أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمرو اسماعيل - متي ستبلغ مجتمعاتنا سن الرشد ؟















المزيد.....

متي ستبلغ مجتمعاتنا سن الرشد ؟


عمرو اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 1292 - 2005 / 8 / 20 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المجتمعات في تطورها تشبه إلي حد ما تطور الإنسان من الطفولة الي سن الرشد حينما يصبح قادرا علي الإختيار وتحمل مسئولية هذا الإختيار ..
الطفل يحتاج إلي التوجيه والتربية نعم .. و لكن التوجيه السليم هو الذي يعلمه أثناء فترة نموه كيف ينمي داخله القدرة علي الحكم والأختيار ,, يعلمه كيف يكون شخصية مستقلة حرة تستطيع الحكم والأختيار بين عدة بدائل .. التوجيه السليم يحمي الطفل نعم ولكنه أثناء هذه الحماية لا يحبسه في قفص خوفا عليه .. فيشب بالغا رعديدا يخاف من كل شيء .. ليس عنده القدرة علي المبادرة وينتظر دائما من يقول له إفعل هذا ولا تفعل ذاك .. أو متمردا يريد تحطيم جميع القيود حتي لو حطم نفسه معها ..
وهذه هي مشكلة مجتمعاتنا .. مجتمعات تصر ألا تصل إلي سن الرشد ..
فالمجتمعات التي تصل إلي سن الرشد هي مثل الطفل تماما عندما يصل إلي سن البلوغ حينما يبدأ هذا الإنسان في البحث عن المجهول والمختلف و تعلم المتعة في ذلك و تعلم الأختيار بين بدائل و تحمل تبعات هذا الأختيار .. اي ببساطة يبدأ الأنسان في النضج و أهم علامات هذا النضج هو اكتشاف ان هناك آخر مختلف يجب التعايش معه ومحاولة الحصول علي الثقة والمنفعة المتبادلة ..
وهذا التطور في الشخصية سواء الفردية أو الجمعية هو التطور السوي وتؤثر فيه عوامل كثيرة مثل الأسرة و البيئة المحيطة و الثقافة الغالبة فيها.
و لكن للأسف الثقافة الغالبة في مجتمعاتنا تمنع هذا التطور الطبيعي والصحي ..
فالمتابع لأهم سمات مجتمعاتنا يجد ان اهم ما تتصف به هو التمسك بدفء المألوف من العادات و الأفكار واعتبار ان كل من يخرج في تفكيره او تصرفاته عن هذا المألوف هو ضال او شارد يجب رده الي الصواب كما تعتقده هذه المجتمعات في اي مرحلة زمنيه واذا لم يمكن ذلك فالأفضل تصفيته معنويا أو حتي جسديا اذا كان صوته عالي اكثر مما يجب مثلما حدث مع الكثير من مثقفينا من طه حسين ألي نجيب محفوظ مرورا بيوسف إدريس وفرج فودة ونصر حامد أبو زيد وأخيرا وفاء سلطان ..
وتتضح هذه السمة اكثر مما تتضح في امثالنا الشعبية ...اللي تعرفه احسن من اللي ماتعرفوش... .. انا واخويا علي ابن عني وانا وابن عمي علي الغريب .. وبعض الفتاوي مثل فتاوي الولاء والبراء ... بصرف النظر عن اين الحق و اين الخطأ ... كما تتضح هذه الصفة في اتهامات التكفير والعمالة التي نطلقها جزافا وبسهولة شديدة علي كل من يفكر بطريقة مختلفة .
والسمة الثانية الواضحة في هذه الشخصية هو عدم تقبل الآخر المختلف تماما مثلما لا يتقبل الأطفال الذكور الأناث والعكس في مرحلة الطفولة ويتكاتف كل فريق مع الفريق الذي يملك نفس الأعضاء التناسلية .. وعدم القدرة علي استكشاف المجهول والتمتع بهذه الرحلة الأستكشافية واعتبار ان من يفعل ذلك هو نوع من الخلل العقلي ... كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار... وكل مجتمعاتنا تقريبا يتم فيها فصل الذكور عن الإناث من سن مبكر ... يحدث هذا في المدارس و يتحول الأمر في الجامعات حتي لو كانت مشتركة إلي اختيار تلقائي نتيجة التعود في فترة النمو وتاثير البيئة والثقافة السائدة .. ويحدث في المناسبات الأجتماعية حتي في مناسبة مثل الأحتفال بالزواج ..الزواج الذي يجمع بين الذكر والأنثي .. تحتفل به المجتمعات الصحراوية بفصل الذكور عن الإناث !!!!
اما اهم صفات الشخصية العربية فهي قدرتها علي الصراخ دون الفعل لتحصل علي ماتريد تماما مثل الأطفال ..
فنحن نصرخ لنحصل علي حقوقنا دون ان نحاول العمل و الأنتاج لنصل إلي القوة اللازمة التي ستضمن لنا في النهاية هذه الحقوق .. ونلقي اللوم علي الآخرين لنبرر لأنفسنا الفشل او الخطأ مثلما يفعل الطفل تماما ..
فالشعوب تلوم حكامها علي ماهم فيه من تخلف وقهر والحكام يلومون الشعوب انهم غير مستعدين لأخطار الديمقراطية او ان سبب تخلفهم الأقتصادي هو تكاثرهم غير الواعي وزيادة نسلهم وكأنما يريدون ان تتوقف الشعوب عن ممارسة الجنس ليصبح حكرا علي الحكام .. انظر الي اي خطبة لرئيسنا المبجل الذي اختصر كل مشاكلنا في زيادة عدد السكان وكأنما الصين مثلا تعيش علي كوكب آخر..
والجميع شعوبا و حكومات يصرخون لوما للآخرين علي كل بلاوينا من الأمبريالية العالمية الي امريكا التي اسميناها اللقيطة الي الصهيونية العالمية وكأنما نحن ضحايا يتآمر علينا الجميع حتي نظل متخلفين اقتصاديا و حضاريا .. نظل نصرخ ليل نهار اننا خير أمة أخرجت للناس دون أن نقدم اي دليل علي ذلك .. لقد اصبح الاسم المختصر لكل شعوب الأرض الأخري هو الكفار ثم نستغرب لماذا لا يحبوننا .. بالله عليكم كيف تتوقعون من الذي نعتبره كافرا ان يقف بجانبنا ويؤيد حصولنا علي حقوقنا.
اما الأنانية التي تجدها صفة من صفات الطفولة البريئة فحدث و لا حرج .. فنحن نعتبر ان الله قد سخر لنا الشعوب الخري لتعمل وتكتشف وتنتج لنستمتع نحن علي الجاهز ..
نركب سيارات لا ننتجها ونستعمل تكنولوجيا الغرب ثم نلعن هذا الغرب الكافر ونأكل مما يزرعه الغير ثم نفجره بسيارة مفخخه ونظهر علي الفضائيات مستمتعين بحماية القانون في المجتمعات الغربية التي يعيش فيها بعضنا هربا من سجن بني وطنه ..ثم نجدهم يتهمون هذه المجتمعات بالكفر ويحللون قتلهم ونسف رجالهم و اطفالهم و نساءهم ثم يصرخون عندما تقرر هذه المجتمعات ترحيلهم إلي بلادهم ونقول لهم أين الديمقراطية التي تنادود بها .. أي عهر سياسي ثقافي أكثر من لك .

اما وضع المرأة في مجتمعاتنا فهي اكبر مثال علي توقف تطور شخصيتنا عند مرحلة معينة فنحن نعايرها ليل نهار باننا ضمنا لها حقوقا لا تجدها في اي مجتمع آخر بصرف النظر عن رأيها الذي هو بالنسبة لنا شيئا ثانويا المهم أن تكون مستعدة دائما لإرضاء أعضائنا التناسلية التي تعرفنا عليها بغرائزنا وليس بعقولنا كما يؤكد علي ذلك فرويد في نظريته عن تطور الشخصية ...

ولننظر الي ما يحدث في العراق .. فالجميع فيه الان من عرب و امريكان و أوروبيين يستمتعون بالتردي الي بدائية الأنسان الأولي من قتل و تعذيب ونسف واستخدام التكنولوجيا الحديثة في ذلك فصور مؤخرات الرجال اصبحت تبث في وسائل العلام والإعدام بفصل الراس عن الجسد امام الكاميرات والتمثيل بالجثث وقصف البيوت بالطائرات ونسف الامنين بالسيارات المفخخة أصبح من الأشياء المألوفة التي لا تهتز لها ضمائرنا .. الجميع وعلي رأسهم جنود قوات الأحتلال يستمتعون بممارسة العنف والقتل والتعذيب باسم الديمقراطية والمقاومة والدين والحقيقة ان الجميع في منطقتنا المنكوبة من العالم ارتد الي بدائية الإنسان وهمجيته .. والجميع يبدو مستمتعا بذلك..

لا يا سادة المجتمعات التي بلغت سن الرشد .. من حق الإنسان فيها الإختيار .. إختيار الدين الذي يتعبد به إلي الله ولا يفرض اختياره هذا علي الآخرين ويرفض في نفس الوقت أن يفرض عليه الآخرون دينا معينا .. هذه المجتمعات الدين فيها لله والوطن للجميع ..
من حقه اختيار الكتاب الذي يقرأه ولا تصادر فيه الكتب مهما كان محتواها .. طالما لا تحتوي تحريضا علي العنف ..
في المجتمعات التي بلغت سن الرشد يختار فيها المواطنون الحاكم وممثليهم في المجالس الشعبية بحرية وبطريقة سلمية ويغيرونهم أيضا بطريقة سلمية ..
في المجتمعات التي بلغت سن الرشد لا يدعي أحد فيها أن الدين قد نظم لنا كل شيء من دخول الحمام إلي اختيار الحاكم .. رغم أن من يدعون ذلك لم يجدوا وسيلة لتغيير هذا الحاكم إلا عزرائيل ..
في المجتمعات التي بلغت سن الرشد الدين فيها هو دعوة واختيار فردي والسياسة فيها هي دعوة و إقناع وليست فرضا ..
حتي الدول التي لا تستطيع فرض اي شيء علي مواطنيها ونظم الحكم فيها تستجدي البقاء من شعبها .. جاءت إلينا لتحاول فرض مفهومها للحكم علينا بقوة السلاح ,, لأنها تعرف أننا مجتمعات لم تبلغ سن الرشد وتعودت أن يفرض عليها كل شيء ..

حينما تبلغ مجتمعاتنا سن الرشد لن يستطيع أحد أن يفرض علينا شيئا .. لن يسطيع حاكم أن يفرض علينا استبداده .. ولن يستطيع شيخا أن يفرض علينا مفهومه الإستبدادي للدين .. ولن تستطيع قوة خارجية أن تفرض علينا مفهومها للديمقراطية ..

ولن تبلغ مجتمعاتنا سن الرشد إلا إن تطور المواطن فيها أولا إلي مرحلة البلوغ الفكري والثقافي والسياسي .. إلا إن تحرر أولا داخليا من ثقافة العبد .. ثقافة القطيع ..

لنا الله



#عمرو_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهافت التهافت
- سيدي الرئيس .. فلتحيي السنة
- الخوارج .. ما أشبه اليوم بالبارحة
- فشل التطبيق أم النظرية.. دعوة للنقاش الحر
- لكي تكون مسلما !!!!
- لكي تكون نجما فضائيا ...فلتكن أرهابيا أو خبيرا عربيا في الار ...
- جمعية الرفق بالمدنيين
- الاسلام دين وليس أيديولوجية سياسية
- الكوميديا السواداء .. ونواب عزرائيل
- نريد حلا لهذه النصوص
- الحقيقة المرة والحل الذي نصر ألا نراه
- الخطاب الذي أورثنا التهلكة
- يؤسفني قولها .. لقد انتصر التطرف والأرهاب
- رسالة الي كل بن لادن ... لقد جنت علي نفسها براقش
- كفانا نفاقا.. أنه أرث يزيد بن معاوية
- معركتنا الحقيقية ..
- الديمقراطية وحدها ليست كافية ..رسالة الي الغرب
- الأخوان والتقية السياسية
- ثورة البرلمان .. هي الحل
- من هو اللاديني ..هو من يهلل لجريمة الحلة النكراء


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمرو اسماعيل - متي ستبلغ مجتمعاتنا سن الرشد ؟