اسرائيل تستخدم فيديو من 2009 لتبرير تدمير مستشفى الوفاء

فضيلة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4568 - 2014 / 9 / 8 - 00:13
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

وزع الجيش الإسرائيلي شريط فيديو في تموز 2014 يشير إلى إطلاق المقاتلين الفلسطينيين النار من مستشفى الوفاء لإعادة التأهيل و الشيخوخة في مدينة غزة . واتضح من التحقيقات التي أجرتها (Truthout)أن الشريط الموزع لم يصور خلال الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة ، وقد تم التلاعب بكل من الصوت ومقاطع الفيديو للتغطية على حقيقة أنها كانت من حوادث مختلفة تماماً.
أصدر الجيش الإسرائيلي الفيديو في 23 تموز وفي نفس اليوم دمرت الضربات الجوية الإسرائيلية مستشفى الوفاء ، ونشرت المواقع المؤيدة لإسرائيل الفيديو على نطاق واسع لتثبت أن تدمير المستشفى تم لأن حماس حولته إلى منشأة عسكرية . لكن مقطع الفيديو يظهر بوضوح إطلاق نار تم من مرفق للمستشفى خلال "عملية الرصاص المصبوب " التي قامت بها إسرائيل ضد غزة عام 2008-2009، و المقطع الصوتي المرافق مسجل من حادث لا صلة له بقصف مستشفى الوفاء .
كان الفيديو الأخير ضمن سلسلة من الأكاذيب المضللة للجيش الإسرائيلي عن مستشفى الوفاء التي تضمنت ادعاءات كاذبة أن حماس قد أطلقت صواريخ من أرض المستشفى ، أو من أماكن قريبة جداً منه، وأن المستشفى قد تضرر من هجوم على أماكن إطلاق الصواريخ.
بدأ الجيش الإسرائيلي التمهيد لتدمير مستشفى الوفاء جيداً قبل دخول القوات البرية الإسرائيلية إلى غزة يوم 17 تموز. أطلق الجيش الإسرائيلي في 11 تموز أربعة صواريخ تحذيرية على الطابق الرابع من مستشفى الوفاء ، مما سبب حفرة كبيرة في السقف – وهذه إشارة إلى أن القوات الإسرائيلية على وشك قصف المبنى جوياً.
ويوم 17 تموز، تعرض المستشفى لما مجموعه 15 صاروخاً ، وفقاً للدكتور بسمان العشي ، مدير مستشفى الوفاء . بعد الصواريخ القليلة الأولى، وأضاف ل Truthout(اتصل الجيش الإسرائيلي يسأل:" كم من الوقت تحتاجون لاخلاء المستشفى؟ ") . بعد تدمير الطابقين الثاني والثالث إلى حد كبير ، امتلأت غرف المرضى بالدخان و انقطعت الكهرباء عن المستشفى ، فأمر مدير المستشفى بإخلائه.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ل Allison Deger of Mondoweiss أن حماس أطلقت الصواريخ من مكان على بعد 100 متر من المستشفى. عرض الجيش الإسرائيلي شرائح يوم 19 آب تتضمن صورة جوية لمستشفى الوفاء مع موقعين من مواقع لإطلاق الصواريخ المزعومة التي تم تمييزها بوضوح لكنها أبعد بكثير من 100 متر عن المستشفى .
وحتى لو كانت ادعاءات الجيش الإسرائيلي حول الإطلاق من 100 متر دقيقة ،فإن بإمكانه قصف موقع الإطلاق بقذائف موجهة بدقة دون الإضرار بالمستشفى. ومن المعروف أن سلاح الجو الإسرائيلي ل صواريخ أرض الواقع ، لا سيما تلك التي أطلقت من طائرات بدون طيار ، قادر على ضرب أهداف صغيرة دون التسبب في أضرار جانبية على المباني المجاورة باستخدام طائرات دون طيار. وقد نشر الجيش الإسرائيلي فيديو يوم 9 أب على سبيل المثال، إطلاق صاروخ لتدمير ما قيل بأنه موقع مخفي لإطلاق الصواريخ دون الإضرار بمسجد يقع على بعد أمتار قليلة فقط من موقع إطلاق الصواريخ.
قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الكابتن Eytan Buchman أن تدمير المستشفى يعتبر أضراراً جانبية لضرب موقع الصواريخ . وأضاف أن الجيش الإسرائيلي لم يكن عنده خيار آخر سوى استهداف موقع الصواريخ بأدق القذائف القادرة على ضمان تدميره. "
تمادى مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي في دعايته لربط مستشفى الوفاء و مواقع إطلاق الصواريخ إلى أبعد من ذلك يوم 21 تموز، مدعياً في تغريدة وعلى موقعه الالكتروني أن " حماس تطلق الصواريخ من مستشفى الوفاء في حي الشجاعية ". وتحت هذا العنوان كانت صورة جوية معززة لتسليط الضوء على ما قيل أنه مستشفى الوفاء ، جنباً إلى جنب مع نقطة حمراء تمثل موقع اطلاق صواريخ M- 75 التي لم تكن على أرض المستشفى ، ولكن على بعد أمتار قليلة .
ولكن المبنى المبين في الصورة الجوية لم يكن لمستشفى الوفاء ، كما أشار الدكتور العشي بسرعة. وتظهر خريطة جوجل لمستشفى الوفاءأن أياً من المباني المشار لها في الصورة تتبع لمستشفى الوفاء وانما تنتمي إلى جمعية الحق في الحياة .
بعد كشف هذه المراوغة ادعى الجيش الإسرائيلي أن إرهابيي حماس والجهاد الإسلامي يستخدمون بنايات المستشفى لإطلاق النار على الجنود الإسرائيليين. على الرغم من تحذيرات الجيش الإسرائيلي لهم، مما اضطر الجيش الإسرائيلي لمهاجمة المستشفى.
ورافق البيان شريط فيديو لتوثيق اطلاق النار على القوات الاسرائيلية على أساس زاوية الكاميرا والارتفاع الزاوي وتم تصويره عن طريق طائرة اسرائيلية دون طيار . قام ضابط سابق في الاستخبارات الأمريكية ، له خبرة في تفسير الصور ذات الصلة بالأغراض العسكرية بتحليل الفيديو ل Truthout ،الجزء الأول من الفيديو باللون الأسود والأبيض "بشكل حبوبي " للمبنى ويبدأ بأسطورة: " الإرهابيون يهددون الجيش الإسرائيلي من داخل مستشفى الوفاء " وقال الدكتور العشي والناشط السويدي الذي يعمل في المستشفى Charlie Andeasson "وكانا في المستشفى يوم قصفه الجيش في 16 تموز ل Truthout أن المبنى الظاهر ليس لمستشفى الوفاء وإنما لمرفق فارغ.
ويظهر في شريط الفيديو في الثانية الثامنة ما يمكن أن يكون رشقات نارية قصيرة من النار (رشقتين )من أحد النوافذ في الطابق الثالث ثم ومضة ثالثة من الطابق الرابع.
وأكد الضابط السابق في المخابرات الامريكية أن اللقطات للمبنى كانت في أوقات مختلفة من اليوم . فبعد الثواني الثلاثة الأولى من الفيديو،حدث تغيير ملحوظ في زاوية الكاميرا و كمية الضوء. ورغم ذلك استمر تبادل الحديث " الأصوات "بين اثنين على الشريط الصوتي المصاحب للفيديو كما لو كان المشهد مستمر خلال الثوان الثماني .
أول صوت سمع في التسجيل الصوتي يقول باللغة العبرية ، " هل ترى إطلاق النار ؟ تطلق النار من داخل البيت. " يرافق ذلك ترجمةالصوت باللغة الانجليزيةوتم إضافة "المستشفى" بين قوسين بعد كلمة " بيت "، ولكن المدون في سياتل المهتم بالشؤون الإسرائيلية ، والذي يتحدث العبرية Richard Silverstein ، أكد ل Truthout بعد الاستماع إلى المقطع الصوتي أن المتكلم يستخدم كلمة " bayit "، والذي لا يمكن أن يعني سوى " البيت " .ثم يقول الصوت الثاني ، وفقاً للترجمة ، " صحيح، تطلق النار من داخل المنزل. " لكن المتحدث يستخدم في الواقع مصطلح " بيت صغير " "كاتان بايت) ، وفقاً ل Richard Silverstein .تلك الإشارات إلى اطلاق نار من منزل صغير تشير إلى أن مقطع الصوت اخذ من حادثة مختلفة تماماً في مكان آخر . واستخدم هذا التسجيل كما يبدو لأنه لم يكن هناك صوت لحادث اطلاق نار من المستشفى.
وقال الدكتور العشي انه يعتقد ان الفيديو كليب للثوان الثمانية يصور اطلاق النار من المرفق وقع في الهجوم الإسرائيلي على غزة 2008-2009 . " ، وأكد لي أن الناس هناك أكدوا اطلاق النار من المبنى في 16 كانون ثاني 2009، وتم قصف المبنى من الدبابات الإسرائيلية على بعد 70 مترا من المستشفى ، وتم إلحاق أضرار بالطابقين الثالث والرابع من المبنى - الطوابق ذاتها التي تظهر ومضات في الفيديو - كما لاحظت بعثة تقصي الحقائق للأمم المتحدة في تقرير لها في أيلول عام 2009.
الجزء الأخير من شريط فيديو يظهر قصف مستشفى الوفاء ، ويحمل أسطورة " الانفجار الثانوي" - يعني انفجارات الأسلحة المخزنة في المستشفى - ، وذلك تمشياً مع المنطق الإسرائيلي خلال العملية أن حماس تخزن الصواريخ و غيرها من الأسلحة في المستشفيات والمدارس و المساجد.يظهر في الفيديو نسف المستشفى ، يعقبه تصاعد دخان كثيف يتصاعد ويغطي المستشفى بأكمله ثم فلاش ناري. لكن مسؤول المخابرات السابق الذي شاهد شريط الفيديو قال أن الفلاش الثاني هو هجوم صاروخي إسرائيلي آخر على الهدف وليس انفجار ثانوياً .
ثم يلي ذلك مقطعاً لتدمير المرفق، مع اسطورة أخرى " الانفجار الثانوي" . يتصاعد الدخان من انفجار القنبلة الأولى ويغطي المبنى، ومن ثم تظهر اثنتين أو ثلاثة نفث صغيرة من الدخان القاتم . وتشير هذه النفث من الدخان إلى انفجار ثانوي ، وفقاً لضابط سابق في الاستخبارات الأمريكية . لكنه لاحظ أيضا أن المستشفى قد يكون به مواد قابلة للاشتعال عدا الأسلحة الخفية التي يمكن أن تسبب ظهور الدخان القاتم .
وبالنظر إلى وجود شبكة معقدة من الأنفاق لحماس ، والتي وفرت الكثير من المساحة لتخزين الصواريخ والأسلحة الأخرى ،فإن تخزين الصواريخ في المستشفى لا يكون ذو معنى بالنسبة لحماس، وقد تم بالفعل استهدافها من قبل الجيش الإسرائيلي .
وفي الثوان الأخيرة للفيديو يظهر مربع تصفه اسرائيل بأنه فوهة نفق قريب من المستشفى، وقال الدكتور العشي ل Truthout أنه في الواقع بئر للمياه .ولكن يبدو أن السبب الحقيقي لتدمير مستشفى الوفاء متصل بالتصميم على رفع التكلفة على السكان المدنيين في غزة لمقاومتها ، وذلك تمشياً مع النهج الذي تمثل في " عقيدة الضاحية "، الذي سمي على اسم ضاحية بيروت التي يسيطر عليها حزب الله ، وقد حولها قصف سلاح الجو الإسرائيلي إلى أنقاض في حرب عام 2006 .
هذه الاستراتيجية التي تشكل انتهاكاً لقوانين الحرب الدولية ،كانت واضحة ليس في التدمير الكامل لكل بيت في عدة أحياء في منطقة الشجاعية في مدينة غزة يومي 19-20 تموز فقط ، ولكن في الهجمات التي شنها الجيش الإسرائيلي على مستشفى الوفاء و سلسلة من الهجمات بقذائف الهاون والمدفعية على ستة مدارس مختلفة تابعة للامم المتحدة " استخدمت لايواء النازحين من بيوتهم " من 21 تموز وحتى 3 آب. تلك الهجمات التي أدت إلى مقتل ما مجموعه 47 مدنياً واصابة 341 مدني، وفقا للجارديان .
وفي ثلاثة من الحالات الست التي أصيبت فيها ملاجئ الأمم المتحدة من قبل الجيش الإسرائيلي بقذائف الهاون كان الجيش قادراً على تقديم تفسير معقول ، وفي الحالات الثلاث الأخرى، فإنه لم يقدم أي تفسير.
مترجم
Gareth Porter
http://www.timesofisrael.com/idf-targets-hospital-hamas-used-as-firing-position/

#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات