أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - «التابع» وعقدة «الأجنبى»














المزيد.....

«التابع» وعقدة «الأجنبى»


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4425 - 2014 / 4 / 15 - 17:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جذبت الثورات العربية جحافل من الدارسين: رجالا ونساء شدوا الرحال بحثا عن غنم معرفى. لم يفوتوا الفرصة، فمنذ الأسابيع الأولى، اختاروا مجال الدراسة، وحددوا المجال الجغرافى، وضبطوا المدة الزمنية المخصصة للبحث، وأخضعوا البلدان والفاعلين للتمحيص والتفكيك. فكان «الآخر» كالعادة، موضوعا يُغرى الدارسين الغربيين باختبار الفرضيات، واستنتاج الخلاصات، وإضفاء المعانى على ما يحدث.

لقد ظل الغرب مذهولا ولكن فيلق البحاثة سرعان ما تجاوزوا وقع الصدمة، وراحوا ينبشون ليحققوا السبق المعرفى. فلئن كانت الشعوب الخاملة قد هبت من سباتها بلا زعامات ولا بدائل فإن الباحثين الغربيين قادرون بما لديهم من آليات للبحث، وأدوات للتفكيك، وإمكانات مادية، لتحقيق الكسب المعرفى.


طرق بابنا، على مر السنوات الأخيرة، عدد ضخم من الدارسين من شتى أنحاء العالم. وما ضننا عليهم بالمعلومات والأخبار والتحاليل، منحناهم جزءا من وقتنا بالرغم من كثرة الأعباء التى فرضها علينا المسار الانتقالى، إيمانا منا بأن من واجب الأكاديميين والمثقفين والإعلاميين وغيرهم أن يساهموا فى إنارة الرأى العام، وتقديم يد العون لبحاثة شاءت التقاليد العلمية أن تجعلنا نرحب بهم، ونتفاعل مع أسئلة طرحوها وقضايا أثاروها.

ربطتنا بالدارسين علاقات مختلفة تتفاوت بتفاوت المهارات والكفاءات وتخضع لمعايير عدة كطبيعة الموضوع والاختصاص، والطرح والسن والموقع، والجنس، وغيرها. وشيئا فشيئا انتبهنا إلى الفرق بين وضعية الباحث المحلى أو «الجوانى» والباحث الأجنبى «البرانى» على مستوى تقبل الجمهور، ومدى تفاعل الأشخاص مع الدارسين.

فقد لفت انتباهنا مثلا مدى رحابة صدر العينات التى اختيرت للبحث وقدرتها على احتواء الباحثين. فكم من عائلات «سلفية» استضافت باحثات لمدة أيام، وخصتهم بكرم الضيافة، وشرحت وفصلت وباحت بالأسرار ومارست الحكى.. وتعجبنا كيف يتمنع السلفيون «أبناء جلدتنا» من الجلوس معنا على طاولة الحوار لغرض معرفى بدعوى أننا «بنو علمان» لا نؤتمن على أخبار ولا تجمعنا بهم صلات. وفى المقابل وجدناهم يرحبون بالأجانب أولئك الذين انتجت حولهم تمثلات اجتماعية ودينية ارتكزت فى المتخيل من قديم الزمان فإذا بالمواقع تتغير صاروا هم الخلان الأوفياء، وبتنا الأغراب والأعداء.


نثير هذه المسألة لنبين العوائق التى تقف أمام فئة من الدارسين الذين ارتأوا استقراء الظواهر الجديدة الدخيلة على المجتمع التونسى، والإسهام، من موقعهم، فى تقديم بعض القراءات أو الإجابات. أما السبب الثانى الذى دفعنا إلى التطرق إلى هذه المسألة فإنه يكمن فى الوضعية المفروضة على عدد من الدارسات على وجه الخصوص، بحكم أنهن صرن سجينات أحكام مسبقة، وصور منمطة تجعلهن لا يستطعن العمل مباشرة مع المُستجوبين والمستجوبات بل إنهن مجبرات على اعتماد الوسيط، وهو الأجنبى الذى يقوم بالبحث الميدانى ثم «يمن» علينا ببعض الاستنتاجات وفى أفضل الحالات، صرنا نخضعه للمقايضة: «سلم تتسلم». ويكمن السبب الثالث فى كشف المستور فى ردود الفعل التى تصاحب معالجتنا لبعض المواضيع كجهاد النكاح مثلا. فكم من شخص شكك واستغرب، واتهم.. فى معلومات سقناها ولا علم له بأننا نتحفظ على مصادرنا بحكم التزام أخلاقى وعقد كان بيننا وعدد من البحاثة. فنحن مكرهون على عدم كشف هوية من استمعنا إلى شهاداتهم المسجلة وآخرها العائدون من بلاد الشام. فهؤلاء «المغرر بهم» التائبون، والباحثون عن حضن دافئ يحتويهم سردوا تفاصيل قد يقول البعض إن هى إلا أساطير وخرافات، ولكن نبرة الصدق تتضح من خلال أنات وأوجاع تخللت روايات امتزج فيها الواقع بالخيال.

«المغرر بهم» سيقوا قسرا إلى معركة «لا ناقة لهم فيها ولا جمل»، مهمشون، يعيشون الفقر والخصاصة يستدرجون إلى بنغازى بدعوى العمل، وهناك يواجهون بالإغراءات: أموال وسلطة، وموقع، ونساء من كل الملل والنحل. فأنى لمن عاش العوز والقهر والكبت ألا يتوق إلى «ليلة ليلاء» مع حور العين فى الأرض قبل السماء.


حين يحصل الشقاق، وتتسع الفجوة بين أبناء الوطن، ويتفنن البعض فى صناعة الأعداء، تنتفى الثقة بين الجميع، ويصير الغريب أقرب إلى بعضهم من العشير. وفى مثل هذه الحالة يتحول الدارسون، رغما عنهم، إلى متحينين للفرص، عاقدين شتى الإيلافات مع الغربيين، مزودين بالمعلومات عن طريق «الآخر». وما دام الأهل يؤثرون الغريب على أبناء الوطن فليس من حل سوى إنتاج معرفة تمر حتما عبر الوسيط.

وهكذا تدور الدوائر: من قال إننا قد تحررنا من التبعية (سياسيا واقتصاديا ومعرفيا) ومن عقدة الأجنبى. قالها ابن خلدون يوما: «المغلوب مولع بالاقتداء بالغالب»، وأثبتت دراسات التابع أن تشكيل معرفة حول الآخر يمر عبر التمركز على الذات.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلامويات قادمات ليزاحمن القيادات
- مأزق الاستقالات من حزب النهضة
- فى عيد الاستقلال.. النهضة تؤيد شرعية مرسى
- احتجاج «العاملات بالجنس»
- قادة النهضة يستعينون بأمريكا
- وزيرة سياحة «مستفزة»
- المرزوقى والرقص على الحبلين
- هل أتتك أخبار حكومة مهدى جمعة؟
- التشويش على الذكرى الأولى لاغتيال الشهيد شكرى بلعيد
- هل دقّت ساعة تقييم الأداء السياسى للترويكا؟
- لله درّه من دستور .. أطلق عنان الذوات
- فى الظروف الحافّة بالتصويت على مواد الدستور
- السياسة..واضطراب المشاعر
- تداخل الفصول
- الإحراج والعار
- الشدّ إلى الوراء.. الشدّ إلى الأمام
- كان لنا حلم.. وضاع
- ليس بالإمكان أبدع مما كان
- سوق السياسة كسوق الرياضة
- النهضة.. وعلاج الوخز بالإبر


المزيد.....




- ابتكار مذهل.. طلاء ذكي يغيّر لونه تلقائيًا بحسب درجة الحرارة ...
- ُهل تمتلك إيران منشآت نووية أخرى أعمق من فوردو؟ جنرال أمريكي ...
- هل عادت الحياة فعلاً إلى طبيعتها في إسرائيل بعد رفع القيود؟ ...
- وسط ركام بيوتهم المهدمة.. الإيرانيون يحصون خسائرهم بعد وقف إ ...
- مهرجان الصويرة للكناوة: القمبري والقرقاب وأنغام عالمية
- عملية -نارنيا-: أي سلاح استخدمت إسرائيل لقتل العماء النووين ...
- إحياء رأس السنة الهجرية في الأقصى بأعداد محدودة
- صحف عالمية: تحرك أميركي لإنهاء حرب غزة ونتنياهو دفع إيران لت ...
- موفق نظير حيدر المسؤول عن -حاجز الموت- بدمشق
- زهران ممداني.. مرشح الهامش يقلب معادلة النخبة في نيويورك


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - «التابع» وعقدة «الأجنبى»