أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد حسين يونس - العودة مهزوما مكسور الوجدان















المزيد.....

العودة مهزوما مكسور الوجدان


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4487 - 2014 / 6 / 19 - 15:47
المحور: سيرة ذاتية
    


وسترجع يوماً يا ولدي مهزوماً مكسور الوجدان
وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان
عندما كنت أسمع عبد الحليم حافظ يختتم أغنيته (( قارئة الفنجان )) بهذه المرثية .. كنت أتأثر عاطفيا الي درجة البكاء تعاطفا مع أحزان هذا الشقي الذى أوقعه سوء حظه أن يعيش )عمره (يطارد خيط دخان ..ولكنني عندما وصلت إلي نهاية المحطة ..وأصبحت كما يقولون ((رجل جوه ورجل بره )) فهمت( كما فهم نزار قباني) بعد رحيل العمر أنني قد أضعته سدى أسعي خلف دخان من الإنتماءات تحولت بمرور الوقت الي فشل كامل .
1
ما أتعس لحظة وجودى .
منذ سنين موغلة في القدم عندما أصبح محتوما علي أن أحمل جنسية و دين ولغة وملامح لا دخل لي بإختيارها ولم أستشر من أجلها )في ذلك الوقت( لم تكن هيئتي علي هذا الشكل المرئي الذى يطالعكم علي رأس هذا المقال ..لقد كنت كائنا مجهريا دقيقا قذفوا به في ليلة من ليالي يونيو 1939 يسبح بين ملايين الكائنات الشبيهه في مياة لذجة دافئة تملأ نفقا طويلا مظلما مبطن من كل جوانبه بنسيج لين ذو رائحة مميزة (لا زلت أذكرها )..لم أكن في تلك اللحظة أدرى ماهية هذا السباق الذى دفعت اليه دفعا لقد كان علينا أن نصل الي بويضة سحرية تقبع ساكنة تشع ضوءا جاذبا لي ولباقي الكائنات الساعية تجاهها و كنت أبذل أقصي جهد لاكون بالمقدمة .. عندما إنتهي ذلك الصراع المرير الطويل كنت قد إستطعت أن أفوز(ويا ليته لم يحدث ) بإختراق جدران البويضة و أحتمي داخلها أرقب الفاشلين الذين خسروا السباق وهم يتوقفون عن الحركة ثم وهم يختفون . وهكذا بدأت حياتي التعسة بوقوعي في فخ شرك خداعي نصبته لي الطبيعة لتنتج سلسلة مستمرة من نوعي .
بمرور الوقت كان علي الكائن المجهرى المندمج داخل البويضة السحرية أن يعيد دورة ملايين السنين (التي إستغرقتها الحياة لتصل الي كائن عاقل قادر) فيتحول من خلية وحيدة لخلية مخصبة ثم ينقسم الي خلايا عديدة تكتسب كل يوم صفات وهيئات تختلف عن سابقتها ليصبح في يوم سمكة لها خياشيم تسعي سابحة تلهو في محيط شديد العمق لا اول له من أخر ومع مرور الاسابيع يتحول الي حيوان بر مائي يشبه الضفدع ثم أنه يلتصق بجدار الرحم (كعادة الثدييات) يمتص الطعام والحياة وعندما يسمع ضجة ما يحدث بالخارج ويتأثر به ينتهي بأن يكون طفل الإنسان
هكذا عشت في رحم أمي مرفها لمدة ستة وثلاثين إسبوعا..المكان ثابت الحرارة و الطعام يصلني و أتمثله دون جهد و الاخراج يتم من خلال أجهزة العائل .. الهو قليلا و أسكن كثيرا أراقب بصمت ملايين الكائنات المجهرية المقذوفة حولي تبحث دون جدوى عن بويضة تسكنها و كنت أعجب من كسل أمي التي لا تنتج لها ما يكفيها من بويضات كي تندمج معها .. أمي كان بمقدورها منفردة وبواسطة هذه الملايين من الكائنات التعسة أن تتسبب في وجود ناس تملأ بهم (بشيء من النشاط ) وجه المعمورة ولكنها لحسن الحظ إكتفت بتكرار الانجاب لمرتين تاليتين جاء منهما أخي وأختي .
لقد كنت أريد أن أظل داخل رحم أمي للأبد او علي الاقل لفترة المائتي إسبوع التي أفتي مشايخ المسلمين بيقين بأنها فترة حمل أنثي الانسان و لكن أمي بجوار كسلها في إنتاج البويضات كانت أيضا ملولة فأخرجتني من رحمها دون رحمة إلي عالم مرعب يقتتل بضراوة في حرب عالمية أودت بحياة الملايين من سكان الارض .. و للحق .. لقد رفضت هذا العالم من أول لحظة صائحا ولكن هذا لم يمنع بدء رحلة العذاب التي إستمرت ليومنا هذا .. لقد كان علي التنفس دون توقف .. وكان علي أن أستجيب لطلبات معدتي اللعينة التي إستعبدتني منذ ذلك اليوم ولم تحررني بعد من أسرها ..وكان علي أن أنظم إخراجي ذو الرائحة الكريهه .. لقد أصبح الحصول علي الطعام يتم بمشقة ويحتاج الي بكاء مستمر وأحيانا الي الصراخ حتي تخرج أمي مصنع إنتاج الالبان وتلقمني إياه في فمي لأمتص منه حتي أشبع و كان الاخراج أيضا تعقبه معركة أخرى حتي يأتي من يزيل الاوساخ ويغسلني ويغير ملابسي وهنا أسمع أمي تقول ((فلة وياسمينة )) لقد كانت أمي رغم فائدتها إمرأة قاسية كثيرة الغياب و الاعتذار لا يردعها الا الصياح والبكاء لقد كانت مصدر لوعتي الاساسي عندما كانت تهملني من أجل الاخر ذو الصوت العالي الذى يختطفها مني بكل اساليب الغش و الخداع لقد كانت مصدر حياتي ومصدر تعاستي وكنت أبحث عنها دائما أعرف صوتها ورائحتها و دفئها وغناءها و تراتيلها و ضحكها وكنت أكره الاخر الذى يغتصبها مني رغم كل محاولاته لعقد هدنة سلام معي ..أمي كانت تهجرني كثيرا ولكن هناك حادثان لا أنساهما لها (ما حييت ) كان هجرها لي فيهما قاسيا ..الاول عندما إمتنعت عن إرضاعي كانت تقول أن مصنع الالبان أصبح ملوثا وخطرا بعد أن نجح كائن مجهرى أخر من إختراق بويضة جاهزة للتخصيب وهكذا تم فطامي وكان علي إبن التسعة أشهر أن يعتمد علي نفسه يقضم ويمضغ ويبلع و يستخدم يدية ويطلب الطعام دون صراخ ،مجهود خارق أعجب اليوم عندما أتأملة كيف إعتدت علية ولم اسع بكل الوسائل للعودة الي نعيم رحم الام الذى قيل أنه موجود ولكن في الاخرة حيث ينعم به كسالي القوم من المتقين .
الهجر الثاني كان الاكثر قسوة .. لقد قذفت بي بيدها خارج محيط رعايتها عندما سلمتني لراهبات مدرسة نوتردام ليعيدوا تهذيبي و تعويدى علي أنني لست الكائن الوحيد في هذه الدنيا وأن علي مشاركة الاخرين الذين يتواجدون حولي في العالم (شديد القسوة المرعب)، وأن أتحرك دون حماية من الام ،وعندما أصرخ لا يستجيبون .
أمي هي عشق الضرورة و الامن و هي حبي الاول الذى سبب لي اللوعة والالم عندما أيقنت أن إهتمامها و عواطفها تمنحها علي المشاع بين أفراد الاسرة وتؤثر العدو المزاحم بالنصيب الاكبر .. أمي كانت الرابط الاساسي بين افراد عائلة لا يطيقون بعضهم بعضا و يتصارعون بضراوة للحصول علي لفتة من السنيورة ولولا حكمتها لما قام بينهم أى صلة رحم .
وهكذا رغم أن الصبي بذل أقصي جهد فكان مؤدبا ومطيعا ومتفوقا و دائما في المقدمة إلا أن كل هذا لم يغير موقفها منه او من منافسيه .. ورغم أنه كان يتعمد هزيمة رجلها في الشطرنج والطاولة ويحاول قدر جهده إفشال خططه ومساعيه و إظهاره في أسوء الصور..الاأنه لم يحظ منها بأكثر من النصيب المعتاد خصوصا بعد ان كبر الجميع و إنفصلوا عن العش فتحول تعاطفها من الفعل الي الدعاء الذى كان يشمل و يضم جميع الابناء و كل البشر .
عندما تكويني نار الهجر .. عندما أشعر بالوعة والشوق ..عندما تخذلني فتاتي وتهتم بالابناء .. عندما يهرب الابن الي عش جديد مع وليفته ..أتذكر أمي التي رحلت منذ ربع قرن وأنني لم أفز الا بجزء محدود من إهتمامها وحبها و عواطفها وأنني فشلت في أن أجعل إنتماءها منفردا لي ..و أعرف عن يقين معني العودة( مهزوما مكسور الوجدان) .
2
في مدرسة الطفولة كنا نهتف كل صباح ((عاش فاروق الاول ملك مصر و السودان )) كنا نحيي باحترام الراية الخضراء ذات الهلال و الثلاثة نجوم البيضاء.. ونقف باجلال مع عزف السلام الملكي الذى كتب موسيقاه الايطالي العالمي فيردى .
في هذا المكان تعلمت الانتماء لوطن لقد كانت مدرسة فاروق الاول وطني .. مدرسة نظيفة رائعة نذهب اليها يوميا ونحن سعداء لاننا سنتعلم كل يوم جديد و سنزاول جميع الانشطة المتاحة في زمننا .. ولاننا سوف نتناول غذاءا صحيا جماعيا و يشرف علينا اساتذة يبذلون أقصى طاقة لتوسيع افقنا والبحث عن الدرر المكنونة داخلنا من مواهب يقومون بتنميتها .. كنت في حديقة مدرستي أطارد الفراشات المزوقات و أتابع نمو زهور البانسية متعددة الالوان وأكون علاقة ود وطيدة مع الطبيعة و الحُسن و جلال تكامل الكائنات ..كنت اعد المربي والجبن في المشتل و أجرى التجارب في المعمل و أصنع التماثيل بالصلصال .. و أنشد الشعر و امثل علي المسرح و أتعلم الانجليزية من استاذ إنجليزى و الفرنسية من اخر فرنسي وازاول جميع أنواع الرياضة و أعود لمدرستي صيفا ننشيء ناديا ونشاهد افلاما ونكتب المجلات و نسبح و ننعم برفقة مدربة لا تفرق بيننا بسبب الدين او الطبقة الاجتماعية او مكانة الاب حتي هؤلاء الذين كانوا يعجزون عن دفع المصاريف و يقدمون شهادة عجز لم نشعر بأنهم فقراء ..كنا كلنا طلاب وكلنا نخضع لنفس القانون ونفس التقاليد.. كانت مدرستي الحضن الذى يضمني مع أترابي لا فرق بيننا الا التفوق و مدى القدرة علي إستخدام أدوات الابداع المتاحة وكنا لا نمل من إعلان أننا من أبناءها وعندما كنا نشجع فرقنا المتبارية مع فرق المدارس الاخرى كنا نشعر بالفخر ونحن نهتف بشعارات مدرسة فاروق الاول الثانوية .. وحتي عندما سقط الملك تحت جنازير دبابات يوليو .. كنا لازلنا نهتف عاش فاروق الاول ملك مصر والسودان .
عندما هجمت الطائرات الانجليزية و الفرنسية علي القاهرة ومدن القناة ..وخطب عبد الناصر في الازهر ثم خرج محمولا علي الاعناق .. كان لازال لدينا وطن نحبه وتدمع أعيننا ونحن نغني ((الجنَة هي بلادنا وجهنم هي حدودنا )) وعندما قرأ عبد الناصر الميثاق الوطني و تكلم عن الحرية و المساواة والعدل و أن العمل حق والعمل حياة و العمل واجب .. كان لنا وطنا نحبه و نحمية ونعمل من أجل صموده و رقيه .
ولكن عندما سال قائدالكتيبة .. لقد إستلمنا الامر بالتحرك فمن لا يريد الذهاب فليبلغنا من الان ليتم نقله ، أشار تجاهي وقال ما عدا إنت لان رفضك سيكون سياسيا ..فلقد كنت لا أخفي أنني لا أجد سببا لان نذهب الي اليمن مستهلكين طاقتنا و لا أجد اى مبرر لمنح الضباط والجنود العاملين هناك إمتيازات تثقل الخزينة المصرية بأعباء لا تقدر عليها .. لقد اصبحت مصرأرض النعيم لضباط عبد الحكيم عامر و لمن يؤمنون بان الحرب في اليمن نوع من الوطنية .. ولكنني كنت علي يقين منذ زمن إنفصال سوريا وتحرك الجيش الثاني لاعتقال ضيوفهم من المصريين أن القومية العربية تجرعلينا من تبعات تحول (مصر) الي( الجمهورية العربية المتحدة ) أعباء ثقيلة فقدت بعدها وطني ورايتي و نشيدى وإنتمائي لمينا وأحمس وتحتمس ورمسيس وأصبح لعمر وعمرو وإبن سفيان .
عندما عدت من 67 مهزوما مكسور الوجدان توالت المصائب و الكوارث و الاحباطات و إنتهت بما نسمعه اليوم عن الغش الالكتروني في الامتحانات و عن الطلاب الذين يضربون الاساتذة و المدرسين الذين لا يشرحون الا في الدروس الخصوصية .
وهكذا عندما ارى التحرش و الفوضي في الشارع و شره الاغنياء وقلة حيلة الفقراء الذين يتكاثرون دون رابط او مقياس أعرف أن الوطن الذى إنتميت إليه في مدرسة فاروق الاول قد ذهب مع شطحات الناصرية ولم يعد بعد (وحتي الان )و بأننا منذ منتصف القرن الماضي كنا نطارد خيط دخان .
3

في نقابة المهندسين قال لي الرجل الذى سلمني اول تحقيق شخصية مهني ((الله عز وجل مهندس ألم يصمم وينشيء الكون )) عليك أن تحترم مهنة الذين يخلقون .وقال لي الرجل الذى إستقبل دفعة المهندسين المكلفين علي مؤسسته .. نريد دما جديدا بفكر جديد أنتم أبناء الثورة والذين ستحققون أهدافها بالخروج بمصر الي زمن الحداثة . وقال لي رئيسي انا سعيد بحماسك ولكن عليك أن تدرس المكان الذى تسير فية فالارض ليست خالية من الالغام .
لقد كان رئيسي الاصدق فالمهندسين الذين كنت أعرفهم من رجال وشباب العائلة بالاضافة الي الاطباء و القضاة و اساتذة الجامعات و الصحفيين و كل من حمل مؤهلا عاليا كانوا يعيشون (فلنقل) كالباشاوات ..يحترمهم الجميع و يحترمون هم مهنتهم مبتعدين عن الدنايا و الصغائر .. لم نسمع في يوم أن مهندسا او طبيبا قد سجن بسبب الفساد او الحصول علي اموال لا يستحقها ..، لقد كان القانون والعدل اساس حكم مصر وكانت مدرسة الحقوق المصنع الاول للوطنيه الذى تخرج منه أغلب الحكام الذين يشار اليهم بانهم من صنعوا مصر الحديثة .
إنقلاب العسكر و أحلامهم الطوباوية قلب خريطة الطبقات .. فصعد بالضباط ليحتلوا المناصب القيادية مجليا عنها أصحاب القانون .. الضباط محدودى الخبرة و التعليم ساروا علي نهج النظام النازى محاولين الصعود بنفس اسلوب المانيا الهتلرية وهكذا شاهدنا مجازر تصفية القضاة و اساتذة الجامعة و رجال الاحزاب التي توالت بسرعة طالت بعدها جميع من كانوا من (الباشاوات )و لم يبق علي كراسي الحكم الا الضباط الذين رغم كونهم ضباطا الا أنهم لم ينجحوا في أى معركة خاضوها و توالت الهزائم حتي الاستسلام الكامل للارادة الامريكية و إنفتاح السادات لترتفع راية السماسرة و التجار و تنكس اعلام الهندسة والمهندسين .. ويتحول(الباشاوات) الي رعاع يجرون حول الارباح الانية حتي علي حساب المؤسسات التي يديرونها .
عندما إحتل أصحاب اللحي من الاخوان نقابة المهندسين و غيروا من طاقمها الادارى ليوطدوا ملكهم لها لعشرات السنين .. كنت أذهب الي نقابتي فاجد نفسي غريبا غير مرحبا بي و أجد مبناها و قد باعه المهندس الاخوانجي عثمان احمد عثمان .. وأجد أن طوابير المهندسين تضم دراويش متأسلمين بدلا من صانعي حضارة و اجد أن نقابتي قد سرقت مني و أن هذا المسخ لا أنتمي اليه ..
عندما أجد أن عدد المهندسين المحكوم عليهم في قضايا الفساد يزداد يوما بعد الاخر و ان التحايل علي القانون أصبح عرفا جاريا و أن العمولة و الرشوة أصبحت سلوكا غير مستهجنا بينهم.. وأن النصب و التدليس و الفهلوة حلت محل الابداع و الخلق ..أعرف أنني قد عدت من رحلة عمل لنصف قرن خالي الوفاض حتي من شرف الانتماء الي أشباة الارباب من خالقي الوجود فلقد أصبحوا رعاعا .
4

وهكذا كان عمرى الذى عشته علي ارضك يا مصر في أحلك ايامك علي مستوى التاريخ الحديث .
لقد أصبح الانتماء لوطن ودين و جماعة ومهنة و حزب .. ينتهي في جميع الاحوال الي علامة إستفهام ضخمة وخيبة لا تقل عن صدمة مشاركة الاخرون في حب ورعاية امي لي.
فما هذا الوطن الذى لا تعرف الي اى زمن او مكان سيتجه و الذى يغير بوصلته لاربع او خمس مرات خلال عمر شخص واحد .. وطن غير جلده خلال الاربع سنوات الماضية لاربع مرات .. يعيش باسلوب التجربة و الخطأ و قد تصيب وقد تخيب بل عادة ما تخيب ليعودة مهزوما مكسور الوجدان .
دراويش النظام الجديد هل هم يؤطرون لمنهج فاحص يشخص لحالنا ..وله برامجه التي سيقوم بتنفيذها بواسطة حزب او طبقة واضحة لها مجاميعها و كوادرها التي تسعي في إتجاه محدد مفهوم للجميع ..ام هم دراويش رفض الاخوان و ما جروه علي بلدنا و علي المنطقة من كوارث ويأملون في تكرار هوجة (الاتحاد و النظام والعمل )التي قدمها ضباط 52.
في الحق لقد تعلم الرجل المسن أن الرهان علي فرد هو نوع من العجز و أن انظمة الحكم المتتالية تركتنا فاقدى الثقة في أنفسنا .. ليتوارى قليلا الانتماء لوطن يعمل اهله علي رفعتة و فخاره .. ويترك مكانه للانتماء الديني عسي أن تقوم السماء بما عجز عن فعله سكان الارض .
أنا لا أفهم في الاديان و لم أدرس مناهجها .. ولكنني اتابع إنعكاسها علي حياة أصحابها ..فأجد أن تأثير مناهج تعليمات بوذا و كونفوشيوس و لاوتسي تختلف عن تأثير سيادة مناهج وتعليمات السنة والشيعة والسلفيين و بتوع حماس و داعش (و غيرها من تنظيمات المغرمين باراقة الدماء و تدمير الاله الحضارية ) كالفارق بين اليابان و الصين و كوريا من جهه .. والصومال واليمن وغزة و السودان من جهة أخرى ..لقد حول مسلمي القرن الحادى و العشرين حياة البشر الي جحيم وتخلف و أصبحوا خطرا مستمرا ودائما يجعل من الانتماء لهم إرهابا و تخلفا وحقدا وإستخفافا بكل ما ماهو عاقل وإنساني .
حسنا بعد هذا السواد .. ما هو الحل !!
الا يمكن أن يكون الانتماء الي جماعة تسعي لتعديل الموقف هو بصيص ضوء سيتحول الي إشراق الشمس ..؟ هل تكوين حزب للمحترفين يعلم أصحابه علي أى ارض يخطون،او جيتو ليبرالي مغلق يجترمنتسبيه روءى وخيالات غير قابلة للتطبيق الابعد قرون ولكنها تنشر التنوير بين الشباب هو المخرج !
أم هي علاقات وجود مع من يرى أن الحياة تستحق أن تعاش علي اى وتيرة وأن العمر يعبر مرة واحدة و يجب الا نستسلم للاحزان مهما كانت المعوقات !
أم إنه قدرالارتباط الحتمي بكل ما هو ميتافيزيقي غير محسوس كخيار وحيد متاح ..وتسلم الايادى .
5
بصراحة في بلدى لا يوجد حزب ولا جمعية ثقافية ولا نقابة فاعلة .. ولا قبيلة و لا عائلة ولا جيران ولا أصدقاء ولا زملاء ولا حتي نادى رياضي يمكن الانتماء لهم بامان وحماس (هتاف تشجيع فرق مدرسة فاروق الاول )دون الخوف من الهجروالفقد و التهميش ..الوطن يغير جلده بسرعات غير مسبوقة وفي كل مرة تتسيد فيها عصابة تتفق علي تهميش الاخرين.. و الاحزاب تائهه تبحث عن مكاسب انية محدودة.. و العمل محاط بالغيلان القدامي و الجدد يوزعون العوائد و الفوائد بينهم حسب قوة كل منهم و قدرته علي سلب الاخر .. و الاسرة تفرق افرادها كل يبحث عن طريقة ما يصارع بها من أجل البقاء في غابة الوجود علي الارض المحروسة.
وأنا اجلس مهزوما مكسور الوجدان اعيش في صحراء سيبيرية باردة في عز حر يونيو انتظر إنتهاء المغامرة التي بدأها كائن مجهري في مثل هذا الشهر منذ ثلاثة ارباع قرن أحصي الخيالات التي تابعتها وجريت خلفها دون جدوى فأضعت عمرى من أجلها اردد مع عبد الحليم حافظ و نزار القباني.
((ما اصعب ان تهوى امرأة يا ولدى ليس لها عنوان)).



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يريدون تطبيق شرائع الاسلام ؟
- النبوءة(19/6/1989...8/6/2014 . )
- هل إنتهت الغمة ..هل بدأ زمن جديد؟
- بعد إنتهاء الرقص في مولد سيدى إنتخابات
- الوفد - السيسي عن الفاسدين: -ماقدرشى أمشّيهم-
- إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما .
- في النهاية ،فساد السمكة بدأ بالرأس
- صعود الطبقة الوسطي المصرية.
- نفارين ثم إحتلال بريطاني لسبعة عقود
- القرن التاسع عشر والاستعمار الاوروبي.
- مصر يحكمها كابوس الانكشارية
- الانجاس المناكيد يحكمون مصر لثلاثة قرون
- قرنين خارج عباءة الخلافة العباسية.
- البدو يعيثون فسادا علي ضفاف النيل
- مقدمات الغزو البدوى لمصر
- الاقباط هم اولادك المضطهدين دوما يا مصر
- يومنا في إكتيوما من دفتر إنكسار أهلك يا مصر (2)
- من دفتر إنكسار أهلك يا مصر
- خطوات علي الارض المحبوسة التي لم تقرأها بعد
- أحزان مسن ضاع عمره هباء.


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد حسين يونس - العودة مهزوما مكسور الوجدان