أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيف عدنان ارحيم القيسي - لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي 1934-1979















المزيد.....

لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي 1934-1979


سيف عدنان ارحيم القيسي

الحوار المتمدن-العدد: 4496 - 2014 / 6 / 28 - 20:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي
1934-1979


لم يكن العراق بعيداً عن تطورات ثورة أكتوبر الاشتراكية 1917 وما بشرت به تلك الثورة من مبادئ في الحرية والمساواة والدفاع عن حقوق الطبقة العاملة،فسرعان ما وجدت تلك الأفكار والمبادئ طريقها لشق صفوف الطبقة المثقفة التي وجدت بها خير ضالتها وكانت معرفة العراقيين بالأدبيات الاشتراكية من خلال زوار العتبات المقدسة القادمين من بلاد فارس ومن بعض المكتبات العراقية ومن بينها مكتبة (كري مكنزي) في شارع الرشيد،أضف الى ذلك الى بعض الطلبة المثقفين العائدين من الخارج ومن بينهم حسين الرحال الذي شكل الحلقة الماركسية الأولى في العراق في عام 1924،مع كوكبة من معاصريه الذين بدأوا يفكرون بإيجاد تفسيرات ماركسية لأوضاع العراق العامة وضمت الحلقة اضافة كل من الرحال محمود احمد السيد، عبدالله جدوع ،عوني بكر صديق وغيرهم من الشباب الذي اتخذوا من مقهى النقيب مكاناً للاجتماع والتباحث في حلقتهم،وسرعان ما اتفقت اراء تلك الحلقة على اصدر مجلة شهرية عرفت بـ(الصحيفة) واتخذت الجماعة من جامع الحيدرخانة مكاناً للالتقاء وبحث قضايا الحلقة،وتصدت الحلقة بدورها الى قضايا المجتمع الاساسية وعلى رأسها قضايا تحرير الفلاح والمطالبة بحقوق المرأة.
ولكن عمر الحلقة لم يدم طويلاً بسبب انفراط عقدها وتشتت قادتها بعد ان بدأت أعين الحكومة ترصد نشاطاتها المعادية لنهجها مما دفعهم الى غلق الصحيفة في 1928 ولم يصدر منها الا ستة اعداد فقط.
وبالرغم من قصر مدة نشاط الحلقة الا انها تركت لبنة أساسية للفكر الاشتراكي في العراق ليكون نهجاً يسير عليه الشيوعيون فيما بعد،لاسيما بعد توحيد حلقات بغداد والبصرة الناصرية في 1934 بقيادة الخياط عاصم فليح ليصبح سكرتيراً لتجمعهم الذي عرف بـ"لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار"،وليكون محله في شارع الرشيد مكاناً لتجمع الشيوعيين،لتغير اللجنة عنوانها الى الحزب الشيوعي العراقي وذلك في تموز 1935،وضم الحزب في صفوفه كل من عاصم فليح نفسه،قاسم حسن،مهدي هاشم،ويوسف اسماعيل البستاني،وحسن عباس الكرباس ،وسامي نادر وداود سلمان يوسف وغيرهم،واصدروا جريدة كفاح الشعب لتكون لسان حال الحزب.
وكانت بواكير عمل الحزب هو نشر البيانات وتنظيم الخلايا في الوية العراق وكان من اول نداءات الشيوعيين الغاء معاهدة 1930،ومن ثم دعمه لانقلاب الفريق بكري صديق في عام 1936 وهذا بدوره يشكل انعطاف مغاير لدعم المؤسسة العسكرية بالنسبة للشيوعيين،وعلى الرغم من دعم الحزب للانقلاب فسرعان ما انقلب عليهم بعد ان وطد اركانه حكمه،يبدو ان نشاط الحزب الفتي لم يستمر طويلاً فاحد الاسباب هو عدم التجانس بين قياديي الحلقة بسبب عدم تشبعهم بالمبادئ الماركسية التي تؤهلهم لقيادة مثل هكذا حزب واقتصار الدراسة الماركسية على عاصم فليح وأظهرت وزارة جميل المدفعي الرابعة التي تشكلت عقب استقالة وزارة حكمت سليمان 1937 بدورها تشدداً واضحاً تجاه نشاط الشيوعيين ليتوج ذلك التشدد بصدور قانون العقوبات البغدادي رقم (51)لسنة 1938 ليحدد العقوبة بكل من يروج للأفكار الشيوعية.
وبالرغم من سياسة الملاحقة والاعتقال تمكن عبدالله مسعود القريني بمعية يوسف سلمان يوسف(فهد)،الذي عاد حديثاً بعد الدراسة في جامعة كادحي شعوب الشرق في عام 1938 حاملاً تجربة وثقافة ماركسية واسعة مما ساعد بحق في بناء تنظيم شيوعي رصين في مختلف الوية العراق والشيء الذي يشار له بالبنان والخصوصية التي يتمتع بها الشيوعيون هو انضواء جميع اطياف المجتمع العراقي في صفوف الحزب ومن بينهم المسلمين واليهود والنصارى،وبالرغم من الجهود المشتركة التي بذلها القريني الا انه سرعان ما شق عصى الطاعة على فهد ليعلن سيطرته على اجهزة الطباعة بإصداره صحيفة"الشرارة"،مما دفع فهد بترتيب صفوف الشيوعيين المؤيدين له واصدر صحيفة "القاعدة"،على اعتبار انهم قاعدة الحزب الرئيسة.
وابرز ما مر به تنظيم فهد هو الموقف من الحرب العالمية الثانية وحركة رشيد عالي الكيلاني 1941 المحسوبة على المحور(المانيا-ايطاليا-اليابان)فمن موقف مؤيد للحركة وانتفاضها على البريطانيون في العراق وابدى الشيوعيين عن طريق قاسم حسن عضو اللجنة المركزية للحزب من محاول للاتصال بالسوفيت من اجل الحصول على السلاح السوفيتي ولكن الموقف قد تغير الى موقف عدائي للحركة ووصهما بالفاشية نتيجة هجوم دول المحور على الاتحاد السوفيتي في 22 حزيران 1941،وبهذا يكون الشيوعيين اممين في سياستهم العامة.
وفي ظل قيادة فهد للحزب الشيوعي العراقي تمكن من عقد الكونفرنس الاول للحزب في 1944 ليختتم بالمؤتمر الاول 1945 ليضع اللمسات الأخيرة على برنامج الحزب الشيوعي العراقي والرد على الانشقاقات التي اصابت التنظيم الشيوعي وليزيد رصيد الشيوعيين التنظيمي الذي وصل ما بين(3000-4000)شيوعي.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945 وبعث الحياة الحزبية ا في عهد وزارة توفيق السويدي 1946 تقدم الشيوعيين بطلب لوزير الداخلية سعد صالح للموافقة بإجازة حزب يكون واجهة للشيوعيين تحت مسمى حزب التحرر الوطني ولكن الوزارة لم تجيزه لوقوف العناصر الشيوعية ورائه ولم تمضي جهود عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي سالم عبيد النعمان في اقناع وزير الداخلية بإجازة الحزب.
ولكنهم تمكنوا من الحصول على اجازة عصبة مكافحة الصهيونية التي نشط فيها الشيوعيين من اليهود للتنديد بالصهيونية وسياسته في تهويد فلسطين ولكن سرعان ما اغلقت العصبة نتيجة لميول قادتها بالتبشير بالشيوعية.
وبالرغم من ذلك ان الحزب الشيوعي العراقي اصيب بنكبة نتيجة اعتقال سكرتير الحزب يوسف سلمان يوسف(فهد)وعضوي المكتب السياسي وساعديه (حسين الشبيبي وزكي بسيم)في 18 كانون الثاني 1947 في دار الشيوعي الصيدلي ناجي شميل في الصالحية وليحكم بالإعدام لكن نتيجة الجهود العالمية خفف الحكم الى المؤبد ليقود الحزب هذه المرة من داخل السجن بعد ان اوكل مهمة التنظيم في الخارج الى مالك سيف ولكن يهودا صديق اخفى الرسالة التي تسلمها من فهد في تسليم الحزب الى مالك سيف ولكن سرعان من وقع يهودا صديق ومالك سيف في 1948 بيد قوات الامن وليعترف مالك سيف على تنظيمات الحزب وعن قيادة فهد للتنظيم من داخل السجن لتعاد محاكمته من جديد وليعدم مع عضوي المكتب السياسي في 14-15 شباط 1949،ولينكفئ الحزب الشيوعي على نفسه نتيجة تسلم قيادات حزبية غير مؤهلة مسؤولية التنظيم ليمر الحزب بمرحلة يمكن تسميتها باللجان الحزب الغير مفوضة لتبدأ من 1948-1949 ليتمكن الكادر الشيوعي بهاء الدين نوري من اعادة قوة تنظيم الحزب وبوتيرة اسرع من خلال اعادة صدور جريدة القاعدة لتكون صلة الوصل بين الحزب وجماهيره.
ولكن يجب الإشارة الى مسألة عدت من الأخطاء التي وقع بها الشيوعيين لاسيما بعد قرار التقسيم في عام 1947 والحرب العربية الاسرائيلية 1948 فأيد قرار التقسيم بين العرب والصهاينة وقاد هذا الى نفور العديد من كوادره نتيجة هذا القرار وليذهب الى ابعد من ذلك عندما دعا الى وقف الحرب وسحب الجيوش العربية من فلسطين لان الجيش العربية تخضع لأنظمة حكم وصفها بـ"الفاسدة".
ومهما يكن من امر فان قيادة بهاء الدين نوري تمكنت من اعادة ترتيب صفوف التنظيم الشيوعي إلا انه سرعان ما اصطدم بانشقاق جديد تمثل هذه المرة با انشقاق راية الشغيلة بقيادة كل من عزيز محمد وجمال الحيدري ومن داخل السجن وانضمام عدد من التنظيمات الى صفوف راية الشغيلة ليتبادل الطرفين الاتهامات فيما بينهم،وان سبب الانشقاق في حقيقته بسبب تبني بهاء الدين نوري برنامج جديد عرف بميثاق باسم نسبة الى الاسم الحزبي بهاء الدين نوري والتي تبنى فيها اسقاط النظام الملكي وعدوه تطرفاً مما حدا به الى طرد اي شيوعي من يوجه له النقد.
واهم ما يميز الحزب بعد اعتقال قيادته وحتى قيادة بهاء الدين نوري قيادة الحزب في مواقفها بين المتشدد لحد التطرف في المواقف السياسية تجاه القضايا الداخلية والخارجية عندما وصل بهم الأمر الى اعلان اسقاط النظام الملكي.
وفي ظل تلك التجاذبات في المواقف للحزب تمكن سلام عادل من قيادة الحزب في ظرف طارئ تمكن من خلال قيادته للحزب من اعادة توحيد الكتل المنشقة عن الحزب وهي وحدة الشيوعيين وراية الشغيلة في عام 1956 مقدمين نقداً ذاتياً لانشقاقهما عن الحزب وتوج ذلك بعقد الكونفرنس الثاني للحزب في 1956،وتم انخراط قادة الكتل المنشقة في عضوية الحزب الشيوعي.
وهذا الوضع الجديد مكن الحزب الشيوعي العراقي من الدخول في جبهة الاتحاد الوطني مع الاحزاب والقوى الوطنية العراقية في عام 1957 وتوقيع ميثاق الجبهة باسم الحزب الشيوعي العراقي بعد ان كان يوقع بتواقيع الشخصيات الديمقراطية خوفاً من الملاحقة القانونية وممانعة بعض الاحزاب ومنها حزب الاستقلال وحزب الجبهة الشعبية المتحدة وبدأ الحزب بتوطيد علاقاته مع حزبي البعث العربي الاشتراكي ووصل به المطاف ان يدرب احد كوادر البعث وهو معاذ عبدالرحيم الطباعة،وعقد تحالف ثنائي مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد ان رفضت القوى القومية دخوله كطرف في الجبهة.
ولم يقتصر نشاط الشيوعيين على الجبهة بل بدأت صلاته بتنظيم الضباط الأحرار عن طريق رشيد مطلك الذي كان مبعوثاً من عبدالكريم قاسم ليوطد علاقة التنظيم بالحزب لما يملكه الحزب من قوة جماهيرية شعبية وهذا ما تحقق صبيحة ثرة 14 تموز 1958.
فتحت ثورة 14 تموز 1958 افاقاً رحبة للشيوعيين فمن حياة الاختفاء الى حياة العلن التي استبشر بها الشيوعيين وقوى من تنظيمهم ورصيدهم الشعبي بعد ان اصبحوا قوة تساند النظام بعد تشكيلهم فرق المقاومة الشعبية والتنظيمات الجماهيرية الاخرى واصطف الشيوعيين مع قاسم بعد بروز التيار القومي ليتمحور القوميين تحت ظل لواء غريم قاسم عبدالسلام عارف وليبدأ الجناحان الشيوعي-القومي بالتناحر بين الجانبين ليطرح الشيوعيين شعار الاتحاد الفيدرالي ويطرح القوميين شعار الوحدة الفورية،وبهذا حول الصراع الى الشارع العراقي وهذا ما انعكس في احداث الموصل عام 1959 وإحداث كركوك في العام ذاته ليفل نجم الشيوعيين بعد ان ثارت المخاوف في نفوس قاسم بعد اليسارية المتطرفة التي سلكها الشيوعيين في الشارع العراقي بعد ان بدؤوا يطالبون بالمشاركة بالحكم طارحين شعار"عاش زعيمي عبدالكريمي الحزب الشيوعي في الحكم مطلب عظيمي".
ولكن هذه المطالبة اصطدمت بموقف عبدالكريم قاسم الذي بدأ من جانبه يتخوف من اليسارية المتطرفة للشيوعيين وعن ملئ الشارع بالمظاهرات التي بدأت تقلق موقعه الرسمي بعد الاخبار التي بدأت تصل اليه عن محاولة الشيوعيين للانقضاض على حكمه وورود معلومات عن ورود تنظيمات شيوعية في القوات المسلحة مما حدا به للتنكيل بالشيوعيين والتهجم على المقاومة الشعبية الذراع العسكري للحزب الشيوعي العراقي وعلى المنظمات الجماهيرية الاخرى التي يتمحور خلفها الشيوعيين لتبدأ صفحة أخرى من العلاقات ولكن يشوبها التوجس من كلا الطرفين وهذا الموقف المتخبط من قبل قاسم تجاه الشيوعيين قاده الى تخبط اخر بحربه مع الكرد في ايلول 1961 ومن ثم مطالبته بالكويت وخلق له جبهتين بالضد منه داخلية خارجية والتي من خلالها تمكن القوميين من القيام على حكم قاسم في الثامن من شباط 1963 بعد ان خسر حليفه التقليدي الشيوعيين الذين طالبوه بالسلاح لمواجهة الانقلاب ولكنه رفض الفكرة خوفاً من اندلاع حرب اهلية.
لم يكن الشيوعيين بعد انقلاب الثامن من شباط 1962 بأفضل حال بعد بيانهم لسحق الانقلاب وقيامهم بالمقاومة في بغداد والتي تركزت في عكد النصارى وفي الكاظمية ومناطق اخرى ولكن الكفة كانت لقادة الانقلاب لكونهم يملكون القوات المسلحة وليبلى الشيوعيين هذه المرة ببيان رقم(13)الذي يدعو الى ابادة الشيوعيين في كل مكان وهي محاولة لكسر المقاومة الشيوعية وتنتهي مأساة الشيوعيين بوشاية عضو المكتب السياسي هادي هاشم الاعظمي على اوكار قادة الحزب الشيوعي العراقي ومن بينهم سلام عادل ومحمد حسين ابو العيس وغيرهم من وقع في قبضة الحرس القومي الجناس العسكري لحزب البعث الذي استخدم القتل والتنكيل وسيلة لتصفية الخصوم وليبدأ من بقي من الشيوعيين بالتوجه الى المناطق الكردية على امل اعادة تنظيماتهم من جديد.
وبالرغم مما تعرض له الحزب من نكسة فانه تمكن من تحريك بعض خلاياه النائمة والمشتتة من القيام بحركة في معسكر الرشيد بقيادة نائب العريف(حسن سريع) في الثالث من تموز 1963 والتي كان نصيبها الفشل لعدم كفاءة التنظيم في قيادة الحركة.
وبالرغم من ذلك الوضع الذي مر به الشيوعيين فان انقلاب عبدالسلام عارف في 18 تشرين الثاني 1963 قد خفف من غلو الشيوعيين على البعض بعد اقصائهم من قبل عارف الذي خفف من جانبه من مطاردة الشيوعيين واتهامه للبعث بانهم وراء تلك الجرائم وتبنيه الاشتراكية كورقة مغازلة النظام الاشتراكي السوفيتي والتي اقوع فيها الشيوعيين في حالة من الارباك الفكري بعد تبنيهم خط اب 1964 والذي يعاضد قرارات عارف بالاتحاد الاشتراكي والذي سرعان ما تخلى عن ذلك الخط وتبنى قرار العمل الحاسم في نيسان 1965 والانقضاض على السلطة ولكن ظروف الشيوعيين يبدو انها كانت في حل من السياسة التي وضعوها بعد حالة الانقسام التي اصابت التنظيم الشيوعي بانشقاق عزيز الحاج في 17 ايلول 1967 والذي سبب ارباك تنظيمي فكري لجماهير الحزب الشيوعي العراقي وهذا عرقل الكثير من مسارهم الجماهيري.
ليتسنى لحزب البعث العربي الاشتراكي في 17 تموز من القيام بانقلاب على حكم عبدالرحمن عارف بالرغم من البعث طالب من الشيوعيين ان يساهموا بالانقلاب كان ردهم الرفض بحجة ان دماء شهدائهم في 8 شباط لتم تجف بعد وطلب البعث من الحزب الشيوعي ان لا يقاوموا الانقلاب وان نهجهم مغاير للسابق.
وبدأ البعث من جانبه بتبني الاشتراكية كعقيدة سياسية وذلك من خلال تقربهم من الانظمة الاشتراكية الاعتراف بالمانيا الديمقراطية والقيام ببعض الاصلاحات الداخلية ومن بينها غلق سجن نقرة السلمان واطلاق سراح السجناء الشيوعيين السماح للشيوعيين بطبع مجلتهم الثقافة الجديدة في نيسان 1969 وطرح حل للمسالة الكردية ببيان 11 اذار 1970 والتي عدها الشيوعيين بارقة امل للتعاون في المستقبل،وهذا من خلال الحوار الذي جرى بين الرئيس احمد حسن البكر وسكرتير الحزب الشيوعي العراقي عزيز محمد في احدى الاجتماعات السرية قبل المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي العراقي بانه من الضروري التعاون بين الطرفين وطي صفحة الماضي ولكن يبدو ان الشيوعيين كانوا يأملون بمزيد من الضمانات من البعث.
وطرح البعثمن جانبه في نهاية 1971 مشروع العمل الوطني الذي يدعو بدوره للتحالف مع القوى الوطنية ومن بينهم الشيوعيين ولكن الشيوعيين آثروا الانتظار لحين معرفة صدق البعث بوعودهم واشرك البعث اثنان من قادة الحزب الشيوعي العراقي كوزيرين في الحكومة هم كل من مكرم الطالباني عامر عبدالله وذلك في نيسان 1972 وبهذا أصبح الشيوعيين قريبين من السلطة بعد المؤازرة التي قام بها الحزب الشيوعي العراقي ومن خلال صحافته الفكر الجديد والصحافة العالمية بدعم نظام البعث لاسيما مع شركات النفط الاحتكارية.
وتكللت العلاقات بين الطرفين بتوقيع ميثاق" الجبهة الوطنية القومية التقدمية"في 17 تموز 1973 كأساس للتحالف بين الطرفين اصبحت جريدة الجبهة لسان حال الحليفين الجديدين من خلال الاتفاق على القرارات التي تصدر من الجبهة والتي مثل بها الشيوعيين رحيم عجينة وعامر عبدالله ومكرم الطالباني ومهدي الحافظ.
ولكن الشيء الذي اربك الشيوعيين هو الحرب التي اعلنتها الحكومة العراقية على الحركة الكردية في 1974 والذي بدوره دفع الشيوعيين الى رفع السلاح بوجه حليفهم التقليدي الحزب الديمقراطي الكردستاني(البارتي)الذي بدوره بدا يضيق الخناق على مقرات الحزب الشيوعي في المناطق الكردية لاسيما بعد دخول الشيوعيين بتحالف مع البعث.
يبدو ان شهر العسل بين الحليفين لم يدم طويلاً بعد ان وقع نائب رئيس مجلس قيادة الثورة صدام حسين في اذار 1975 اتفاقية الجزائر مع شاه ايران من اجل انهاء الحركات المسلحة الكردية وسحب اليد الايراني من الدعم للحركة فبدأ يوجه البعث افواه انتقاداته للشيوعيين وبدأ يطالبهم بحل منظماتهم الجماهيرية والانخراط في صفوف المنظمات الحكومية الرسمية وهذا ما تحقق بعد ان جمد الشيوعيين منظماتهم في عام 1975.
وبالرغم من حالة الارتداد في العلاقات تمكن الشيوعيين من عقد مؤتمرهم الثالث في ايار 1976 ولكنه اكدر على الاشتراكية التي يتبناها حزب البعث وهو ما اشار اليه سكرتير الحزب عزيز محمد بالتوجه معاُ لبناء الاشتراكية.
ولكن بدأت العلاقات يشوبها الفتور بعد ان اصبحت الجبهة ليست الا مكاناً يوقع على البيانات التي تؤيد قرارات مجلس قيادة الثورة الذي يسيطر عليه البعث وبدأ صدام بدوره يوجه النقد اللاذع للشيوعيين بحجة مخاوفه للتسلق على نظام الحكم في ندوته في عام 1977"خندق ام خندقان" عندما اشار ان الاسماك الصغيرة لا تتمكن من التهام الاسماك الكبيرة" وهو تشبيه للشيوعيين ولحزبه البعث.
ولكن يبدو ان موجة التباعد كانت قريبة من خلال منع وصول صحافة الحزب الشيوعي العراقي"طريق الشعب" لبعض المناطق والتضييق عليها ولكن عندما تعرض النظام لهزة عنيفة بعد احداث خان النص في شباط 1977 استنجد بالشيوعيين من اجل توحيد جهودهم ضد انتفاضة ما عرف بـ"انتفاضة صفر".
وهذا الامر لم يفت في عضد البعث بعد ان وطد جبهته الداخلية فبدأ يتخوف من الشيوعيين لاسيما بعد الانقلاب الافغاني بقيادة الحزب الشيوعي في عام 1978 فبدأ يقلق من تلك التحولات بان الاوضاع يمكن ان تحدث في العراق فطور البعث قصة وجود تنظيم للحزب الشيوعي العراقي داخل صفوف القوات المسلحة في عام 1978 وإعدام 31 من الجنود وبعض الضباط بحجة انهم يقودون تنظيم عسكري لقلب نظام الحكم وبدأ يشن حملة من الاعتقالات بين صفوف الشيوعيين وبهذا كان نجم الجبهة بدأ بالآفل بعد خروج معظم قادة الحزب الشيوعي العراقي الى خارج العراق وليرفع الشيوعيين بعد ذلك في تموز 1979 اسقاط الدكتاتورية كشعار مركزي لمرحلتهم الجديدة ولكن هذه المرة من المنفى الإجباري الذي فرض عليهم من البعث الذي أنقض على تنظيماتهم.



#سيف_عدنان_ارحيم_القيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوري السعيد ويهود العراق
- يهود العراق وقرار تقسيم فلسطين
- قراءات في ذاكرة عزيز محمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي العر ...
- قراءات في ذاكرة عزيز محمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي العر ...
- العراق في مذكرات وزير البلاط الملكي اسد علم(دراسة نقدية) الح ...
- العراق في مذكرات وزير البلاط الملكي اسد علم(دراسة نفدية) الح ...
- العراق في مذكرات وزير البلاط الملكي اسد علم(دراسة نفدية)
- العراق في مذكرات وزير البلاط الملكي اسد علم
- قراءات في ذاكرة عزيز محمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي العر ...
- جمعية الأحرار البصرية من أوائل جمعيات الوعي التقدمي في العرا ...
- قراءات في ذاكرة عزيز محمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي العر ...
- تاملات طريق الشعب في انقلاب 8 شباط 1963
- قراءات في ذاكرة عزيز محمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي العر ...
- قراءات في ذاكرة عزيز محمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي العر ...
- شفيق عدس والمنظمة الصهيونية العالمية حقيقة أم أدعاء
- قراءات في ذاكرة عزيز محمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي العر ...
- قراءات في ذاكرة عزيز محمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي العر ...
- قراءات في ذاكرة عزيز محمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي العر ...
- قراءات في ذاكرة عزيز محمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي العر ...
- قراءات في ذاكرة عزيز محمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي العر ...


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيف عدنان ارحيم القيسي - لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي 1934-1979