أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سلام إبراهيم - بمناسبة يوم المرأة - المرأة النص الحياة















المزيد.....

بمناسبة يوم المرأة - المرأة النص الحياة


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 4406 - 2014 / 3 / 27 - 00:03
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



بمناسبة 8 أذار عيد المرأة العالمي، تحية وصلاة لأمي وزوجتي وأبنتي ولأخواتي لهن ولكل امرأة في العالم وردة جوري.
وللعراقية خاصة التي جاء قانون الأحوال الشخصية الجعفري ليعود بها إلى قرون الأستعباد والذل رغم أنها تقريبا من تقوم بتسيير عمل المؤسسات الأدراية في مرافق الدولة العراقية
تبا لهم
تبا لكل لابس لرداء الدين والطائفة
وسحقا
وطوبى لكن أمهات وأخوات وصديقات وحبيبات وخالقات الحياة

المرأة -النص - الحياة

النص دون المرأة.. لا طعم له
راجع كل ما مرَّ بك من نصوص، لا بد للمرأة من كينونة ما.. وإلا لما كان نصا.. بمعنى أخر لما كان وجوداً موازياً للحياة، حتى في النصوص التي تبدو ظاهراً خالية من قطب الكينونة الأهم، لو تمعّنا عميقاً في باطن النص، هاجسه، خلف الكلمة، خلف شطح الجملة، خلف الشاردة لوجدنا أن ثمة أنثى مطلقة تحوم بروحها بين الكلمات، وترف بأجنحتها حول قامات الحروف، تلويها، انغلاقها، انبساطها، تحوم الروح الأنثوية فاعلةً. في النصوص الموغلة في القدم نجدها الغاوية، فهي من دجنت أنكيدوا جوار نبع الماء وأخرجته من التوحش إلى التحضر في مهمة نبيلة، وهي في النصوص الدينية من دلت آدم على الشجرة المحرمة وجعلته يرى ذاته، جسده وبمواضع اللذة ممهدة لنسل الإنسان الباقي رغم طرده من الفردوس. في النص المسيحي المقدس هي من أغوت الله. مريم التي أختارها دون نساء العالم ليضع بذرته في رحمها ليكون أبنه المسيح رسول سلام ومحبة للعالم. صلة الوصول الجسدية في الثقافة الدينية بين الله والإنسان.
الأنثى هي من تنحت الوجود العاقل في أحشائها. إذ لولا الكينونة المتدفقة من غورها لما كان لهذا الكون من غائية غامضة، محيرةٍ، مدهشةٍ. لذيذةٌ في التأمل، في التفلسف، في اختلاف التفاسير. كل الأفكار قبل أن تكون كانت في رحمها. في ذلك البحر الأول.. بحرها المطلق الذي لا يبوح للشمس إلا بكائنٍ جديد يطلع من نزفها باكياً عارياً، مستغرباً من وحشة الدنيا والضوء والضجيج، مفزوعاً من الوجوه المنتظرة المحيطة بالجسد الذي نبع منه، الصلبة الفاقدة رقرقة سائل بحره اللزج الدافئ العميق.
من ذاك البحر جاءت الدنيا.
من ذاك البحر الدفين الصغير.. صارت المعاني.
لم نكن سوى سمكة تسبح ببحر المرأة اللزج!.
لما كنت منهمكاً في كتابة نص روايتي الأولى ـ رؤيا الغائب ـ وفيما كنت أحاول استحضار أخي الصغير من الذاكرة، من تلك السنين، بالمخيلة وجدني أعود إلى رحم أمي الجليل في لحظة وجدٍ أمتزج بها زمنينا، بعد أن فقدته قبل أكثر من خمسة عشر عاماً من وقت كتابة النص. أخذوه من مكان اختفاءٍ في بغداد، ولم نعثر عليه في المقابر الجماعية. غيبوه عني في مسافة يباس الإنسان، السجن، الكره، الرعب، التعذيب حتى الموت، يباس يشبه عالم الظلمات في الأساطير. عالم غامض قاسي، موحش صلب نقيض انسيابية وطلاوة ماء الرحم في بحره.
المرأة كونٌ ونحن الرجال لسنا سوى الذرة الدامعة المسكينة.
في غورها، في ظلالها يستطيع المرءُ ذو المخيلة أو المفطور عليها أن يلتقي بما شاء من أحبته الغيّاب. أنا شفت ولمست أخي الغائب في يَمِ بحرهِ، وفي مقدورنا أن نجد في فضائها صديقاً غاب أو غيِّبَ، مات في الحرب، خربته الدنيا، ضاع في المنافي، أو في السجون، أو، أو. تحت ظلال المرأة نستعيدُ أصدقاء، احبه، رفاق طفولة، صبا، شباب، ونحن ننشغل فيها.. نحلم برائحتها، بلمس يد الحبيبة، نكتب الرسائل ونلقيها أمامها في قارعة الطريق، نتلصص على جسدها من الشبابيك، نضاجعها في الأحلام، وبالخض، وتكون مدرا همسنا في فيء جدار، على مقاعد مقهى، في ليل المحلة تحت أعمدة مصابيح الشارع، في التذكر، في المنفى، في الشيخوخة لما نحن لتلك الأيام!. في نص "أخيلة العيون" المنشور في المنتدى الثقافي ـ دمشق 1999 العدد السابع. وجدتني وأنا على حافة الشيخوخة، مركوناً في المنفى أعيش مع صديقي هاشم لفتة المدله بالصبايا.. والشبابيك والعيون فلمسته بأصابعي ورأيت معه عيون الصبايا المختبئات خلف نوافذ البيوت المكتظة في محلة "الجديدة" القديمة، كان معي جواري يغني وكأنه لم يقتل باكرا في الحرب. جعلني أرى صبايا صغيرات تعلقنَّ بيّ ولم أعرف الدخول لعالمهن خجلا وكان هاشم عارف بأسراره.
للمرأة الفسحة المتسعة.. الظليلة، المخفية، الظاهرة.
المرأة كونٌ ضعت فيه منذ بواكير وعيي في الحياة.. في النص، لا فرق لديَّ فأنا لست سوى حالمٍ.. أو فرد أدمن الحلم، أو بتعبير أدق رجلٌ أدمن المرأة في أحلامه وعينيه. أحلم بها في كل الأحوال والظروف.. وسط أهوال جبهة الحرب العراقية ـ الإيرانية، بين ثوار الجبل، في معسكرات اللاجئين، في الصحو والسكر.. في لحظات الخطر والرخاء، في ساحات غوسكلدة الدنمركية لما أشرب مع أصحابي المشردين السكارى. أحلم بكل لحظة وخيالها يُزهر أيامي.
المرأة علمتني الكتابة!.
كنت في محلتي الشعبية ـ حي العصري ـ المكونة من خليطٍ غير متجانس من البشر، فلاحين هجروا الريف، بدو استقروا للتو، أنصاف غجر، فقراء خرجوا من قلب المدينة. كنتُ كاتب رسائل غرام المحلة. كل رفيف من رفاق طفولتي وصباي وقع في حب صبية يترجاني كي أكتب له رسالة لحبيبته، فكنت أطلب منه أن يفضي لي بمشاعره وقصة حبه. أعيد صياغة مشاعره بالحروف، فيفوز هو بلذاتٍ وفرتها حروفي، وأفوزُ بأخيلة ذلك اللقاء في السر الذي يقصه عليّ لاهثاً، معترفاً بالجميل. أرحلُ منصتاً، متخيلاً كل ثنية بجسد الصبية، كل لمسه، كل آهة، كل غنج، كل لهاث، والجسد الأنثوي تطوطم لاحقاً بحيث صرت أرى بمنحوتة ما في متحف، أو برسمة لوحة جسداً حياً ينبض فأركن جواره ساعات مثل مخبول، فأراه يتحرك، ينهض من رقدته الأبدية، من الحجر، من جدار اللوحة، من ألوانها.. يجّنني فأهتاج فيه.. احنُّ.. ألمسهُ حالماً بذلك التقلب في بحري الأول، ألمسه وأخاف في خلوة قاعة متحف.. هذا ما يتجلى واضحا في نص "جنية الأحلام" المنشور في القدس العربي 1997. وما سيأخذ حيزاً أوسع في نصي الروائي غير المنشور "برازخ وأخيلة" إذ يتحول الحجر إلى عالم أخر يعيش فيه البشر حياة أخرى.
وحدها المرأة تمنح الوجود غاية ما.. ودونها تصير الكينونة هباء. هذا يشمل النص والحياة، فليس لدي فصلٌ بينهما. أعيش الدنيا مثل نصٍ، وأعيش النص مثل الدنيا.. لا أقول هذا القول مجازاً بل هذا ما يصير معي. لم أكتب سوى ما عشته، حلمتُ به، تخيلتهُ، ما أخذني في أحلام يقظتي، أو ما رواه لي عابر أو صديق حميم عما حدث معه!.
أثمت التباس تثير الكلام عن النص ـ الحياة؟!.
نعم ثمة التباس، لكن، لدى من؟.
لدى كل من يفكر تفكيراً ميكانيكاً، جافاً، أي يفكر بمنطق اليابسة لا بمنطق البحر، فيفصل بين النص والحياة أو يقارن بينهما مثله مثل ناقد أكاديمي لا يفهم من النص إلا ما التقى ومفاهيمه الجاهزة المستقاة من قياسات محددة قديمة ومعاصرة.
النص والحياة وحدة واحدة رغم استقلالية كينونتهما الظاهرية، فالأول جسده كلمات والثاني من لحم ودم. لكن المصائر والأقدار والحب والكره، القتل والنجاة، وكل تفاصيل الفرد في رحلته القصيرة في العمر واحدةٌ.
فكيف الحديث عن المرأة في النص فقط!.
لسنا إلا ظلال للمرأة.. المرآة التي نرى في عمقها انعكاس ذواتنا في كل حالاتها
سنبقى في عطشٍ أبدي لها
سنبقى حتى لحظاتنا الأخيرة نكتوي بوجودها الفادح!.
أهم رموز الحضارة البشرية ميلا إلى السلام والمحبة سيدنا "المسيح" رغم رجولته بالجسد إلا أنه مسكون بروح أنثى في أقواله، وسيرته. لذا نسج النص النحتي والتشكيلي وبنى تصوراته حوله من هذا المنظور، إذ نراه منحوتاً في جدران الكنائس والأيقونات، وعلى خشب الكراسي وجدران الخشب، وعلى سطح اللوحة الزيتية جسداً مسالماً يستلقي في حضن مريم الكون.
سنبقى نلهث خلف النشوة المنبعثة من خيال جسدها بتضاريسه الخالدة؟!.
سنبقى نهيم بالخصر، والنحر، وقبتي النهدين، والبطن الضامرة، والحوض المستدير، والردف الثقيل، والفخذين المتينين، وبطة الساقين المليئة، والقدمين الصغيرتين الحالمتين، وما بين الفخذين. سر النشوة، سر النشوء، سر الشمس. هذا شيء أكثر من جليل.. أكبر وأهم من معاني الكينونة في عمومية المفاهيم الأسطورية القديمة، والدينية السماوية، وعقلانية الحضارة الحديثة بكل ما جلبته من تشويه لتجلى هذا الكائن الجليل بإباحيتها المقيتة.
جسد جليل يدعوك للصلاة بصمتٍ.. آمين
أعبد النهد.... فم الكون!.
أعبد الشق ما بين .. باب الكون!.
هل في قولي هذا (رؤيتي).. ثمة بدائية وثنية؟!.. لا أدري. لكنني أسجد بخشوع أمام باب الكون، جرحها الصغير النازف مع كل دورة قمر، أسجد متيماً مخبولا.
وأردد آمين!.



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصديق
- في باطن الجحيم رواية سلام إبراهيم الجديدة
- أخي الشهيد كفاح
- العراق يضيع فنانيه قتلا ونفياً
- من رسائل الكاتب العراقي نصير عواد إلى سلام إبراهيم
- توضيح حول طباعة ديوان -وضوح أول- للراحل طارق ياسين
- حسين سرمك الحلقة 9 الأخيرة: رواية الإرسي: نطقت بالشهادتين
- حسين سرمك حسن8: الإرسي نطقت بالشهادتين
- حسين سرمك 7 رواية الإرسي: نطقت بالشهادتين
- الإرسي 6 حسين سرمك حسن: الرواية نطقت بالشهادتين
- في مديح العمة حسين سرمك: الإرسي نطقت بالشهادتين -5-
- حسين سرمك حسن: الإرسي نطقت بالشهادتين: شهادة الخراب، وشهادة ...
- رواية – الإرسي - لسلام إبراهيم: نطقت بالشهادتين: شهادة الخرا ...
- نطقت بالشهادتين: شهادة الخراب، وشهادة إرسي عذاب العراق-2-..
- الإرسي نطقت بالشهادتين: شهادة الخراب، وشهادة إرسي عذاب العرا ...
- مريم رواية العراقي - سنان أنطوان - العراقي جاء إلى بيْتِهِ، ...
- رواية الإرسي - الفصل 14 الأخير - ساحة الحشر
- رواية الإرسي - الفصل 13 - جحيم في غروب رائق
- الإرسي - الفصل 12 - أحقاد المحبة
- الإرسي - الفصل 11 - التسلل إلى الفردوس ليلاً


المزيد.....




- البرازيل.. القبض على امرأة يشتبه في اصطحابها رجلا ميتا إلى ب ...
- فيديو.. امرأة تصطحب جثة إلى بنك للتوقيع على طلب قرض
- في يوم الأسير.. الفلسطينيون يواصلون النضال من داخل المعتقلات ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...
- يوسف بلايلي يُغضب الجزائريين بسبب سوء تصرفه مع حكم (امرأة)
- إعدام سعودي قتل امرأة دهسا بالسيارة
- لماذا خلعت هذه الممرضة حذاءها وقدمته لمريض في مستشفى بأمريكا ...
- شركاء في الصحة فقط.. رجال يتركون شريكاتهم بسبب السرطان 
- عاملات المنازل يتعرضن للاتجار بالبشر في سلطنة عمان


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سلام إبراهيم - بمناسبة يوم المرأة - المرأة النص الحياة