أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - قاسم حسين صالح - وسائل السيطرة على التشاؤم لدى العراقيين















المزيد.....

وسائل السيطرة على التشاؤم لدى العراقيين


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 4470 - 2014 / 6 / 1 - 10:29
المحور: المجتمع المدني
    




نعني بالتشاؤم توقع الشر أو الخطر أو النحس او المرض أو الحسد،وكل ما يثير التطير لدى الإنسان من أحداث سيئة يخبؤها المستقبل،فيحتاط لها بوسائل تؤدي إلى خفض القلق لديه، وتبعث في داخله حالة الشعور بالسيطرة على مصيره.

وتتنوع وسائل السيطرة على التشاؤم لدى العراقيين،نوجز اكثرها شيوعا بالآتي:
1.الحروز.
يتضمن الحرز أشكالا وطلاسم وحروفا متناثرة وآيات قرآنية،ويكتب بماء الزعفران ذي اللون الذهبي،ويكون عرض ورقة الحرز بحدود 5سم وطولها يتراوح بين طول ورقة واحدة الى أكثر من متر..يلّف بشكل محكم بقطعة قماش ناعم يفضل أن يكون من الحرير الأحمر،ويحمل في الزند أو في قلادة أو يوضع في الجيب أو داخل وسادة النوم أو في الشيء المراد حمايته.ويقوم بكتابة الحروز الرجال عادة:(سيد،أو شيخ،أو ملاّ...).

ومع أن الوظيفة الأساسية للحرز هي منح صاحبه الشعور بالأمان للوقاية من العين والمرض والخطر،إلا أنه يستعمل أيضا "للجاهل" الذي يفز من نومه،وللمحبة مثل فتاة تريد أن يحبها شاب معجبة به، أو العكس، أو الزوجة التي تشك بأمر زوجها،كما يستعمل لجلب الرزق أحيانا.

ومن طريف ما حصل لي أنني اشتريت سيارة تويوتا جديدة من الشركة موديل 1981،وذهبت بها لزيارة صديق لديه اهتمام بكتابة الحروز لا سيما للبنات اللواتي يردن الزواج، أو الزوجات اللواتي بدأ ازواجهن يضوجون منهن. وعندما ركبت سيارتي مودعا ، فتح صاحبي " الجقمقجة ــ الحافظة " داخل السيارة ووضع شيئا بكبر الشخاطة ملفوفا بقطعة حمراء، فسألته:ما هذا؟ اجابني :حرز...يحمي سيارتك. والأطرف من ذلك..انني احتفظت بالحرز بداخل سيارتي!.

والمدهش في صاحبي أنه يفك عقدة الرجل المصاب بالعنّة النفسية التي تحصل للعريس ليلة عرسه.فقد جاءه مرة موظف (مدير) قاصدا اياه من بغداد،لقريته القريبة من مدينة الشطرة،مصاب بهذه العقدة التي فشل في علاجه منها أطباء بغداد..فقام صاحبي بكتابة حرز وآيات قرآنية كتبها بماء الزعفران ومرد اوراقها بالماء وامره ان يغتسل به هو وزوجته. وبعد أن خرجا من الحمّام أجلسهما معا ووضع يده اليمنى على رأس الزوج واليسرى على رأس الزوجة وأخذ يقرأ عليهما آيات قرآنية ثم أدخلهما الى غرفة خاصة ليناما فيها..وفي الصباح كانت الهلهوله!!

كان ذلك في الثمانينات،ولم أكن حينها أعرف تفسيرا علميا لها فهمت بعدها أن أسباب هذه العقدة نفسية خالصة وليس بمقدور اختصاصي بالطب العام معالجتها،وقد يفشل في علاجها حتى الطبيب النفسي،لأنها تقوم على مسألتين نفسيتين الأولى: الايحاء ،والثانية ايمان المصاب بها بقدرة المقابل على حلّها..وكلتاهما حصل، فصاحبي يجيد بالفطرة فن الايحاء ( بالمناسبة،ما كان يشترط مالا بل يتركه لكرم الشخص)،وأن شهرته التي وصلت من الشطرة الى بغداد تولّد الشعور بالايمان لدى المصاب بالعقدة بأن حلّها سيكون على يدي هذا الرجل الذي من أجله قطع المسافات.

2 .التبخير بالحرمل .
وذلك بحرق بذور الحرمل في البيت وقت المغرب،وتستخدم لتوقي الإصابة بالحسد وابعاد الشر. أما لماذا وقت المغرب،فأظن إنها تتعلق بالاعتقاد بأن الجن يأوي إلى البيوت مع غياب الشمس،وهذا يعني أن التبخير بالحرمل يستعمل لطرد الأرواح الشريرة. وتعمد بعض الأمهات في حالة مرض ابنها فجأة إلى أن " اطكله حرمل " اعتقادا منها بأن الروح الشريرة "الجني أوالعفريت " سيهرب منه إذا اشتم رائحة الحرمل،أو أن المحسود سيذهب عنه شرّ حاسده.

3 .لبس المحابس(الخواتم) .
يضع بعض العراقيين في أصابع أيديهم محابس بلون شذري أو بخرزة زرقاء أو بفص من العقيق إما للتبرك أو لتوقي الإصابة بالعين أو لجلب الرزق. فاللون الأزرق أو الشذري وظيفته ابطال الحسد،والعقيق بلون القريب من الجوزي وظيفته التبرك،وألوان خواتم أخرى يقرأ عليها (السيد ) آيات قرآنية وظيفتها المحبة وجلب الرزق.وقسم يضع المحبس تحت وسادته مع قطعة نقود معدنية وقطعة خبز صغيرة وينام ،فاذا استيقظ في الصباح يكون قد رأى حلما في المنام بخصوص القضية التي نوى ( الاستخارة ) بشأنها.وتستخدم حين يكون الشخص حائرا بين أمرين.
والمفارقة ان هذه الظاهرة انتشرت في الزمن الديمقراطي الذي يفترض انتشار الوعي فيه..وصار صنع المحابس تجارة..شراءا وتأجيرا!.والسبب ان سياسيين عراقيين صاروا يلبسون الخواتم التي يغلب على فصوصها اللون الأزرق أو الشذري..ولا أعلم ما اذا كان الغرض منها دفع الحسد لوصولهم الى مراكز قيادية في الدولة ما كانوا يحلمون بها،أم للحماية من الأخطار مع أن كل واحد منه لديه فصيل من الحماية المدججين بالسلاح وبأحدث الأجهزة الالكترونية،وأنهم جيران لأكبر سفارة امريكية في العالم..واقواها مخابراتيا!.

4. الآيات القرآنية.
يكثر العراقيون من وضع الآيات القرآنية في بيوتهم،لاسيما المعوذتين وآية الكرسي،ويفضلون أن تكون مكتوبة باللون الشذري،وغالبا ما يعلقونها في غرف الاستقبال،أو مدخل البيت. ويبدو أن الغرض السيكولوجي منها هو الوقاية من حسد الزائرين،ودفع الشر عن أهل البيت، وليس للتبرك كما يقول البعض، إذ لو كان الأمر كذلك لوضعوا آيات أخرى من القرآن، لكن هذه الايات بالذات تستعيذ بالله من الحسد ومن كل مخلوق مجبول على إيذاء الآخرين أو تمني السوء لهم.

5. نعيق الغراب وصوت الططوه.
يتشاءم العراقيون من نعيق الغراب خاصة إذا كان اسودا، ويرمونه بالحجر إذا نعق قريبا من الدار لاعتقادهم بأنه نذير شؤم. ويتشاءمون أيضا من صوت طائر صغير يسمونه " ططوه" له صوت مزعج كما لو كان صراخ امرأة مفجوعة، يحملهم على الاعتقاد بأن هذا الطائر يحمل لهم خبرا بأن أحد أفراد البيت سيموت أو انه معرض للخطر،ولهذا تردد العراقيات الشعبيات حين يسمعن صوتها عبارة( سجينه وملح ) لتخويف الطير بالهرب والنجاة بريشه.

الجميل في العراقيين أن معظم الذين يعتقدون بوسائل السيطرة على التشاؤم هذه،لا يؤمنون بها بل أن كثيرين منهم يسخرون منها في داخلهم أو في نكاتهم ،واعتقد أن ذلك يعود لسببين رئيسين،الأول: إن الدين في الحضارات العراقية القديمة لم يكن قويا موازنة بالحضارة المصرية مثلا..ولنا في ذلك شاهدان:ملحمة جلجامش الذي تحدى الآلهة،والتوجّه العلمي للحضارتين السومرية والبابلية ومنجزات الحضارات العراقية المدهشة. والسبب الثاني: إن المحن التي أصابت العراقيين كثيرة ومتنوعة وقاسية اضطرتهم اللجوء إلى التعامل مع التشاؤم تعامل العاجز،ولما لم يجدوا نفعا منها بالخلاص من مصائبهم قلّ إيمانهم بها.

والمفارقة أن الخرافات انتشرت بين العراقيين في الألفية الثالثة أكثر مما كانت عليه منتصف الألفية الثانية.والسبب الرئيس يعود إلى توالي المحن على العراقيين لثلاثة عقود دون التقاط الأنفاس ،وانعدام وجود سلطة قادرة على حل مشكلاتهم والتخفيف من معاناتهم الحياتية ،فضلا عن ظهور قنوات فضائية عراقية ( أكثر من خمسين قناة ) معظمها تبث برامج فيها ما يروج سيكولوجيا لخرافات لاسيما برامج الأبراج. والملاحظ أن العنف المجتمعي يوفر الفرصة للأشخاص الذين لهم سلطة دينية أو اجتماعية أو سياسية- دينية على بث معتقدات خرافية يزداد شيوعها بين الناس في أوقات الأزمات..ويبدو انها لن تنحسر ما دمنا ننتج حكومات منتجة للأزمات!.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما افسدته السلطة في الشخصية العراقية (1-2)
- عذر عبد الآله الصائغ..العراقيون اجهضوا فرحتك!
- حقائق جديدة عن الشخصية العراقية:(3) الوعي الانتخابي واحياء ا ...
- حقائق جديدة عن الشخصية العراقية 2:التعصب للهوية والوصولية وا ...
- الطائفية والعشائرية والاأبالية هي الفائزة!. 1:خصائص جديدة عن ...
- من سيفوز في الانتخابات العراقية..؟تحليل سيسكوبولتك
- قاسم حسين صالح - كاتب وباحث، ورئيس الجمعية النفسية العراقية ...
- لو كنت برلمانيا..ما هي أولوياتك؟
- الدعايات الانتخابية -تحليل سيكولوجي للمرشح والناخب (1-2)
- ثقافة نفسية (116): ثقافة الاعتذار
- الاعلام..يتصدره الفاسدون
- التغيير ممكن..والمطلوب هو...؟
- الأفكار اللاعقلانية..وسيكولوجيا الغالب والمغلوب
- لأن العراق اصبح أشبه ب(المنهوبة)!
- ثقافة نفسية(115):السمنة عند الأطفال
- ثقافة التسامح
- خطاب (ماكو غيرهم)..وهم وتضليل
- حوار مع الدكتور قاسم حسين صالح- حاوره: قاسم موزان
- حذار من اليأس
- برلمان أمعط..وشعب محبط


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - قاسم حسين صالح - وسائل السيطرة على التشاؤم لدى العراقيين