أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - عالم بلا كراهية














المزيد.....

عالم بلا كراهية


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 4553 - 2014 / 8 / 24 - 17:45
المحور: الادب والفن
    


هذه المادة مساهمتي في كتاب بالدنمركية عن الرؤيا والحلم شارك به 117 كاتب وفنان

عالم بلا كراهية

في طفولتي.. أسرتني السماء بمصابيحها المتدلية من عمق السواد العظيم، بغيومها البيضاء السائرة نحو المجهول، فكنت أبحر هارباً من قسوة أبي والمعلم والمحيط مع المصابيح المنثورة والغيوم في أحلام يقظتي الشاردة متخيلاً نفسي طائراً.
سيتعمق الشعور بالعزلة والرغبة بالطيران مع أول اغتصاب؛ في الثامنة من عمري انتهكتني امرأة في الظلام وأنا غافٍ في بيت أقرباء، وفي التاسعة رجلٌ وأنا غافٍ أيضاً في رواق مدرسة ابتدائية بعد أن سهرت حتى الصباح ليلة مقتل – الحسين – في صبيحة العاشر من عاشوراء"1".
على مقاعد الدرس ومع خطواتي الأولى في فك الحرف، ترسخ حلم الهرب من الواقع بالطيران، لكنه تحول إلى أمنية بالطيران الفعلي في السماء، فكنت أجيب السائل عما سأكونه في المستقبل:
- طيار!.
وقتها لم أفكر بالحرب والقتل، بل بالطيران؛ الرغبة بالتحرر من قبح البشر والمحيط.
مع بواكير نضجي ستتحول الرغبة بالهرب إلى السماء إلى محاولة تغيير الواقع بالحلم وأنا أتدله بالكتب وأفكار الحرية والمساواة التي أدت بيّ إلى ضيقِ زنزانةٍ وأنا ابن السادسة عشرة فقط. دفعني رجال قساة بعد أن أوسعوني ضرباً إلى فسحتها العفنة مذلاً مهاناً لأجد نفسي أحلم بالشارع والهواء متسائلاً:
- لماذا؟!.
من يومها أدركت أن الحياة؛ فسحة عذاب، فشددتُ حزامي وخضتُ فيها جاهراً بحلمِ أجنحة طفولتي. أجوب وسط الناس محرضاً كي يحلموا بمدينة – ماركس – الفاضلة، فقادتني إلى مزيدٍ من الزنازين الباردة المعتمة، وقسوة أبناء جلدتي. حلمٌ أدخلني عالم رعبٍ وجعلني أيقن من شر الإنسان، وأنا أفقد رفاقي قتلاً في الأقبية، وأدفع عنوة إلى جبهة الحرب2، لأشهد مزيد من القتل والجنود يتساقطون من حولي نازفين حتى النفس الأخير. ضعفت.. وبدلاً من التحليق النجوم والغيوم ضاق الحلم إلى رغبةٍ واهنةٍ تنتابني لحظة الاستيقاظ فجر كل يوم؛ رغبة في معانقة الكل المرأة والشجر، العدو والصديق، الضوء والظلام، الماء والنار، التراب والعشب، الله والحشرة، حلمٌ صغيرٌ بحب جميع ما في الكون. حلمٌ أشتعل في ليلِ الزنزانة الأولى وظل متوهجاً في خنادق الحرب، وبين الثوار في جبال العراق حيث نزعت فكرة قيام مدينة فاضلة بالقوة وأنا أرى قسوة الثوار التي لا تختلف عن قسوة السجان.
في سنوات التشرد بين معسكرات اللجوء في تركيا وإيران حيث البرد والجوع والمستقبل المجهول. شغلني السؤال الأبدي:
- لِمَ يحدث كل هذا؟!.
- لِمَ لا يحب الإنسان أخيه الإنسان؟!.
هنا في منافي الدنمركي أستيقظ كل صباح أطل على أخبار القتل والحروب والثورات متخيلاً أن روحي تحلّ بجسد شاب فتي يتظاهر غاضباً حالماً حلمي في هذا الزمن. أدير ظهري للعالم الضاج بالقتل والكراهية لأغرق في حلم الطفولة والأجنحة والحروف تلك السماء السرية التي فتحت لي أبوابها بعد رحلة العذاب والتشرد. أجنحتي حروفي.. كلماتي.. رؤاي، أطير بها متخففاً من دموية تجربتي، ساكناً حلميَّ القديمين:
الأول: الطيران.. ففي روايتي الثانية –الإسي 2008 - جابت بيّ امرأة مجهولة أمكنة طفولتي القاسية وأنا غير مرئي من قبل الجند والشرطة لتصعد بي منارة عالية وتمنحني جناحين فطرت إلى غيومي البيضاء ونجومي.
الثاني؛ معانقة الآخر دون لغة بالرقص والصمت.. في روايتي الأخيرة2 – الحياة لحظة 2010-.
أنام كل ليلة فأحلم بالطيران والآخر.
وأستيقظ كل صباح لأبحر بالحرف حالما بالآخر والطيران.
رائياً العالم بلا كراهية!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مناسبة دينية يقيمها الشيعة المسلمين كل عام-
2- الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988 –
3- فصل مترجم إلى الدنمركية بعنوان – أخي الزنجي – صدر في كتاب "Herfra min verden gå-;---;-----;---r
·



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التيار الديمقراطي العراقي في الدنمارك - عيب والله عيب -
- مريم الأوكرانية
- «في باطن الجحيم» للروائي العراقي سلام إبراهيم تُترجم إلى الإ ...
- من سلام إبراهيم للعراق في لحظته الراهنة
- سلام إبراهيم: فى حواره مع الأهرام العربي: الأحزاب الدينية «ت ...
- لعنة الفقر
- تنغمس.. وتنساها
- حكمة قلب
- وساوس
- بمناسبة يوم المرأة - المرأة النص الحياة
- الصديق
- في باطن الجحيم رواية سلام إبراهيم الجديدة
- أخي الشهيد كفاح
- العراق يضيع فنانيه قتلا ونفياً
- من رسائل الكاتب العراقي نصير عواد إلى سلام إبراهيم
- توضيح حول طباعة ديوان -وضوح أول- للراحل طارق ياسين
- حسين سرمك الحلقة 9 الأخيرة: رواية الإرسي: نطقت بالشهادتين
- حسين سرمك حسن8: الإرسي نطقت بالشهادتين
- حسين سرمك 7 رواية الإرسي: نطقت بالشهادتين
- الإرسي 6 حسين سرمك حسن: الرواية نطقت بالشهادتين


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - عالم بلا كراهية