أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كامل السعدون - أنت تملك القوة في داخلك - الفصل السادس - بقلم لويزا هاي















المزيد.....

أنت تملك القوة في داخلك - الفصل السادس - بقلم لويزا هاي


كامل السعدون

الحوار المتمدن-العدد: 1270 - 2005 / 7 / 29 - 11:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إطلق مشاعرك الخبيئة
_____________

دع غضبك يتفجر بشكل إيجابي
___________________

ليس فينا عزيزي القاريء من لا تعتمل في نفسه عوامل الغضب لهذا الأمر أو ذاك ، وهذا أمر طبيعي للغاية ، بل هو غريزي في النفس البشرية .
حين نكتم مشاعر الغضب أو الإستياء والسخط فإنها تعتمل في الداخل لتتحول إلى مرارة وأسى وحزن وبالتالي إلى مرض فسيولوجي يختزن تلك الشحنات التي تعذر علينا إطلاقها لهذا السبب أو ذاك .
المرض الفسيولوجي كما المرض النفسي هما عاملين من عوامل اللاتوازن في الشخصية ، ( إضطراب الشخصية ) ، وإضطراب الشخصية يتأتى غالبا من حرمان المرء فرصة تأكيد ذاته وهويته الشخصية وكينونته المستقلة المتميزة .
مشاعر الغضب والنقد وتأنيب الضمير والشعور بالذنب والخوف وغيرها ، جميع هذه يجب أن تُفهم ويُعبر عنها بشكل طبيعي ولا ينبغي أن تُخنق في الداخل ، إنما حيث تُخنق يجب التنبه لها ثم إطلاقها بشكل إيجابي رصين غير مؤذي لك أو للآخرين .
وحيث أننا نعالج الآن في هذا الفصل عامل الغضب والسخط ، فإذن سنتحدث عن الوسائل السليمة لتصريف هذه الشحنات السلبية الضارة ، بشكل إيجابي .
كيف ؟
حسنا ... هناك أساليب عديدة جدا لتصريف تلك الطاقات ، إنما سأورد بعضها وأفضلها :
اولا :
____

تحدث مع الشخص المعني بالغضب أو الذي سبب لك شعور الغضب ، هذا الأسلوب هو الأفضل والأجدى والأنفع ، تحدث بثقة للمقابل وفجر ما في داخلك من غضب قبل أن يعتمل أكثر ليتحول إلى قوة مدمرة ، قل له : " أنا غاضب منك لأنك ....................... "
شددّ على كلمة أنا غاضب منك ، فإن لم تقلها فكأنك لم تفعل شيء ، لا قلها بصراحة فأنت في أول المشوار أما لو وجدت أنك تود أن تصرخ بقوة في وجهه ، فهذا يدل على أن الغضب قد أُختُزنَ طويلا في داخلك ، وهنا إن وجدت أنك قد تتورط في شجار مع المعني فليتك توجهت صوب سبيل آخر يمكن أن يحفظ بعض الود مع المقابل دون أن يحرمك فرصة تفجير غضبك وهذا هو السبيل الثاني الذي نذكره أدناه .

ثانيا :
___

تحدث مع المقابل عبر مرآة في بيتك أو في مكان منعزل ، إبحث لك عن مكان آمن لا يكون هناك فيه من ينظرك أو يتابعك ، ركز بصرك على عينيك في المرآة ، إن وجدت أنك لا تجرؤ على أن تنظر لعينيك ، إنظر إلى أنفك أو فمك ، إستحضر في خيالك صورة الشخص الذي سبب لك الغضب ، إستحضر اللحظة التي سببها لك ثم إشرع بإبلاغ الشخص ( في الخيال طبعا ) أنك غاضب منه لأنه فعل كذا أو قال كذا ضدك أو سبب لك كذا خسارة أو حرمان أو إساءة ، كن دقيقا في توضيح هذا الذي أغضبك منه ، قل وجهة نظرك بصراحة فهو على الأقل بعيد عنك الآن ، دع غضبك يتفجر ويتسرب إلى الخارج بشكل تلقائي عبر الكلمات ، إظهر له ولنفسك أنك غاضب حقا ، ولو وجدت أنك بحاجة إلى التعبير عن غضبك بشكل فعلي ، توجه صوب سريرك وألتقط الوسادة أو أكثر من وسادة وأبدأ بضربها بقوة ، لا تخف من تفجير غضبك ، بل دعه يتحرر بالكامل بهذه الطريقة الآمنة .
لا تمضي إلا بضع دقائق أو ربع ساعة مثلا إلا وتجدك متحرر بالكامل من شحنات الغضب التي كانت كامنة في داخلك وستشعر بالصفاء والأرتياح وإذ يفرغ قلبك وعقلك من الغضب ، سيتحرر مكان كبيرٌ فيهما يمكن أن يشغله الحب والثقة والأمان والفكر الهاديء .
حين تتحرر من غضبك ، يستحسن عزيزي القاريء أن تغفر لمن أخطأ في حقك . العفو يمنح المرء شعور بالحرية الكبيرة ، لأن الغضب والكراهية قيد وعبودية لحالة زمنية أو لفعل حصل في زمن مضى وبالتالي إن لم يطرد فإنه يظل مفسدا للحاضر والمستقبل ، تحرر من غضبك بالطريقة التي تحب ، ثم إنتقل إلى العفو عن من أساء إليك ، لتكتمل حزمة تفريغ المكبوتات بحيث لا تنسحب على المستقبل .
طبعا حين نقول أنك ستعفو لا يعني هذا أنك ملزم بأن تعود لمن خذلك أو أساء إليك فتتحبب إليه ، لا هذا أمر آخر لا علاقة له بعملية تفريغ الغضب ، فقد يعود هذا الرجل أو تلك المرآة إلى تكرار ذات الفعل ثانية وثالثة ، إنما نقول تعفو عنه وتحرره من كراهيتك وغضبك له وذلك في داخل نفسك أولا ثم تقول له ، " إذهب بسلام وحررني من كراهيتك ومن حضورك في حياتي ".
أو قُل :
" حسنا ، لقد أغلقت ملف هذا الموقف وأنا أتفهم الآن إنه ماضي لا ينبغي أن أفكر فيه وأتفهم أنك كنت في وضع سيء أو إن هذا هو أقصى ما تملك من فهم وإدراك وأخلاقيات في التعامل ، إذهب أنت حر الآن ودعني أعيش حياتي بسلام "
بهذا تحرر نفسك وتحرر المقابل من غضبك وتفكيرك الدائم غير المجدي في الإنتقام منه .
طبعا من الممكن عزيزي القاريء أن لا تتحرر بالكامل من شعورك بالغضب في المرة الأولى ، عندها يمكن أن تكررها مرات عديدة حتى تشعر أنك تحررت بالكامل وأن نفسك عادت للصفاء والتألق والسكينة .
طبعا يمكن أن تسمح لنفسك أن تصرخ في المرآة أو بينما أنت ترفس الوسادة أو تلكمها ، لا بأس ، إفعل هذا وخذ الوقت الذي يناسبك .
أذكر أن أحد المشاركين في فصل دراسي عندي ، إعتمد ساعة منبه الفرن ( طبعا هذا إختيار ذكي لأن الفرن يذكر بفرن القلب حين يغلي من الغضب ) ووضع المؤقت على نصف ساعة ، وظل يضرب الوسادة ويصرخ وحين شعر بالتعب والإرتياح بنفس الوقت نظر إلى الساعة فإذا بها لا زالت عند الدقيقة العاشرة ، فعاد إلى الرفس والصراخ لدقائق أخرى حتى أفرغ كل ما في قلبه قبل أن تدق ساعة الفرن معلنة إنتهاء الشواء المفترض .
لقد أخبرني الكثيرون أنهم بعد هذا التمرين يشعرون براحة غريبة جدا إذ يتحررون من الغضب والكراهية والحنق ، وأجيبهم : " هذا أمر طبيعي لأنكم تحملون عبئا أنتم غير راغبين فيه ولكنه فرض عليكم ، وبالتأكيد حين تتحررون منه تشعرون بالراحة والصفاء " .

حين يكون الغضب عادة :
________________

هناك فئة من البشر تجد الواحد منهم غاضب بإستمرار .
إنه الغضب كعادة نشأت منذ الطفولة أو بسبب محيط أسري متوتر . مثل هذا الشخص لا يرضيه شيء على الإطلاق ، فإن فعلت كذا غضب ، وإن فعلت كيت غضب ، ودائما هو يغلى من أجل اللاشيء وعلى اللاشيء .
بالتأكيد مثل هذا الشخص سينتهي يوما إلى مرض قاتل كالسرطان أو غيره أو إنه سيتعرض لا شك لحادث قاتل .
هذا الغضب هو مظهر طفولي بحت ، إذ إن صاحبه يريد للأمور أن تجري دائما على هواه ، وهذا مستحيل فكما إنك تملك إرادة فللآخرين أيضا إراداتهم ، وكما إنك تملك فكرا ، يجب أن تؤمن بأن للآخرين أفكارهم ورؤاهم ولا يمكن أن تكون دوما كما تتمنى .
في مثل هكذا حالة ، حبذا لو قام الشخص بالإسترخاء قليلا ثم وقف أمام المرآة وسأل نفسه الأسئلة التالية :
* لماذا أغضب ؟
* ما هو دوري أنا ذاتي في خلق هذا الموقف أو ذاك الذي يجعلني أغضب ؟
* هل إن الغضب هو الطريقة الوحيدة للتعبير عن عدم رضاي عن هذا الأمر أو ذاك ؟
* هل هذا حقا هو ما أريد ؟
* لماذا أريد لهذا الأمر أو ذاك أن يكون هكذا ؟
* من هذا الذي أعاقبه دوما ؟ أو أحبه دوما ؟
* ما هي الأسباب في رأيي لهذه الحالة من الغضب الدائم ؟
* ما هذا الذي أبعثه للخارج ليعود علي بهذا الذي يغضبني ؟ ألست أنا من أستفز الآخرين لكي يردوا علي بهذه الطريقة أو تلك مما لا يعجبني ؟
مثل هذه المناقشة والإستعراض مع الذات ، ضروري عزيزي القاريء للتخلص من الغضب الزائد الذي يتكرر دون ضرورة وبلا داع .
بذات الآن يمكنك في مرة لاحقة أن تقف أمام المرآة لمشوار آخر ربما يكون أكثر أهمية إلا وهو أن تتعرف على ذاتك أكثر ، قف أمام المرآة وأنظر في عينيك بعمق واسأل هذا الشاخص أمامك في المرآة :
* من أنت ؟
* ماذا تريد بالضبط ؟
* ما الذي يمكن أن يسعدك حقا ؟
* ماذا أستطيع أن أفعل لأسعدك ؟

إنظر لما تملك حولك وأستمتع به :
_____________________

ما أكثر ما نملك نحن البشر وما أكثر ما ننسى هذا الذي نملكه .
اطفالك ، زوجك أو زوجتك ، بيتك ، علاقاتك ، سيارتك ... صحتك ، عافيتك ، مالك ، بلدك ( أو البلد الذي تحمل أوراقه الرسمية أو حق الأقامة فيه ) ، جميع هذا في واقع الحال بعض مما نملك بطريقة أو بأخرى .
هل ترانا نستمتع بهذا الذي نملك ؟
ولو إننا لا نملك شيئا على الإطلاق إلا صحة البدن والعقل والنظر ، هل ترانا نستمتع بهذا الذي نملك ؟ الحقيقة أننا لا نعي ما بأيدينا ولهذا تجدنا غالبا ما نفتقد السكينة والأمان ونشعر بالغضب والأسى لمجرد أن هذا الأمر أو ذاك لا يسير على ما نتمنى .
طيب لماذا لا نعيد النظر بما نملك ولو كان قليلا ؟
لماذا لا تبارك بكلماتك الطيبة هذا الذي بين يديك مهما كان قليلا أو محدودا ؟ من منا يفعل هذا ؟
أعتقد إنك ستفعل إن لم تكن قد فعلت لحد الآن فهذا سينفعك كثيرا في التخفيف من عصبيتك وغضبك . إنظر إلى ما حولك من جديد بنظرة جديدة ، قل لسريرك أو كرسيك أو سيارتك قبل أن تصعدها أو وأنت تجلس إلى المقود ، قل لها أحبكِ أيتها العزيزة الجميلة التي هي لي وحدي بين كل الناس ... !
لا تسخر من نفسك وأنت تقول هذا ، لا تقل ولكنها جماد لا تعقل ... لا ... بل هي حياة تجري بين يديك ...تخلص من هذه الواقعية الشديدة البغيضة غير الصحيحة ... إنك تخاطب نفسك حين تخاطب كرسيك أو سريرك أو كتابك أو سيارتك ... أنت هنا تخاطب أولا نفسك ذاتها لأن كل ما نملك هو جزء منّا مثل اليد أو اللسان أو القلب ، وما نملك يجب أن يعامل بحب ورضا .
كل ما تملك هو إستطالة أو إضافات للشخصية وكما إنني أنصحك بأن تعامل يدك وقلبك وعقلك وضميرك بالحب والإحترام والرضا وتخاطبه بلغة إيحابية دافئة ، كذلك إفعل ذات الأمر مع أشياءك المادية .
حتى جدران بيتك إنظر لها بحب ... أرضية بيتك ... أتعرف لماذا ... لأن هذا النظر سيعيدك إلى الواقع ... إلى اللحظة الحقيقية الوحيدة التي أنت بها الآن ... سيحررك من الماضي والمستقبل وهما زمنين غير موجودين الآن ... وكما نعرف كل مشاعر الغضب والكراهية والخوف والإستياء تأتي من هذين الزمنين الذين لا نملكهما باليد ولحسن الحظ ، لأننا لا نحتاج لهما الآن ، بل كل ما نحتاجه هو هذا الذي بين يدينا ... زمننا هذا ومكاننا هذا .
الأمر الثاني : حين تشكر وتطري وتمدح وتحب أشياءك فأنت بهذا تشكر الرب أو القوة العظمى التي تدير الكون والتي هي وحدها من يملك كل مفاتيح الحياة ، وأنت حين تكون إيجابيا شكورا ممتنا ، فإنك ترضي هذه القوة الخالقة المدبرة وتمنح نفسك فرصة التماهي والتوحد معها من خلال إثباتك الولاء لها بأن تحب أشياءك التي منحتك إياها هذه القوة في هذه الحياة الجميلة .
بعكسه ... لو إنك إمتعظت مما تملك لأصبح هذا الذي تملكه مضادا لك ومعاكسا ومؤذيا .
من الطريف عزيزي القاريء ان كل ما نملك يناضر هذا الذي نملكه في الجسد ويمكن أن يعبر بالكامل عن نوع مشاعرنا في هذه اللحظة أو تلك .
إحدى زبوناتي المتعبات نفسيا ، قالت لي يوما وأنا أحاضر عن العلاقة بين الجسد والسيارة أو البيت ، قالت إنها شعرت ذات حقبة من حياتها أنها لا تملك أي وضوح في الرؤية ولا تدري ماذا تفعل ... تضيف ... ذات نهار صعدت سيارتي دون أن أعرف ماذا أريد بالضبط وإلى أين .. فجأة نظرت إلى الأمام وأنا أجلس على مقعد القيادة لأكتشف أن الزجاجة الأمامية للسيارة كانت مهشمة ...!
هذه الزجاجة تعبير دقيق عن هذا الإضطراب النفسي الذي كان لدى السيدة في هذه الفترة من حياتها .
وآخر ، قال لي أنه غمرته ذات فترة مشاعر حيرة وأضطراب وشعور بأنه متخشبٌ في مسيرته ولا يبدو أمامه أي أفق واعد ، مرة وهو في صميم هذه الحالة من الإنغلاق الحياتي ، إنفجر إطار السيارة وتوقف في النفق الطويل وورائه العشرات بل المئات من السيارات التي تريد المرور فلا تقدر ، ولم يحسم الموقف إلا بعد ما يفوق النصف ساعة .

عودة إلى المشاعر التي لا نجرؤ على التعبير عنها :
________________________________

ما لا تجرؤ على التعبير عنه عزيزي القاريء من مشاعر ، يتحول غالبا إلى متاعب صحية كما سلف أن قلنا . الغضب المكتوم ، الكآبة ، الحزن العميق الذي لم تجرؤ على تفجيره ، الخوف الذي لم تفضحه أمام عينيك ولم تعالجه ، يمكن لهذا كله أن يتحول إلى ما لا يعد ولا يحصى من العلل والأمراض ، من قرحة في المعدة إلى آلام الظهر أو الشلل أو الروماتيزم أو السرطان وغيره . النساء غالبا يصبن بالسرطان أو متاعب حادة في الأعضاء التناسلية بالذات ، حين يكن قد تعرضن لخيانة الزوج أو الأحتقار من قبل الحبيب أو الشريك ، كذلك يمكن أن يصبن بمثل هذه المتاعب حين يكن قد تعرضن للإغتصاب في الطفولة أو الحداثة ولم يستطعن أن يتجاوزن هذا الموقف أو لم يجدن تفهما وعلاجا نفسيا ورعاية من قبل الأهل .
كذلك يتعرض الرجال للعنة المؤقتة أو الدائمة إثر خيبة أو خيانة عاطفية ، لماذا لأن العضو الذي له علاقة بالحالة الشعورية هو الأكثر تعرضا للإصابة وإحيانا يصاب عضو آخر قريب أو له تماس من نوع ما بالأزمة الشعورية الحادة .
لهذا اؤكد دائما على أن العلاج النفسي الذاتي هو الحل الأفضل لتفريغ المكبوتات العاطفية أو الشعورية من غضب أو كآبة أو غير ذلك قبل أن تستفحل لا سمح الله لتتحول إلى مرض عصبي أو جسماني ، وعندها قد لا ينفع الترويح والتفريغ النفسي أو على الأقل قد لا يكون متيسرا في كل الأوقات ولكل الناس .

الخوف :
_____

في الواقع أن الخوف هو مرض العصر في زمننا هذا ، فكلما أزداد وعي الإنسان وتعمقت قيم الحضارة المادية ، كلما أزداد خوفنا من العجز على السيطرة على ظروف حياتنا التي غدت هناك عوامل عديدة جديدة علينا تتدخل بها وتؤثر فيها . لا شك أن الحضارة منحتنا رخاء أكبر وسعادة أكبر ووقت فراغ أكبر ولكن بذات الآن منحتنا خوفا أكبر ، لأن الإهتمامات الروحية قلت ووعي الإنسان إزداد بشكل كبير بحيث تعزز لديه وهم أن الحياة هي مادة وحسب ولا روح فيها ، وهذا خطأ فضيع .
لا زال في الحياة خير كثير ولا زالت الروح حية وقائمة فينا كما في الكون كله . بل العكس يجب أن يكون فهمنا الآن للروح وللرب أكبر مما كان قبلئذ ، فآنئذ كانت الناس تنعم بآمن قائم على السذاجة لا الفهم ، الآن لدينا فرصة أكبر لأن نفهم الحياة ونفهم الرب أو الخالق أو تلك القوة العظيمة التي تدير الكون ، نستطيع أن نفهمها بشكل أفضل وأكثر حرية من تلك الروحانيات المثقلة بالطقوس والتي كان الناس يتلقونها في الكنائس ودور العبادة .
إنما علينا أن نعزز هذا الفهم للخالق أو الذكاء الكوني الخارق الموجود في كل مكان وأن نحسن التواصل معه من خلال إيماننا أولا بأنه موجود وأن من الغباء أن نتوهم اننا وحيدون في هذا العالم مع أمراضنا وعللنا ومادياتنا الثقيلة السخيفة .
لا ... هناك ذكاء كوني جبار جميل يدير هذا الكون بشكل أذكى وأجمل مما تتوهمه الأديان كلها .
إذا آمنا بهذا أمنا من الخوف على مصيرنا وأمنا من الخوف حتى من الموت ، لأن الموت في قناعتي هو إنتقال من حياة إلى حياة أخرى .
أنا أرى أن الإنسان إذا مات إنتقل من شكل إلى شكل آخر ومن حياة إلى حياة أخرى وإلى ما لانهاية ، يعني ذات الروح تعود مرات ومرات لتعيش الحياة مرات عديدة ، وما لا نناله في هذا الشوط أو في هذه الحياة يمكن أن نناله في المرة التالية ، فتهيأ عزيزي القاريء لأن تحقق ما عجزت عن تحقيقه في هذه الحياة ، تهيأ لتحقيقه في الشوط القادم .*
لو إنك آمنت مثلي بهذا لما شعرت بالخوف من الفشل أو قلة الحيلة أو العجز عن تحقيق كل أمانيك .
لكن لا يعني هذا أن لا نحاول أن نرتقي لمجرد أننا ننتظر الموت لنلد ثانية بظروف أخرى ونحقق ما نعجز عنه الآن ... لا طبعا ... إنما أعمل أقصى ما تستطيع في هذه الحياة وأرتقي إلى أكبر قدر ممكن ، ذات الميراث من الرقي الذي تناله اليوم في هذه الحياة يمكن أن يساعدك على أن تسرع إرتقائك وتقدمك في الحياة الأخرى .
الثقة عزيزي القاريء هي ما نناله حين ننتصر على الخوف الذي يتولد في داخلنا ، وتلك الثقة تتحقق حين نؤمن بأن هناك قوة عظيمة في داخلنا لم تستخدم بعد أو لم نحسن إستخدامنا ، والثقة تتولد حين نؤمن بأن لنا القدرة على التواصل مع القوة الخارجية الممثلة بالرب أو الذكاء الكوني العظيم الذي يحيط بنا ويحبنا ويؤمن بنا ويرعانا بقدر ما نحب أنفسنا ونرعاها وبقدر ما ننجح في أن نسترخي ونتعلم التأمل ونعمل على التواصل عبر الصمت والتأمل والإيحاء الذاتي ، التواصل مع جوهرنا الداخلي ومع الرب عبر هذا الجوهر .
حذار أن تتوهم أن الحياة هي هذا العالم المادي فقط ... إن فعلت هذا فإنك تجرد نفسك من سلاح فاعل عظيم هو ضميرك وذاتك العليا وعقلك الباطن وأخيرا الرب أو روح الحياة الساري في كل مكان .

___________________________________________________________

هامش المترجم :
__________
*
طبعا هذه القناعات لا علاقة لها بوهم الجنة التي يؤمن بها البعض ويتوهمون أنهم يملكون لها شروطا ، كما هو في بعض الأديان التي توهم الأتباع بأن يقتلوا أنفسهم أو يقتلوا الآخرين ليدخلوا الجنة ، لا... الكاتبة لا تعني هذا بل هي تعني مبدأ إعادة الخلق والذي تؤمن به الكثير من المذاهب في الشرق كما الغرب .
___________________________________________________________
ونكتفي بهذا القدر في هذا الفصل لأن الباقي فيه مكرر في فصول سبقت أو هي آتية لاحقا ولا ضرورة لأخذها الآن في هذا الفصل ، وإلى لقاء آخر نأخذ فيه الفصل السابع من هذا الكتاب الشيق الجميل .
___________________________________________________________

أوسلو في ال28 من تموز 2005



#كامل_السعدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنت تملك القوة في داخلك -الفصل الخامس- بقلم لويزا هاي -
- أنت تملك القوة في داخلك - بقلم لويزا هاي - إعادة برمجة التصو ...
- أنت تملك القوة في داخلك - بقلم لويزا هاي -الفصل الثالث
- أنت تملك القوة في داخلك - بقلم لويزا هاي - الفصل الثاني
- أنت تملك القوة في داخلك - بقلم لويزا هاي
- عراقيات - ومضات قصصية -4-
- مديات حرّة بين السطور - مقال سيكولوجي
- 3 عراقيات -ومضات قصصية
- -2- عراقيات - ومضات قصصية
- عراقيات - ومضات قصصية
- ستلد الوطنية العراقية ولو بعد حين ...فلا تيأسوا أيها الطيبون
- إحتفالية رفاهية البترول توشك على الإنتهاء عالميا
- دروس المرحلة المنصرمة وآفاق المستقبل
- 2-باقة منتخبة من الشعر العاطفي
- باقة منتخبة من الشعر العاطفي
- إشكاليات الحال العراقية - عودة إلى الجذور
- العنصرية والطائفية ثمار إسلامية خالصة
- لحظة من فضلك - نصوص مترجمة من الشعر النرويجي الحديث
- أحزان - شعر نرويجي
- اهلأ بدرة أعياد نيسان - شعر


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كامل السعدون - أنت تملك القوة في داخلك - الفصل السادس - بقلم لويزا هاي