أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل التاسع والعِشرون














المزيد.....

موسى وجولييت الفصل التاسع والعِشرون


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4579 - 2014 / 9 / 19 - 12:01
المحور: الادب والفن
    



اللعنة عليك، يا ثور العقاب! اللعنة عليك، يا خالق الجريمة! اللعنة تصعد إليك من أعماق الأرض! آهٍ منك! لقد فلقت قلبي! والقويُّ ياكوفُ يسدد البلطةَ إلى الثور، والثور يبصق الدمَ، ويجأر. هل يصله بالحياة؟ يوسف مات، وهو يصل الموت بالموت، وينتقم للدم بالدم، والدم ينضح من كل الجهات، ويهدر كالبحر في قبضته. والثور يجأر، ويبصق الدمَ والجِلّةَ والأعضاء. والمارد ياكوف لا يكف عن تسديدِ البلطةِ إلى الثور، وياكوف يغرق في بحرِ دمِ الحيوان. سيقتحمه اقتحاما، لعله يعيد إليه ولده. سيحتله احتلالا، لعله يحفظ مكانته، سيستوطنه استيطانا، لعله يتفادى النظر إلى خِصائه. تلهث الإرادة، وتتعب، وتتراخى القبضة الدموية، فتلقي الشفرة القاطعة. يدركُ ياكوفُ ما لا يُدْرَكُ سِرُّه، وتأخذ عيناه بالبكاء.
هناك جولييت، في السجن، تنتظر عون الإرادة من غيرِ دمعٍ أو دمٍ بعد أن ذرف ياكوف كل الدمع وأهرق كل الدم. جولييت الطلقة والهدف. الدم والنبع. الخواء والهباء. البلبلة والفوضى. التدمير والتخريب. الإبادة والخراب. السديم والشُّواظ. ضَعْفُ الإرادة والذبذبة. جولييت المراكب. جولييت الحرائق. جولييت حرير دمشق وجسد الكرمل. جولييت الحنان. جولييت الحرام. جولييت شراء الذمم. جولييت وردةُ جنينَ وطولكرم. جولييت مليكة الطير. السيف والعواصف. وعصفت في رأسه الأفكار، فنظر إلى الثور المقطع على مقربة منه جاثما، وزاوجت عيناه العينين المحدقتين في الرعب الطويل. راحت التوراة ترتعد وإنجيل يوحنا والقرآن الكريم، وأعمته أنوار الحروف المقدسة. منذ ألفي عام وثور العقاب يترصد له. منذ ألفي عام. ولكنه حوّله إلى شرائح، وجعل من دمه عبابًا تمخره المراكب. فانهض، ياكوف! ألم تنهض بعد؟ ودومًا ترقد جولييت بين القضبان، رغم أن ثور العقاب هذا كان تضحية لأجلها، لئلا يأخذوها منه كما أخذوا يوسُفَ، كما أخذوا نوريَ، لئلا يأخذوا منه ابنته جولييت، كل من تبقى له في الدنيا.
قال ياكوف، أبو جولييت التي هي كل من تبقى له في الدنيا:
- عليك إطلاق سراح ابنتي جولييت في الحال، أيها الجنرال!
فرفض الجنرال:
- أعليّ إطلاق سراح قاتلةِ يوسُفَ؟
بكى ياكوف بين يدي الجنرال ولهد:
- إنها ابنتي جولييت، أيها الجنرال! كل من تبقى لي في الدنيا.
فأبدى الجنرال استنكارا:
- ولكنها قاتلةُ يوسُفَ! مجرمة هي، وهي أجرمت في يوسُفَ!
توسل ياكوف إليه:
- أنا قاتلُ يوسُفَ، أيها الجنرال، فأطلق سراح جولييت، إنها كل من تبقى لي، كل من تبقى لي ولك في الدنيا!
طبطب الجنرال على كتفه مشجعا:
- لقد كان أثر الفاجعة عليك كبيرا!
قفز ياكوف مبتعدًا عن كف تواسيه:
- أطلق سراح جولييت في الحال، أيها الجنرال، فتنطلقُ النفسُ على سَجِيَّتِها، وإلا جعلتك تأخذ في الظلمات الأظلم مكانها!
قهقه الجنرال، وأشار بإصبعه إلى "شكونات هاتيكفا"، وقال:
- ليس باستطاعتك أن تفعل فيّ شيئًا الآن وقد جعلت مكاني هناك مكانًا أبديا. سبق السيف العذل، فلا تطلق حربًا من عِقالِها.
وذهب الضابط الرفيع المقام برفقة عدد من رجال المعراخ أو الليكود، الليكود أو المعراخ، إلى أزقة تل أبيب الفقيرة، فجاء عموس عوز بعد ذلك، ورسم بعض دمع الأزقة البائسة في مسودات روايته القادمة وبعض الدم الدينيّ، لكنه رأى في عربي من هنا وآخر من هناك ديكورَ الليس إلا، على الإطلاقِ غيرَ جميل، ديكورَ المذل الذليل، ولم ينظر في "علبته السوداء" إلى دمائنا بشرًا وثيرانًا أطرافَ صراعٍ في الفاجعة، فهل سيعيق قلمُهُ ياكوفَ، أو الجنرالَ صنيعتَهُ، عما سيفعلان في النفوس؟ وماذا سيفعلُ ياكوفُ بعد أن مات يوسُفُ، وحبسوا جولييت التي هي كل من تبقى له في الدنيا غيرَ اجتيازِ عتبةِ النهاية إلى القيامة؟ ولكنه القوي ياكوف حتى في محاولات الموت التي أجراها عليه، لم يكن باستطاعته الموت، وكلما حاول الموت أمات غيره من أهل موسى وأهل جولييت.


يتبع الفصل الثلاثون



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسى وجولييت الفصل السابع والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل السادس والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الرابع والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الخامس والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الثاني والعِشرين
- موسى وجولييت الفصل الثالث والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الحادي والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل العِشرون
- موسى وجولييت الفصل الثامن عشر
- موسى وجولييت الفصل التاسع عشر
- موسى وجولييت الفصل السابع عشر
- موسى وجولييت الفصل السادس عشر
- موسى وجولييت الفصل الرابع عشر
- موسى وجولييت الفصل الخامس عشر
- موسى وجولييت الفصل الثاني عشر
- موسى وجولييت الفصل الثالث عشر
- موسى وجولييت الفصل الحادي عشر
- موسى وجولييت الفصل العاشر
- موسى وجولييت الفصل الثامن
- موسى وجولييت الفصل التاسع


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل التاسع والعِشرون