فقه النسب في الفكر العربي

محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4548 - 2014 / 8 / 19 - 21:48
المحور: المجتمع المدني
    

فقه النسب في الفكر العربي

يمتلك النسب في الفكر والثقافة العربية، مكانة عظيمة، تسقط أمامها كافة المبادىء القيم والحقوق المدنية والشخصية بل وجميع حقوق الإنسانية المعروفة لدينا في الفقه والقانون، ويعزى ذلك لشدة ارتباط حياة المواطن العربي قديماً (وللأسف حديثا)ً بقبيلته، فقبيلته هي التي تحميه، وترفع عنه الظلم وتحافظ على حقوقه وتعيدها له وليس القانون، ومن الواقع العملي في معظم الدول العربية، فيمكن القول بصحة هذا الأمر.
وقد يبدو موضوع النسب للإنسان المتحضرعموماً، أمراً شخصيا بمفهومه بأضيق الحدود، وهذا ما أمر به الإسلام، لأن القانون الإلهي والوضعي، كفل جميع حقوقه المدنية والشخصية، بصرف النظرعن ماهية نسبه أو قوة قبيلته في المجتمع، أو طبيعة مذهبه أونوع عرقه، إلا أنه عند العربي وتحديداً القبلي، فالأمر يختلف لدرجة مَرَضِية في أوسع حدودها ، فهو لاينظر إلى نسبه من باب حفظ النسب أو النسل وفق مقاصد الشريعة الإسلامية، وإنما من باب مقاصد شريعة الغاب، فبهما يستحصل حقوقه كيفما يشاء لا كيفما يشاء العدل، فمن الواقع العملي في معظم الدول العربية نجد بأن قاعات المحاكم المدنية والجزائية، تكتظ بشيوخ العشائر ممن يعتمرون العباءات الفاخرة ، ومن أصحاب الوساطات العشائرية والجاهات القبلية، ليس من أجل حضور جلسات المحاكمات، وإنما للتأثير على القضاة لصالح ابناء عشائرهم المتهمين، وهذا أمر لا يعد سراً من أسرار أمن الدولة العربية، بل هو أمر شائع جداً، متبع ومعرف جيداً بين أطراف الخصومة، ولكل شخص عمل في حقل المحاماة أو القضاء في الوطن العربي، وعليه فإذا فسد القضاء ضاعت الحقوق وفسد المجتمع، وتأخر إلى الوراء بدل أن يتقدم للأمام.
زد على ذلك ضياع كافة الحقوق المدنية والشخصية الأخرى في المجتمعات العربية، فلا إنصاف في توزيع الثروة، لأنها تقسم عشائرياً وليس شرعياً لصالح أبناء القبائل الأقوى في الدولة، ومنها الوظائف والمناصب العليا والدنيا، وغيرها من نواحي الحياة، غير أن الأزمة الحقيقية ليس في كل ماذكر سابقاُ، وإنما في حقيقة أنه القبلية العربية تعني استحالة نشوء دولة مدنية على الإطلاق، فهنيئاً لنا بعروبتنا وهنيئاً للدول العربية بقبائلها.
المحامي محمد ابداح

#محمد_ابداح (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات