أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - في البحث عن جذور الإرهاب














المزيد.....

في البحث عن جذور الإرهاب


مناف الحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4559 - 2014 / 8 / 30 - 17:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في البحث عن جذور الإرهاب
روي أن فخر الدين الرازي مؤلف كتاب المحصول -الكتاب الموسوعي في أصول الفقه- والعديد من الكتب المهمة في علوم التراث كان له خصوم كثيرون ، وقد بلغ بهم الفجور في الخصومة أنهم كانوا يرفعون له الرقع أثناء دروسه في المسجد مكتوباً فيها أن امرأته تزني وتفسق وأن ابنه كذلك فكان يجيبهم بقوله:"إن هذه الرقعة تتضمن أن ابني يفسق ويزني وذلك مظنة الشباب فإنه شعبة من الجنون ، ونرجو الله تعالى إصلاحه والتوبة ، وأما امرأتي فهذا شأن النساء إلا من عصمها الله ، وأنا شيخ ما فيّ للنساء مستمتع . هذا كله ممكن وقوعه ولكني والله ما قلت عن الباري جسم ولا إن له شبهاً ولا ابني يقول ذلك ولا زوجتي تعتقده ولا غلامي فأي الفريقين أهدى سبيلا".
في جواب الرجل معيار للحكم على الهداية مستقل عن السلوك الأخلاقي حتى لو كان هذا السلوك منافياً للمنظومة الخلقية المنبثقة من التشريع؛ فما يمس الأخلاق ليس ذا شأن خطير حتى لوتعارض السلوك المنتقد مع أوامر الله ونواهيه كارتكاب الزنا إذا ما وضع في كفة ، ومسائل الاعتقاد في كفة أخرى؛ فالحكم على الهداية دالة ليس للسلوك الأخلاقي وإنما لسلامة المعتقد.
فلا يضير الشاب ولا المرأة أن يفسقا فهذا سلوك متوقع من الأول ضريبة لشبابه ومن الثانية؛ لأن النساء لا يتورعن عن الانحراف وهو ما يؤكده ما جاء في الأثر من أن عامة أهل النار النساء، وخصوصاً عندما تكون إحداهن تحت زوج عاجز عن أداء واجباته ، ولكن الاثنين سليما العقيدة لا يشوب معتقدهما ما يخرجهما عن عقيدة أهل السنة وهو ما يجعلهما في سلم المفاضلة متفوقين على من يتهمها لأن شبهاً تحوم حول اعتقاد الأخير.
تصورك عن الله هو المهم ، وافعل بعدها ما شئت فكلّ ما تفعله ممكن الوقوع وعارض ولا أهون من الدعاء لك بالصلاح والتوبة.
هذه السلطة الدينية الميتافيزيقية التي يحسم تصورك عنها درجة هدايتك هي التي تقرر بالطبع خيرية الفعل من عدم خيريته وهو طرح يعتبر ناتجاً طبيعياً لاعتبار ها أساس الحكم على موقع المرء في سلم الأخلاق .
فالمنظومة الخلقية المرتكزة على معرفة الخير من الشر مشتقة من المعرفة الدينية ، وأن ما هو خير ليس كذلك إلا لأن الله أمر به ، وأن ما هو شر ليس كذلك إلا لأن الله نهى عنه .
وهو طرح متناقض لا يقوى على مواجهة الحجة المنطقية المتمثلة في أن الله الجدير بالعبادة لا يكون جديراً بها ما لم يكن متمعاً بكل صفات الكمال والتي إحداها الخيرية المطلقة ؛ الأمر الذي يعني أن معرفة امتلاكه لها يقتضي بالضرورة معياراً للحكم على خيريته مستقلاً عن وجوده ، وعن المعرفة الدينية التي يقع معرفة وجوده في مركزها.
ليس الحكم على أساس أخلاقيات الاعتقاد ، أو العرف بدل أخلاق الضمير تعبيراً عن قصور في المنظومة الخلقية وعن صراع منظومات خلقية فحسب ، وإنما يصلح عاملاً تفسيرياً لسلوكيات تثير الدهشة والاستغراب تصدر عمن يدّعي امتلاك التفوق الأخلاقي ؛ باعتباره يستند إلى سلطة دينية أو أعراف مجتمع وثقافة أسرة متجذرة وراسخة .
فهذا الفكر الذي يلحق المعرفة الخلقية بالدينية ، والذي أخذ شكلاً بالغ القسوة والوحشية لدى الجماعات المتطرفة الظلامية جعلها تستمرئ الذبح والتعذيب بدون أي اعتبار أخلاقي ما هو إلا شكل بالغ التشوه لمنطق متهافت له حضوره في الفكر الديني ساعد في تبلوره حالة الفراغ السياسي والجدب الفكري والثقافي والتذرر الاجتماعي.
فإذا كان السياق التاريخي الذي عاش فيه الرازي وأمثاله ممن تبنّوا وسوّقوا هذ الفكر كان سياق تهافت للدولة وتحولها إلى بؤرة لصراع مراكز النفوذ ، و في الوقت نفسه سياق ازدهار فكري وتبادل حضاري ما جعل انعكاس هذا الفكر المتهافت يبقى تحت سقف أخفضه المساجلات النظرية وأعلاه جعل الآخر المختلف منبوذاً من الأكثرية الحاكم ، فإن السياق التاريخي الذي تستثمر فيه قوى التطرف والظلام هذا الفكر بشكل بالغ القسوة والوحشية ، والذي يجعلها تستمرئ الذبح والتعذيب بدون أي اعتبار أخلاقي هو سياق اختفاء الدولة وتحلل روابط المجتمع واضمحلال الحالة الفكرية المزدهرة.
في الحفر عميقا في تراثنا يمكن أن نجد ما هو جدير بالتغيير والتطوير والدحض لأن له ارتباطاً سببيا بما نشهده من تسرطن حياتنا بوباء التطرف ، وفي منظومتنا الفكرية التي تنفث بعض قضاياها السم في حاضرنا ومستقبلنا ما يمثل اجتثاثه مهمة ملحة وعاجلة لأنه علة من علل ما نعانيه بواسطة استثماره من قبل جهلة وانتهازيين وحمقى ومسلوبين.



#مناف_الحمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبادرة الخطيب
- ذكريات من أجل المكاشفة (لهذا الطباق أطروحته)
- داعش والفوات التاريخي
- الاتفاق النووي الإيراني :آفاقه وتحدياته
- لماذا انخفضت نسبة نجاح بشار الأسد ؟
- مقدمة بحث عن الدولة والقبيلة
- الكتل المتصارعة
- أحزاب الأزمات
- لا ديمقراطية بدون فردية
- الموت إحساساً بالذنب
- صديقي (س)
- في ذكرى السابع من نيسان
- لا تستخدموا الإسلام كأداة تسويق واسترضاء للأكثرية
- شبكات الثقة والتحول الديمقراطي
- الطاغية وعنف اللغة
- فتح صفحة جديدة
- أين انتم من الضحية؟
- التشكل الكاذب
- التعسف في التعامل مع النص المطلق
- من الذي يشرعن التدخل الخارجي؟


المزيد.....




- ليبيا - بنغازي: ماذا وراء استقبال المشير الليبي خليفة حفتر و ...
- هل التقى الرئيس السوري فعلاً بنتنياهو؟
- موريتانيا: خطوة مفاجئة من حزب تواصل قبل الحوار الوطني المرتق ...
- الحوثيون يعلنون غرق ناقلة بضائع عقب هجومهم عليها قبالة اليمن ...
- نتنياهو يسلم ترامب رسالة ترشيحه لجائزة نوبل ويؤكد: نعمل مع و ...
- تلغراف: مركز أبحاث بلير عمل على خطة -ريفييرا ترامب- لغزة
- خبير عسكري: المقاومة تعتمد خططا محكمة وتتفوق بهندسة الواقع ا ...
- عاجل | نتنياهو: التقيت وزير الخارجية روبيو وأجريت معه محادثة ...
- القسام عقب عملية بيت حانون: سندكّ هيبة جيشكم
- -الصمت ليس خيارا-.. فرق غنائية أوروبية تواجه الحظر بسبب دعمه ...


المزيد.....

- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي
- صندوق الأبنوس / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - في البحث عن جذور الإرهاب