أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الكريم بدرخان - هل العنف ظاهرة دينية؟















المزيد.....

هل العنف ظاهرة دينية؟


عبد الكريم بدرخان

الحوار المتمدن-العدد: 4225 - 2013 / 9 / 24 - 23:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل العنف ظاهرة دينية؟
أعتقد أن الجواب المرسوم في أذهاننا هو: لا !!
لأننا عندما نقول "الدين"، فإن كل شخص يذهب بتفكيره إلى دينه وطائفته، ويرى بنفس الوقت أن الأديان والطوائف الأخرى تمارس العنف أيضاً، فيقرر فوراً أن لا علاقة بين الدين والعنف.

عودة إلى البدايات:

من يسبق الآخر.. الدين أم العنف؟
إذا أخذنا بالرواية التوراتية والقرآنية لقصة الخلْق، نرى أن الدين سابقٌ للعنف، فالحياة بدأت في الجنة، وتحت رعاية الخالق سبحانه وتعالى، ثم هبطَ الإنسان إلى الأرض بعد خطيئته الأولى، وعندها شهدَ العالم أول جريمة قتل بين أول شقيقين على وجه الأرض: قابيل وهابيل، وكان سبب القتل.. أن الله قبل القربانَ المقدّم من الراعي هابيل "لحم الغنم"، ولم يقبل القربان المقدم من الفلاح قابيل "ثمار الأرض"، وهنا جاءت أول ظاهرة عنف سبباً مباشراً لموقفٍ اتخذه الله سبحانه وتعالى؛ بقبول قربان أخٍ ورفض قربان الأخ الآخر.
أما إذا أخذنا بالرواية الدارونية أو غيرها من الرواية العلمية لخلق الإنسان، والتي تشير معظمها إلى أصله الحيواني، نرى فيها أن العنف سابق للدين، فالعنف سمة من سمات الحيونات تدفعها إليها غريزةُ الجوع وغريزة حبّ البقاء وغريزة الأمومة، أي أن الجسد الإنساني اعتمد على العنف لسنواتٍ طويلة خلال مرحلته الحيوانية، قبلَ أن يكتمل نموّ العقل البشري إلى درجةٍ تسمح له بالتفكير في أصل الكون وأصل الخلق، وتحرّضه على البحث والغوص في بحار المفاهيم المجرّدة والميتافيزيقة، إلى أنْ وصلَ العقل إلى مرحلة الدين. فهنا نجد أن العنف سابق للدين، وهو ليس ظاهرة دينية.

العنف في النص المقدس:

إذا أخذنا بالموقف السلفي الذي يميّز الفكر الشرقي تاريخياً، السلفية بكلّ تجلّياتها اليهودية والمسيحية والإسلامية، والتي تضع النصّ المقدس فوق العقل دون أي استثناءات أو احتمالات للتأويل، نجد أن هذه النصوص المقدّسة تدعو إلى العنف بوصفه ظاهرة دينية مراراً وتكراراً.
لقد أعطى الربّ اليهودي "يهوه" شعبه "بني اسرائيل" وعداً بأن تكون أرض فلسطين لهم، بل إن مملكتهم سوف تمتد من الفرات إلى النيل. لكن المشكلة أن هذه الأراضي فيها شعوب أخرى من غير اليهود، وبالتالي كان لا بدّ من إبادة هذه الشعوب حتى يفي الربّ "يهوه" بوعده، وحتى ترتفع كلمة الرب فوق كلمة البشر.
فكان لا بدّ أن يبلبل الربُّ ألسنةَ أهل بابل، ويهدّم زقوراتِـها [سفر التكوين: 11]، وكان لا بدّ أن يمرّ على أرض مصر ليلة العيد، ويضرب كلَّ بكرٍ فيها من الناس والبهائم [سفر الخروج: 12]، وكان لابد للنبي اليهودي "يهوشع بن نون" من أن يبيد ثلاثين مملكةً في أرض كنعان بمساعدة ومعونةٍ إلهية، حتى يتحقق وعدُ الرب "يهوه" [سفر يشوع، من الإصحاح 6 إلى 11].
ومع أنه لا يمكننا الفصل بين العهد القديم والعهد الجديد، فقد جاءت المسيحية لتحسين صورة الإله اليهودي الباطش الجبّار المتكبّر المبيد، لكن آباء الكنيسة الأرثوذكسية ما لبثوا وأن عادوا إلى الموقف السلفي المتشدد، وأصدروا تحريماتٍ ولعناتٍ بحقّ من يخالفهم الرأي من القديسين "الهراطقة". وغالباً ما تكون عقوبة الرأي المارق عن رأي الكنيسة الحاكمة هو السحل والقتل والصلْب.
كما جاء في القرآن الكريم أن الله القوي العزيز الجبّار القهّار يبيد شعوباً كاملة حين تخالف أمره { وكم أهلكنا من القرون بعد نوح} [سورة الإسراء، الآية 17]، كما أنه سبحانه يخلق المبرّر لإبادة الأمم والشعوب { وإذا أردنا أن نُهلكَ قريةً أمرْنا مُترفيها ففسقوا فيها فحقَّ عليها القولُ فدمّرناها تدميرا} [سورة الإسراء، الآية 16].
ولا ضرورةَ لأن نذكر القارئ بقصة طوفان نوح، كنموذج لقصص الدمار الشامل. أو بقصة سدوم وعامورة كنموذج للإبادة الجماعية، حيث أنّ ارتكاب رجال سدوم لخطيئة اللواط، أعطى مبرراً لإبادة الشعب بإكمله، نساءً وأطفالاً وشيوخاً.
ولا تكمن مشكلة النص المقدس بتصويره الله تعالى بصورة القوي العزيز الجبار المتكبر، فهذه الصورة قد تكون ضرورية لإخضاع الناس إلى أمر الله، وهدايتهم نحو السراط المستقيم. لكن المشكلة هي أن هذه الديانات "السماوية" الثلاث قد نصّبت من البشر ممثلين عن الله سبحانه وتعالى، يحكمون بأوامره وينفذّون شريعته، ويبيدون كل من يقف في طريقهم، مستمدين سلطتهم الأرضية من النص المقدس.
والأمثلة لا تعدّ ولا تحصى عن جرائم القتل والإبادة التي جرتْ وما زالت تجري باسم النص المقدس، وتكفي الإشارة هنا إلى الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها اسرائيل على أرض فسلطين منذ 65 عاماً.

الدين × السياسة = العنف :

إذا استعرنا ألاعيب هيغل الجدلية، وافترضنا أن الدين "أطروحة"، وأن السياسة "نقيض"، فهل يكون "التركيب" الناجم عن صراعهما غير العنف؟
إن ارتباط الدين بالسياسية يتضمّن قراءة جديدة للدين وقراءة جديدة للسياسة، وهاتين القراءتين الجديدتين تكونان محارَبتين من القراءة الدينية القديمة، ومن القراءة السياسية القديمة.
تتهم القراءةُ الدينية القديمة.. القراءةَ الجديدة؛ بالكُفر والردّة والهرطقة والبدعة والمروق والخروج. كما تتهم القراءةُ السياسية القديمة.. القراءةَ الجديدة؛ بالتمرّد والثورة وزعزعة الأمن وقلب نظام الحكم. وهنا يبدأ العنف من القراءة الدينية- السياسية القديمة ضدَ القراءة الدينية- السياسية الجديدة.
وغالباً ما يحصل العكس، إذ إن القراءة الجديدة للدين والسياسة تتمثّل في خروج جماعةٍ من البشر عن النسق الديني والسياسي القائم، هذا الخروج يكون في نظرِ أصحابه مشابهاً لخروج الأنبياء على أقوامهم، وهنا تتمسّكُ القراءةُ الجديدة بأحقّية وصوابية قراءتها السياسية، المدعومة بأحقية وصوابية قراءتها الدينية، وتجنح نحو العنف المنفلت، ويلقي أصحابها بأنفسهم في أتون الموت باسمين، بعد اقتناعهم التام بأنهم مُلّاك الحق والحقيقة.

خاتمة:

موضوع جدلية الدين والسياسة، وما قد يرشحُ عنهما من عنف، يحتاج إلى كتبٍ ضخمة وشروح وفيرة. ولا أعتقد أنني أملكُ جواباً وافياً عن هذه الأسئلة الكبرى، لكنني أردتُ إثارة بعض التساؤلات فقط، ورشقَ بعضَ الحجارة في المياه الراكدة.



#عبد_الكريم_بدرخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام الوراثي.. من الدين إلى السياسة
- الصراع السنّي- الشيعي بديلاً عن العربي- الإسرائيلي
- (الدولة العلوية) ورقة الأسد الأخيرة
- قصيدة الأرض
- موت المؤلف والصحف العربية
- التحوّل الديمقراطي ومشكلة الأقليّات
- الدولة المدنية في الإسلام
- الإسلام السياسي والمأزق الفكري
- الشباب العربي وقتل الآباء
- قراءة في تاريخ الموت المقدس


المزيد.....




- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الكريم بدرخان - هل العنف ظاهرة دينية؟