قصيدة (رحلة المجوس) للشاعر ت. س. إليوت

عبد الكريم بدرخان

الحوار المتمدن-العدد: 4539 - 2014 / 8 / 10 - 16:01
المحور: الادب والفن
    

في البردِ القارسِ جئنا
في أسوأ وقتٍ من العام لتذهبَ برحلة
ويا لها من رحلة طويلة!
الطرقاتُ غارقةٌ، والبردُ جارحٌ
كنا في الشتاء الميتِ تماماً
والجِمالُ أصابها المرضُ، وأُدميتْ حوافرُها، فحَرَنتْ عن المسير
وناختْ فوق الثلج الذائب.
كثيراً ما تحسّرنا
على قصور الصيف فوق التلال، وشرفاتها
حيث الفتياتُ الناعماتُ كالحرير، يقدّمنَ لنا الحلوى الباردة.
وبعدها، بدأ حداةُ الجِمالِ يشتمون ويتذمّرون
يركضون ويستجدونَ الخمرَ والنساء.
بدأتْ قناديلُ الليل تخبو، ولا مكان يؤوينا،
المدنُ تعادينا، البلداتُ تجافينا،
والقرى القذرة تساومُنا بأعلى الأسعار،
كم كانت فترةً عصيبةً.
وفي النهاية، قررنا أنْ نسافر طوال الليل
ونغفو لفتراتٍ قصيرة،
بينما كانتِ الأصواتُ تغنّي في آذاننا:
كل هذه الرحلة: حماقة !

عند الفجر، هبطنا إلى وادٍ دافئٍ نديّ
أدنى من مناطق الثلج، تفوحُ منه روائحُ النباتات
فيه جدولُ ماءٍ جارٍ، وعلى الجدول طاحونةٌ تضربُ الظلمات
وثلاثُ شجيراتٍ تلامس خطّ الأفق
وكان الحصانُ الأبيضُ العجوز يعدو فوق المرج.
ثم ذهبنا إلى حانةٍ، تعرّشُ الكرمةُ على قنطرة بابها
وعند الباب المفتوح؛ ستُّ أيادٍ تلعب النردَ من أجل قطعٍ فضيّة
وقدمٌ تركلُ قِـرْبة الخمر الفارغة.
لكن، لم تكنْ هناك أيُّ علامة، ولذلك أكملنا المسير
فوصلنا عند المساء، ولم نتأخّر لحظةً عن الميعاد
وجدنا المكان، وكان (يمكنك القول) مُرضياً لنا.

كل ذلك، كان منذ زمنٍ بعيد، أتذكّر الآن
وسأعيدُ نفس الرحلة لو استطعت، لكنْ سجّلْ عندك
سجّلْ عندك هذا
هذا: من أجل ماذا قطعنا كلّ هذا الطريق؟
من أجل الميلاد أم الموت؟
كان هناك ميلادٌ بالتأكيد، لدينا الدليلُ
ودون أي شكّ،
لقد رأيتُ الميلاد والموت سابقاً
لكن في هذه المرة كانا مختلفين، هذا الميلاد
كان قاسياً ومؤلماً جداً لنا، كأنه الموت، موتُنا
عدنا إلى بلادنا، إلى تلك الممالك
لكننا لم نعرف الراحة يوماً، تحت حكم الدين القديم،
وسط شعبٍ غريبٍ يتشبّثُ بآلهته،
كم سأكون سعيداً بموتٍ آخر!

* * *


[1] المقصود بالمجوس، هم الحكماء الثلاثة (الملوك الثلاثة) الذين جاؤوا من الشرق ليشهدوا ميلاد يسوع المسيح في بيت لحم، وقد ورد ذكرُهم في الإنجيل.
[2] اسم القصيدة باللغة الإنكليزية: Journey of the Magi
[3] حقوق الترجمة محفوظة لـ عبد الكريم بدرخان.

#عبد_الكريم_بدرخان (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل