|
حرب أهلية فلسطينية مقبلة
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 4558 - 2014 / 8 / 29 - 00:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقول نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم :بشروا ولا تنفروا ،ولكن الرائد لا يكذب أهله ،لأن الرائحة التي نشتمها منذ إتفاق الغدر في القاهرة ،لوقف العدوان على غزة – وهذا هو الهدف المعلن ،لكن الهدف الحقيقي من وراء ذلك هو كسر شوكة المقاومة ،لتمكين إسرائيل من تحقيق ما عجزت عنه بالقوة - باتت تزكم الأنوف وتعمي العيون في الوقت نفسه. بداية لا بد من التأكيد على أن إسرائيل وأمريكا والنظام العربي الرسمي الحليف وفي المقدمة نظام السيسي وحتى السلطة الفلسطينية ،لن يسمحوا لحماس الخروج منتصرة من المواجهة مع إسرائيل ،لإعتبارات عديدة أهمها أن إسرائيل تعتبر نفسها القوة التي "كانت "لا تقهر،وأن أمريكا والغرب عموما لا يرغبون بهزيمة إسرائيل خشية عودة اليهود إليهم ويمارسوا فسادهم وإفسادهم من جديد،ناهيك أن النظام العربي الرسمي لن يسمح بقوى خارجه أن تسجل نصرا على إسرائيل ،فيما هو سجل هزائم متتالية أمامها منذ العام 1948،ولا نريد الحديث عن مرحلة ما بين 1916-1948. قبل الغوص في التفاصيل الموجعة ،لا بد علينا جميعا ممن هم معنيون بالأمر سواء كنا مثقفين أو من ذوي الشأن المقاتل أو حتى من المناصرين ،أن نقف أمام أنفسنا وقفة مراجعة نقدية قوية ،ننحي العواطف جانبا ،وندع الإنفعالات ،لأننا إستهلكنا دموعا وعواطف كثيرة ،ونحن نرى الإجرام الإسرائيلي المدعوم أمريكيا وغربيا وعربيا يتجلى في غزة بإبادة شاملة لعائلات بأكملها ،ومن تدمير لكل مناحي الحياة مثل المدارس والجمعيات الخيرية التي تؤوي ذوي الحاجات الخاصة والمستشفيات والمساجد. لكن عزاءنا الوحيد هو أن ما رأيناه كان قربانا أثمر نصرا للمقاومة ،فالفجر ينبثق من الظلام،فلا ثمن للنصر إلا التضحية ،ونحن نؤمن أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار،ولم نسمع عن حرية جاءت هبة من الظالم أو منحة منه ، بل ثمنها التضحيات الجسام،وقد ردت المواجهات الأخيرة ،الإعتبار للشعب الفلسطيني وللشعوب العربية المغلوبة على أمرها ،ولا وقت للحساب الآن، لأن إسرائيل وأمريكا وبريطانيا حسب ما نشره وكيل السي آي إيه سنودن الهارب إلى موسكو، إبتدعوا لنا عدوا مدمرا معمما ،لأننا أصبحنا حلفاء لإسرائيل ،وهي لا تريد لنا الخير والإستقرار رغم ذلك،فجاءت بداعش ليكون عدوا جديدا للعرب غيرها . ما أود التطرق إليه ضمن السياق ، هو تكرار مبدأ يقول أن المقاومة فعل مستمر على أرض الواقع ،ينهك العدو ويحرمه من الإستقرار ،لأن إستقراره ساعة خسارة لنا سنوات ،فما بالك إن إستقر دهرا ؟ وهذه رسالة نافرة الحروف لحزب الله!! ما أعنيه هو أن على ذوي الشأن أن يراجعوا حساباتهم ،ويفكرون إستراتيجيا لا تكتيكيا ،بمعنى تقليد الآخر النقيض ،علما أن هذا الاخر بأسلوبه قدم لنا التجربة كاملة ،أولها الكفاح المسلح ومن ثم التفاوض بكافة أشكاله وأخيرا التوقيع على إتفاقية أوسلو،وكما هو معروف وباد للقاصي والداني ،فإن إسرائيل لم تنفذ ما وقعت عليه رغم مرور 20 عاما على أوسلو،ناهيك عن تضاعف الإستعمار الإستيطاني في الضفة الفلسطينية ،أي أن العدو يحاول إفهامنا أنه لا يريد سلاما مع العرب ،بل يريد إستسلاما كاملا بعد شطب الشعب الفلسطيني وهويته. رغم ذلك رأينا البعض يصرون على التفاوض مع إسرائيل ويؤمن أن الحياة مفاوضات ،ويستمر في التنسيق الأمني مع إسرائيل ، بحيث تتصرف إسرائيل في الضفة كما لو أنها ما تزال تحتلها،فكما نرى ،فإن جيشها يقتحم المدن والقرى الفلسطينية ويعتقل من يشاء ،حتى من إضطر للإفراج عنهم ضمن صفقات تبادل . السيناريو الذي أراه يطل بقرنيه كالشيطان ،هو أن المقاومة الفلسطينية وقعت في الفخ بعد توقيعها على إتفاق القاهرة الخدعة ،الذي سبقه لقاء سري إنكشف مؤخرا بين عباس ونتنياهو في عمّان ، فإسرائيل ،لن تعطي شيئا مجردا هكذا ينعش المقاومة ،بل ستدخل في مفاوضات عقيمة كالعادة ،وفي الوقت نفسه تخطط على الأرض للرد والإنتقام ،كأحد السيناريوهات . لكن ما سيحدث هو أن يتم العمل – وأغلب الظن أن الإتفاق قد تم بين الأطراف الحليفة المضادة – على توظيب الأمور لجلب غزة إلى السلطة ،وإن تتطلب الأمر أن يتم ذلك عن طريق مجلس الأمن ،وعندها تكون الفرصة متاحة لتنفيذ البند الأخير من الإتفاق السري . المؤشرا على ذلك كثيرة أهمها تصدر رئيس السلطة الفلسطينية المشهد، وكأن قواته هي التي تواجه ،كما أنه إشترط أن تتولى السلطة مسؤلية إعادة إعمار غزة ،وهذه القصة تختلف عن إرسال بعض الملابس الرثة أو الأغذية منتهية الصلاحية التي قدمها البعض إعلاميا لدعم غزة،كما أن الوفد الفلسطيني المفاوض المشترك ،كان من ضمن اللعبة المتفق عليها في نهاية المطاف. قضية إعادة إعمار غزة ،تعني المليارات ،وهذه المليارات يسيل لها لعاب قديسي هذا الزمان،وسوف نسمع قصصا وإتهامات بالجملة حول الشفط واللهط ،وزيادة في الأرصدة الكامنة في البنو ك السويسرية على وجه الخصوص ،في حين أن من قدموا التضحيات وذوي الشهداء ، سيكون وضعهم أصعب مما نتصور ،لأنهم سيكونون في ذيل قائمة إهتمامات القائمين على إعادة افعمار ،لذلك أدعو الجهات المانحة ألا تسلم أي مبلغ نقدا لأي جهة كانت ،بل عليها أن تعمل هي بنفسها على أرض الواقع ،لتقطع الطريق على من يهيء نفسه للإستحواذ على الكعكة كلها. ما سيحدث حسب السيناريو الذي أقرأه هو سيطرة السلطةعلى غزة ،وعندها سنسمع خطابا يقول أننا ملتزمون بما إتفقنا عليه،ولذلك وكما حصل في الضفة من قتل لروح المقاومة ،فإنهم سيعيدون الكرة مع غزة ،وأغلب ظني أن الغزيين المدمنين على الفلفل الحار لن ينصاعوا للواقع الجديد ويلقون بأسلحتهم ،وعندها ستقع حرب أهلية شاملة تاخذ الخضر قبل اليابس،وبذلك يكون الجميع قد قدموا انفسهم قرابين مجانية لإسرائيل ،السلطة لأنها لم تلتزم بتطلعات الشعب الفلسيني،والمقاومة لأنها لم تمارس المقاومة كما ينبغي ،بل جعلت ذلك موسميا ولتحقيق مصالح ما .
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نتنياهو ...إلى حيث ألقت
-
-الإصلاحي -مروان المعشر ؟؟؟؟!!!!
-
الهدنةنقيض المقاومة
-
الأردن وداعش
-
كلمة السر ..المقاومة
-
كلمة السر داعش
-
الغزيون بين مطرقة الإحتلال وسندان الأنظمة العربية
-
البنزين خال من الرصاص .. فلماذا لا تكون أعراسنا كذلك؟
-
إسرائيل ..بداية الهزيمة
-
إسرائيل تنتخب وتنفذ مقاولة في غزة
-
العدوان على غزة ..هروب إسرائيلي إلى الأمام
-
إسرائيل تفقد هيمنتها على الشارع الأمريكي
-
-يهوه-..رب داعش
-
المستعمرون الإسرائيليون ينتقمون من نتنياهو وليبرمان
-
هوية داعش
-
المستعمرون الثلاثة ..لعبة نتنياهو وليبرمان
-
آفاق العصر الأمريكي
-
المكارثية ..إرهاب ثقافي مستمر
-
داعش هو الختم الإسرا –أمريكي لتقسيم المنطقة
-
مسلة ميشع ..ما ضاع حق
المزيد.....
-
مصادر في الخليج توضح لـCNN موقفها بشأن وقف إطلاق النار بين إ
...
-
الحرب الكورية التي لم تنتهِ، كيف بدأت؟
-
ثماني طرق تساعدك على التخلص من -المماطلة-
-
هل تستفيد غزة من نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران؟
-
الموت بحثا عن الطعام في غزة.. استخدام الغذاء سلاحا في غزة جر
...
-
سوريا: توقيف عدد من المتورطين بتفجير كنيسة مار إلياس بدمشق ا
...
-
مسلسل موبلاند: حين تحاصر المخاطر أكبر عائلة مافيا في لندن
-
عبر الخريطة التفاعلية نتعرف على أبرز الهجمات الإيرانية على إ
...
-
رئيس الوزراء القطري: نؤثر دوما الدبلوماسية والحكمة على أي شي
...
-
دراسة: التفاؤل يقلل من فقدان الذاكرة
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|