أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - شكل آخر من أشكال «التمكين»














المزيد.....

شكل آخر من أشكال «التمكين»


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4485 - 2014 / 6 / 17 - 09:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


مكّنت التلفزة الوطنية، منذ سقوط النظام، التونسيين من اكتشاف بعض أوجه الفساد فى نظام بن عليّ، وإدراك ما اقترفه الطرابلسيّة وغيرهم من انتهاكات. غير أنّ الانكباب على تفكيك منظومة الفساد لم يشكّل، فى الغالب، هاجسا مختلفا لوسائل الإعلام العمومية ولم تعره صحافة الاستقصاء إلاّ جانبا من اهتمامها. ولعلّ كثرة الأحداث التى مرّت بها البلاد (السلفية الجهادية، الإرهاب، الاستقطاب الحديّ، انهيار المقدرة الشرائية، الاغتيالات السياسية) تبرّر قلّة الاهتمام بالحفر والنبش والتوثيق والتحليل والتفكيك، هذا إلى جانب قلّة الصحفيين المختصّين فى هذا المجال. وفى المقابل اكتفت بعض وسائل الإعلام الخاصّة بالتطرّق إلى مظاهر الفساد، ولم يكن يعنيها فهم الأسباب وتحليل السلوك بقدر ما كان همّها عرض الخبر المثير الذى يحقّق أكبر نسبة مشاهدة. ويعزى الفضل إلى بعض الجمعيات التى تأسست لمكافحة الفساد فى كشف المستور والتنبيه إلى استمرار مظاهر الفساد بل انتعاش البعض منها. ولعلّ ما أدلى به الدكتور سامى الرمادى من معلومات بخصوص رئاسة الجمهورية، وتصرّفات الرئيس ومسئولين ساميين فى الدولة يثبت انبلاج عهد جديد يضطلع فيه المواطن بمسئولية الكشف عن مسالك الفساد وتعدّد مظاهره. ولما كانت الحكومات المتعاقبة قد سلكت نفس التوجّه مؤثرة سياسة العمى، والتجاهل على تحمّل المسئولية، واتّخاذ القرارات الجريئة فإنّ مواقع التواصل الاجتماعى أضحت الفضاء الوحيد المتاح لعرض أخبار الفساد والمفسدين، والتشهير بأبرز المورّطين، وإن اغتنم بعضهم هذه المساحة الحرة لتصفية حسابات شخصية وتكريس «الفضائحية» على حساب المواطنيّة.


والملفت للانتباه فى الأحداث المتداولة على المواقع التواصلية خلال هذا الأسبوع، كثرة الأخبار المتصلة بالفساد فى قطاعات مختلفة: الشركات النفطية، المؤسسات الاقتصادية، المؤسسة الأمنية، المؤسسة التربوية والتعليمية.. وتوجيه أصابع الاتهام إلى قياديين فى الأحزاب، وكبار المسئولين فى مختلف الوزارات ونقابيين، ومرّبين وأمنيين وغيرهم. فضلا عن مقتل موظف كان قد نشر ملفات تخصّ الفساد فى مؤسسته، وإطلاق جامعيّة صيحة فزع لتلقيها تهديدات بالقتل بسبب كشفها عن شبكة مفسدين. ولكن تحوّل هذه الأخبار إلى حديث الناس لم يحرّك ساكن الحكومة ويدفعها إلى تحمّل مسئوليتها، والحال أنّ ملفّ الفساد غير قابل للتأجيل لجملة لأسباب نجمعها فى الآتى:

لابد من توفّر إرادة سياسية قادرة على صياغة سياسة خاصّة لمواجهة كلّ أشكال الفساد. وليس التهاون فى مواجهة هذا الملف إلاّ محاولة للتهرّب من حقيقة مفادها أنّ المستفيدين من منظومة الفساد لازالوا فى مواطن صنع القرار، يحافظون على مصالحهم. إنّ «تمكّن» الفساد علامة دالة على اهتراء مؤسسات الدولة وهو عقبة تحول دون التغيير والتطوّر والتنمية. لا يمكن إجراء انتخابات شفافة ونزيهة والحال أنّ تأمين الآليات الكفيلة بالحدّ من أشكال الفساد غير متوفّر. كما أنّ الأوضاع الاقتصادية المتردّية توفّر أرضية ملائمة لشراء الذمم فى مقابل سدّ الرمق. وقد بدأنا نلمح هذه الحملات التى لا يتوانى فيها أصحابها عن توظيف المال لشراء الأصوات. لا يمكن بلورة سياسة أمنية لمواجهة الإرهاب (الدينى والفكرى) دون فهم البيئة الحاضنة، وتفكيك منظومة الفساد التى تتصف بالشمولية. فما جرى فى مؤسساتنا التعليمية من عمليات غشّ فى الامتحانات معضودة بالتكنولوجيا، وتواطؤ بعض الأساتذة خوفا من العنف أو اقتناعا بأن لا سبيل إلى الارتقاء دون الغش غير معزول عن بنية ذهنية تبرّر الفساد تحت مسميات مختلفة: نكاية فى الطاغوت، أو بنى علمان، أو دولة الكفر، أو إيمانا بأنّ الغاية تبرر الوسيلة. لاستشراء الفساد صلة بفهم المصطلحات (المصلحة العامة، المال العامّ... ) وتمثّل القانون. ففى ظلّ غياب ثقافة الإيمان بالقانون ودولة القانون يغدو التطاول على القوانين الرادعة سلوكا مقبولا «لتسليك الأمور»، لاسيما وأنّ الإفلات من العقاب صار متفشيّا. وهذا يعنى أنّ دسترة قوانين مكافحة الفساد لا تكفى بل يتعيّن المبادرة بتفعيل النصوص الزجرية على أرض الواقع، وهذا لا يمكن أن يتحقّق دون ضمان استقلالية القضاء، وتجذير ثقافة المواطنة.

يبدو أنّ ثقافة المساءلة والمحاسبة والعدالة والنزاهة لم تستطع أن تربك الثقافة المهيمنة القائمة على الانتهازية والوصولية، ويبدو أنّ الشعب الذى توحّد من أجل إسقاط النظام عجز عن أن يتوحّد من أجل إقامة نظام ديمقراطى والسعى إلى الحدّ من ظاهرة الفساد. وهو أمر مفهوم فى ظلّ انتشار الشعبويّة، وهشاشة ثقافة المواطنة، واهتراء المنظومة القيمية التى لم يعد بإمكانها تحصين المواطن/ة من الانسياق وراء «فتنة» الفساد.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين نحن من ثقافة الاعتذار؟
- من نحن نوّاب الشعب إلى نحن الشعب
- عندما يتحول الشباب إلى كبش فداء
- ثقافة «التسليك»
- هل تنفع الجراحة التجميليّة؟
- شرعيّة تكتسب بالكد والعمل وحب الوطن
- الحلحلة والفككة... ومفردات أخرى
- أيّها الثوّار.. شكر الله سعيكم
- «التابع» وعقدة «الأجنبى»
- الإسلامويات قادمات ليزاحمن القيادات
- مأزق الاستقالات من حزب النهضة
- فى عيد الاستقلال.. النهضة تؤيد شرعية مرسى
- احتجاج «العاملات بالجنس»
- قادة النهضة يستعينون بأمريكا
- وزيرة سياحة «مستفزة»
- المرزوقى والرقص على الحبلين
- هل أتتك أخبار حكومة مهدى جمعة؟
- التشويش على الذكرى الأولى لاغتيال الشهيد شكرى بلعيد
- هل دقّت ساعة تقييم الأداء السياسى للترويكا؟
- لله درّه من دستور .. أطلق عنان الذوات


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - شكل آخر من أشكال «التمكين»