أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - قصة نادرة عن البلاد الممسوخة لم يكتبها فرانز كافكا















المزيد.....

قصة نادرة عن البلاد الممسوخة لم يكتبها فرانز كافكا


عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)


الحوار المتمدن-العدد: 4590 - 2014 / 10 / 1 - 22:43
المحور: الادب والفن
    



ما أن أفاق الموظف جرير تامسنا في وسط الليل لإفراغ متانته، حتى وجد نفسه وقد تحوّل إلى أرنب، أطل على غرفة نوم أولاده فوجدهم أرانب صغيرة بيضاء. صاح بأعلى صوته مرتجفا، فاستيقظت زوجته وأمه مذعورتين، هما أيضا تحولتا إلى أرنبين. انخرطتا في بكاء وأنين، تبعهما الأطفال ببكاء وصراخ.

صاح جرير الأب:
- ليس هذا وقت النحيب ياعالم...
تدخلت أمه:
- لقد أصابنا سحر شيطاني عظيم لا ريب.
اتهمت الزوجة جارتهم القاطنة بالشقة المجاورة:
- هذه الأيام صادفت أكثر من مرة جارتنا السعدية ترش سائلا أسود بعتبة باب شقتنا..

قاطعها الزوج:
- وأنت بقيت تتفرجين على فعلها.. أهذا هو دورك في حماية زوجك وأولادك وأسرتك؟
ردت الزوجة الأرنب:
- أبدا، لم أكن متفرجة، كنت أقوم فورا بمسح ما رشته السحارة من سائل.
تدخلت والدة جرير تامسنا:
- لو أخبرتني يا منحوسة للقنتك ما يجب عليك فعله في مثل هذه الحالة لإبطال السحر..

ضاق جرير بجدال المرأتين:
- دعونا من هذا اللغو، هل لديكم حلا الآن لإبطال السحر وعودتنا إلى طبيعتنا الآدمية.
صمت الجميع. عادوا للبكاء والأنين.

دار جرير بوسط الدار ثم لما طلعت الشمس خرج. دق جرس شقة جارتهم السعدية. سمع نحيبا وشجارا خلف الباب. لما فتحت له الجارة فوجئ بها، هي وكامل أسرتها وقد تحولوا إلى أرانب أيضا.

جاءت زوجة جرير تامسنا وأرادت الاعتداء على السعدية:
- أرأيت أين أوصلتنا أعمالك الشيطانية يا سحارة؟
علق جرير:
- وانقلب السحر على الساحر.

ظلت الأرنب السعدية فاغرة فمها لا تدري بما ترد.
ثم تشجعت وقالت:
- أنا لم أفهم شيئا مما تتفوهان به.
ثم صعق الجميع لما رأوا السلالم والمصعد وقد امتلأت بالأرانب. فهموا أن السحر الشيطاني طال جميع سكان العمارة.
أطلت السعدية من النافذة فصعقت، الشارع كله أرانب.
اتصل جرير بقريب له في الحي البعيد من المدينة، فأتاه الجواب بأن المدينة كلها تحولت إلى أرانب. شيء لا يصدق.. ولا في الأفلام.

سمع صوت إنذار عبر مكبرات الصوت:
- على جميع المواطنين المكوث ببيوتهم وعدم مغادرتها، السلطات العليا بالبلاد تعمل على تسوية الوضع وتخليص المواطنين من اللعنة التي أصابتهم، على الجميع البقاء أمام شاشة التلفزيون والراديو، رئيس البلاد سيخاطبكم بعد قليل.

لكن جرير قرر الخروج، لا يمكنه أن يتأخر عن موعد عمله. لما اقترب من الحي الراقي الذي توجد به الشركة التي يشتغل بها، سمع عواء ذئاب ونباح ثعالب، فتراجع خائفا هاربا إلى بيته. ظهرت مذيعة ببغاء على شاشة التلفزيون تخبر المشاهدين أن ساكنة الأحياء الراقية تحولوا إلى ذئاب وثعالب مفترسة، وعلى ساكنة الأحياء الشعبية أن لا يقتربوا من تلك الأحياء المتوحشة. وظهر مذيع كلب أغبر تكلم وقال إن الحكومة في انتظار فك السحر وعودة الأمور إلى طبيعتها تعمل جاهدة على استيراد كميات كبيرة من الجزر والخس لتوفير التغذية الضرورية لمواطنيها الأرانب.

وفي ركن من أحد أزقة الحي اجتمعت قنافذ وقال كبيرهم:
- لطالما نبهنا هؤلاء القوم بأن عدم اتباعهم لطريق الله سيسلط عليهم غضب الإله. ها هو الرب انتقم منا ومسخنا.
ورد عليه قنفذ أعمى:
- اللهم يا رحمان لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

في هذه الأثناء تقرر اجتماع أعضاء البرلمان، فوجئ الجميع بتحول البرلمانيين مع أعضاء الحكومة إلى قردة وخنازير.
اتهم رئيس القردة الدول المجاورة التي تحسدنا ويغيظها ما تتمتع به بلادنا من خيرات فلاحية ومعدنية، وما تتمع به دولتنا من استقرار سياسي عز نظيره في منطقتنا، بل في العالم أجمع.

وتدخل خنزير بري باقتراح تنظيم هجوم بري كاسح على الدول المجاورة.

وقال نائب قرد:
- يجب أولا حصر أنواع الحيوانات التي تحولنا إليها.
وقال:
- علينا تنظيم عملية إحصاء للسكان لنعرف من نحن وكم.

وتدخلت زميلته القردة العجوز من حزب الموز:
- أنا أساند اقتراح زميلي النائب المحترم، وأسأل هل تحول بعض أفراد الشعب إلى نسور أو أسود ليكون الهجوم ضد أعداء بلادنا حاسما.

تدخل خنزير وزير يحمل حقيبة وزارة الغابات:
- للأسف الشديد لم تصلنا إلا أخبار تحول الطبقات الشعبية إلى أرانب، وتحول الأغنياء إلى ذئاب وثعالب، فيما تحول البرلمانيون والوزراء، كما ترون، إلى قردة وخنازير.
أما الكلاب والببغاوات فجلهم كانوا من الصحافيين وأسرة الإعلام.
وأضاف الوزير الخنزير:
- لقد وصلت تقارير عن تواجد مجموعة من الأفاعي والضفادع والبعوض عالقة بالطريق السيار على بعد كيلومترات من العاصمة.

بقيت الأرانب تنتظر خطاب الرئيس، ووصول شاحنات الجزر التي وعدت بها حكومة الخنازير، لكن شيئا من ذلك لم يحدث.

وعلى شاشة القنوات الرسمية كانت تبث برامج حيوانات الغاب، وبرامج عن الحيوانات الأليفة والداجنة. كما تم بث أصوات نباح عبارة عن أناشيد وطنية لشد عزم الأمة.
في الليل هجمت الثعالب مع الذئاب على الأحياء الفقيرة وافترستعددا من المواطنين العزل الأبرياء. وأطلقت صفارات الإندار لصد هجوم الذئاب والثعالب، وإيقاف تقدمها صوب القصر الرئاسي ومجلس البرلمان ومقر الحكومة.

وبعد شد وجذب انصاعت الخنازير والقردة لمبدإ التفاوض مع الذئاب والثعالب، وأسفرت المفاوضات عن إقرار السلم الاجتماعي، وتعيين عدد الأرانب وصنفها المسموح بافتراسه، ومنها مجموعة من الأرانب المعتقلة لأسباب نقابية وسياسية، والأرانب المعطلة المرابطة أمام مقر البرلمان والوزارات.

في هذه الأثناء أدركت الأرانب خيانة القردة والخنازير، وبدأت تفكر في الاعتماد على نفسها، ونزع الخوف منها، والسبيل إلى الحصول على تسليحها الذاتي.
وأصبحت البلاد محط اهتمام العالم، ووصلت أعداد كثيرة من الصحافيين والمراسلين الأجانب والقنوات التلفزيزنية العالمية لتغطية الحدث الاستثنائي الغريب.
فيما انتشرت إشاعات عن رئيس البلاد وأسرته، فمنذ تحول الساكنة إلى حيوانات لم يظهر للرئيس أثر، ولم يتوجه للشعب بخطاب كما وعد، بل إن ذكرى عيد ميلاده مرت من دون احتفالات شعبية.

البعض روج خبر فرار الرئيس وأسرته خارج البلاد قبل الجائحة اللعينة، آخرون قالوا إن الرئيس وعائلته تحولوا إلى أسود. لكن قناة أمريكية بثت صورا لحشرات القراد التي تعيش على امتصاص دماء الحيوانات، وذكرت أناصور ملتقطة بأحد المنتجعات لم تحددها، وأكدت أنها صور للعائلة الحاكمة.

وكان الخبر الرئيسي في نشرات الأخبار الدولية هو قرار مجلس الأمن بإبادة البلاد المتحولة كي لا تنتقل العدوى إلى باقي دول العالم.







#عبد_الرحيم_التوراني (هاشتاغ)       Abderrahim_Tourani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيل الفنان التشكيلي المغربي فريد بلكاهية: جنازة صغيرة لفنان ...
- المشنوق يشرب القهوة في السقف
- فتاة -النيكريسكو- وإدريس الخوري
- البيروقراطي والأرستقراطية
- ثلاث أقاصيص كاذبة
- القيامة فاتت من هنا
- لا عراء للوحيد
- أحلام مليئة بالأخطاء
- كلاب الأوطوروت
- عندما تمردت شخصيات الكاتب ضده
- عطلة استجمام في الوليدية
- المسطولون يتحدون التاريخ
- زمن بين رحلتين
- زمن بين رحلتين
- كلام كثير
- القبر الأخير
- حفلة بالطربوش الأحمر
- الاستشهاد مغادرة طوعية للحياة
- مقاولة -إنما الأعمال بالنيات-
- سكرة بجوار الموتى


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - قصة نادرة عن البلاد الممسوخة لم يكتبها فرانز كافكا