أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الكريم بدرخان - الصراع السنّي- الشيعي بديلاً عن العربي- الإسرائيلي















المزيد.....

الصراع السنّي- الشيعي بديلاً عن العربي- الإسرائيلي


عبد الكريم بدرخان

الحوار المتمدن-العدد: 4011 - 2013 / 2 / 22 - 03:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


- نشأة الصراع السنّي الشيعي:

لم ينشأ الصراع السنّي الشيعي إلّا في فترة الصراع العثماني الصفوي على المنطقة العربية في القرن السادس عشر، وعندها تحوّلتْ السنةُ والشيعةُ من مذهبٍ ديني إلى طائفةٍ سياسية، طائفةٍ سياسيةٍ هي أبعدُ ما تكون عن الدين، إذ يتمُّ تحشيدُ أفرادها وتعبئتهم غرائزياً، وإثارةُ حقدهم على الطائفة الأخرى، من أجل كسب ولائهم في الحروب ليس أكثر. ولم تكن الحروب العثمانية الصفوية حروباً دينية أبداً، أي لم تكن بغرض إعلاءِ كلمةِ عقيدةٍ على أخرى، بل كانت حروباً سياسية بغرض السيطرة على بلاد الشام والعراق، وقد قام الطرفان باستغلال الدين الإسلامي، واتخاذه وسيلةً لتحشيد الناس وعسكرتهم. ومن ذلك الزمن.. بدأ رجال الدين باختلاق الفروقات الدينية والفقهية بين الطائفتين وتضخيمها، بالإضافة إلى تشويه صورة الطائفة الأخرى، واتهامها بفساد العقيدة على أقل تقدير. ثم قاموا بإسقاط هذا الانقسام على التاريخ الإسلامي، وتصويره على أنه تاريخُ صراعٍ سنّي شيعي مستمرّ، وبعد ذلك.. راحَ كلٌّ منهما ينسب شخصياتٍ مسلمةً لطائفته ويمجدُّها، ويستبعدُ شخصياتٍ أخرى ليقوم بتحقيرها.


- قراءة غير طائفية للتاريخ الإسلامي:

استخدُمَ مصطلحُ الشيعة للدلالة على شيعة علي بن أبي طالب، أي جماعته وأتباعه، وهم مجموعة من الصحابة كانوا يرون أنّ الخلافة يجب أن تكون له ولأولاده من بعده. وقد بدأ الصراع بينهم وبين أميّة عندما رفضَ معاويةُ بن أبي سفيان قرارَ الخليفة عليّ بإقالته من ولاية الشام. ومن هنا يتضَّحُ أنّ هذا الصراع كان صراعاً على السلطة بين بني هاشم (آل البيت) وبني أميّة، وهو لم يكن صراعاً دينياً أو طائفياً، إذ لم يكن هناك أي اختلاف ديني أو فقهي بين عقيدة بني هاشم وعقيدة بني أمية. ومن الغريب اليوم.. أنْ ينسبُ الناسُ أنفسَهم إلى شيعة علي، وكأنهم من الصحابة الذين يريدون تنصيبَ الإمام عليّ خليفةً، بعد وفاته بألف وأربعمئة عام.
وبالمقابل فقد ظهرَ مصطلحُ (أهل السنة والجماعة) في بداية القرن الثالث الهجري، زمنَ حكم الخليفة العباسي المأمون، وهم مجموعةٌ من العلماء والفقهاء اتخذوا موقفاً فكرياً في مواجهة فكر المعتزلة المنتشر وقتذاك، وليس في مواجهة الشيعة. وكان على رأس هؤلاء العلماء الإمامُ أحمد بن حنبل الذي سجنَهُ الخليفةُ المأمون. وهؤلاء العلماء والفقهاء لم يشكّلوا طائفةً يتوارثها الأجيالُ بالمعنى الذي نعرفه اليوم، فقد يكون أحدُ أبنائهم من أتباع فكر المعتزلة، والآخر من أتباع فكر الأشاعرة. فأهلُ السنّة والجماعة موقفٌ فكريّ، وليس طائفةً ينتسبُ الناسُ إليها أباً عن جدّ، وهو موقفٌ مرتبطٌ بزمانه ومكانه وشخوصه. ومن الغريب اليوم.. أن ينسبُ الناس أنفسهم إلى أهل السنّة والجماعة، وكأنهم علماءُ دينٍ يعيشون في زمن المأمون، ويقفون ضدّ المعتزلة.
يُعتبر الإمامُ جعفر الصادق واحداً من أهم الفقهاء المسلمين، وقد نسبَهُ الشيعةُ إلى أنفسهم فيما بعد، واعتبروه أهمَّ أئمّتهم، حتى أنهم سمّوا أنفسهم بالشيعة الجعفرية، وكان من أهمِّ تلاميذه.. الإمامُ أبو حنيفة النعمان، الذي نسبَهُ السنّةُ إلى أنفسهم فيما بعد، واعتبروه واحداً من الأئمة الأربعة الكبار، إنْ لم يكن أهمَّهم. وفي الحقيقة لم يكنْ الإمامُ جعفر الصادق شيعياً، ولم يكن الإمام أبو حنيفة النعمان سُنياً، كانا مسلمين فقط.
لم يتحوّل مصطلح الشيعة إلى طائفة دينية، إلّا خلال القرن الرابع الهجري، وقد سمّوا أنفسهم بالشيعة الاثني عشرية تمييزاً عن الشيعة الإسماعيلية والزيدية، وليس تمييزاً عن السنّة. وهو تمييزٌ فقهي لا سياسي. ولم يتحولوا إلى طائفة سياسيّة إلا في عهد الدولة الصفوية، وعندها قامتْ الدولةُ العثمانية بتحويل مصطلح (أهل السنة والجماعة) إلى طائفة سياسية أيضاً، للأغراض التي ذُكرتْ سابقاً.


- مرحلة تجاوز الصراع السنّي الشيعي:

في عصر النهضة العربية الذي امتدَّ من بداية القرن التاسع عشر حتى الربع الأول من القرن العشرين، استطاع المفكّرون العرب والمسلمون مدَّ جسور التواصل بين السنّة والشيعة. وكانت الدعوةُ إلى فكرة العروبة؛ كفكرةٍ ثقافية عابرةٍ للهوية الدينية كافيةً لخلقِ هويةٍ عربيةٍ جامعة، تجمع كافة الأديان والطوائف، وتجمع كافة الأعراق أيضاً، باعتبار أنْ ذوي الأصول غير العربية؛ هم عربيّو اللغة والثقافة. وبعد التحرّر من الاستعمار الأجنبي، استطاع رجالُ الدولة في البلدان العربية بناءَ أنظمةٍ سياسيةٍ لا يوجدُ فيها أيُّ تفريقٍ طائفيّ أو عرقيّ. وكان الناس وقتها ينقسمون إلى أحزاب سياسية، وهذه هي الانقسامات المطلوبة في الدولة الحديثة.


- نهاية الصراع العربي الإسرائيلي:

كان إنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين كافياً لإشغال المنطقة بحروب متواترة، ولإشغال الشعوب بهجراتٍ متكررة، ومشكلاتٍ اجتماعية جديدة. مما حوّل منطقة الشرق الأوسط إلى منطقةِ صراع وتوتّر دائمين، وإلى مرتعٍ خصبٍ لنشوء التيارّات المتشدّدة قومياً أو دينياً أو إيديولوجياً.
ويبدو – مع نهاية القرن العشرين- أن هذا الصراع قد انتهى تماماً، فبعضُ الدول العربية عقدتْ سلاماً صريحاً مع إسرائيل مثل مصر في عهد السادات، وبعضها الآخر عقد سلاماً ضمنياً معها (من تحت الطاولة) مثل سوريا في عهد الأسدين. ولم يبقَ في الصراع سوى قطاع غزّة، بحجمه الصغير وإمكانياته المتواضعة.
إن نهاية هذا الصراع سوف يدخل المنطقة العربية في فترة استقرار سياسي، وبالتالي استقرار اقتصادي واجتماعي وثقافي، وهذا ما لا يناسب الغرب، فكان لا بدَّ من اختلاقِ صراعٍ جديد في المنطقة، لكي تبقى منطقةَ حروبٍ وصراعات دوليّةٍ تسفك فيها الدماء.


- اختلاق الصراع السنّي الشيعي من جديد:

وجدت الدولُ الغربية أنّ إشعالَ الفتنة السنّة الشيعية هو أفضلُ طريقٍ لتمزيق الشرق الأوسط، وجعلِ العرب والمسلمين يحاربون بعضهم بعضاً، دون أن يتكلّف الغربُ مشقّةَ محاربتهم.
وقد وجدوا أن التربة العربية صالحةٌ لزرع هذه البذرة، فالأنظمةُ العربية الاستبدادية قامتْ بسحق الإنسان العربي خلال العقود الماضية، ومنعته من ممارسةِ السياسة أو تشكيل أحزاب سياسية، كما منعته أيضاً من إنشاء منظماتِ المجتمع المدني، أو أيّ منظماتٍ أفقية عابرةٍ لحدود الأديان والطوائف. مما جعل الناس يرتدُّون إلى انتماءاتِ ما قبلَ الدولة (الطائفة أو العشيرة)، فهو الانتماءُ الوحيد المسموح لهم، وهو السبيلُ الوحيد لحماية أنفسهم من النظام التسلُّطي.
بدأ الدور الغربي يظهر في هذا الصراع منذ الغزو الأمريكي للعراق 2003، وإنشاء نظام سياسي طائفيّ لم يعرفه العراق عبر تاريخه. نظام أدّى إلى تفتيت الدولة، وتدمير المجتمع، واغتيال صوت العقل. وفي النظام السياسي الطائفي أياً كان؛ يصبح عدوُّ الطائفةِ هو الطائفةُ الأخرى، لا العدو الخارجي، وعندها تبرِّرُ كلُّ طائفةٍ لنفسها الاستعانةَ بالعدوّ الخارجي في مواجهة الطائفة الأخرى، بهدف منافستها على اقتسام كعكة الوطن، أو تحقيق مكاسب ومناصب سياسية. وهو في حقيقته.. صراعُ مصالح بين زعماء الطوائف، لا صراعُ طوائف أو مذاهب أو عقائد دينية.
وهكذا فقد تحوّل العراقُ إلى ساحة صراعٍ سنّي شيعي، تعبثُ فيه كافة الأطراف الإقليمية. حتى أنْ أمريكا رأتْ أن تسلّم العراقَ إلى إيران بعد خروجها منه، مما يزيد من حدّة الاحتقان بين السنّة والشيعة، من خلال وضع النفوذ الإيراني في بلدٍ ملاصقٍ لدول الخليج العربي.
وما حصل في العراق.. تتمُّ الآن محاولةُ تكراره في سوريا، فبعد عامين من الثورة السورية، وعامين من جرائم النظام التي لم يشهدْ العالم مثيلاً لها، لم تقمْ الدول الكبرى بحلّ هذا الصراع، ولم تقم بتطبيقِ قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة الذي تدّعي الالتزام به. وهنا لا يختلف الموقف الأمريكي عن الموقف الروسي، فكلاهما يريدان إطالةَ أمدِ النزاع في سوريا من أجل تمزيقِ وحدة النسيج السوري، وتفتيتِ الدولة والمجتمع، وربما يصلون إلى حلّ التقسيم، كما يفعلون في العراق.
إنّ الدعم العسكري والمالي واللوجستي والسياسي الذي تقدمه إيران وحزب الله للنظام الأسدي، والمتوازي مع سكوتِ العالم عن كل جرائم النظام، خلقَ ردّة فعلٍ عند المسلمين السنّة في كل مكان، واستثارَ الشعورَ الطائفي لديهم بعد أن كان نائماً، ودفعَهُمْ إلى الدخول في هذه الحرب لنصرة السنّة في مواجهة الشيعة. وقد أدّتْ هذه الحالةُ التي وصلنا إليها إلى تزييف الحقيقة، حقيقة الثورة السورية.. بكونها ثورةَ شعبٍ مظلومٍ ضدَّ نظامٍ ظالم، وبكون المظلومين من كلّ الطوائف، والظالمين من كلّ الطوائف أيضاً.
هذا ما تسعى الدول العظمى إليه؛ وهو تحويل سوريا إلى ساحة صراعٍ تجتمع فيها التيّاراتُ الجهادية السنّية والشيعيّة، لكي تصفّي بعضها بعضاً، وتنسى أعداءها الحقيقيين. ثم إنّ تجميعهم في مكانٍ واحدٍ.. سوف يسهّلُ على الدول الكبرى القضاء عليهم، عن طريق تدخّلٍ عسكريٍّ خارجيّ في منطقة واحدة فقط، بدلاً من تتبُّعهم من بلدٍ إلى بلد، كما كانتْ السياسةُ الأمريكية في العقد الماضي.



#عبد_الكريم_بدرخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (الدولة العلوية) ورقة الأسد الأخيرة
- قصيدة الأرض
- موت المؤلف والصحف العربية
- التحوّل الديمقراطي ومشكلة الأقليّات
- الدولة المدنية في الإسلام
- الإسلام السياسي والمأزق الفكري
- الشباب العربي وقتل الآباء
- قراءة في تاريخ الموت المقدس


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعاود الصعود أمام الجنيه وخبراء: بسبب التوترات ...
- من الخليج الى باكستان وأفغانستان.. مشاهد مروعة للدمار الذي أ ...
- هل أغلقت الجزائر -مطعم كنتاكي-؟
- دون معرفة متى وأين وكيف.. رد إسرائيلي مرتقب على الاستهداف ال ...
- إغلاق مطعم الشيف يوسف ابن الرقة بعد -فاحت ريحة البارود-
- -آلاف الأرواح فقدت في قذيفة واحدة-
- هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثال ...
- العام العالمي للإبل - مسيرة للجمال قرب برج إيفل تثير جدلا في ...
- واشنطن ولندن تفرضان عقوبات على إيران تطال مصنعي مسيرات
- الفصل السابع والخمسون - د?يد


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الكريم بدرخان - الصراع السنّي- الشيعي بديلاً عن العربي- الإسرائيلي