أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - غواية نصية : من فتنة الكتابة إلى فتنة القراءة : قراءة في قصة : سفرلمحمد ختيم _إنجاز : المصطفى سلام















المزيد.....

غواية نصية : من فتنة الكتابة إلى فتنة القراءة : قراءة في قصة : سفرلمحمد ختيم _إنجاز : المصطفى سلام


نجية نميلي (أم عائشة)

الحوار المتمدن-العدد: 4542 - 2014 / 8 / 13 - 09:12
المحور: الادب والفن
    


فرضت كتابة القصة القصيرة جدا غوايتها و فتنتها على كتاب و مبدعين جدد- قدامى ، و قد ساعدهم في ذلك انتشار التقنية و الوسائط الرقمية ؛ التي قدمت لهم مساحة من الحرية في الكتابة و النشر و بالتالي التفاعل مع عدد لا نهائي من القراء ، و تبادل وجهات نظر مختلفة و متنوعة حول خصوصية و فرادة هذا اللون من الإبداع ، سواء في البناء أم التأثير الجمالي على القراء .
إن غواية كتابة القصة القصيرة جدا، لها أسبابها الوجيهة، فمنها ما يعود إلى رغبة و قدرة الكتاب على مزاولة الكتابة وفق هذا النمط من الإبداع، و منها ما يرجع إلى عوامل موضوعية. و مثلما يغوي هذا النمط من الإبداع كتابها و مبدعيها ، تغوي القراء بقراءتها و الانشداد إليها و الوقوع في حبائلها ، و هناك من لم تأسره بذلك . و يبين هذا التأثير الساحر للقصة القصيرة تفاعل الكثير من النوادي و الروابط و المختبرات مع نصوصها و إقامة مسابقات بينهم و قراءات في تجاربها .
في سياق التفاعل مع نصوص قصصية قصيرة، و استجابة لجذوة الغواية و الإغراء الذي تمارسه على القراء، نحاول في هذه القراءة لقصة سفر، أن نسافر في تضاريس غوايتها.
1 – في المتن :
سفر
اشتد به اليأس ، تناثرت أفكاره على شاطئ البحر ، لامست أمواجه إحداها ، تركت الباقي مع آثار أقدام .
2 – في الإخراج السردي :
من شروط انبناء القصة القصيرة جدا الكثافة أو الاقتضاب ، و تجنب الاستطراد أو الإسهاب ، في تنظيم الأحداث و ترتيبها ، دون أن نغفل مسألة التزمين و التفضية و بناء الشخصية . كل ذلك في مسار كثيف كثافة الخاطرة أو البارقة ، حيث الاحتكام إلى الاقتصاد في البناء دون الوقوع في الإخلال أو ما شابهه . لدينا في القصة موضوع التحليل المسار السردي التالي:
1 – اشتداد اليأس
2 – شتات الأفكار
3 – التقاط واحدة
4- ترك الباقي
هكذا كان الإخراج السردي موغلا في الاقتصاد ، و وفيا للاقتضاب :اليأس ---------------- التشتت في الأفكار ------------ التقاط الموج فكرة
و كأن اشتداد اليأس علامة على نضج الأفكار و بداية طرحها استعدادا لنضج أخرى . وثيرة السرد سريعة جدا ، لا يمكن قياس الزمن فيها بشكل بطيء ، لكن يمكن قياس ذلك قبلا ، أي قبل أن تنضج الأفكار على نار و جمر اليأس . هذا النمط من الإخراج للعالم السردي يخالف الإخراج السردي في النصوص التقليدية التي تتسم بالتمطيط و التنويع و القابلية للانفتاح على مسارات أو سيرورات مغايرة . مما يفرض على القراء أن يتمتعوا بالتقاط أكبر عدد ممكن من الأحداث في لقطة واحدة أو مشهد سريع الانتهاء .
2 – في التأويل الدلالي :
تتخذ القصة من ثيمة اليأس حدثا محوريا لها ، و كأنه هو الفاعل الأساسي في انفتاح النص و انتهائه ، و ذلك لخطورته و ديناميته في التحكم في الحقل العاطفي لليائس ، حيث اليأس شعور يصيب الإنسان كدليل على فقدان الأمل في تحقيق أمر ما ، و هو نقيض الرجاء ، فاليائس هنا في النص شخص عجز كليا عن تحقيق رهاناته ، و تنزيل أحلامه من العلياء إلى البسيطة .، و الإنسان عامة تعترضه مشاكل و أزمات كثيرة ، فينتصر على البعض و يفشل في غلبة البعض الآخر ، قد تكون مشاكل مادية أو عاطفية أو اجتماعية .. و قد تتراكم من أزمة بسيطة إلى أن تغدو أزمة كبيرة كأداء. و الفشل في تجاوزها و إيجاد حل لها يبين عمق الضعف و غوره. و قد يصاحب ذلك أعراض مثل التشاؤم و الرؤية السلبية و العدمية للأشياء ، حيث لم تعد الدنيا بألوانها القوس قزحية ، بل هي لون واحد لا غير ، السواد القاتم الكالح الفاحم . و إذا وصل الفرد أمام أزمة ما إلى هذه العتبة، سيجني حتما اليأس و الإحباط. و بالتالي تصبح مواجهة الأزمة بعيدة كل البعد عن مقدرته. و تتضاعف الأزمة لدى اليائس عندما يغدو ذلك ضغطا شبه يومي،. و إذا كان الأمر كذلك ، فالانتحار هو النتيجة المرتقبة و القريبة جدا منه . و تتميز الحياة المعاصرة بكثرة الضغوط التي يحياها الإنسان المعاصر ، أو يعاني منها : ضغوطات العمل و العلاقات الإنسانية و التحولات الاجتماعية ......و التغيرات على مستوى القيم و العواطف ....فمثلا يصل الإنسان غلى حالة اليأس عندما تواجهه أزمة قد تكون مادية أو عاطفية .... أو مرض مثلا أو فشل في الحصول على عمل ..... و كأن النص يبئر حالة اليأس التي تنتاب العديد من الفئات الاجتماعية ( شباب ، نساء ، شيوخ ) .
هناك دوما جهة ينتهي إليها اليائس ، أو تكون ما قبل النهاية له ، حيث النهاية المعتادة في تجربة اليأس عامة هي الانتحار ، أي الإقدام على الموت قبل أجله ، و كأن اليائس يستعجل الموت قبل أوانه ، لأنه يرى في ذلك حلا و إنقاذا له من أزمته . فمثلا تكون النوافذ هي آخر ما يربط اليائس قبل انتحاره بالعالم ، أو بعض السوائل ، أو بعض الأزهار التي يستنشقها ، أو الماء .أو بعض الأدوية مثلا ، و هنا في النص ، كان شاطئ البحر آخر عازل و فاصل بين اليائس و الموت أو الانتهاء ، أي الخروج من حالة اليأس إلى حالة الغياب . يقول السارد : تناثرت أفكاره على شاطئ البحر . و هو هنا لرمزيته على العمق و الشساعة و الاتساع . قد يكون البحر عائقا أمام اليائس للوصول إلى حالة الرجاء و الأمل ، لكن لخطورته لم يتمكن من تجاوزه ، و البحر في الواقع عائق و حائل أمام الحالمين بعالم مغاير و بحياة الرفاه و الرغد ، في الضفة الأخرى . البحر حاجز أما أحلام الشباب في تحقيق آمالهم و أمنياتهم ، بعد أن عانوا كثيرا ظروف الفقر و ضيق اليد و حسرة الحاجة . البحر حاجز أما الأحلام التي يحكي لنا عنها المهاجرون ، و تصورها لنا الأفلام و تنسجها لنا المسلسلات .... بهذه الصورة يكون البحر محطة نهاية اليائس :
منبع اليأس ----------- الواقع الاجتماعي أو المادي للشخص اليائس .
نهاية اليأس ------------------- البحر .
البحر هنا في النص يلعب دورا مزدوجا ، قد يكون بداية لحياة جديدة ، عنوانها الأمل و الرجاء ، و قد يكون بداية لما بعد الموت .
يبن البحر كنهاية لليائس عزلته و وحدانيته، و كلما كان اليائس معزولا وحيدا كانت نهايته قاسية، و محنته مضاعفة، مما يعجل بالنهاية المأساوية ( الانتحار ). و نلاحظ أن القصة هنا ضاعفت من مأساوية البطل، حيث جعلته وحيدا يواجه مصيره معتقدا أن الموت هو الحل الأنسب لأزمته.
3 مفارقة النص :
تشيد النصوص دلالاتها عبر ما تسمح به المفارقة كبعد بلاغي و أسلوبي ، و النصوص القصصية القصيرة جدا تبني دلالتها من خلال هاته الوسيلة ، و بالعودة إلى النص ، نلاحظ أن المفارقة تبدأ من العنوان ، الذي يحتمل دلالات متباينة، فالسفر الكنس ، و المسفرة المكنسة أي الكشف و الكشط ، و السفير ما سقط من أوراق الشجر . و السفر خلاف الحضر ، لما فيه من ذهاب و مجيء . و المسافر يسفر عن خلقه و سلوكه و عن أرومته لمن سافر عندهم أو معهم . و سفرت المرأة وجهها إذا كشفته .... و دائرة المعاني لمادة " سفر " تقترن بالبيان و الجلاء و الكشف و الصلح ..... و كأن اليائس في النص بعد أن اشتد به الأمر التجأ إلى البحر ليكشف و يجلي أفكاره أو يسفر عنها ، رغبة في التحرر من ثقلها و ضغطها . و هذه عادة يفعلها كثيرون و كأن البحر مهرب يهرب إليه من مستهم لوثة اليأس ليفرغوا في شطآنه ما أثقل كاهلهم . و جثم على كلكلهم . بهذه الصورة بكون العنوان انزياحا دلاليا شيد به النص مفارقة دلالية أولى ؛ حيث يعتقد القارئ أن البطل سافر بمعنى انتقل من مكان إلى آخر ، أو من مدينة إلى أخرى أو من وطن إلى آخر ، عبر البحر ، لكن هناك فكرة الكشف و الاعتراف للبحر بما يعانيه . و تعميقا لمأساوية اليائس، أن من تعاطف مع أفكاره و حفل بها موج البحر. و يخلق هذا التأليف المفارق بين الإنساني و الطبيعي ، تركيبا جديدا ، حيث يصبح البحر يائس ثان ، اشتد به اليأس فطرح أفكاره أي أمواجه ، و التقى اليائسان معا : البحر من جهة و الشخص من جهة ثانية . و التماثل بينهما قائم في الاضطراب و التشتت و غياب الاتزان، حيث الموج دليل ذلك عند البحر، و شتات الأفكار أمارة الاضطراب عند اليائس. و تكشف النهاية المفارقة للنص هشاشة الإنسان خاصة في حالة اليأس ، إذ أخذت فكرة الحياة و تركت ما دونها من أفكار أخرى ، أو أحلام و تأملات كانت تراود اليائس ، صحبة آثار أقدامه ، لكن الأثر الغائب هو أثر الحياة ، لأن الموج / الماء يمحو و يدرس ، فكيف للموج أن محا أثر الحياة و ترك أثر الموت ؟
تركيب :
كشف هذا النص القصير من حيث البناء ، و الكثيف من حيث الدلالة ، عن هشاشة من طوقهم اليأس و ران على قلوبهم ، فجعل منهم قرابين للموت ، يفارقون الحياة قبل الأوان ، ليس زهدا فيها ، و ليس تمردا على جبروتها ، و لكن ضعفا أمام أزماتها ، و كلما كانت الأزمات أكبر من الذات ، كانت المأساة أعمق و لا سيما في حالات اليأس . هذه قراءة / استجابة لغواية النص ، نأمل أن تكون قد أنارت بعض عتماته و كشفت عن بعض أسرار غوايته


17 – 05 – 2014



#نجية_نميلي_(أم_عائشة) (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلبي
- مقاربة قصة قصيرة جدا للدكتور يوسف حطيني من إنجاز : نجية نميل ...
- صديقاتي (1)
- سلسلة صديقاتي
- قصة قصيرة جدا للكاتب :حيدر لطيف الوائلي تحت مجهر نجية نميلي
- -كواكب- الأديبة مريم الحسن تحت -مجهر- نجية نميلي ( أم عائشة)
- مقاربة نص - مسار- للمصطفى كليتي / إنجاز: نجية نميلي
- قصص قصيرة جدا 11
- مصطفى عوض يرسم -بورتريه - ونجية نميلي تكشف عن ملامحه
- الميلودي الوريدي ضيف كرسي الاعتراف على صفحة رابطة القصة القص ...
- مقاربة نص - أشلاء- لعبد المجيد التباع /إنجاز نجية نميلي
- عبد الله الواحدي ضيف كرسي الاعتراف على صفحة رابطة القصة القص ...
- حوار مفتوح مع الدكتور: مسلك ميمون على صفحة رابطة القصة القصي ...
- ضيفة- كرسي الاعتراف -على صفحة رابطة القصة القصيرة جدا في الم ...
- نافذة مطلة على بحر و-آلة خياطة- وقصص قصيرة جدا على صفحة رابط ...
- قراءة في نص -طقوس-لنجية نميلي /إنجاز :محسن حزيران لفقيهي
- الآيات الجمالية في سرادات القصة القصيرة جدا -أنظمة التكثيف ا ...
- كل القوافل عادت
- أنا ...كنتُ...أنتَ..
- ق.ق.ج


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - غواية نصية : من فتنة الكتابة إلى فتنة القراءة : قراءة في قصة : سفرلمحمد ختيم _إنجاز : المصطفى سلام