أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسين صالح - سرايا عابدين..ضخامة في الانتاج وتضخيم في المكائد















المزيد.....

سرايا عابدين..ضخامة في الانتاج وتضخيم في المكائد


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 4531 - 2014 / 8 / 2 - 10:06
المحور: الادب والفن
    


سرايا عابدين
ضخامة في الانتاج..وتضخيم في المكائد

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية
اعتاد منتجو الدراما التلفزيونية عرض مسلسلاتهم في شهر رمضان، وكأن الناس ما عادوا يشاهدون ويسهرون الا في شهر واحد في السنة،مما يضطر المشاهد الى متابعة مسلسلين او ثلاثة تكون هي الافضل في الموضوع والاخراج والتمثيل...كان من بينها هذه السنة مسلسل(صاحب السعادة) الذي يتناول حاضر الحياة الاجتماعية والاسرية برؤيا طيبة للطبيعة البشرية،ومسلسل تاريخي عن حاكم مصر الخديوي اسماعيل بعنوان (سرايا عابدين) برؤيا مضادة للطيبة البشرية.
واللافت ان (سرايا عابدين) يعدّ الأضخم انتاجا اذ بلغت تكاليفه 20 مليون دولارا امريكيا،وهو من تأليف الكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة واخراج عمرو عرفة وتمثيل: يسرا،قصي خولي،نور،غادة عادل،نيللي كريم،صلاح عبد الله،أنوشكا..واكثر من 250 ممثلا مصريا وعربيا.
كان الأخراج على مستوى عال لاسيما في قدرة المخرج عمرو عرفة على التحكم بكادر كبير من الممثلين،ورسم خصائص وتصرفات الشخصيات الرئيسة (الملكة الأم ،الخديوي،زوجاته،ومدير قصره..)،وسيطرة كاميراته على امكنة متعددة ومتنوعة،وابراز مظاهر (الفخفخة) والأبهة والسلطنة والترف التي تتميز بها حياة السلاطين العثمانيين..اريد له ان يتفوق على مسلسل (حريم السلطان).
وازاء هذه الضخامة في الانتاج والتميز في الاخراج والاداء فان التساؤل هنا هو:هل كانت الاحداث التي قدمها المسلسل بمستوى هذا الانفاق الضخم والجهد في الاخراج والتمثيل موضوعيا لحقبة مهمة من تاريخ مصر،ومنصفا لواحد من ابرز حكامها هو الخديوي اسماعيل،لسبع عشرة سنة من حكمه (1863 - 1879)؟
حاكم..جمع النقيضين!
الخديوي اسماعيل(1830 – 1895) هو حفيد محمد على باشا..تولى حكم مصر عام 1863 ومنح لقب خديوي من السلطان العثماني،وحصل عام 1873 على فرمان يمنحه استقلالا اكثر عن الدولة العثمانية والتصرف بشؤون مصر باستثاء عقد المعاهدات السياسية والتمثيل الدبلوماسي..خلعته انجلترا عام 1879،وانتهى به الأمر الى "محبسه" بقصر أميرجان في اسطنبول.
تمتاز شخصية الخديوي اسماعيل بانها جمعت النقيضين..اذ هو،في جانبها العام،يعدّ افضل حاكم،بعد جدّه،في تاريخ مصر من حيث الانجازات التي حققها في مجالات الحياة الآساسية:السياسة،العمران،القضاء،الاقتصاد،الزراعة،التعليم..نذكر من بين اهمها:تأسيس مجلس شورى النواب ومنح المصريين حرية اختيار ممثليهم،حفر قناة السويس،إنشاء :قصور فخمة، دار الأوبرا،كوبري قصر النيل..،استخدام البرق والبريد،تطوير السكك الحديدية،إضاءة الشوارع ومد أنابيب المياة،تكليف الحكومة بتحمل نفقات التلاميذ..إنشاء:أول مدرسة لتعليم الفتيات في مصر،دار العلوم لتخريج المعلمين،دار الكتب،دار الآثار،ظهور الصحف مثل الأهرام والوطن..بناء مدن جديدة مثل الاسماعيلية..وانجازات اخرى يصعب احصاؤها تجملها عبارة انها نقلت مصر من التأخر الى التحديث.
بالمقابل فأن الجانب الخاص من شخصية الخديوي انه كان منغمسا بالملذات والترف والمبالغة في البهرجة وبناء القصور وتزيينها بالنقوش والرسوم وتأثيثها بالطنافس والأرائك والتحف والأواني الفاخرة،والستائر الباهضة الثمن..وصفها المؤرخون بأن العقل ما كان ليستوعب ما صرف عليها..بحيث جعل خزينة الدولة مثقلة بالديون،وكان هذا هو العيب في شخصيتة..اذ ان صرفه لماله الخاص على ملذاته يعدّ شأنا شخصيا،لكن ان يغترف بكلتا يديه من اموال الدولة ويتلفها على ملذاته الشخصية..فذاك شأن آخر يتعلق بالناس والدولة.ومع ان اسماعيل كان في شبابه فتى (لعوبا)لاسيما خلال دراسته في فرنسا،فان معادله السيكولوجي لتبرير ترفه حين صار (خديويا) انه جعل الناس (مترفين) وانه يعدّ ترفه هذا مكافأة له منهم على جميل ما صنع!.
الخديوي والهوس الجنسي
المأخذ على (سرايا عابدين) انه ركّز على الحياة الشخصية للخديوي اسماعيل داخل القصر والمكائد التي يتعرض لها من زوجاته،واظهره (زير نساء) ونفسا دنيئة بمضاجعة من يشتهي من جواريه،مع ان تزوج (15) امرأة متعددة الجنسيات!. وزاد ان اظهره مراهقا لدرجة انه فتح دولاب ملابس الجارية (شمس) وقعد بداخله يبكي عليها مع ان لديه من الزوجات ما ذكرنا ومن الجواري ما لا يحصى!..ما يجعلنا نستنتج،بوصفنا سيكولوجيين،ان الخديوي اسماعيل،بموجب هذا الطرح،مصاب بالهوس الجنسي والتباهي بالفحولة،فضلا عن تناقضات في تصرفاته لا تولد الاقتناع بشخصيته كحاكم ولا بشخصيته كانسان سوي.
وفي ظني ان تبريرات السيدة الكاتبة هبة في فهمها لشخصية الخديوي تتلخص بان علاقاته الزوجية تقليدية تتنافى ومزاجه (الباريسي)،وان معاشرته لهن هي اطفاء رغبة واداء واجب وانجاب اكبر عدد من الأولاد،وانه كان يبحث عن حب خالص لشخصه كأنسان لا كحاكم،وأن نقطة ضعفه هي جمال المرأة التي تجيد التمنّع والدلع واشباع شبقه والأستحواذ عليه بالكيد للاخريات، واظهاره انه كان انموذجا للرومانسية،مع ان الرومانسية لا تعني قدرة الانسان على اقامة اكبر عدد من العلاقات الجنسية..تجعلنا نستنتج ان الطرح فيه تضخيم ولاموضوعية جاءا على حساب ما هو اهم في حياة حاكم حقق انجازات كبيرة لمصر..اذ كيف لحاكم دولة في قصر تحاك فيه المؤامرات ويضج بالزوجات والجواري اللواتي يتفنن في الوصول الى حضنه والشاغلات له بكيدهن ان يمتلك صفاء الذهن والقدرة على التخطيط لتحقيق مشاريع نقلت مصر سياسيا وعمرانيا واداريا وقضائيا وزراعيا وتعليميا وثقافيا الى مستوى متطور بزمن قياسي،ومن اين يأتيه الوقت لتحقيقها..وخلف كل جدار هنالك مكيدة!..فشغلنا وشغله بالمكائد حتى الحلقة الأخيرة التي كانت (حريمي في حريمي)!
كان بامكان الكاتبة الموهوبة هبة والمخرج البارع عمرو خلق معادل موضوعي يكفيه اربعة مشاهد متنوعة الموضوعات:حفل مهيب لافتتاح قناة السويس،والتاريخ يذكر ذلك،وآخر لدار الاوبرا،وثالث لترعة الاسماعيلية،ورابع لاول مصنع للسكر في مصر..بمعالجة درامية توازن بين حياته الشخصية وحياته العامة،وبها يحقق العمل المقبولية المنطقية ويرتقي الى ان يثير في المتلقي تساؤلات اكثر ونقاشا اعمق،ليس فقط بخصوص شخصية الخديوي نفسه،بل وسيكولوجيا السلطة والطبيعة البشرية ايضا..افتقدها المسلسل للأسف.
لقد كانت الكاتبة موفقة في اختيار وتنوع شخصيات القصر،ولديها نباهة متميزة في صياغة الحوارارت وتوالي الاحداث (والفلاشات)،وذكية وماهرة في تجسيد كيد النساء،ربما ما كان لكاتب رجل ان يعرف تلك الفنون كما عرفتها.
وكان للملكة الأم (خوشيار) الدور الرئيس في الأحداث سواء فيما يخص شؤون القصر او خبرتها السياسة..وسلطة الحكم(كرسي حكم مش ينفع لأثنين..لواحد فقط)وتبريرها حتى قتل الأخ لأخيه ان تطلب الأمر.وكانت هي التي عملت على حجر محمد علي باشا في جناح بالقصر ونقلت الحكم لأبنه ابراهيم(زوجها).ويحسب للكاتبة استحضارها هذا المشهد التاريخي المؤثر لنهاية محمد علي الذي أحب (مصر المحروسة) ونال بسببه غضب الباب العالي..وبراعة المخرج في تصوير حاله..من باشا وقف بوجه فرنسا وانجلترا الى كهل مغلوب على امره محاصر بحرس القصر..وصرخته التي اختصرت وجعه وتاريخه!.
ومع ان الفنانة الكبيرة يسرا اجادت دور الملكة الأم مستعينة بمدرب تركي على حد قولها، فان نادية الجندي ربما كانت مناسبة اكثر،لشكلها الأكثر شبها بالتركي،ولتضاريس وجهها الأكثر حدة في تجسيد دور ملكة حديدية صارمة في تطبيق النظام و(الأصول).واجاد قصي خولي دوره في تجسيد دور العاشق،وأظن أن (أهل الغرام) قد رشحّه لهذا الدور!.وكان لمصممي الأزياء،لاسيما ازياء الملكة وزوجات الخديوي،الدور الكبير في جعل المشاهد يعيش اجواء تلك (السلطنة).
ومع وجود بعض الهفوات التاريخية(قصر عابدين اكتمل في 1872 والاحداث التي عرضت جرت في ستينيات ذلك القرن)،ومشاهد غير مقنعة(دفن شمس وطمرها في التراب ومجيء حارس واحد رفع الصخرة وازال التراب واخرجها من التابوت..حية)..فان العمل يستحق الثناء والتقدير،الذي نتمنى له في جزئه الثاني ان يخرجنا من المكائد الى ما هو امتع واكثر درامية في حياة الخديوي اسماعيل المزدحمة بالمفاجئات والتناقضات والانجازات.
30 رمضان - 27/7/2014



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رئاسة جمهورية العراق..ب(المزاد)!
- سيذهب المالكي..فهل سنتعلم من الأخطاء؟
- اقبح ما سيكتبه التاريخ عن (داعش) والسلطة
- العيّارون..سلطة العدل خارج القانون(1-4) -بغداد بين زمنين!
- سيكولوجيا كاس العالم
- هيبة الحاكم حين تتضعضع..نصيحة لمن يعنيه الأمر مع التتقدير
- كتابات ساخرة:نكتة لها حكاية موجعة
- الارهاب والشخصية الداعشية - تحليل سيكوبولتك
- العراقيون..في يوم الحساب! فنتازيا
- مهدي الحافظ..محرجا
- كتابات ساخرة:العاض والمعضوض في كأس العالم..والعراق!
- الدعاية والاشاعة..تحليل سيكولوجي لما حدث ويحدث
- بعد خراب العراق..المرجعية تحرق ورقة المالكي
- الخيارات صعبة..ومبادرة للحل
- العراقيون ..وكأس العالم
- الحاكم الفاشل..تحليل شخصية
- ليلة سقوط الموصل!
- ما افسدته السلطة في الشخصية العراقية (2-2)
- الاختلاف والكره..تحليل سيكوبولتك
- وسائل السيطرة على التشاؤم لدى العراقيين


المزيد.....




- إلغاء حفل النجمة الروسية -السوبرانو- آنا نيتريبكو بسبب -مؤتم ...
- الغاوون.قصيدة مهداة الى الشعب الفلسطينى بعنوان (مصاصين الدم) ...
- حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة- ...
- رواية -سماء القدس السابعة-.. المكان بوصفه حكايات متوالدة بلا ...
- فنانون إسرائيليون يرفضون جنون القتل في غزة
- “شاهد قبل أي حد أهم الأحداث المثيرة” من مسلسل طائر الرفراف ا ...
- تطهير المصطلحات.. في قاموس الشأن الفلسطيني!
- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسين صالح - سرايا عابدين..ضخامة في الانتاج وتضخيم في المكائد