوي البشري، الذي يستعمل كل الحوادث والأحداث من أجل تبرير وجوده والابقاء على حضورها الزائف. ومنه فإنّ النقاش أو الجدل، التحليل والربط ما بين الأفكار هي ذات نتائج احتمالية متحركة، تتغير بتغير المعطيات الوقتية أو المادية، هذا ما يطرح البديل الملازم للظرف عوض الموجود الملتصق بالموقف الصنمي.
لقد اتهمني البعض أنا (مزوار محمد سعيد) بتهمة سقراط، ألا وهي التهمة القائلة بـ: إفساد عقول الشباب وتخريبها، ويا لها من تهمة جاهزة في الأوساط والمجتمعات المتوارية وراء حجاب التاريخ البشري، تهمة تُساق إلى شخصي وأنا المواطن الجزائري الذي يعيش الألفية الثالثة للميلاد، هي نفسها التي قادت سقراط إلى الاعدام في القرن الرابع قبل الميلاد، لكن الفرق بيني وبين سقراط، هو أنّ الفيلسوف اليوناني قد تجرع السم لمرّة واحدة أزهقت روحه المنوّرة، بينما أنا أتجرّع السمّ كل يوم، يقتل في أعماقي في كل مرة جزء ما، لكنني لا أموت دفعة واحدة، ففي كل يوم أحمل ألمي وأمضي في طريق عذابي، ذاك الذي أوجده البعض، وهم الذين يرعونه ويعتنون به بشكل يفوق الخيال؛ لا تزال الجزائر في مطلع الألفية الثالثة لم تصل إلى اللحظة السقراطية بعد، وكم نحن بحاجة إلى سقراط، سقراط جزائري يشرب السم بدلا مني أنـا. ليحوّل مقتلي على منصة الفلسفة إلى فلسفة بحد ذاتها، تورّد الأجيال كلمات مفادها أنّ هناك فيلسوف جزائري حمل النور إلى أهله فقتلوه بظلامهم البارد.



#مزوار_محمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الايروسية والفردوسية 2
- الايروسية والفردوسية 1
- أَخْشَى عَلَيْكِ مِنْ كَلِمَاتِي
- فلسفة كالخاس الجزائري 12
- فلسفة كالخاس الجزائري 11
- فلسفة كالخاس الجزائري 10
- فلسفة كالخاس الجزائري 9
- فلسفة كالخاس الجزائري 7
- فيلسوف بعقل البيشمركة
- نابليون إسلامي، فمن أنتم أيها الإسلاميون؟
- العالم كهدية إلى كونثيا
- باسم يوسف و فلسفة الضحك
- الجزائر، المقبرة الفلسفية
- المسلمَة الأخلاقية
- البراءة من الاعتداء للإدانة بالقتل
- الفلسفة البورانية، عقلانية النص العقلي
- فيلسوف جزائري: بين الألف و الألف
- المينوتور لثقافة الحضارة
- الثامن
- الدوق: هلوسة مكسيمنيوس الطاهي


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مزوار محمد سعيد - مأتم العيد