أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - السياسة كرنفال














المزيد.....

السياسة كرنفال


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4583 - 2014 / 9 / 23 - 12:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التنافس على أشدّه بين المرشحّين والمرشّحات للانتخابات التشريعية، ولمنصب رئاسة الجمهورية ولا غرابة فى ذلك فبعد سنوات الامتثال لسياسة «تجفيف المنابع» بلغ «نهم» التونسيين مداه، وصار الجرى وراء المناصب الهواية المفضّلة لعدد من التونسيين، لا فرق فى ذلك بين الرجال والنساء، والكهول والشيوخ والشباب، والمنتمين إلى معسكر اليمين أو اليسار. وللمرّة الأولى تتقلّص بعض الفوارق الطبقية، والجندرية، والجهوية، والعمرية.

غير أنّ هذا الحراك النسبيّ على مستوى مختلف البنى لم تصاحبه ديناميكيّة فى مجال الفكر السياسيّ غاية ما لدينا صراع بين الخصوم : الفاعلين الجدد واللاعبين «السياسيين» المعروفين بحنكتهم، ومعنى ذلك أنّ الجدل بدل أن يكون حول البرامج والتصوّرات وإنتاج الأفكار الجديدة صار صراعا حول الأشخاص. هى أنوات تتصارع من أجل البقاء والهيمنة على المسار الجديد متخذة أساليب مهترئة للتأثير على «العوام». فالجميع يبرّر ترشّحه بأنّه علامة على حبّه للوطن، ورغبته فى خدمة التونسيين، وتصحيح المسار.. وفى أوقات الوجع يغدو استحضار البعد الكرنفالى ضروريّا للخروج من الأزمة.

<<<

ما أشبه استعدادات المرشّحين والمرشّحات للانتخابات باستعدادات المشاركين والمشاركات فى الكرنفال. فالجميع يتهافت على الحلاّقين والحلاّقات: يصبغون، ويغيّرون التسريحات، ويتردّدون على بائعى العطور، ومحال الملابس، والنظّارات، يتّبعون حميات قاسية، علّهم يبرزون فى مظهر يليق بالمناصب التى يأملون الوصول إليها.

يتقن أغلب هواة السياسة، والمتطفّلين عليها الرقص على الحبلين، والتلاعب بالوقائع والتاريخ والمشاعر، ويتفنّنون فى ازدواجية الخطاب والفعل، يصيحون، ويهتفون، ولا يتحكّمون فى مشاعرهم، و«نفلتون»، ويتحرّرون من القيود، والضوابط الأخلاقية، والقيم فيسعون إلى الإطاحة بخصومهم متوخّين فى ذلك أساليب شتّى منها التراشق بالتهم، والسبّ، واللعن، وإفشاء الأسرار، وتشويه السمعة.

ومع اقتراب الموعد الانتخابى يتحوّل المشهد السياسى إلى كرنفال شعبيّ تختلط فيه المعايير، ويتخلخل فيه نظام التراتبية ممّا يجعل الزمن الكرنفالى يعبث بالزمن الرئيس. فالحاضر: حاضر الثورة يغدو ماضياً والماضى يحلّ بقوّة ويصبح حاضراً، وسرعان ما تذوب الفوارق بين المنظومة القديمة التى أسّسها «بن عليّ» ومحاولات بناء منظومة جديدة تتلاءم مع «استحقاقات الثورة» . إنّ الجديد، بعد أن تحوّل إلى يوتوبيا، وعجز عن تعطيل المستقرّ، والمتعارف عليه وإطلاق طاقة جديدة بات يتفاعل مع القديم يستلهم منه الدروس والعبر بل إنّه بات يوفّر له فرصة جديدة للحياة، والفعل فى الواقع.

وليس أمام عامة التونسيين إلاّ السخرية، والضحك، وإنتاج الملحة أو «الحنين إلى الزمن الجميل: زمن الزعيم بورقيبة أو زمن صانع التغيير بن عليّ» فهذه الأساليب تتحوّل إلى سلاح يواجه به المواطن/ة واقعا محبطا للآمال مخيّبا للتوقعات والانتظارات تضاعفت فيه العمليات الإرهابية وانتشرت فيه التجارة الموازية، وصار التهريب المعوّل عليه، وتدحرجت فيه المقدرة الشرائية، وتفاقم فيه عدد المعطلين عن العمل والمهمّشين. يكفى أن نتابع تفاعل التونسيين على صفحات الفيس بوك لنتبيّن أنّ الثقافة الشعبيّة قادرة على تفكيك الخطاب السلطوى الذى يستمر فى أثواب جديدة، فأحادية الرأى التى تصرّ على عدم الإنصات إلى الأصوات الجديدة مازالت حاضرة نجدها لدى عدد من السياسيين والمثقفين والإعلاميين وغيرهم. وهذه الأحادية التسلطيّة تُواجه بصور الفوتوشوب، وبممارسة التحرّر اللغوى، والتعليقات الساخرة، والأمثال، والحكم.

<<<

خيّب أغلب الفاعلين فى المجال السياسى آمال التونسيات والتونسيين، وما استطاعوا تحويل المشهد السياسى إلى عرس يحتفى فيه «بالديمقراطية الناشئة»، وعجزوا عن حفز التونسيين على المشاركة فى الانتخابات القادمة والاحتفال بمراسمها. كما أنّ السياسيين لم يستطيعوا أن يستثمروا دلالات الكرنفال العميقة المتمثّلة فى بلورة رؤية جديدة للسياسة وتجسيد نظرة جديدة إلى الحياة والكون. وحين تُعيى الحيلة السياسيين يغدو مقترح راشد الغنوشى: المطالبة بترشيح رئيس توافقى يجنّب البلاد الحرب الأهليّة الحلّ الممكن، فى نظر عدد من السياسيين.

ولا يذهبن فى الاعتقاد أنّ المسار الانتقالى بات مهدّدا نظرا إلى هذا الخواء الفكرى وقلّة حيلة الفاعلين السياسيين الجدد، والقبح الذى نعانيه منذ مدّة. فالمجتمع المدنى لا يزال يعمل ويتحرّك مؤمنا برأى «باختين» حين اعتبر الكرنفال فعلاً خلاّقاً، ومنتجا ومولّدا قادرا على عرض واقع مغاير، وابتكار نظام جديد، وولادة إنسان جديد بإمكانه أن يتجه إلى الأمام.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سفينة النجاة
- على قدر الكساء نمدّ أرجلنا!
- كلّهم فى الهوى سوى
- برگاتك يا حزب!
- المسكوت عنه فى محاربة الإرهاب
- يا قصر قرطاج.. ها هم على أبوابك يتزاحمون
- نكبتنا فى الطبقة السياسية
- مأزق الهيئة العليا والمستقلة للانتخابات
- شطحة من شطحات الشيخ
- ما بعد «حلحلة» الأزمات
- شكل آخر من أشكال «التمكين»
- أين نحن من ثقافة الاعتذار؟
- من نحن نوّاب الشعب إلى نحن الشعب
- عندما يتحول الشباب إلى كبش فداء
- ثقافة «التسليك»
- هل تنفع الجراحة التجميليّة؟
- شرعيّة تكتسب بالكد والعمل وحب الوطن
- الحلحلة والفككة... ومفردات أخرى
- أيّها الثوّار.. شكر الله سعيكم
- «التابع» وعقدة «الأجنبى»


المزيد.....




- حزب الله: إيران حقّقت نصرا مؤزرا
- كيف تطيل عمر مناشف الميكروفايبر وتحافظ على فعاليتها؟
- 16 قتيلا في احتجاجات بكينيا
- اعتمد على المباغتة.. الجزيرة تحصل على تفاصيل كمين خان يونس
- الموساد يشيد بعملائه داخل إيران وبدعم الـ-سي آي إيه- للهجوم ...
- إصابة 3345 إسرائيليا بالحرب مع إيران و41 ألفا طالبوا بتعويض ...
- أبو عبيدة: جثث العدو ستصبح حدثا دائما ما لم يتوقف العدوان
- لماذا تتجه طهران لمنع الوكالة الدولية لتفتيش منشآتها؟
- كاتب روسي يدعو موسكو للتحرك دبلوماسيا من موقع قوة
- موقع تركي: القبة الفولاذية باتت ضرورة ملحة لتركيا


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - السياسة كرنفال