أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل الثاني عشر














المزيد.....

موسى وجولييت الفصل الثاني عشر


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4571 - 2014 / 9 / 11 - 12:55
المحور: الادب والفن
    



بالرصاصة فقط أخلصك منه، أخلصك من نفسك، وأجعلك زهرة! قاومته جولييت، ثم خذلتها قواها، وانتهى بها الأمر إلى الاستسلامِ، عاجزةً، بين ذراعي أخيها. ذرفت الدمع. دمعها المر المعطر. هذا ما يسحر أخاها: دمعها المر المعطر! وانمساخ التمثال بين ذراعيه. في الحلم التلموديّ الذي عليه أن يصبح حقيقة واقعة، محيط الدم يتحول إلى قطرة، وسلاحه إلى ثعبانٍ أليفٍ بإرادة الحاوي. يهبط رب الجنود على الأرض، ويجعل من الليل رداءه، ومن النجوم عقده، ويتقدم من يوسُفَ مهيبا، فيسقط يوسُفُ على قدميه، ويقبلهما مبتهلا: اجعلني غريبًا عن جولييت كي أجعل منها زوجتي! فلا يستجيب رب الجنود له، وتتحول الأمنية إلى غضبٍ أبديّ. ينسى رب الجنود رداءه على الأرض، ولا ينسى عقده، لهذا كان الظلام دامسًا في إسرائيل.
هب يوسُفُ بأخته غاضبا:
- حبك هو عقابك، أيتها اللعين، وأنا، لهذا، سأنتقم لنفسي من حبك، بإنزالٍ في إحدى القرى العربية، أجمع السكان، وأعصب عيونهم، ولي كلهم عند ذلك يغدون موسى. سأزجهم في سجن من سجوننا الكثيرة، الأكثر راحة من كل سجون العرب، فأبعده عنك، وأبعدهم عن علمٍ يرفرف فوق مئذنة أو على سلك كهرباء جناحًا قتيلا.
سقطت جولييت على قدميه، وتوسلت:
- أرجوك، يا أخي الحليم! انتقم لنفسك مني، ودع حبي يسير إلى نهايته.
صفعها، فانبجس الدم من أنفها. كان يريد التعبير عن شيء آخر غير الانتقام. راحت مدن الأرض المحتلة تتساقط في خياله واحدة واحدة وفتيات غزة، وعلى منظر دم جولييت، قهقه يوسُفُ، ثم أشفق عليها، ومسح الدم عن وجهها. ضمها بقوة إلى صدره، ورجاها:
- سامحيني! اغفري لي!
قبلها من جبينها، وهي، هي تقف تاجَ زهرةٍ منكسرة، وهو، هو يحيطها بذراعيهِ قوانينَ هيكلية لدولة. قال لها:
- كنت آتيك بخبر سار لما وقعت على عشيقك هنا، هل أصابك الجنون، يا جولييت؟ تفضلين عربيًا قوميًا على نوري الكريه؟ تفضلين عربوشًا كريهًا، يا جولييت، عليّ؟ إذن ما الفائدة؟
أجابت جولييت الفانية:
- أنا لا أفضل أحدا.
قفز يوسُفُ من الفرح بين يدي أخته، وهتف:
- هكذا تكونين مفضلتي، يا جولييت!
جمجمت جولييت اليائسة:
- ولكني سأتزوج من نوري.
ظنت أنه سيتوقف عن الضحك، فإذا به يعلن:
- نوري في السجن الآن، نوري يرزح تحت ثقل خطاياه.
تعجبت جولييت الذاهلة:
- ماذا؟! نوري في السجن؟! نورٌ يغربُ ونورٌ يشرقُ، والليل ينشقُّ، وما ظننته شعرًا لهو الخبز الحقيقي للحياة!!
- ارتكب جريمة، فألقوا القبض عليه، ورموه في سجن من سجوننا الكثيرة، الأكثر راحة من كل سجون الدنيا.
وجولييت عاجزة عن استيعاب النبأ، لم تزل تسأل يوسُفَ، أخاها، الذي بدا أنه لا يفسر حُلمًا عابرا:
- ماذا؟! ماذا تقول؟! ماذا يعني ما يقول يوسُفُ العزيزُ من وراء ما قال؟!
طمأنها يوسُفُ:
- لقد عدتِ حرة كالماضي، يا جولييت، لقد عدت إلى أخيك، وشاء القدر أن يكسر إرادة أبيك الجبار.
استخف بها الفرح، فغار من كل هذا الاغتباط، لأنه لم يكن لخبرٍ نقله، ولم يكن لأجله هو، الأخ بين أخوة كانوا أبطالاً وملوكًا وحتى آلهة، فهل يباح حبه المحرم؟ بهذا الفرح تتخلى عنه. لِمَ إذن كل هذا النفور بينا كل الخطر زال؟ نهشه الشك، فترك الشكُّ يوسُفَ البدائيّ في الحضارة ليعود إلى نفسه البدائية، فمن نفسه خرجت جولييت، وجاءت في إثر موسى الذئب الوديع ذئبةً وديعة، فلبس يوسُفُ جسدَ احتمالِ التشوهِ عن غيرِ علمٍ منه.


يتبع الفصل الثالث عشر



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسى وجولييت الفصل الثالث عشر
- موسى وجولييت الفصل الحادي عشر
- موسى وجولييت الفصل العاشر
- موسى وجولييت الفصل الثامن
- موسى وجولييت الفصل التاسع
- موسى وجولييت الفصل السابع
- موسى وجولييت الفصل السادس
- موسى وجولييت الفصل الرابع
- موسى وجولييت الفصل الخامس
- موسى وجولييت الفصل الثالث
- موسى وجولييت الفصل الثاني
- موسى وجولييت الفصل الأول
- ظاهرات ما بعد الحرب في غزة
- سميح القاسم الولد الرديء
- جثتان
- حوار بين جندي ومقاتل
- دمع
- جندي يموت من الحب
- حيض
- مقاومة


المزيد.....




- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل الثاني عشر