أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رعد خالد تغوج - الهوية المُهاجرة














المزيد.....

الهوية المُهاجرة


رعد خالد تغوج

الحوار المتمدن-العدد: 4502 - 2014 / 7 / 4 - 01:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما تستنجد الهوية بكينونة مبتورة سواء كان ذلك عن طريق تاريخ شارد ومنزوع من حيثياته ، أو محاكاة صماء للآخر الذي هو الغرب في حالتنا، فإن نصاب الهوية يفقد شرطه الوجودي الأول وهو التطابق مع الآنا ، وبعيداً عن الحفر في الهوية العربية التي تحول الحديث الصحفي والعاجل فيها إلى منطاد تكفيه إبرة صغيرة لفضحه، فإن مفهوم الهوية بقدر ما يرتكز على غُباريات هشة وسديمية ، يُعاد تركيم الضبابيات حوله في زمن ما بعد العولمة ، كأن الطاحونة تنثر كل ما يدخل في جوفها ، وقد لاحظ أوليرش بك أن مجتمعات المواطنة والعمل المؤسسي لديها قابلية لتخطي البراديمات والنماذج التأطيرية ، وهذا ما يعني دمجها وتصديرها للعقل الجمعي والتي كان أخرها هو أفهوم العولمة والهوية بما جلبته من ضجيج وصخب امتزجت فيه الخرافة مع السرعة فكانت الأحكام جزافية ويقينية دون أدنى محاكمة نقدية أو واعية.

وفي سياق يمتلك رؤى وملامح مِجهرية للواقع تحدث روبرت فيسك عن الوعي العربي كبديل عن الربيع العربي ، وما يعنينا بهذه التفرقة تلك الحساسية النقدية التي تنطلق من خبرات فكرية على مستوى الإشتغال بالقوى المفهومية ، وهي قوى تسبق الإستدلال وتمهد له الطريق.
وإذا كان حصاد المفاهيم وسط هذه العشوائيات لم يدخل مرحلة السِجالات الفكرية وبقي رهين الصرف والنحو والتقعيد الأصولي، بحيث يتم الحديث عن الأسس الفلسفية للمواطنة والهوية والمدنية بطريقة شاعرية مسخت الشعر والفكر معاً رغم صعوبة فك الإلتباس بينهما في حساسيات مفارقة كنيتشه مثلاً أو فتغنشتاين.
ومن الهويات المُهاجرة ما يحمل معه متاع اللغة، وهذه حمولة يُضاف إليها شبح الجغرافيا والحدود معاً، إلا عند من ظن أن الهوية تُحمل بالحقائب وتنتظر صاحبها في المطارات أو على عتبات السفارات، رغم أن أصواتاً ناشزة عبرتْ الحدود ولم تُصب بفوبيا المرجع مثل أمين معلوف.
فموسم الهجرة إلى فرنسا عند معلوف لم يكن مناسبة ليُعلن أن وطنه وطنان، فقد كَوّنَ نفسه عربياً ولبنانياً قبل الهجرة، وتحصن بسمرقند والأندلس وليون الأفريقي قبل أن يُعايش الحي اللاتيني ونهر السين وباريس، فكانت الجدارية التي رسمها هوائية بإمتياز كوزموبلويتي.
وفي عناوين لم تفك المُلتبس بقدر ما ساعدت في أشكلته مثل ما حصل مع صاحب "عربي بين ثقافتين" الذي هو زكي نجيب محمود، وقعت الهوية في تخوم الثنائيات الكلاسيكية من قبيل الأصالة والمعاصرة والتراث والحداثة، رغم أن فكر الأنوار بما حمله من ميكانيزمات لم يُهمل التراث بقدر ما استوعبه وبالتالي فتته من كًثر قراءته وتأويله، وهذه نظرية لأمين الخولي الذي صرخ يوماً بأننا يجب أن نقرأ التراث ونعيد قراءته ثم نعيد قراءته حتى يذوب بين أيدينا.
ورغم أن القرن العشرين هو موسم الهجرة الكبير عند الإنتلجنسيا العربية، وذلك إلى أيديولوجيات تنوعت بين دار التقدم الموسكفية وحلقات ميلتون فريدمان الليبرالية، إلا أنَ هنالك من كانت هجرته سرب من الترجمات ونقد النقد القائم على الوعي المُفارق للسائد، ورغم ظلف القراء وشظف التلقي في وطنهم الأم، استطاعوا أن يتحصنوا من ثنائية اللغة والهوية، وكان الاحتراز من الارتباط بخطوط ساخنة مع ثقافة مُقطعنة ومبضع النقد هو حصيلة وميزان في آن لصوغ هوية أصيلة في منفى مكاني وليس جغرافي أو تاريخي.
هذه الهويات لم تُسافر أو تهاجر في زمن التأشيرات وأجهزة الكشف عن الوطن والعرق، لأنها تخطتْ بوعيها النقدي البُقع كلها، ومثلما حلَّ ابن رُشد سفيراً في فرنسا اللاتينية وكان صوت "فصل المقال" يعلو السُحب القروسطية كلها، ومثلُه ابن سينا والفارابي والكندي وسائر السلالة ، بحيث كان تعاطيهم بضربات المطرقة مع اللامُفكر فيه في وطنهم الذي أصبح تسليمهم عليه وداعاً كما يقول أحد أبطال القومية العربية وهو المتنبي.
بين الهجرة وفائض الهوية التي هي شوفينية بمقياس أخر يقع الملكوت المنسي من أفهوم المواطنة وخيمياء الهوية التي لا ترى ولا تُلمس كالماء لأنها في صيرورة تربوية وثقافية متجددة على مدار اللحظة بفعل النقد والتجاوز وتصويب المسار رغم أن الفروق بين النفقين بارزة من حيث النهاية المجهولة بالنسبة للهوية المهاجرة لأنها لم ولن تعد بشيء ، والتربص من أول الكهف في ثقافة القطعنة والأحكام المطمأنة.



#رعد_خالد_تغوج (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع اللغة العربية بين السخونة الأيديولوجية والنظرة المعرفية ...
- الواقعية التسجيلية والأعمال السينموروائية
- قراءة تأويلية في قصيدة -بيبي- لغازي القصيبي
- سلفادور دالي وتأسيس هيرمونطيقا العمل السوريالي
- عماد فاخوري والرشوة الصحفية
- توفيق الطوالبة والإنجازات الوطنية
- الديوان الملكي والتخبط في القرارات
- جينالوجيا الخطاب الغربي المعاصر
- من يحمي مُؤسسة العرش يا أمجد العضايلة !!
- لماذا لا يعقد فيصل الشوبكي مؤتمراً صحفياً ؟
- وجه أخر للبخيت والبخيتية السياسية
- تهويد الأردن والمسلمين بولنديا !!!
- الأردن .. من حكومة أزمات الى شعب يفتعل الازمات
- رسالة مفتوحة الى طارق خوري
- عمان...تل أبيب والعلاقة الغير الشرعية
- الازمة الاردنية والخيار الفلسطيني!
- الحكومة الاردنية والوضع الحرج!
- الشاعر الذي ألهب العراق و وضع كفه فوق أكفهم لتخليده
- سيوفهم علينا !
- ازمة اردنية لن تحل!


المزيد.....




- في ظل أحداث السويداء.. روبيو: أطراف الاشتباك اتفقت على -خطوا ...
- واشنطن تتحدث عن قرب احتواء التصعيد بين إسرائيل وسوريا.. وروب ...
- بحكومة شابة.. زيلينسكي يسعى لكسب دعم الشعب الأوكراني وترامب ...
- على خطى الأساطير الكبار.. برشلونة يمنح يامال القميص رقم 10
- سوريا: إلى أين؟
- ردود فعل دولية تدعو إسرائيل لوقف الضربات وسوريا تطالب مجلس ا ...
- حزب -شاس- يستقيل من حكومة نتنياهو دون الخروج من الائتلاف
- وزير إسرائيلي ثانٍ يحرّض على اغتيال أحمد الشرع
- تحليل يظهر تحسن أداء صواريخ إيران وخامنئي: مستعدون للدبلوماس ...
- ستارمر يدعو لمحاسبة الضالعين في برنامج سري لنقل آلاف الأفغان ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رعد خالد تغوج - الهوية المُهاجرة