|
المكارثية ..إرهاب ثقافي مستمر
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 4496 - 2014 / 6 / 28 - 15:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المكارثية هي إتجاه سياسي رجعي ،ظهر للمرة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1950،على يد السيناتور جوزيف مكارثي، بهدف محاربة ومكافحة ومطاردة الشيوعيين في أمريكا ،إبان الحرب الباردة التي أنهكت العالم بأسره،وقد تمكن مكارثي من إيداع العديد من الأمريكيين في وزارة الخارجية وغيرها السجون ،لكنه تبين لاحقا أن إتهاماته لهم ،لم تكن صحيحة ،فأطلق سراحهم،وبعدها جرى فتح ملفه ،خاصة وأنه حاول النيل من كبار قادة الجيش الأمريكي وكيل التهم بالإنتماء للشيوعية لهم. بدأ مكارثي عمله المشبوه بإعداد قائمة تضم 205 أشخاص ،من كبار موظفي وزارة الخارجية ،وتتطور الأمر بشمولها آخرين من عموم أمريكا ،من العاملين في المؤسسات الأمريكية الكبيرة،بمعنى أن أمريكا بمجملها ،أصبحت هدفا لمكارثي الذي وضع وزارة الخارجية وهوليود والكونغرس والصحافة ،أهدافا له،وساعده في عمله هذا اليهودي الفاسد المرتشي رون كوهين. بعد أن عبث مكارثي في أمريكا ،وأغلب الظن أنه كان مسيرا من قبل يهود لتخريب الولايات المتحدة ،إنتقل جوزيف مكارثي إلى أوروبا ليمارس ذات العبث، وإستغل المكانة الكبيرة التي تحظى بها أمريكا في أوروبا منذ إنتهاء الحرب الكونية الثانية ،وقيام أمريكا بحماية أوروبا . كان نشاط مكارثي في أوروبا موجها ضد الكتاب والمثقفين اليساريين ،وظهرت قائمة أوروبية سوداء ضمت هؤلاء المثقفين والأكاديميين وحظر عليهم دخول أمريكا. ركز مكارثي نشاطه العبثي ضد اليهود ،ويبدو أن ذلك كان غطاء لعمله وإخفاء لنواياه المبيتة، خاصة وأن اليهود كانوا يترأسون الكثير من النظمات الشيوعية ويظهرون كيساريين،وإدعى مكارثي أن الشيوعية "دين يريد القضاء على المسيحية"؟؟!! وثبت في نهاية المطاف أن الرجل غوغائي بطبعه ،وأن مهمته مشبوهة ،بدليل مثوله أمام القضاء والتحقيق معه ،وإنكشاف أمره مما جعله يدمن على المخدرات التي فتكت به. كان مكارثي يتهم أهدافه بدون أدلة ،وتبين أن وزارة الخارجية خالية من أي توجه شيوعي، وإنتهى به المطاف متهما بالفساد والرشوة والتزوير ،وكان من أشهر أتباعه الرئيس الأمريكي الأسبق الممثل رونالد ريغان الذي كان رقمه في ال"إف بي آي"العميل رقم 10". المكارثية أصبحت وهي كذلك في الوطن العربي تحديدا ،تعني إغتيال الخصوم السياسيين ،وتعتمد إغتيال الشخصية سلاحا لها ،ويقوم المكارثيون بملاحقة ومطاردة الخصوم السياسيين وتشويه سمعتهم ،وطردهم من العمل لحرمانهم من الأمن والأمان العائلي ،من خلال تجفيف منابع الحياة بالنسبة للخصوم ،لإذلالهم والتضييق عليهم، ليقال :هاكم أنظروا مصير من يخالفنا الرأي والتوجه. الحال في الوطن العربي يظهر نفس النسخة المكارثية مع التطوير الرهيب عليها ،ويتجلى ذلك في مصر بعد إنقلاب السيسي الذي سيصبح رئيسا لمصر مدى الحياة،حيث الحض على الكراهية ،إذ ظهرت مجموعات تدعي أنها الوحيدة التي قيضها الله لحماية المحروسة مصر ،ولذلك ليس غريباأان نرى إنعدام حرية التعبير في مصر وقتل الإبداع ،وما التذرع بالقيم والأخلاق إلا دليل فشل إدعاءات المكارثيين الجدد في مصر. المكارثية الجديدة في الوطن العربي ،أصبحت تعني الغوص في النفس البشرية وكشف أسرارها ومكنوناتها ،والتنقيب عن النوايا والإنتماءات،بمعنى أننا إستعرنا محاكم التفتيش من أسبانيا ضد اليهود ،وحولناها إلى محاكم للنوايا ضد الإصلاحيين الحقيقيين والمثقفين الملتزمين من أبناء الأمة المخلصين. التعريف الجديد الذي يجب إعتماده هو أن المكارثية هي فكر هدام ،ينشر ثقافة الخوف والخنوع ،ويضرب الوحدة الوطنية ويمزق نسيجها الموحد ،وهي عبارة عن هلوسات الخوف من زوال السلطة من أيدي البعض . إسرائيل هذه الأيام تشهد هي الأخرى مكارثية حمقاء مستمرة منذ تأسيسها عام 1948،فهي الآن عاكفة على التحقيق مع منظمات المجتمع المدني التي إنتقدت ممارسات الحكومة والجيش والمستوطنين اللاإنسانية ،بموجب إقتراح تقد م به حزب "إسرائيل بيتنا" للكنيست. من أهداف وضحايا المكارثية الإسرائيلية ،العديد من المثقفين والأدباء ، يتقدمهم عاموس عوز الذي وصف الصراع الدائر في فلسطين بأنه صراع على ملكية الأرض والممتلكات وليس صراعا عرقيا،ودعا إلى التفاوض مع م.ت .ف ،وتطبيق مبدأ حل الدولتين. وآخر ما قاله عوز يوم التاسع من الشهر الجاري "أيار" بمناسبة عيد ميلاده ال 75،أن زعران التلال وعصابة دفع الثمن من المستوطنين الذين يحرقون ممتلكات الفلسطينيين ويعتدون عليهم، يشبهون النازيين الجدد في أوروبا،لكنه شدد على أن زعران التلال يحظون بالدعم الرسمي وبوقوف العديد من الحاخامات ورجال القانون خلفهم. تعمل المكارثية الإسرائيلية على مطاردة المبدعين والكتاب المعارضين لسياستها،وعمل على تسفيه آرائهم بهدف محاصرتهم وإبعادهم ومن ثم تصفيتهم ، ولا شك أن هذه الظاهرة تعد إرهابية بإمتياز ،وقد تمكنت من إقصاء إسرائيل شاحاك وإلبرت آينشتين وإيهود ماغنوس الذي كان أول رئيس للجامعة العبرية ،وكذلك نعوم تشومسكي ورجاء غارودي وغولدستون وكافة المؤرخين الإسرائيليين الجدد الذين كشفو حقيقة إسرائيل وزيفها على الملأ.
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
داعش هو الختم الإسرا –أمريكي لتقسيم المنطقة
-
مسلة ميشع ..ما ضاع حق
-
داعش ليس هو ال-داشع-
-
البتراء ..بوابة يهود بحر الخزر إلى الجنة؟؟!!
-
عزلة إسرائيل الدولية
-
زيارة البابا للأراضي المقدسة ..الأردن أولا وإسرائيل ثالثا
-
الصلاة في أقرب نقطة للمسجد الأقصى
-
زيارة البابا للأردن ..السلام والأمن والوئام
-
الجي ستريت..اللهم إحم إسرائيل من قادتها
-
-إسكندريلا-..مصر ستبقى حية
-
جون هيغي..التكسب على حساب الدين
-
الحرب على الإرهاب ..أي إرهاب؟
-
سجال الهوية ..لغة المنطق
-
قاتل ورئيس ؟؟مفجر لبنان سمير جعجع
-
آثارهم تدل عليهم،فما الذي سيدل علينا؟
-
العرب أذهبوا ريحهم
-
إستبداد القاريء
-
حقيقة الصراع الدموي في سوريا
-
الخنازير البرية الإسرائيلية تخرب مزروعات الأردنيين
-
سهل حوران ما عاد ينتج قمحا
المزيد.....
-
بزشكيان يسخر من نتنياهو: -يا لها من أوهام-
-
ترامب يوضح لأوروبا وزيلينسكي أهدافه من القمة مع بوتين
-
كيف وأين ولماذا قتل بيليه الفلسطيني؟ أسرة سليمان العبيد تروي
...
-
سان جيرمان يتوج بالسوبر الأوروبية بفوزه على توتنهام بركلات ا
...
-
سوريا الآن تواجه أخطر سيناريو
-
عمال في بروكسل يرفضون تحميل طائرة متوجهة إلى إسرائيل
-
قادة أوروبا ينتظرون نتائج قمة ترامب وبوتين في ألاسكا
-
وزير داخلية الأردن السابق يدعو لإحياء مجلس الدفاع العربي الم
...
-
مجلس الأمن يدعو لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفاشر السودا
...
-
قبل قمة ترامب وبوتين.. زيلينسكي يطرح 5 مبادئ لـ-مفاوضات السل
...
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|