أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد خالد تغوج - قراءة تأويلية في قصيدة -بيبي- لغازي القصيبي















المزيد.....

قراءة تأويلية في قصيدة -بيبي- لغازي القصيبي


رعد خالد تغوج

الحوار المتمدن-العدد: 4494 - 2014 / 6 / 26 - 23:45
المحور: الادب والفن
    



بتجريد هذه القصيدة من واقعها الاجتماعي (السوسيولجي) ، أي بطرح الصراع العربي - الإسرائيلي "والكاتب جزء من هذا الصراع" جانباً ، ووضع القصدية الإدراكية التي تتمظهر للوهلة الأولى عند قراءة اسم (نتنياهو) بين قوسين، لا بقصد تجريف الواقع أو ردمه، إنما الترجيء الفينومنولجي حتى لحظة الحدس، ما الذي يتبقى من خطاب السخرية في هذه المقطوعة الشعرية بعد كل هذه الإجراءات؟؟؟
القصيدة مكتوبة أولا، أي أنها نص وليست منطوق يتلَمْفظ بصوتٍ شفاهي، والانتقال - على مستوى لسانيات الخطاب - من المشافهة إلى الكتابة يُخلخل العملية التواصلية برمتها، على الأقل من المنظور الياكوبسوني (رومان ياكوبسون).
فدوماً ومن منظور التواصلية التداولية يتم توتير المخطط السداسي للعملية المُفضية للانتقال من المتكلم إلى السامع، وقد جرى هذا التوتير منذ لحظة أصبحَ النصُ نصاً وكفَ عن أن يكون منطوقاً، وفي مستويات عدة .
هنا تظهر أزمة المعنى ، فالخطاب حسب بول ريكور (نظرية التأويل: الخطاب وفائض المعنى) ينقل المعنى الذي قصده المؤلف ، وينقل المعنى الذي بداخل الخطاب نفسه،وعندما تم تنصيص القصيدة أصبحت الوظيفة الانفعالية التي هي للمتكلم حصراً مطروحة جانباً، على الأقل من الوجهة البنيوية.
ما تبقى من الخطاب هنا هو الوظيفة المرجعية التي هي للسياق ، والوظيفة الشعرية التي هي للرسالة ، والوظيفة اللغوية الشارحة التي هي للشيفرة ، والوظيفة الإقناعية التي هي للسامع، أمَا الوظيفة التقاطعية التي للوسط (النص) فقد تم تنحيتها فينومنولجياً لأنه أصبح من صلب البنية القصيدية الشعرية للمقطوعة نفسها منذ أن كفت عن أن تكون مشافهة.
والإشكالية التي تطرح نفسها هنا هي دراسة السياق ذو الوظيفة المرجعية ، والحقيقة أن السياق مفهوم ضبابي عند ياكوبسون (والنحو الغربي اللاتيني بشكل عام) ، فاللغة العربية تعطي بُعدين للسياق ، البعد الخارجي السوسيولوجي مثل أسباب النزول مثلاً في القرآن ، والبعد البنيوي الداخلي المتمثل بتراكيب الجمل وتناقل الأدوار بين الجمل القصيرة والتبادل "النيابي" بين المسند والمسند إليه .

وهنالك أبعاد أخرى لكنها ذات خصوصيات ظرفية مثل ظاهرة الإشمام في النطق وما يُصاحبها من إيماءات وغيرها مثل ظواهر الوقف والابتدا ، وهنالك على مستوى التنصيص أبعاد مشابهة متمثلة بعلامات الترقيم والرموز المتعلقة بتقسيم الفقرات والمنمنمات التي نجدها في المخطوطات القديمة، وهذه كلها أمور ظرفية لكنها من العوامل التي تساعد في عملية إنتاج المعنى ونقل أحاسيس الكاتب ومشاعره إلى النص، ونضربُ مثلاً على ذلك بعض المخطوطات الفقهية في الأندلس قديماً ، فكما يرى المختص فإنها تحتوي على معادلات حسابية وشيفرات "سرية " لرموز البيع والشراء والتركات ، كتبت بالخط الفاسي واللغة الفاسية ، وهذه وظيفة تواصلية سياقية بين جمهور معين من الناس يتم تداول هذه النصوص بينهم.

نرى أن السياق له وظيفة أكبر من وظيفة مرجعية في اللغة العربية ، فهو خادم مطيع للمعنى أحياناً ، وأحياناً يكون ثائراً لا تقوم للنص قائمة بدونه، وصيرورة المعنى في العربية أعقدُ منها في اللغات الأخرى، ونرى من هنا أن لا إضافة جاء بها بول ريكور (بالنسبة للغة العربية) عندما تحدث عن الاستعارة مثلاً ، وأراد أن ينتقد البلاغة الأوروبية الكلاسيكية بحديثه عن "علاقة المشابهة" التي تربط بين المستعار والمستعار منه، وصراع التأويلات في فهم المجازات والمتشابهات، لأن أبسط كتب البلاغة العربية والتي تكون برسم الطلبة والتعليم تحدثت عن عشرات العلاقات التي تربط المعنى الأصلي بالمعنى المنقول ، منها علاقة الكل بالجزء وعلاقة الجزء بالكل ، بل أن الصرفيين وعلماء الفنوتيك مثل ابن جني يتحدث تحت باب "التضمين الصرفي" عن خروج التركيب "المروفولوجي" عن أصل الوضع ، مثل تضمين اسم المفعول لاسم الفاعل أو العكس، وتضمين الفعل اللازم لمعنى الفعل المتعدي ، وقد وضع الرماني في كتابه حروف المعاني فصولاً كاملة للحديث عن "خروج الحرف عن أصل الوضع".
وكما أنه لا يُوجد هنالك وجبة خالصة من الملح أو السكر، فإنه يصعب حشر المحتوى السخرية في قالب العوامل الخارجية الاجتماعية أو البنيوية الداخلية للقصيدة، فخروج جميع ألفاظ القصيدة عن أصل الوضع اللغوي الذي سِيقت له في العربية، ساهمت مع معرفة المناخ الإبستيمي في تشكيل الوعي الساخر، يقولُ القصيبي في المقاطع الأولى:
يا لــلــغُـــلام الــمُـــدلل من الجمــيلات .. أجمل
إذا مـــشى يــتــهـــادى مـهـفـهف القدِّ .. أكـحل
جــــفــونـه نــاعــمـــاتٌ والقــلب كِــسـرةُ جَندل
هذه المقاطع لا تشي بشيءٍ – إذا أشتْ – إلا بمدحٍ خالص لا سخرية ولا تهكمٍ فيه، فالمتنبي مدح المغيث ابن بشر العجلي بقصيدة يقولُ فيها :
هــام الفــؤاد بأعرابيــة سـكنت بيتـاً مـن القـلب لـم تمـدد لـه طنبا
مظلومـة القـد فـي تشـبيهه غصنـا مظلومـة الـريق فـي تشـبيهه ضربا
هذه القصيدة المدحية أدنى إلى الهجاء والسخرية – لو أردنا التقويل الذي هو من درجات التأويل – من المقاطع الأولى التي ساقها القصيبي في السخرية من نيتنياهو ، فهو يتحدثُ عن اعرابية هام بها وأحبها ، والمقامُ مقام مدحٍ وفخرٍ لا مقام عشقٍ، كذلك قصيدة البردة التي جاءت من باب الاعتذار ودخول الإسلام ، والتي قالها بين يدي رسول الله بعد أن أراد قتله لكفره كما تقول المرويات ، يقول في مطلعها :
بانت سُعاد فقلبي اليوم متبولُ ....
إن تحليل الخطاب بالنسبة إلى المقام عملية معقدة بالنسبة إلى اللغة العربية ، فهي صيرورة لا تنتهي من العوامل الخارجية والداخلية.
يقول القصيبي :
بيبي عشقناك عشقاً مــن بعضه قيس يذهـل
استخدام اسم" بيبي " وهو تصغير لنتنياهو لا يدل في بنيته على السخرية إذا جردنا القصيدة من الواقع الخارجي، فقد يكون "بيبي" صديقاً حميماً للشاعر، لكن عندما عرفنا الواقع الصراعي بين العرب وإسرائيل أدركنا مكامن السخرية، وهذا يدل على صعوبة اختزال النص ، أي نص في منهجية بنيوية أو خارجية ، فكل العوامل تساهم في إنتاج المعنى وصيرورته.
يتبع



#رعد_خالد_تغوج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلفادور دالي وتأسيس هيرمونطيقا العمل السوريالي
- عماد فاخوري والرشوة الصحفية
- توفيق الطوالبة والإنجازات الوطنية
- الديوان الملكي والتخبط في القرارات
- جينالوجيا الخطاب الغربي المعاصر
- من يحمي مُؤسسة العرش يا أمجد العضايلة !!
- لماذا لا يعقد فيصل الشوبكي مؤتمراً صحفياً ؟
- وجه أخر للبخيت والبخيتية السياسية
- تهويد الأردن والمسلمين بولنديا !!!
- الأردن .. من حكومة أزمات الى شعب يفتعل الازمات
- رسالة مفتوحة الى طارق خوري
- عمان...تل أبيب والعلاقة الغير الشرعية
- الازمة الاردنية والخيار الفلسطيني!
- الحكومة الاردنية والوضع الحرج!
- الشاعر الذي ألهب العراق و وضع كفه فوق أكفهم لتخليده
- سيوفهم علينا !
- ازمة اردنية لن تحل!
- الشعب الاردني النائم
- التفلسف والتراث
- تجديد الخطاب المعرفي


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد خالد تغوج - قراءة تأويلية في قصيدة -بيبي- لغازي القصيبي