أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الكريم بدرخان - نظام الأسد: محدثو نعمة وثقافة وسياسة















المزيد.....

نظام الأسد: محدثو نعمة وثقافة وسياسة


عبد الكريم بدرخان

الحوار المتمدن-العدد: 4440 - 2014 / 5 / 1 - 16:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما قام ضبّاط حزب البعث بالانقلاب على السلطة الشرعية في سوريا يوم 8 آذار 1963؛ قالوا إنه انقلاب على "اليمين المشبوه"، والمقصود بهذا المصطلح البعثي هم البرجوازية الوطنية التي بنت المعامل والمصانع والبُنى التحتية بعد الاستقلال، فاستفاد منها الشعب السوري عندما كانت تحت ملكية أصحابها، وحتى بعد تأميمها. وعندما اشتدّ الصراع العلوي-العلوي بين ضباط حزب البعث، قام حافظ الأسد بالانقلاب على رفيق دربه صلاح جديد، قائلاً إنها حركة تصحيحية لما سمّوه "ثورة 8 آذار"، وإنها انقلاب على "العقلية المُناوِرة"!، وهنا أضاف مصطلحاً جديداً للقاموس البعثي، بالإضافة إلى "اليمين المشبوه"!
تكاد الانقلابات التي قام بها حافظ الأسد ورفاقه ثم حافظ الأسد على رفاقه، ثم بشار الأسد على رفاق أبيه... لا تُعدّ ولا تُحصى، منها انقلابات متكرّرة داخل حزب البعث نفسه، وانقلابات متكرّرة داخل الجيش السوري وقياداته العسكرية، وانقلابات داخل الطائفة العلوية وزعاماتها العشائرية، وانقلابات اقتصادية متكررة، مرةً على البرجوازية الوطنية والإقطاع، ومرةً انقلاب البعث على مؤسسات الدولة وسيطرته الكاملة عليها، وما تبعها من سيطرة لكبار القادة العسكريين والأمنيين والحزبيين على اقتصاد القطاع العام. ولا بدّ أن نذكّر أنّ كل انقلاب يعقبُه خلل بنيويّ في الدولة والمجتمع، خلل في البُنى السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى الخلل القِيَمي والأخلاقي. فالانقلاب يرفعُ من يشاء، ويسحقُ من يشاء. يقدّسُ من يشاء، ويدنّس من يشاء.

من أين جاء محدثو النعمة؟
--------------------------
من كبار القادة العسكريين والأمنيين والحزبيين الذين سيطروا على مؤسسات الدولة، وراحوا يسرقون وينهبون من المال العام، حتى أصبحوا في فترة قصيرة أغنى أغنياء البلد، بعد أن كانوا قبل سنوات أفقر فقرائه. والواضح أنّ أبناء هؤلاء القادة جميعاً أصبحوا اليوم رجال أعمال، بل هم أكبر رجال الأعمال في سوريا، وكل واحد منهم يملك عدة شركات ومصانع ومعصرة زيتون (للبركة)، حتى قام أكبرُهم وأكثرُهم إثراءً على حساب الشعب، أي بشار الأسد، باعتماد اقتصاد السوق الحرّ بدلاً من الاقتصاد الاشتراكي الذي ينصّ عليه دستور عام 1973، لكي يتناسب مع حجم الرساميل المستثمرة في القطاع الخاص، والتي أصبحت تفوق حجم الرساميل المستثمرة في القطاع العام. ولا ضرورةَ للتذكير بأن طبقة رجال الأعمال الشابة "الذئاب الشابة"، التي عاشت مرفّهةً في المدن السورية، وتعلّمت في أفضل المدارس والجامعات، ولم تعرف الفقر أو العوز يوماً؛ هي الطبقة التي أسستْ ميليشيات الشبيحة، وهي التي قادتها خلال ثلاثة أعوام لارتكاب أبشع الجرائم بحقّ الإنسان السوري. وهكذا استبدل نظام الأسدَين البرجوازية الوطنية بالبرجوازية المجرمة، وبمعنى آخر؛ البرجوازية البنّاءة بالبرجوازية المدمّرة.

من أين جاء محدثو الثقافة؟
---------------------------
عندما يسيطر محدثو النعمة على مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسات الثقافية والإعلامية، فلا بدّ أن يوجهوها لدعم الثقافة والفنون التي ترضي أذاوقهم، وتناسب خلفيّاتهم الاجتماعية. كما أن كل مُحدَث نعمة يحاول أن يظهر بمظهر داعم الثقافة والفن، كنوعٍ من الكماليّات والبرستيج، ولذلك راحتْ طبقة رجال الأعمال الشابة تفتتح شركات الإنتاج الفني، وتدعم المهرجانات الثقافية والسياحية، وتموّل بعض الموسيقيين والكتّاب والدراميين. قد يبدو سلوكهم داعماً للثقافة حقاً، لكن ثقافة محدثي النعمة لا الثقافة الأصيلة. ولذلك سيطرت الموسيقى الهابطة والدراما الهابطة والأدب الهابط على المشهد الثقافي السوري، وأصبح عندنا طبقة حقيقية من محدثي الثقافة، اصطفّتْ بمعظمها مع نظام الأسد، وراحت تبرّر جرائمه إلى اليوم.
كما أشير إلى سببٍ آخرَ لظهور طبقة محدثي الثقافة، وهو سببٌ سابق لظهور طبقة محدثي النعمة، ألا وهو أنّ النظام القائم على قمع كل صوت يعارضه، يبرّر أساليبة الإجرامية بذرائع مختلفة، فأي صوت معارض من البرجوازية الوطنية يتمّ اتهامه بأنه من "اليمين المشبوه"، وأنه عميل للإمبريالية، وكل صوت معارض من الطائفة السنّية يتمّ اتهامه بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وكل صوت معارض من الأكراد يتمّ اتهامه بأنه انفصالي. وكان للنظام مقاربة أخرى فيما يتعلّق بالصوت المعارض من أبناء الطائفة العلوية، وخاصةً في بداية حكمه الذي تضمّن انقلاباً اجتماعياً على زعماء العشائر العلوية. حيث قرّر الأسد أنْ يفتح لأبناء الطائفة العلوية أوسعَ الأبواب للدخول في المجال الثقافي والفني والإعلامي، لكي تُفرّغ الأصوات المعارضة طاقاتها أدبياً وفنياً، بدلاً من تفريغها سياسياً أو عسكرياً.
وهكذا أصبحت نسبة وجود أبناء الطائفة في وزارة الثقافة ووزارة الإعلام والتلفزيون السوري ووكالة "سانا" والصحف والمجلات أكبر بكثير من نسبتهم الديموغرافية. ونتيجةً لهذا التوجه من السلطات؛ أصبح بإمكان أي شخص من أبناء الطائفة -سواءً كان معارضاً أو مؤيداً أو شبيحاً- أنْ يصبح شاعراً أو صحفياً أو ناقداً أو مخرجاً أو ممثلاً...، طالما أن مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص مفتوحة له.

من أين جاء محدثو السياسة؟
-----------------------------
بعد أن قضى حزب البعث على الحياة السياسية لمدة خمسين عاماً، توالدت أجيال كاملة لم تمارس السياسة في حياتها، ولا تملك الثقافة اللازمة لممارسة السياسية، ولا تهتم بالسياسة أصلاً. ولم يبقَ سياسيّون في البلد إلّا من بقيَ حيّاً من قُدامى البعثيين (إنْ صحّ تسميتهم برجال سياسية)، أو من بقيَ حيّاً من أحزاب "الجبهة الوطنية التقدمية"، وهؤلاء كانت أقصى أحلامهم السياسيّة أنْ يسمح لهم النظام بتوزيع منشورات في مقهى الروضة، أو إصدار صحيفة من ورقتين، هم مَنْ يكتبونها وهم مَنْ يقرؤنها.
ومع انطلاق الثورة السورية وجدَ النظامُ نفسه في أزمة سياسية، لكنْ لا يوجد عنده سياسيين، يوجد عنده جيش وأمن فقط، فلم يكن يملك خياراً غير الحلّ الأمني والعسكري. ولم يجد النظام سياسيّاً واحداً ليدافع عنه في وسائل الإعلام. وأثناء هذه الزوبعة العارمة التي تجتاح سوريا منذ ثلاث سنوات، وجدَ الكثيرون الفرصة المناسبة للتسلّق والوصول، فركبَ الموجة مَنْ كانوا يعملون بمهنٍ مختلفة، ومَنْ كانوا لا يسمعون نشرةَ أخبار من قبل، وخرج منهم مَنْ أصبحَ اليوم مُحلّلاً سياسياً أو استراتيجياً، ومنهم مَنْ شكّل حزباً سياسياً "تحت سقف الوطن"، ومنهم مَنْ وصل إلى القصر الجمهوري بمرتبة مستشار. هؤلاء هم طبقة محدثي السياسة التي تشكّل اليوم الواجهة السياسيّة للنظام السوري، سواءً على وسائل الإعلام أو في المحافل الدولية.

في النهاية، لا تنقصُني الفطنةُ لكي أشير إلى أنّ بعضَ المحسوبين على الثورة والمعارضة يعملون بنفس عقلية النظام، ويحاربونه بنفس أساليبه، وبالتالي برزتْ في الثورة ظواهر شبيهة بظواهر النظام، أي يوجد في الثورة اليوم: محدثو نعمة ومحدثو ثقافة ومحدثو سياسة، وهذا ما يحتاج مقالاً أخر.



#عبد_الكريم_بدرخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثر المكوّنات الثقافية في السرد النسائي
- يوميّات الجرح السوري (شِعر)
- المرأة بوصفها رمزاً للحرية - قراءة في مجموعة للشاعر فرج بيرق ...
- دُوَار (شِعر)
- مدينة الأحزان (شِعر)
- في مطلعِ السنة الجديدة (شِعر)
- هذا المساء (شعر)
- سلطة النموذج في العقل العربي
- حمص: الأسطورة تجدّد شبابها
- إلى شاعر معتقل
- هل كان الماغوط معارضاً للنظام؟
- هل العنف ظاهرة دينية؟
- النظام الوراثي.. من الدين إلى السياسة
- الصراع السنّي- الشيعي بديلاً عن العربي- الإسرائيلي
- (الدولة العلوية) ورقة الأسد الأخيرة
- قصيدة الأرض
- موت المؤلف والصحف العربية
- التحوّل الديمقراطي ومشكلة الأقليّات
- الدولة المدنية في الإسلام
- الإسلام السياسي والمأزق الفكري


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الكريم بدرخان - نظام الأسد: محدثو نعمة وثقافة وسياسة