أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - حسين سرمك حسن8: الإرسي نطقت بالشهادتين















المزيد.....

حسين سرمك حسن8: الإرسي نطقت بالشهادتين


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 3860 - 2012 / 9 / 24 - 21:32
المحور: الادب والفن
    


رواية – الإرسي - لسلام إبراهيم:
نطقت بالشهادتين: شهادة الخراب، وشهادة إرسي عذاب العراق..

حسين سرمك حسن*



# دعونا نعود إلى فذلكات التحليل النفسي :
—————————————–
.. وقد قلت أن عند الحلم الخبر اليقين بعد أن تحدّثت عن ميول العاشق المعصوب إلى “تلويث” و “إشباه” موضوع حبّه فتتأجج حيرته فيه، ويزداد تعلقا به . لقد مرّ أمام عيني "سلام"، وهو يسجد على أرض بيت العمّة ، شريط طويل من الذكريات المرّة والمريرة، كان أغلبها مرعبا عن خسارات لا تعوّض.. شهداء ومفقودون وجثث وخراب آمال وضياع مستقبل مرة واحدة وإلى الأبد.. وفي ختام لعبة الإستيهام الطويلة الشائكة، تدخل عليه امرأة في الظلام بسروالها الزيتوني الفضفاض.. لا يستطيع القطع بأنها زوجته بالرغم من أنها تشبهها.. تتعرى أمامه.. فيتأكد أنها هي زوجته الحبيبة.. فما الذي يشغل ختام رحلة هذا الإستيهام المرعب من جديد؟ إنه قلق “التلويث” إذا جاز التعبير ، ممزوجا بالتبصصية وبمخاوف الإنهجار ومشاعر الإنخصاء:
(.. في تلك اللحظة انفتح بابي المسدود، ودخل مقاتل يافع وضع بندقيته في الزاوية جوار الباب، واستدار نحوها [= نحو زوجته؛ زوجة سلام] . أخذها بين ذراعيه من الخلف ، فافترت بين ذراعيه لتواجهه، وتعانقه عناقا حميما جعلني أنتفض راميا بجسدي الذي تجنن إلى الأسفل صارخا صراخ مذبوح، هابطا نحو النافذة التي راحت تنأى.. وتنأى إلى أن انطفأت في يّم الظلام ، وضيّعتني ذرّةً تدور في السديم العظيم – ص 226) .
يبدو أن “الشريك الثالث”، الفعلي أو المُتخيّل، ضروري لإدامة اشتعال رغبة المحب المعصوب وتأجيجها كما اكتشف ذلك معلم فيينا.
وتشكل التداعيات الذاكراتية التي تنبثق في ذاكرة المحب متصلة بحالة الالتحام بموضوع الحب الراهن في صورة تقترب من التداعي الشرطي – conditioned ، دليلا مضافا على هذا النزوع المحارمي المكبوت واللائب وتقييداته النفسية. تلك التداعيات المحارمية تنهض من تحت رماد النسيان الكاذب مرتبطة بحضور المحبوب. لقد ذهب إلى غرفة الرفيقات ليلا – وحسب الاتفاق المسبق – ليواقع زوجته مرصودا بعشرة آذان تلتقط أدنى حركة عند التحامه بها.. ومراقبا بعشرة عيون تجوس ملتهبة جائعة في الظلمة . كانت زوجته تقف متلهفة نافدة الصب، عاتبته على تأخره. وعندما قادته عبر باب الغرفة داهمته رائحة أليفة نفاذة (رائحة انبثقت من سحيق أيام غابرة من سني طفولته البعيدة، رائحة منبعثة من مواسم تلك الغرفة الوحيدة التي جمعته أخا لسبع أخوات جميلات وهو يندس معهن في الفراش المشترك.. جوار سرير أمه وأبيه الخشبي الشفيفة التي تنسدل من جوانبها حاجبة ليل الأبوين؛ رائحة ستنعجن بدمه، وهو يلتصق بلدانة أجساد أخواته المراهقات اللواتي كنّ في غمرة النوم يتحسسن جسده بأصابعهن الناعمة الغافية .. ظل يستطيب تلك الروائح، ويختلس لحظات الخلوة دافنا وجهه في تلافيف ثيابهن المبعثرة في خزانة الملابس المشتركة . يعبّ من أريجهن السرّي المخدّر – ص 138 و139 ).

# عودة إلى الأحلام الكابوسية المفتاح :
————————————–
والآن .. وبعد هذه المقدمات التحليلية الضرورية نستطيع العودة إلى السير في طريق تحليل الحلم .. السير في الطريق الملوكي الموصل إلى مجاهل اللاشعور وظلماته . إن الحالم كما يثبت من الأحلام الثلاثة، يبدو غير متصالح مع جزءه الأنثوي. وأغلب الرجال لا يستطيعون الإقرار بهذا الجزء لأنه يخدش رجولتهم. لكن هذه الفرضية شديدة الخطورة، لأن الرجل ذكاء وعقلا، هو ثمرة جافة دون جزء مؤنث مرتّب ودون طاقة جزئه المؤنث الخلاقة. (وما الجزء المؤنث من شخصية الرجل ؟ إنه الكمون الداخلي. وبوصف هذا الجزء موجودا منذ الطفولة، فكل شيء منوط بما يصبح عليه في أثناء الطريق. والجزء المؤنث من الرجل سيضم شبكة الإحساسات. إنه رادار الرجل . إن إحساس الرجل بالحياة، سلبا أو إيجابا، يتم بواسطة جزئه المؤنث. وهو مع ذلك لا يشعر على الغالب بهذا الموقف الأخير) (7)
فلنر ما يحصل في شخصية رجل ذي جزء مؤنث سلبي . (إذا لاحظنا هذا الرجل شاهدنا أن اعتدال مزاجه منسي منذ زمن طويل. فـ “مرجله” الداخلي في حالة من الفوضى. ونرى أيضا أن هذا الرجل ذو نزوة، شبيه بعض الشبه بطفل سريع الغضب. ويغطي كل شيء لديه سلوك متصلب يتصف مظهره الرجولي بمغالاة أنه يخدعه ويخدع الآخرين. إنه سريع التهيّج، فظ وحقود، ولكن الدموع تعلو عينيه لأتفه الأمور. إنه مستبد عن طيب خاطر تجاه امرأته وأولاده، ولكنه يصبح بسرعة ذا عذوبة تتصف بأنها موضع الظن. إنه يبهر ولكنه غير فتّان. وهو المتردّد بالمعنى الأسوأ للكلمة، في ظل مظاهر من الرجولة الزائفة هنا أيضا. إنه العدو اللدود للنساء مادام يخافهن، ولكنه “يبهرهن” بتقديم آيات الاحترام والتبجيل وضروب من المجاملات الأخرى (8).
هذه الصورة العملية لشخصية الفرد الذي لا يتصالح مع ظله الأنثوي اللاشعوري. والأحلام الثلاثة تعبر عن الوضع المأساوي لهذا الحالم. فسيلاحظ القارئ كآبة النفس ، الكآبة الباردة .. فحياة الحالم “متحجرة”.. صخرية.. كلّها متاهات.. متاهات صخرية.. متاهات مدينة.. متاهات سلالم.. الحيرة العاصفة تمحق وجوده من كل جانب.. يقاد كطفل غرّ حائر وتائه من قبل يد أنثى تسلمه لأنثى أخرى.. وفي كل مرّة تحضر الأم بشخصها المباشر، أو من خلال بدائلها ممثلة بالعمّة أو الجارة “نادية” أو الزوجة، فالأم هي “العجّانة” الأولى لهذا الجزء المؤنث. إنها المرأة الأولى التي تلوّن” القطب الملوّن للصبي. فالأم هي الصورة الأنثوية بالتأكيد. وموقف الأم العميق إزاء الحياة سيكون موضع التقاط الطفل. وسيكون الجزء المؤنث، بالمقابل، متأثرا بموقف الصبي إزاء أمه تأثرا قويا. وأم الحالم التي امتنعت عن مواقعة زوجها / أبيه ، تتكاثر من خلال الأجساد العارية التي تلتحم على الدكة.. وهي متناقضة في حياتها العملية.. لقد استدرجته ثم خذلته .. إنها “صخرة” البيت.. آلة للتفريخ الميكانيكي بلا عواطف.. لقد وصلها الحالم بعد رحلة طويلة وشائكة ومرهقة في المتاهات الصخرية والمدينية .. ولكن محاولاته كلها باءت بالفشل .. محاولة تنتهي بأن يستمني على ذاته – أنثويا –.. وأخرى يهوي فيها من الطيران إلى أرض الرخام الصلبة.. وهكذا..
صحيح أنه يبحث عن منفذ وخلاص في الأحلام الثلاثة.. الحالم يتسلق.. و “يصعد” ويريد أن يمضي إلى ما هو أكثر ارتفاعا (جبل ، دكة، تلة، سلم .. إلخ) صوب أي شيء؟ إنه يبحث عن السمو والتغيّر. وينجز صعودا عموديا.. أي صعودا ذكريا وقضيبيا ومغامرا. ويبحث عن تحقيق ذاته بوصفه رجلا، وذلك بالرغم من المخاطر المهولة (المنحدرات المسننة.. الشرطة القامعة.. السقوط .. الضياع .. التحجّر والتحول إلى رخام .. الحرق حيا في نار جهنم مستبقا يوم الحساب… إلخ ) ..
فمن كان هذا الحالم ؟
كان في الواقع ضحية أم “ملتهمة” .. ميدوزا بعجزها .. وطاغية بإذعانها.. وغازية بانكسارها.. وخانقة باختناقها.. وكل ذلك تم إسقاطه في الأحلام الثلاثة على الحجر والمتاهات .. كان يريد أن يتحرر وهو يتسلق صخورا وجبالا وسلالم ، ويقطع متاهات مدوخة، ولكن لا جدوى.. فخوفه وحاصره هما الأكثر قوة.. والجزء المؤنث من شخصيته مغمور بشخصية الأم التي جاءت بديلتها الطوفانية عاطفيا والنمرة حضورا متمثلة بالزوجة.. والحياة بالنسبة إليه لم تكن غير ضرب من التهديد. وخوفه من الآخرين كان هائلا، فأسقط على هذا النحو أمّه على الغير الذي ينقاد إليه كما ينقاد طفل مذنب..
وليس من الغريب أن ينبري الوعي / الشعور لـ “عقلنة” مظاهر الانكسار والاندحار والتهافت على أساس أنها “طيبة مفرطة”، و “ثقة عمياء”، و “براءة نضالية” .. كانت الزوجة المقاتلة تهمس في إذن زوجها المقاتل عن حقارة رفاقهم وتوحشهم الجنسي فلا يجد إلا ردّ فعله المستكين تجاه أمّه :
( - أعطيني أذنك
همست فهبط صوتها الخافت اللاهث في أحشائه ، خمرة تفقد العقل والقصة :
-إش بيهم ؟
أمعن في استغبائه وكأنه في حضرة أمّه الحنون التي كانت وماتت وهي تعتقد بأنه طيّب حدّ السذاجة، كان يحس أن ذلك الشعور يسعدها ، لحظة تصنّعه البلادة وعدم الاهتمام بما يحيط به وسط العائلة الغارقة بمشاكلها العويصة – ص 124 ).
.. ولكن أنموذج هذا السلوك ومثاله تجده في تلك اللحظة الطفلية التي تعقب مأزق احتكاكه الليلي بأجساد أخواته الحميمة وهو يتأرجح على حافة البلوغ ، فيستيقظ في الصبيحة غير قادر على مغادرة فراشه رغم إلحاح أمّه.. يتشبث بالغطاء حتى يرتخي وسطه المتوتر (ص 140).



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسين سرمك 7 رواية الإرسي: نطقت بالشهادتين
- الإرسي 6 حسين سرمك حسن: الرواية نطقت بالشهادتين
- في مديح العمة حسين سرمك: الإرسي نطقت بالشهادتين -5-
- حسين سرمك حسن: الإرسي نطقت بالشهادتين: شهادة الخراب، وشهادة ...
- رواية – الإرسي - لسلام إبراهيم: نطقت بالشهادتين: شهادة الخرا ...
- نطقت بالشهادتين: شهادة الخراب، وشهادة إرسي عذاب العراق-2-..
- الإرسي نطقت بالشهادتين: شهادة الخراب، وشهادة إرسي عذاب العرا ...
- مريم رواية العراقي - سنان أنطوان - العراقي جاء إلى بيْتِهِ، ...
- رواية الإرسي - الفصل 14 الأخير - ساحة الحشر
- رواية الإرسي - الفصل 13 - جحيم في غروب رائق
- الإرسي - الفصل 12 - أحقاد المحبة
- الإرسي - الفصل 11 - التسلل إلى الفردوس ليلاً
- ندوة في القاهرة عن رواية -الإرسي- لسلام ابراهيم
- الإرسي - في برزخ الجبل - الفصل العاشر - ذل العاشق
- رواية الإرسي - الفصل التاسع - صرخة
- رواية الإرسي الفصل الثامن - رؤيا الحجر -
- رواية الإرسي - الفصل السابع - رؤيا المدينة
- الإرسي - الفصل السادس - أخيلة الرغبة -
- الإرسي - الفصل الخامس - نافذة المساء -
- الإرسي - الفصل الرابع - فوهة الخلاص -


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - حسين سرمك حسن8: الإرسي نطقت بالشهادتين