أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - مقاربة قصة قصيرة جدا للدكتور يوسف حطيني من إنجاز : نجية نميلي ( أم عائشة )















المزيد.....

مقاربة قصة قصيرة جدا للدكتور يوسف حطيني من إنجاز : نجية نميلي ( أم عائشة )


نجية نميلي (أم عائشة)

الحوار المتمدن-العدد: 4539 - 2014 / 8 / 10 - 00:06
المحور: الادب والفن
    


الخمر والأمر(عنوان الق.ق.ج)
--------
العنوان ثنائية لفظية ، جملة اسمية مكونة من معطوف عليه ( الخمر) و حرف العطف( الواو) الذي يفيد المشاركة في الحكم والإعراب ومعطوف ( الأمر)..
أما من حيث الدلالة فالخمر ( لفظة مؤنثة وقد تذكَّر ) شراب مصنوع من عصير الفاكهة المخمَّر سُميت الخمر خمرا لأنها تُركت فاخْتَمَرَتْ وقيل سميت بذلك لمخامرتها العقل
يقول تعالى في سورة البقرةالآية "219": { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير}
وقد أطلق القرآن على الخمر لفظ الرجس ، والرجس في اللغة هو الشيء القذر ، وفي الشرع هو الشيء المحرم ، الذي يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع البغضاء والعداوة بين الناس.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن عمر { كل مسكر خمر وكل خمر حرام }
أما الأمرالذي هو مفرد " أمور" فيعني الحال أو الشأن ( وما أمر فرعون برشيد ) وقد يعني الحادثة أو الطلب والمأمور به ( وقُضي الأمر) كما جاء في القرآن الكريم في سورة هود ، كما نقول أَمَرَ فلان فلانا أي أشار عليه بأَمر .
فما علاقة العنوان بالمتن ؟
____________________
المتن
-----
متصبّبا عرقاً، راح مدرّس اللغة العربية يشرح لطلابه حكاية امرئ القيس ، بينما كانت تزكم أنوف الطلاب رائحة مجزرة إسرائيلية جديدة.
قال المعلم بحماسة: تلقّى امرؤ القيس خبر مقتل والده بهدوء،إذ تابع جلسته الخمرية قائلا :اليوم خمر...
قاطعه أحد الطلاب :وغدا ؟
هتفوا جميعا :وغدا ؟
رددت الملايين: وغدا؟
-...........
لم يصافح أسماعهم غير صمت مطبق.
___________________________
يبتدئ المتن باسم منصوب يصف هيئة صاحبه الذي يتصبب عرقا..ولاشك أن العرق الذي يسيل منه ويتدفق نتيجة مجهود عضلي أو فكري ..وربما نتيجة خوف أو اضطراب ..
فمن هو هذا الشخص الذي تصبّب عرقا ؟
يكمل السارد عبارته بقوله ( راح مدرّس اللغة العربية يشرح لطلابه حكاية امرئ القيس)
من خلال هذه الجملة نكتشف أن الشخص الذي تصبب عرقا هو مدرس اللغة العربية ..الذي يجتهد في شرح حكاية امرئ القيس لطلابه ..
ومن المعلوم أن امرئ القيس أحد أشهر شعراء عرب ماقبل الإسلام على مر التاريخ،الملقب بالملك الضليل ، نشأ نشأة ترف و نعيم، عشق اللهو والمجون .. طرده أبوه حجر بن الحارث الكندي ملك أسد وغطفان وهو في نحو العشرين من عمره ،الشيء الذي جعله يعاشر صعاليك العرب ..مواصلاً حياة اللهو والشرب والأكل والغناء.
فهل هذه هي الحكاية التي اجتهد المدرس في شرحها لطلابه ؟ ومن هم هؤلاء الطلاب ؟ وكم عددهم ؟ وفي أي صف هم ؟
من خلال المتن ، يتضح لنا أن السارد لايذكر شيئا عن هؤلاء الطلاب ..لكنه يشير ضمنيا إلى جنسيتهم الفلسطينية من خلال عبارته الوصفية التي يقول فيها :(بينما كانت تزكم أنوف الطلاب رائحة مجزرة إسرائيلية جديدة.)
فالمدرس اختار أن يشرح لطلابه حكاية امرئ القيس بينما رائحة مجزرة إسرائيلية جديدة تزكم أنوفهم ..هذه المجزرة التي تبدو من خلال السياق حديثة العهد وهي كما قال عنها السارد ( جديدة) ..أي أن هناك مجازر سابقة عنها ..
وقد اختار السارد كلمة " المجزرة" التي هي اسم مكان من فعل جزَرَ والتي تعني موضع ذبح البهائم ، للدلالة على شناعة ووحشية ما ارتكب في حق جماعة من الناس ، تلك المجزرة التي يبدو أنها لاتبعد عن المدرسة حيث فاحت رائحة الذبح منها حتى أصابت أنوف الطلاب بالتهاب ناتج عن بكاء و شعور بالبرد ..وإحساس بالخوف والهلع فرائحة الدم العربي ليست نتنة ..لكن المقصود رائحة الخبث والمكر والإفساد في الأرض والتقتيل من طرف الإسرائيليين.
...
هكذا وضعنا السارد أمام نشاط تعليمي ذي خصوصية معينة
المدرس= يتصبب عرقا وهو يشرح
الطلاب= رائحة مجزرة إسرائيلية جديدة تزكم أنوفهم
الدرس= حكاية امرئ القيس
فما هي المنهجية التي اتبعها المدرس لتبليغ طلابه حكاية امرئ القيس ؟
وماهي الحكاية التي تعتبر صلب موضوع الدرس ؟
وكيف تفاعل الطلاب مع موضوع الدرس ؟
...
بالرجوع إلى المتن نجد أن المدرس الذي يتصبب عرقا متحمس في ايصال حكاية امرئ القيس لطلابه من خلال قول السارد (قال المعلم بحماسة: تلقّى امرؤ القيس خبر مقتل والده بهدوء،إذ تابع جلسته الخمرية قائلا :اليوم خمر...)
وهذه الحكاية التي يتحمس المدرس لإخبار طلابه بها ، تتلخص في ثورة بني أسد على حجر بن الحارث الكندي حيث أنهم قتلوه، فبلغ امرئ القيس ذلك وهو جالس للشراب فقال: "رحم الله أبي! ضيعني صغيرا وحملني دمه كبيرا، لا صحو اليوم ولا سكر غدا، اليوم خمر وغداً أمر."
...
بعد اطلاعنا على الحكاية التي تحمس المدرس في شرحها لطلابه ، يمكننا أن نستنتج الأسلوب الممنهج الذي اعتمده المدرس في ايصال الفكرة للطلاب ، من خلال قوله "تلقى امرؤ القيس خبر مقتل والده بهدوء" ..
ففعل تلقّى يعني هنا توصل بالخبر الذي يفيد مقتل أبيه ..والذي يمكننا أن نعتبره خبرا ينبئ بشرّ ويبعث على الخوف ..
لكنّ امرئ القيس كان رابط الجأش حيث أنه " تلقى الخبر بهدوء".. و" تابع جلسته الخمرية " فالأمر الجلل لم يأخذ مأخذه من امرئ القيس الذي كان في مجلس شرب حين وصله نعي والده ..إذ أنه قال قولته المشهورة التي أضحت مثلا يُضرب لمن لا ينظر إلى عواقب الأمور ويتمادى في تسيُّبه "اليوم خمر وغدا أمر"
فالخمر هنا حجبت عقل امرئ القيس وغطته ( في ذاك اليوم) و هو أحوج مايكون إليه الإنسان في أوقات الملمات ، وساعات الأزمات ..
لكنها لم تحجب عقله عن طلب الثأر( في الغد) ، حيث حاول أن يثأر لأبيه ويسترد ملكه.
فما الغاية التي كان يتوخاها المدرّس من خلال حكاية امرئ القيس ؟ وهل لها علاقة بالمجزرة الإسرائيلية الجديدة .؟
يستمر السارد في وصف جو الفصل الدراسي ..من خلال قوله"قاطعه أحد الطلاب :وغدا ؟
هتفوا جميعا :وغدا ؟"
من خلال مقاطعة أحد الطلاب أو الطلبة للمدرس بقولهم " وغدا؟" ..يتضح أنهم يعرفون الحكاية ..ويعرفون المثل بل يعرفون قصد المدرس الذي يدعوهم للهدوء إزاء الأمر الجلل ( المجزرة )..
بل إن هذا الاستفهام الإنكاري لم يقتصر على طلبة ( هذا الفصل) وحده ، بل امتد إلى الصفوف الأخرى ولربما إلى خارج المدرسة حيث الملايين ..يهتفون ( وغدا؟)
فأي نوع من الاستفهام الإنكاري الذي هتفت به الجماهير ( وغدا؟)
فهل هو استفهام امتناع ؟
أم استفهام تكذيب ؟
أم استفهام توبيخ ؟
إننا بإعادة قراءة المتن والتمعن في الأسلوب سنجدهم وكأنهم يتساءلون حول الكرامة التي تكون معقودة بتوفر العقل لا بذهابه ..فهم ليسوا بسكارى يستمرئون المسكرات ويستعذبونها ، حتى يجوز فيهم التسيب و قبول الأمور على ما هي عليه .
كما أن " السكران" لابد أن يفيق حتى يستدرك حاله بعد غفلته كما فعل امرؤ القيس.
...
وعليه فإن المجزرة الجديدة واحدة من سلسلة المجازر المتتابعة ..فإلى متى يظل هذا الموقف المتخاذل ؟وهل يقابل هذا الفعل المستهجَن بالهدوء ؟ كما جاء على لسان المدرّس؟ الشيء الذي يجعلنا نرجح أن يكون الاستفهام استفهام توبيخ .
ويبدو أن سؤال الملايين الذي ينطلق من عتبة العنوان لم يقابل إلا ب(-...........)
بالصمت المطبق كما جاء على لسان السارد ، الذي يضعنا أمام صورتين متناقضتين كان الشاعر الجاهلي في إحداها بطلا حين قررالامتناع عن الخمر و التفرغ لطلب عدوه .
خلاصة
-------
لقد جعلنا الدكتور يوسف حطيني نغوص داخل لغة النص(وصفا وحوارا) ، نتفحص ونتأمل الألفاظ المكثفة وما تحمله من رمزية وشحنة دلالية مضمنا نصه حكاية امرئ القيس ..التي أضفت عليه نكهة وجمالية أثارت فضولنا واستفزته ، وجعلت منا طرفا مشاركا في تأثيث القصة.
فالحدث الماضي المختزن ، أمام الحاضرالمعيش ..تداخل زمكانيا ليخلق أمامنا ذلك الصراع بين الشخصيات إن لم نقل ذاك الصراع النفسي الذي نشعر به نحن كقراء أمام القضية الفلسطينية التي هي قضية العرب ككل، وهو تقاطع ثقافي يوافق الإحساس والفكر ولا يجيده إلا كاتب متمرس يعرف كيف ينتقي ، وكيف يوجه القارئ و يجعله يتمثل الصور والدلالات.



#نجية_نميلي_(أم_عائشة) (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديقاتي (1)
- سلسلة صديقاتي
- قصة قصيرة جدا للكاتب :حيدر لطيف الوائلي تحت مجهر نجية نميلي
- -كواكب- الأديبة مريم الحسن تحت -مجهر- نجية نميلي ( أم عائشة)
- مقاربة نص - مسار- للمصطفى كليتي / إنجاز: نجية نميلي
- قصص قصيرة جدا 11
- مصطفى عوض يرسم -بورتريه - ونجية نميلي تكشف عن ملامحه
- الميلودي الوريدي ضيف كرسي الاعتراف على صفحة رابطة القصة القص ...
- مقاربة نص - أشلاء- لعبد المجيد التباع /إنجاز نجية نميلي
- عبد الله الواحدي ضيف كرسي الاعتراف على صفحة رابطة القصة القص ...
- حوار مفتوح مع الدكتور: مسلك ميمون على صفحة رابطة القصة القصي ...
- ضيفة- كرسي الاعتراف -على صفحة رابطة القصة القصيرة جدا في الم ...
- نافذة مطلة على بحر و-آلة خياطة- وقصص قصيرة جدا على صفحة رابط ...
- قراءة في نص -طقوس-لنجية نميلي /إنجاز :محسن حزيران لفقيهي
- الآيات الجمالية في سرادات القصة القصيرة جدا -أنظمة التكثيف ا ...
- كل القوافل عادت
- أنا ...كنتُ...أنتَ..
- ق.ق.ج
- مفاتيح نص - زمن طائر - للمصطفى سكم بقلم :نجية نميلي
- مقاربة نص للمصطفى سكم تحت عنوان :زمن طائر من إنجاز :نجية نمي ...


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - مقاربة قصة قصيرة جدا للدكتور يوسف حطيني من إنجاز : نجية نميلي ( أم عائشة )