أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - فضيلة يوسف - غزة:كسر آخر المحرمات















المزيد.....



غزة:كسر آخر المحرمات


فضيلة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4573 - 2014 / 9 / 13 - 09:21
المحور: الصحافة والاعلام
    


قال ذو البصيرة النفاذة إدوارد سعيد، " هناك محرمات (Taboo )في قول الحقيقة عن فلسطين والقوة التدميرية الهائلة وراء إسرائيل. فقط عند قول هذه الحقيقة يمكن لأي منا أن يكون حراً " .
لكثير من الناس ، الحقيقة معروفة الآن . أخيراً يعرفون . الصامتون خوفاً ليس بإمكانهم النظر بعيداً بعد الآن . يحدقون في التلفزيون ، و الحاسوب المحمول ، والهاتف ، ويجدون الدليل على همجية دولة إسرائيل والقوة التدميرية الهائلة لمزودها المخلص الولايات المتحدة، و جبن الحكومات الأوروبية ، و تواطؤ البعض الآخر ، مثل كندا واستراليا ، في هذه الجريمة الملحمية.
كان الهجوم على غزة هجوماً على كل واحد منا. حصار غزة هو حصار لنا جميعاً. إن عدم تحقيق العدالة للفلسطينيين من أعراض محاصرة الإنسانية و تحذيراً من خطر نشوب حرب عالمية جديدة الذي يتزايد يوما بعد يوم.
عندما دعا نيلسون مانديلا نضال فلسطين "القضية الأخلاقية الكبرى في عصرنا "، تحدث باسم الحضارة الحقيقية ، وليس الحضارة التي صنعتها الامبريالية. في أمريكا اللاتينية ، وقفت حكومات البرازيل وتشيلي و فنزويلا وبوليفيا و السلفادور وبيرو و الإكوادور مع غزة. هذه البلدان التي صمتت عندما كانت برعاية العراب في واشنطن عن القتل الجماعي وكان رد العراب على صرخات أطفال غزة إرسال المزيد من الذخيرة لقتلهم.
خلافاً لنتنياهو وقتلته ، فإن الفاشيين كلاب واشنطن في أمريكا اللاتينية لا يشغلون أنفسهم بالبعد الأخلاقي. انهم ببساطة يقتلون ، ويتركون الجثث في مكبات القمامة . وللصهاينة نفس الهدف: سلب وتدمير المجتمع البشري بأكمله في نهاية المطاف ، إن 225 من الناجين من المحرقة وأحفادهم يشاركون في نشأة الإبادة الجماعية.
لم يتغير شيء منذ عام 1948 في " خطة د " الصهيونية الشائنة، التطهير العرقي لشعب بأكمله . في الفترة الأخيرة ، وعلى الموقع الإلكتروني لصحيفة Times of Israel كتبت عبارة: " الإبادة الجماعية مسموح بها . وطالب نائب رئيس الكنيست ، "البرلمان الإسرائيلي "، Moshe Feiglin ، بتطبيق سياسة الطرد الجماعي إلى معسكرات الاعتقال. أما النائب ، Ayelet Shaked ، وهو عضو في الائتلاف الحاكم ، فدعا إلى إبادة الأمهات الفلسطينيات لمنعهن من إنجاب ما أسماه" الثعابين الصغيرة. "
لقد شاهد الصحفيون لسنوات الجنود الإسرائيليين يقتلون الأطفال الفلسطينيين و يمنعون نساء على وشك الولادة ، من عبور الحواجز الى المستشفى . و يتوفي الطفل ، وأحيانا الأم.
ولسنوات ، شاهد الصحفيون سماح القادة الإسرائيليين للأطباء وطواقم الإسعاف للمرور لإحضار الجرحى أو القتلى ، ثم يطلقون النار على رؤوسهم.
ولسنوات ، شاهد الصحفيون منع المرضى من الحصول على العلاج لإنقاذهم، أو قتلهم عندما يحاولون الوصول إلى العيادات للعلاج . قتلت سيدة مسنة واحدة أمامي برصاصة في ظهرها.
وعندما وضعت وقائع هذه الجريمة أمام دوري جولد وهو مستشار كبير لرئيس الوزراء الاسرائيلي قال "للأسف في الحروب هناك حالات يقتل فيها المدنيين عن طريق الخطأ ، ولكن الحالة التي ذكرتها ليست عملاًإرهابياً. الإرهاب يعني تصويب بندقية القناص على المدنيين عمداً " .
أجبته، " هذا هو بالضبط ما حدث. "
"لا"، قال: " ذلك لم يحدث . "
ويتكرر هذا الكذب و الخداع من قبل المدافعين عن إسرائيل. كما أشار مراسل نيويورك تايمز السابق Chris Hedges ، وعندما يتم الإبلاغ عن مثل هذه الفظائع تنتهي دائماً ب " وقعوا في مرمى النيران المتبادلة . "في الفترة التي قمت فيها بتغطية منطقة الشرق الأوسط ، كانت الكثير من وسائل الإعلام الغربية متواطئة مع إسرائيل.
في أحدأفلامي ، فجر الجيش الأكثر أخلاقية في العالم ساقي المصور الفلسطيني عماد غانم،. كتب موقع BBC سطرين عن هذا العمل الوحشي. قتل الإسرائبيون ثلاثة عشر صحفيا في أحدث عدوان دموي على غزة. كانوا جميعاً من الفلسطينيين. من يعرف أسمائهم ؟
تغيير ضخم
الآن حدث شيء مختلف . هناك اشمئزاز ضخم في جميع أنحاء العالم؛ و الأصوات الليبرالية المعتبرة قلقة وتفرك يدها و الجوقة الخادعة " للوم الطرفين على قدم المساواة " و " حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها " لن تنطلي على أحد بعد ذلك؛ ولن تنطلي حجة معاداة السامية. ولا الصرخة الانتقائية " يجب القيام بشيء ما" ضد المتعصبين الإسلاميين ،ولكن ماذا عن غلاة الصهاينة ؟
صوت ليبرالي معتبر ، الروائي Ian McEwan ، كان يتم الاحتفال به باعتباره حكيم صحيفة الغارديان بينما يتم تقطيع أطفال غزة إلى أشلاء . هذا هو نفس Ian McEwanالذي تجاهل مطالبة الفلسطينيين له بعدم قبول جائزة القدس للآداب . واضاف "اذا ذهبت إلى البلدان التي أتوافق معها فقط ، ربما لن اخرج من السرير ".
لو تكلم القتلى من غزة لقالوا للروائي الكبير : إبق في السرير ،سرير العنصرية والفصل العنصري والتطهير العرقي والقتل الذي ينعم بوجودكم بغض النظر عن الكلمات المخادعة التي تلفظت بها وانت تستلم جائزتك .
إن فهم مغالطة و قوة الدعاية الليبرالية الكاذبة هو المفتاح لفهم لماذا تدوم الاعتداءات الإسرائيلية، ولماذا العالم يراقب ؛ ولماذا لم يتم تطبيق العقوبات أبداً على إسرائيل، ولماذا تكون المقاطعة الشاملة لإسرائيل هي مقياس الأخلاق الإنسانية ؟
تقول الدعاية الكاذبة المستمرة أن حماس ملتزمة بتدمير إسرائيل . يقول خالد الحروب ، الباحث بجامعة كامبريدج والمتخصص بشؤون حماس :" هذه العبارة لم تستخدم قط ولم تعتمد من قبل حماس ، وحتى في أكثر بياناتها تطرفاً ". وكثيراً ما نقلت عبارة" معاداة اليهود" الموجودة في ميثاق عمل" 1988 "...الذي كتبه فرد واحد " من الحرس القديم " دون توافق مناسب. وتشكل هذه الوثيقة إحراجاً.
عرضت حماس مراراً هدنة لمدة 10 أعوام مع إسرائيل ووافقت منذ فترة طويلة على حل الدولتين. عندما كانت Medea Benjamin ، الناشطة اليهودية الأمريكية التي لا تعرف الخوف ، في غزة ، حملت رسالة من قادة حماس للرئيس أوباما أوضحت رغبة الحكومة في غزة في السلام مع إسرائيل. تم تجاهل ذلك. وأنا شخصياً أعرف العديد من هذه الرسائل التي تم تجاهلها أو رفضها .
و جريمة حماس التي لا تغتفر هي: أنها الحكومة العربية الوحيدة التي تم انتخابها بحرية و ديمقراطية من شعبها. والأسوأ من ذلك ، أنها شكلت الآن حكومة وحدة مع السلطة الفلسطينية . وهناك صوت فلسطيني واحد في الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية ،وهو التهديد الأكثر رعباً .
أنتجت وحدة الإعلام الرائدة في جامعة غلاسكو منذ عام 2002 ، دراسات مميزة وتقارير حول الدعاية حول إسرائيل / فلسطين. لقد صدم الأستاذ Greg Philo وزملائه من الجهل العام الذي يتزايد من التقارير الإخبارية والتلفزيونية. وكلما شاهد الناس أكثر ، يعرفون أقل.
يقول Greg Philo أن المشكلة ليست " التحيز " في حد ذاته . يشعرالصحفيون و المنتجون مثل أي شخص بمعاناة الفلسطينيين . ولكن من يفرض ذلك هو هيكلية السلطة في وسائل الإعلام التي تشكل امتداداً للدولة و مصالحها المكتسبة .إن الحقائق الهامة و السياق التاريخي يتم منعهما بشكل روتيني.
كانت نسبة المشاهدين الشباب الذين قابلتهم الذين يعرفون أن اسرائيل هي القوة المحتلة وأن المستوطنين غير الشرعيين من اليهود أقل من 9 في المئة "يعتقد العديد منهم أنهم فلسطينيون " بشكل لا يصدق.مصطلح " الأراضي المحتلة" نادرا ما تم توضيحه. واستخدمت كلمات مثل " القتل "، " الفظائع "، و " القتل بدم بارد " فقط لوصف مقتل إسرائيليين .
حدود الحياد الوهمية
انتقد مراسل أل BBC، David Loyn مؤخراً صحفياً بريطانياً آخراً من القناة 4 للأخبار Jon Snow . نقل Snow ما رآه في غزة على موقع يوتيوب لتوجيه نداء إنساني . بالنسبة ل BBC خرق Snow البروتوكول و كان عاطفياً في اليوتيوب .
كتب Loyn :" العاطفة " مادة للدعاية الكاذبة ، والأخبار ضد الدعاية الكاذبة. وقال هل كتب هذا بوجهه الضاحك ؟ في الواقع، استقبل Snow الأمر بهدوء . وكانت جريمته التي لا تغتفر أنه قد ضل طريقه خارج حدود الحياد الوهمية . وقال :إنه لم يضع رقابة على نفسه .
في عام 1937 ، وعندما كان أدولف هتلر في السلطة، كتب Geoffrey Dawson ، رئيس تحرير صحيفة التايمز في لندن ، ما يلي في مذكراته : " أقضي الليالي في اخراج أي شيء سيضر مشاعر الألمان واسقاط الأشياء الصغيرة التي تهدف إلى تهدئتهم .
عرضت هيئة الاذاعة البريطانية يوم 30 تموز برنامجاً عن أسباب الاضطراب في الشرق الأوسط. المراسل الدبلوماسي للبرنامج Mark Urban قدم خمسة أسباب لم تتضمن الدور التاريخي أو المعاصر للحكومة البريطانية. مثل إرسال حكومة كاميرون ما قيمته 8 مليار جنيه استرليني من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى إسرائيل. وشحنة الأسلحة الضخمة البريطانية للمملكة العربية السعودية. ودور بريطانيا في تدمير ليبيا. ودعم بريطانيا للطغيان في مصر.
أما بالنسبة لمشاركة بريطانية في غزو العراق وأفغانستان ، فإنه لم يحدث ابداً .
وكان الخبير الذي استضافه البرنامج أكاديمي يدعى Toby Dodge من كلية لندن للاقتصاد . وما كان المشاهدين بحاجة إلى معرفته أن Dodge كان مستشاراً خاصاً ل David Petraeus ، الجنرال الأميركي المسؤول إلى حد كبير عن الكوارث في العراق وأفغانستان. ولكن هذا أيضا لم تتم الإشارة إليه.
في مسائل الحرب والسلام يفعل نموذج ال BBCللحيادالوهمي والمصداقية الكثير للحد و السيطرة على النقاش العام مثل الصحف القبيحة. كما أشار Greg Philo ، اقتصر تعليق Snow على موقع اليوتيوب على ما إذا كان الهجوم الإسرائيلي على غزة منطقياً أو غير مفرط. ما كان مفقوداً وهو مفقود دائماً تقريباً الحقيقة الأساسية لأطول احتلال عسكري في العصر الحديث : مؤسسة إجرامية تدعمها الحكومات الغربية من واشنطن إلى لندن إلى كانبيرا.
أما بالنسبة لخرافة اسرائيل " المعزولة " و " المعرضة للخطر " "المحاطة بالأعداء "،فإن ما يحيط إسرائيل بالفعل الحلفاء الاستراتيجيين ، السلطة الفلسطينية ، تمولها وتسلحها الولايات المتحدة،التي تواطأت مع تل أبيب . وتقف جنباً إلى جنب مع نتنياهو والأنظمة الاستبدادية في مصر والأردن و المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين و قطر ، إذا كان كأس العالم سيقام في قطر ، فستعتمد على الموساد لحفظ الأمن.
المقاومة في غزة هي اشجع و أنبل ظاهرة في التاريخ الإنساني .ويمكن مقارنتها مع الانتفاضة اليهودية عام 1943 في غيتو وارسو الذين حفروا الأنفاق واستخدموا تكتيكات فيها حيل و مفاجأة ضد الآلة العسكرية . كتب Marek Edelman آخر زعيم على قيد الحياة لانتفاضة وارسو، رسالة تضامن مع المقاومة الفلسطينية ، وقارنهم بمقاتلي انتفاضة وارسو. بدأ الرسالة: " قادة جيش فلسطين ، وقادة العمليات شبه العسكرية و الحزبية - و جميع جنود ( فلسطين ) ".
الدكتور Mads Gilbert وهو طبيب نرويجي شهير يقوم بعمل بطولي في غزة. عاد الدكتور Gilbert إلى مسقط رأسه في Tronso في النرويج في ، التي احتلها النازيون لمدة سبع سنوات في 8 آب قال: " تخيل لو عدنا للعام 1945 ونحن في النرويج لم ننتصر في نضالنا التحرري ، لم نطرد المحتل . تخيل أن المحتل بقي في بلدنا ، يقضمها قطعة قطعة ، لعقود من الزمن ،و يطردنا للمناطق الصغيرة، و يأخذ السمك والماء من بحرنا ، ثم يقصف مستشفياتنا ، ومدارسنا ، وبيوتنا وسيارات الاسعاف .
" هل سنستسلم ونرفع الراية البيضاء ؟ لا، نحن لن نفعل ذلك . وهذا هو الوضع في غزة . هذه ليست معركة بين الإرهاب والديمقراطية. حماس ليست العدو الذي تقاتله اسرائيل. اسرائيل تشن حرباً ضد إرادة الشعب الفلسطيني في المقاومة ، وكرامة الشعب الفلسطيني لن تسمح له بقبول ذلك. وصف النازيون اليهود في عام 1938 بأنهم أقل آدمية واليوم، يتم التعامل مع الفلسطينيين كشعب أقل آدمية الذين يمكن ذبحهم دون أي رد فعل.
لقد عدت إلى النرويج ،والنرويج بلد حر ، وهو حر لأنه كان لدينا حركة مقاومة، وذلك لأن الشعوب المحتلة لها الحق في المقاومة ، وحتى المقاومة المسلحة لقد أقر القانون الدولي ذلك.
مقاومة الشعب الفلسطيني في غزة انسانية وتستحق الإعجاب : إنهم يقاومون لنا جميعاً .
خطر في قول الحقيقة
هناك مخاطر في قول الحقيقة ، اختراق ما وصفه إدوارد سعيد " آخر المحرمات Taboo" .تم ترشيح فيلمي الوثائقي ،" فلسطين لا تزال هي القضية "، ل BAFTA وهي جائزة الأكاديمية البريطانية ، وأشادت به لجنة التلفزيون المستقلة بسبب " النزاهة الصحفية " و " العناية و الشمولية التي تميز بها البحث ومع ذلك، و خلال دقائق من بث الفيلم على شبكة ITV البريطانية ، ضربت موجة الصدمة ، طوفان من رسائل البريد الإلكتروني ووصف لي بأنني " مختل عقلياً وشيطانياً "، " وأداة لفرض الكراهية والشر " و " معاد للسامية من النوع الأكثر خطورة ". كان الصهاينة في الولايات المتحدة وراءها الذين من المحتمل أنهم لم يشاهدواالفيلم. وصلت تهديدات لي بالقتل بمعدل تهديد واحد في اليوم .
شيء مماثل حدث للمعلق الاسترالي Mike Carlton الشهر الماضي . في العمود المنتظم له في Sydney Morning Herald ، كتب كارلتون مقالة صحفية نادرة عن اسرائيل والفلسطينيين . عرف الطغاة وضحاياهم . وكان حريصاً على الحد من هجومه على " إسرائيل الجديدة و الوحشية التي يهيمن عليها اليمين المتشدد حزب الليكود نتنياهو ". أولئك الذين أداروا الدولة الصهيونية سابقاً ، ينتمون إلى " تقليد ليبرالي يشعرهم بالفخر . "
وفوراً ضرب الطوفان . وتم وصفه ب " كيس من الوحل النازي "، وكاره اليهود العنصري. " وقد هدد مراراً وتكراراً، وتمت مهاجمته عبر البريد الالكتروني بكلمات بذيئة.
طالبته الصحيفة بالاعتذار. وعندما رفض ، تم توقيفه عن العمل، ثم استقال . وفقا لناشر الصحيفة فإن الصحيفة تتوقع معاييراً أعلى بكثير من كتاب الأعمدة فيها.
إن "مشكلة " كارلتون اللاذعة أنه صوت ليبرالي انفرادي في بلد يسيطر روبرت مردوخ على 70 في المئة من صحافة العاصمة ، أستراليا هي أول دولة مردوخية في العالم . تم تقديم عدداً من الشكاوي ضد كارلتون إلى لجنة حقوق الإنسان الأسترالية وسيتم التحقيق معه بموجب قانون التمييز العنصري ، الذي يحظر أي عمل عام أو حديث من المرجح أن يسيء أو يهين أو يذل شخص آخر أو مجموعة من الناس على اساس العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني.
على النقيض من استراليا الآمنة ، الصامتة حيث ينقرض الكارلتينيون فإن الصحافة الحقيقية على قيد الحياة في غزة. كثيرا ما أتحدث على الهاتف مع محمد عمر ، وهو صحفي فلسطيني شاب استثنائي حصل في عام 2008 على جائزة Martha Gellhorn للصحافة .
كلما اتصلت به أثناء العدوان على غزة، كنت أسمع أزيزاً من طائرات بدون طيار ، وانفجار الصواريخ. توقف في إحدى المكالمات لنقل أطفال يجلسون في الخارج انتظاراًلنقلهم وسط الانفجارات. عندما تحدثت معه في 30 تموز، كانت طائرة F- 19 واحدة فقط قد ذبحت 19 طفلاً . يوم 20 آب، وصف كيف اعتقلت طائرات بدون على نحو فعال قرية وقتلت بوحشية من فيها.
كل يوم ، عند شروق الشمس ، يبحث محمد عن الأسر التي تعرضت للقصف . يسجل قصصهم ، يقف فوق أنقاض منازلهم ، ويأخذ صورهم ، يذهب إلى المستشفى، يذهب إلى المشرحة، يذهب إلى المقبرة ، ينتظر في صفوف لساعات للحصول على الخبز لعائلته ، و يشاهد السماء. انه يرسل اثنتين ،أو ثلاثة، أو أربعة برقيات يومياً. هذه هي الصحافة الحقيقية .
قال لي " إنهم يحاولون إبادتنا" . واضاف "لكننا نقوى كلما قصفونا ، ولن ينتصروا علينا".
الجريمة الكبرى التي ارتكبت في غزة تذكرنا بشيء أوسع و تهديد لنا جميعاً.
منذ عام 2001 ، كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها في حالة من الهياج ، لقي ما لا يقل عن 700000 من الرجال و النساء والأطفال في العراق حتفهم نتيجة لذلك. صعد الجهاديون في بلد كانوا فيه لا شيء ،هذه هي النتيجة. تم اختراع الجهادية الحديثة المعروفة باسم تنظيم القاعدة والآن الدولة الإسلامية، من قبل الولايات المتحدة و بريطانيا ، وبمساعدة من باكستان والمملكة العربية السعودية. كان الهدف الأصلي لاستخدام وتطوير الأصولية الإسلامية التي كانت موجودة بالكاد في معظم أنحاء العالم العربي تقويض الحركات العربية و الحكومات العلمانية ، وفي الثمانينات أصبحت سلاحاً لتدمير الاتحاد السوفييتي في أفغانستان . دعتها وكالة المخابرات المركزية عملية الإعصار . واتضح أن الإعصار هب في وجوه مخترعيه . كانت هجمات 11 أيلول في الولايات المتحدة ، وفي لندن في تموز 2005 نتيجة لهذا الاختراع ، كما كانت عمليةالقتل البشعة الأخيرة للصحفيين الأمريكيين Steven Sotloff و James Foley . لأكثر من عام ، قامت إدارة أوباما بتسليح قتلة هذين الشابين لتدمير الحكومة العلمانية في دمشق.
الحليف الرئيسي للغرب في هذه الفوضى الإمبريالية هي مملكة القرون الوسطى حيث يتم بصورة روتينية قطع الرؤوس بقرارات قضائية،المملكة العربية السعودية. كلما ذهب عضو من الاسرة المالكة البريطانية إلى هذا المكان الهمجي ، يمكنك الرهان على البترودولار حيث تبيع الحكومة البريطانية شيوخها المزيد من الطائرات المقاتلة والصواريخ و الأغلال . جاء معظم الخاطفين في 11 ايلول من المملكة العربية السعودية التي مولت الجهاديين في سورياو العراق.
لماذا يجب أن نعيش في هذه الدولة في حالة حرب دائمة ؟
الإجابة الفورية تكمن في الولايات المتحدة، حيث خططت مجموعة انقلابية سرية مشروع القرن الأمريكي الجديد، بإلهام من ديك تشيني وغيره ، وزادت قوتها أثناء إدارة جورج بوش الابن . تعرف هذه المجموعة في واشنطن باسم " المجانين "، هذه الطائفة المتطرفة تعتقد في ما أسمته قيادة الفضاء الأميركية، "هيمنة الطيف الكامل " .
العقلية الإمبريالية
سيطرت أثناء إدارة كلاً من بوش وأوباما ، عقلية الامبريالية من القرن التاسع عشر وغرست في جميع إدارات الدولة: صعود العسكرة الخام قليلة الخبرة، الدبلوماسية زائدة لا حاجة لها. ويتم الحكم على الدول والحكومات باعتبارها مفيدة أو مستهلكة : ترشى أو تهدد أو " تعاقب ".
نشر على لوحة الدفاع الوطني في واشنطن يوم 31 تموز، وثيقة رائعة تدعو الولايات المتحدة للتحضير لخوض ستة حروب كبرى في وقت واحد . على رأس القائمة كانت روسيا والصين ، القوى النووية .
بدأت بالفعل حرب ضد روسيا. في حين كان العالم يراقب برعب العدوان الاسرائيلي على غزة ، كانت فظائع مماثلة تتم في شرق أوكرانيا بالكاد نسمعها في الأخبار. في وقت كتابة هذا التقرير ، تحاصر مدينتين من المدن الأوكرانية التي يسكنها الناطقين بالروسية دونيتسك و ولوهانسك: شعبهم و مستشفياتهم ومدارسهم محاصرة من قبل نظام الطاغيةالحاكم في كييف الذي جاء إلى السلطة في انقلاب بقيادة النازيين الجدد المدعومين والمدفوع لهم من الولايات المتحدة. كان الانقلاب ذروة ما يصفه المراقب السياسي الروسي Sergei Glaziev 20 عاماً من استمالة النازيين الأوكرانيين الذين يستهدفون روسيا .ترتفع الفاشية الفعلية مرة أخرى في أوروبا ولا يتحدث أي زعيم أوروبي ضدها، ربما بسبب أن صعود الفاشية في أوروبا هو الآن حقيقة لا يجرؤ أحد التحدث عنها.
مع ماضيها وحاضرها الفاشي ، أصبحت أوكرانيا الآن الحديقة الخلفية للمخابرات المركزية الأمريكية، و مستعمرة لحلف شمال الاطلسي وصندوق النقد الدولي. تفاخرت Victoria Nuland مساعدة وزير الخارجية الامريكية بالانقلاب الفاشي في كييف في شباط ووصلت ميزانية الإنقلاب إلى 5 مليار دولار. ولكن حدثت نكسة ، منعت موسكو الاستيلاء على قاعدتها البحرية على البحر الأسود في شبه جزيرة القرم الناطقة باللغة الروسية . جاء الاستفتاء والضم بسرعة. وأطلق عليه الغرب اسم "عدوان الكرملين" لقلب الحقيقة رأساً على عقب و تغطية أهداف واشنطن : دق إسفين بين " المنبوذة " روسيا و شركائها التجاريين الرئيسيين في أوروبا وقد يؤدي في نهاية المطاف إلى تفتيت الاتحاد الروسي. تحيط الصواريخ الأمريكية تحيط بالفعل روسيا ، الحشود العسكرية للناتو في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا الشرقية هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية .
لو حدث هذا خلال الحرب الباردة ، لتمت المخاطرة بمحرقة نووية . عاد الخطر ووصل التضليل المناهض لروسيا أوجه، في هستيريا الولايات المتحدة وأوروبا. إثر إسقاط الطائرة الماليزية في تموز. حمّلت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو وأجهزة إعلامهم الانفصاليين الروس في أوكرانيا و ضمناً موسكو المسؤولية في نهاية المطاف دون دليل واحد .اتهمت افتتاحية مجلة الإيكونوميست فلاديمير بوتين بالقتل الجماعي، واستخدمت وجوه الضحايا في غلاف مجلة دير شبيجل و بلون أحمر غامق كتبت ( أوقفوا بوتين الآن)، في صحيفة نيويورك تايمز، وجسّد تيموثي غارتون آش قضيته ل " عقيدة بوتين القاتل " مع إساءة شخصية " ، رجل سمين قصير مع وجه يشبه الفأر" .وكان دور الجارديان المشهورة بتحقيقاتها مهماً. لم تقم الصحيفة بأية محاولة جدية لدراسة من الذي أطلق النار على الطائرة ولماذا؟
ورغم الثروة من المواد من المصادر الموثوقةالتي تبين أن موسكو صدمت مثل بقية العالم ، وإمكانية إسقاط الطائرة من النظام الأوكراني.
لم يقدم البيت الأبيض أي أدلة يمكن التحقق منها على الرغم من الأقمار الصناعية الأمريكية التي قد تلاحظ اسقاط الطائرة.
أحدث مراسل الجارديان Shaun Walker خرقاً . "محادثتي مع شيطان دونيتسك "، كان عنوان الصفحة الأولى للجارديان،وكتب Walker يصف Igor Bezler ، "إنه ذو شارب غليظ، ومزاج ناري و سمعة وحشية "، Bezler الملقب بالشيطان هو أشهر قادة المتمردين في شرق أوكرانيا . وتعتقد أجهزة الأمن الأوكرانية ، وإدارة أمن الدولة، أن الشيطان ومجموعة من رجاله هم المسؤولون عن اسقاط الطائرة الماليزية ، شيطان الصحافة لا يطلب أي أدلة أخرى .
أطلق شيطان الصحافة على المجلس العسكري الفاشي الملوث الذي استولى على السلطة في كييف اسم "الحكومة المؤقتة المحترمة ". والنازيون الجدد أصبحوا مجرد " القوميون ". "الأخبار" التي يرسلها Walker من مصادره في كييف لا تتحدث عن انقلاب المجلس العسكري ولا عن التطهير العرقي الممنهج للسكان الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا الذي يقوم به المجلس العسكري.
اجتياح النازيين للحدود الروسية وقتلهم نحو 22 روسي غير مهم، المهم هو "الغزو " الروسي لأوكرانيا الذي يبدو من الصعب إثباته بدون صور الأقمار الصناعية المألوفة التي تذكر بالعرض الخيالي لكولن باول في الامم المتحدة الذي " أثبت " أن صدام حسين كان يمتلك أسلحة دمار شامل.
كتبت مجموعة من كبار مسؤولي الاستخبارات الاميركية السابقين و المحللين المهنيين المخضرمين للمستشارة الألمانية ميركل: " عليك أن تعرفي أن اتهامات روسيا " بالغزو " في أوكرانيا لا تبدو معتمدة من قبل مخابرات موثوقة . " بدلاً من ذلك، يبدو أن " الاستخبارات " مشكوك فيها ، وانها استخدمت لغرض سياسي تم استخدامه قبل 12 عام " لتبرير " الهجوم الذي قادته الولايات المتحدة على العراق. "
المفاهيم تسيطر على السرد. في كتابه الثقافة والإمبريالية ، كان إدوارد سعيد أكثر وضوحاً : الآلة الإعلامية الغربية الآن قادرة على اختراق وعي الكثير من البشر بعمق و تؤثر كما كانت القوات البحرية الإمبريالية في القرن التاسع عشر . بعبارة أخرى صحافة البوارج ،أو الحرب من خلال وسائل الإعلام .
القوة العظمى الثانية الناشئة
ومع ذلك، فإن الذكاء الشعبي ووجود مقاومة للدعاية الكاذبة. والقوة العظمى الثانية بدأت في الظهور : قوة الرأي العام ، تغذيها شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعية .
الواقع الزائف الذي أنشأته الأخبار الكاذبة من حراس وسائل الإعلام قد تمنع البعض منا من العلم أن هذه القوة العظمى الجديدة تنتشر في بلد بعد الآخر : تمتد من الأمريكيتين إلى أوروبا وآسيا إلى أفريقيا.إنه التمرد الأخلاقي يمثله Edward Snowden, Chelsea Manning and Julian Assange. والسؤال المطروح: هل ما زال هناك وقت لنكسر صمتنا ؟
عندما كنت في زيارتي الأخيرة إلى غزة ، وعند عودتي إلى نقطة التفتيش الإسرائيلية ، رأيت اثنين من الأعلام الفلسطينية مرفوعة خلال الأسلاك الشائكة . يقفز الأطفال الفلسطينيون ويعلقون الأعلام على الأسلاك الشائكة كلما كانت هناك وفود أجنبية لأنهم يريدون أن يقولوا للعالم أنهم هناك ، على قيد الحياة ، و شجعان، وغير مهزومين .
مترجم
John Pilger



#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جز العشب في غزة
- فشل في غزة
- اسرائيل تستخدم فيديو من 2009 لتبرير تدمير مستشفى الوفاء
- عائلة غزاوية دمرتها القنابل الإسرائيلية
- مجزرة ريشون لتسيون - قاتل غزة
- توجيه هانيبال: كيف قتلت إسرائيل جنودها وذبحت الفلسطينيين لمن ...
- ثلاثة أسئلة لحماس
- الأساطير القاسية حول المعلمين
- إعادة تشكيل عيد العمال
- لماذا خان العرب غزة
- ابن الموت - محمد ضيف-
- نظرة تاريخية لمجزرة غزة 2014
- عولمة غزة : كيف تقوض إسرائيل القانون الدولي من خلال -الحرب ا ...
- لماذا لا يمنح الجيش الإسرائيلي جائزة نوبل للسلام؟
- حماس : ليست هدف اسرائيل
- الجانب النفسي/العسكري للبلدوزر الإسرائيلي
- إرفعوا الحصار عن غزة يتحقق السلام
- إرفعوا حماس من قائمة الإرهاب وتفاوضوا معها
- الشعوب المحاصرة، مختبرات الفناء الخلفي :العلاقات التي تربط ب ...
- حماس وجنون العظمة الاسرائيلية


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - فضيلة يوسف - غزة:كسر آخر المحرمات