اعادة البريق لماركس والماركسية مهمتنا نحن

سامان كريم

الحوار المتمدن-العدد: 4463 - 2014 / 5 / 25 - 14:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

اعادة البريق لماركس والماركسية مهمتنا نحن
حوار مع سامان كريم

الى الأمام: لقد مر عقدان منذ 1989 عندما جرى على عجل الحكم على كارل ماركس بالنسيان، ولكنه عاد مجدداً إلى دائرة الضوء، بعد أن تحرر من دور "أداة الحكم"، ذلك الدور الذي أسنده إليه الإتحاد السوفييتي، وأيضاً من قيود "الماركسية – اللينينية". إنه لم يحظ فقط خلال السنوات القليلة الماضية بالاهتمام الفكري من خلال إعادة نشر أعماله، ولكن أصبح أيضاً موضع اهتمام متزايد على نطاق واسع.. وعلى الرغم من أن محاولات إعادة إحياء ماركس ما زالت ضعيفة وإلى حد ما مبهمة، ما هي، في رأيك أسبابها؟ هل من الممكن أن ينحصر الاهتمام بأعماله في دائرة المتخصصين والمثقفين، فتقدم في الدراسات الجامعية كأعمال كلاسيكية عظيمة من أعمال الفكر الحديث، التي يجب ألاَّ تندثر وتُنسى؟ أم أن من الممكن أن يظهر في المستقبل "طلب على ماركس" من الجانب السياسي أيضاً؟

سامان كريم: برايي يجب ان ننظر الى "عودة ماركس" وفق الاعلام الغربي, من زوايا مختلفة. يبدوا لي ان هذا المصطلح اي "عودة ماركس" ليس ناقص فحسب بل خاطئ من اساسه. أن البرجوازية كطبقة وعبر ممثلها المفكرين والمثقفين وكبار اساتذة الجامعات المرموقة, والخبراء الاقتصاديين الدوليين, والاكاديميات الاقتصادية والاجتماعية وخبراء المالية واسواقها....تطرح قضية "عودة ماركس" بين تارة واخرى وخصوصا منذ مايقارب الثمانية سنوات وتطرحها في كبرى الجرائد العالمية في المانيا وبريطانيا بالتحديد ناهيك عن بلدن اخرى أقل شأنأً... هذه القضية تبدو كانها قضية اعادة نشر افكاره او نشر كتبه واعادة طبعها بعشرات الالاف من النسخ... وهي من الناحية الشكلية اعادة النشر والتوزيع, "ولكن!" هذه الاعادة تطرح مسائل في غاية من الاهمية. يا ترى لماذا البرجوازية تطبل لماركس او ينشر له في كبريات جرائدها ومؤسساتها الاعلامية؟! برايي السؤال الرئيس هنا. ماوراء الأكمة شئ ما حتما.... هذا الشئ او هذا التشيئ هو تصوير ماركس كانه رجل اقتصادي بارع!! او محلل اقتصادي تحققت عدد من تنبؤاته, وله رؤية ثاقبة حول الامور الاقتصادية وهكذا دواليك... البرجوازية وعبر ممثليها اي اعلامها "الحر" ومفكريها ومثقفيها ومحلليها وخبرائها الكثر... يهدفون الى طبع هذه النظرة على ماركس في عقول ومخيلة الملايين من البشر وخصوصا من الطبقة العاملة وقادتها. برايي هذه الخطوة سياسية ذكية من قبل البرجوازية وخصوصا البرجوازية الاوربية، التي تدرك اكثر من غيرها من هو ماركس الحقيقي وليس ماركس الاقتصادي. هذا جانب من القضية.

الجانب الاهم من القضية الذي يفرز عن هذا التصوير هو إفراغ ماركس كقائد سياسي للطبقة العاملة, ومنظر ومفكر سياسي لهذا الطبقة من محتواه العمالي والطبقي, وهذه هي جوهر القضية فيما يخص البرجوازية لانها تدرك جيدأ ان ماركس موجود دائما في مخيلة ملايين من العمال على الصعيد العالمي, وانا اقصد بماركس هنا ماركس قائد النضال الطبقي بوجه الراسمال. ماركس دائما موجودة طالما النظام الطبقي البرجوازي موجود وطالما هناك استغلال طبقي بوجه الطبقة العاملة. مدى او عمق موجودية ماركس يتاثر حتما بعوامل عدة ومنها قوة الطبقة العاملة في الميدان السياسي بالتحديد, ويتأثر بالاوضاع السياسية في هذا البلد او ذاك او على الصعيد العالمي ربما وجوده او درجة تاثيره قليلة او كثيرة وفق هذا الظرف او ذاك ولكن موجود دائما. ماركس ليس نبيأً ولا راهباً ولا ملكا ولا فيلسوفا بالمعنى المعتاد بل قائدا عالميا للطبقة العمالية العالمية من طراز خاص, نسج افكاره ونظرياته ليس من الكهوف ولا من اجواء الشاعرية ولا من التنبوءات اللاواقعية على غرار الاشتراكيين الطوباويين والانبياء , بل فكر ونظر وفق مقتضيات الصراع الطبقي العمالي بوجه الراسمال وسلطته. كافة كتاباته واطروحاته الاقتصادية والسياسية والفلسفية منسجمة مع بعضها البعض ولقضية واحدة وهي قضية تحرر الطبقة العاملة من براثين الرأسمالية كنظام سياسي اجتماعي وبناء مجتمع شيوعي خالٍ من الطبقات. اذن البرجوازية تهدف الى ابعاد ماركس عن الصراع الطبقي وابعاد هذه الصفة وهي جوهر ماركس عن متناول القادة العماليين. هذا هو القصد من هذه المصطلحات. وانا اريد أن افصل نفسي عن هذه التسميات والمصطلحات.

وبخصوص الجانب الاخر, هو ليس بالإمكان تجزئة ماركس الى ماركس اقتصادي وماركس فلسفي وماركس سياسي. برايي ماركس هو ماركس منجسم واسمي هذا الماركس شيوعية الطبقة العاملة.

والحال كهذا ان البرجوازية تعرف اكثر من غيرها, ان ماركس موجود وسيبرز بشكل اقوى في صفوف طليعي الطبقة العاملة, وستتجسد افكاره وبرنامجه السياسي في عملهم النضالي الطبقي في المرحلة القادمة، عليه, تهدف الى وضع عوائق امام هذه المرحلة, بتعريف ماركس كمفكر اقتصادي على غرار ادم سميث او ريكاردو.

اخيرا: من الطبيعي ان كتب ماركس في العلوم السياسية والاقتصادية والفلسفية يجب ان تدرس كمنهج علمي متراص وموحد في المعاهد والجامعات، ولكن وفق المنظور الحقيقي والواقعي لماركس وليس كما يحلو للبرجوازية ومثقفيها ومؤسساتها الاعلامية والاكاديمية، كما عليه الحال في الوقت الحاضر.

الى الأمام: كان ماركس، طيلة حياته، باحثاً قديراً لا يكل؛ أدرك وحلل، أفضل من غيره من معاصريه، تطور الرأسمالية على المستوى العالمي. لقد فهم أن مولد الاقتصاد الدولي المعولم أمر ملازم لنمط الإنتاج الرأسمالي؛ وتنبأ بأن هذه العملية ستولد ليس نمواً ورفاهية فقط، كما كان يبشر به المنظرون والساسة الليبراليون، بل أيضاً نزاعات عنيفة وأزمات اقتصادية ومظالم اجتماعية على نطاق واسع. لقد شهدنا في العقد الأخير الأزمة الاقتصادية في شرق آسيا التي بدأت في صيف 1997، وشهدنا أيضاً الأزمة الاقتصادية الأرجنتينية في 1999 – 2002. وشهدنا قبل كل شيء بداية أزمة الرهن العقاري التي بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2006، وأصبحت الآن أكبر أزمة مالية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. فهل يصح القول بأن عودة الاهتمام بماركس تعود أيضاً إلى الأزمة التي يعاني منها المجتمع الرأسمالي، وكذلك إلى قدرة ماركس الدائمة على تفسير التناقضات التي يشهدها عالم اليوم؟

سامان كريم: هذه الاسئلة اكثريتها سألت من أريك هوبسباوم , كيفية الأسئلة من قبل المحاور واطارها العام يشكل بمجملها لوحة او بحثاً أكاديمياً. انا من المعجبين بهوبسباوم وأقرء كتبه بشغف، ولكن في الحوار هذا يعرفنا بماركس الاقتصادي او حتى بماركس الاكاديمي ولو أشار في عدد من مقطتفاته بماركس ثوري. براي ان هوبسباوم لم يتمكن من وضع ماركس في وضعه الطبقي الصحيح والموضوعي.

بخصوص هذا السؤال, ارى ان "عودة الأهتمام بماركس" هي سابقة للازمة الاقتصادية. المشكلة تكمن في وضع ماركس في اطاره الموضوعي والتاريخي بكل مقتضياته في تلك المرحلة التاريخية المهمة التي سماها هوبسباوم في احدى كتبه الرائعة "بعصر الثورة", المرحلة التي ترعرع فيها الفكر والنهج ماركس, وعايشت المرحلة التالية التي سماها هوبسباوم في كتابه الثاني "بمرحلة الراسمال".

ان "عودة الاهتمام بماركس" من اساسها هي حضور مؤثر وبارز للطبقة العاملة وخصوصا منذ ولوج الاقتصاد الراسمالي العالمي ازمته الخانقة ولا تزال. القضية ليس الازمة الاقتصادية فالازمة الاقتصادية بالنسبة للراسمال جزء مكمل لصيرورة وديمومة النظام الراسمالي بمجمله. بمعنى ليس بالامكان تصور رأس المال وحركته المعولمة بدون ازمة. هذا معلومة بسيطة يعرفها كل الاكاديمين والمحللين الاقتصاديين البرجوازيين, عليه ليس هناك شئ جديد في هذا الاطار كي تفرز "عودة الاهتمام بماركس" من قبل المؤسسات البرجوازية. براي وكما قلت في اجابتي عن سؤالكم الاول, هو الخوف من تجسيد ماركس عمليا في ساحة النضال الطبقي, خصوصا ان الكم الملاييني الهائل الذي نزل الى الشوارع في الاضرابات والتظاهرات العمالية في مجمل البلدان الاوروبية وحتى في امريكا والصين احتجاجا على قلة الاجور والتقشف ورفع السن التقاعدي... وهي مستمرة باشكال مختلفة لحد الان ومنذ ستة سنوات.... هذه هي القضية وبيت القصيد هنا.

البرجوازية كطبقة ومفكريها من امثال فوكوياما وصاموئل هينتنجتون وميلتون فريدمان وأخرون... توقعوا وبصورة مختلفة مثل الاديان السماوية, "نهاية التاريخ" لصالح الليبرالية, اي نهاية الايديولوجيات والافكار المنافسة او المتصارعة مع راس المال, من هنا ووفق التصورات الناشئة والاشتقاقية الرجعية عن هذه النظرية, قبروا "ماركس" اي فكر ماركس ونهجه للحياة وللثورة, ومعهم كتائب بل ألوية مدفعية اعلامية كبيرة صبت نيرانها في كل حد وصوب في انحاء العالم لتثبيت افكارهم وتصوراتهم. هذا جانب من القضية اما الجانب الاخر هو عمل عالمي جبار من قبل البرجوازية وخصوصا في امريكا والغرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، اي منذ تقسيم المعكسر الراسمالي العالمي بين معسكرين المعسكر الغربي واطلقوا عليه "الغرب الديمقراطي" و"المعسكر الشرقي" واطلقوا عليه "الشيوعية".. لابطال الشيوعية من محتواها وشنوا الحروب بالوكالة وتقسيم العالم المستعمر الى قوميات مختلفة وفقاً لمصالح هذه الشطر او ذاك. علاوة على ذلك وفي سبيل دفن الشيوعية عملوا على ضرب الفكر والحركات التقدمية في البلدان" العالمثالثية" خصوصا لغسل عقول الشباب ببرنامج ممنهج لبناء وانشاء التيارات الاسلامية والثقافة السلفية, لمقاومة الشيوعية.... خلال الستون سنة الماضية كان هذا علمهم الفكري والسياسي والعملي حتى وصولوا الى مبتغاهم بتشكيل التيارات الارهابية الوحشية في اكثرية البلدان في الشرق الاوسط واسيا وافريقيا... ونرى اليوم نتيجة هذه السياسية المبرمجة في سورية وليبيا والعراق وافغانستان والصومال ومالي ونايجيريا وتونس والمغرب والجزائر والباكستان والسعودية والخليج عموما ولبنان وعدد من الدول الاوربية وروسيا... لمواجهة الشيوعية والتيارات التقدمية.

والحال كهذا وبعد كل هذه السياسات والاعمال الرجعية التي تمت بتنسيق تام بين مختلف المؤسسات الفكرية والمخابراتية الدولية والمحلية والمؤسسات الخيرية والمجتمع المدني في بلدان عدة ... فجأة "وفق تصورهم" برزت الحركة العمالية بقوة في البلدان الاوروبية والاسيوية مطالبة بإستحقاقاتها الطبقية... والبرجوازية تعرف اكثر من غيرها ان هذه الحالة تعني, نهج وافكار ماركس لم ولن تموت وأنها متجذرة بعمق في صفوف الطبقة العاملة. عليه كما اكدت في اعلاه يحاولون وضع عراقيل عديدة منها التضليل والخداع والكذب وتارة اخرى استبداد سافر وتارة اخرى تعريف ماركس كانه مفكر اقتصادي ومحلل لاقتصاد الراسمال, ويطرحون "عودة ماركس" وكأن ماركس" نهجه وافكاره" مات وتلقى عقوبته في جنهم ورجع لتوه الى الارض بفضل اللـه!!.

اذا نرجع الى التاريخ نرى بشكل واضح ما هي الاسباب التي ادت الى تخلي البرجوازية رويدا رويداً عن الليبرالية التي نسميها اليوم الليبرالية الكلاسيكية, حينما انطلقت الراسمالية كنظام سياسي اجتماعي, تخلت عنها بعد عقود بسبب قوة الطبقة العاملة ونضالاتها المستمرة بوجه الراسمال والتي ادى بالنتيجة الى الثورات العمالية والانتفاضات التقدمية في اوروبا. وحلت محلها الاشتراكية الديمقراطية وفق المبدأ الاقتصادي الكينزية التي سميت بعد الحرب العالمية الثانية "بدولة الرفاه". اليوم تدرك البرجوازية ان الليبراللية الجديدة اي النيو ليبرالية آيلة نحو الهاوية, عليه تحاول تضميد جراحها بشتى انواع الهرطقات الفكرية, ولكنها سقطت واحدة تلو الاخرى. هاهي النيو ليبرالية ومنهج "نهاية التاريخ" سقطت قبل تصمد امام الرياح والتغيرات الهائلة التي حصلت في البنية الراسمالية والردة المعاكسة بوجهها في بلدان عديدة والحركة العمالية الصاعدة.... الاسلام السياسي فشل وسقط مشروعه "الاسلام هو الحل" كان اضحوكة التاريخ وطرح بتكاتف وتضاعد غربي كبير لمواجهة افكار وسياسات "الشيوعية" والتقدمية... والقومية اصبحت فاشية بكل المقايس وهجنت مع الدين اينما كان في العالم العربي عجنت مع الاسلام حيث نرى قومية "السيسي" او الحركة القومية في مصر على اختلاف كبير مع الناصرية والبعث عموماً... من حيث علاقتها بالاسلام ونرى في الشرق الاوروبي عجنت مع الارثودوكسية المسيحية...عليه تحاول البرجوازية ان تلملم صفوفها ليس سياسيا فحسب بل عليها ان تجد بنية فكرية وايديولوجية ملازمة لها ولبقائها وهي مشكلتها. النيو ليبرالية سقطت عليه تحاول ايجاد منبع فكري تضليلي اخر, بعجنها مع التيارات الفكرية الرجعية السائدة... "عودة الاهتمام بماركس" طرح في هذا الاطار.. لمواجهة ماركس الاقتصادي بماركس الثورة العمالية.

الى الأمام: هل تعتقد بأن القوى السياسية والفكرية اليسارية العالمية، التي تُسائل نفسها فيما يتعلق بالاشتراكية في القرن الجديد، ستخسر دليلاً أساسياً وجوهرياً في دراسة الواقع الراهن وتحويله، إذا هي تخلت عن أفكار ماركس؟

سامان كريم: ماركس لم يكون اشتراكيا بالمعنى المالوف للمفهوم السائد للاشتراكية في تلك المرحلة التي عايشها ماركس, بل كان جزء او قسم من اسس نظريته ونهجه الفكري موجه ضد تلك الاشتراكيات الدارجة في تلك المرحلة كما نقرأها في "البيان الشيوعي".

وفي سياق المرحلة التاريخية التي تلت ماركس عجنت انواع الاشتراكية السائدة بالليبرالية والديمقراطيات السائدة، وحصلنا تاريخيا على نوع من الاصلاحات في المنظومة الفكرية داخل الاطر الفكرية البرجوازية وسياساتها وادراتها للحكم, كما عرفت في الفترة التاريخية التي تلت الحرب العالمية الثانية بالاشتراكية الديمقراطية خوفا من الثورة والحركات العمالية.

برايي ان وريث ماركس بصورة عامة ليس المثقفين والمفكرين ولا اليسار السائد بل الصف الطليعي للطبقة العاملة على صعيد العالم وفي اي بلد كان. هذا الصف هو صف شيوعيي الطبقة العاملة او التيار الشيوعي في صفوف الطبقة العاملة كما ظهر مباشرة مع اول احتدام بوجه النظام الراسمالي منذ نشوئه، واذا ندقق في ادبيات تلك الفترة نرى بصوة جلية هذا التيار رغم عدم نضوجه الفكري والسياسي وتماسكه الطبقي. "البيان الشيوعي" دعوى وبرنامج عمل لهذا الصف وليس لغيرهم. يشكل المفكر والمنظر والمثقف الشيوعي جزءأً مهما من هذا المسعى التاريخي ولكن في اطار وفي صف النضال الطبقي بوجه الراسمال وليس باية صفة اخرى.

علينا ان نرجع ماركس الى سكته الاصلية وبنيته الطبقية المتناغمة معه, مع نهجه وبنية افكاره. هذه هي مهمتنا مهمة الشيوعيين على غرار ماركس. اما الاشتراكيون الذين لا تحصى اعدادهم وتياراتهم الفكرية والسياسية المختلفة برايي هم في مكان اخر وفي بنية طبقية مغايرة تماماً.

ربما يسال سائل ويقول ان الاشتراكية تأريخيا مرتبطة بماركس والماركسية. اقول لهم ان الاشتراكية وانا لا اتحدث عن تسميات فردية من قبل هذا المفكر او ذاك او عن مفهوم الاشتراكية, اي المساواتية بالمعنى الاخر, بل اتحدث عن الحركات الاجتماعية الكبيرة, تاريخيا الحركات التي لصقت اسمائها بالاشتراكية لم ترى ضرورة تعلقها بماركس بل بالعكس كان حركة اجتماعية برجوازية كبيرة او صغيرة وفق مقتضيات الراسمال كما نراه اليوم في الاشتراكية الدولية والاحزاب الاشتراكية واليسارية في اوروبا والبلدان العربية ايضا. انها اجزاء منقحة للبرجوازية وفق المقتضايات التاريخية للراسمال. حين تقع البرجوازية وسلطتها في الازمات الثورية وتحت ضربات الحركة العمالية حينذاك ترجع الى تلك الاشتراكيات الدارجة بعدد من الاصلاحات السياسية والاقتصادية, كما رأيناها بعد الحرب العالمية الاولي والثانية... وحين تختفي تلك الحركات الثورية ترجع الى اصلها وكما رايناها أيضا بحلتها الجديدة النيو ليبرالية خلال الثلاثون سنة الماضية او اكثر... هذه الاشتراكيات هي حلة برجوازية في مراحل تركيعها امام الثورة والحركات العمالية, تلبسها وتغلفها وفق هذه الضرورة.


الى الأمام: إن أحد كتب ماركس الذي أثار أكبر اهتمام في أوساط القراء والمعلقين الجدد هو كتاب "أسس نقد الاقتصاد السياسي" . لقد كتبه ماركس في الفترة ما بين 1857 و1858، وهو المسودة الأولى للنقد الذي قام به ماركس للاقتصاد السياسي، وبالتالي فهو العمل التحضيري الأولي لكتاب "رأس المال". إنه يحتوي على العديد من الأفكار حول قضايا لم يطورها ماركس في أماكن أخرى من أعماله التي لم ينهيها. لماذا برأيك استمرت هذه المخطوطات من أعمال ماركس تثير جدلاً أكثر من غيرها، على الرغم من أنه كتبها كي يلخص أسس انتقاده للاقتصاد السياسي؟ ما السبب في رأيك لجاذبيتها المستمرة؟

سامان كريم: مرة اخرى نحن امام ماركس الاقتصادي حيث السؤال حدد مسبقا ان هذا الكتاب هو اهم كتب ماركس "اي كتاب غروندريسة" او مايمسى بالعربية "أسس نقد الاقتصاد السياسي". من الصحيح القول أن نسمي هذا الكتاب بالدفاتر لانه دفاتر ومخطوطات لنظريات اقتصادية وفلسفية وحتى سياسية في شتى الميادين. صحيح ان اكثرية هذه الدفاتر مخصصة لمسائل ونظريات اقتصادية ولكنه يحتوي على مسائل اخرى ايضا. مع هذا تسلط الاضواء دائما على هذا الجانب الاقتصادي ولكن ماركس يحلل الاقتصاد الراسمالي ليس لتفسيره بل لفهمه وكيفية مواجهته وبالتالي اسقاطه بفعل الثورة.

جاذبية الكتاب وفق السؤال ليس الجانب الاقتصادي ولا الجوانب الاخرى من الكتاب بل هو فرض تصور او منظور مختلف على ماركس كانه محلل اقتصادي بارز. كما قلت هذا متناقض مع ماركس. وانا لم انزل من قيمة هذا الكتاب الهام ولكن برايي ان اهم كتابات ماركس هو كتاب "الايدولوجية الالمانية" الذي كتبه مع رفيق دربه انجلز... هذا الكتاب وخصوصا جزءه الاول يشكل البنيان الفكري والمنهجي لماركس وانجلز. بدون فهم هذا النهج وهذا التصور للعالم والتاريخ والمجتمع والعلاقات الاجتماعية ليس بالامكان فهم ماركس بصورة واضحة. ليس بالامكان فهم كتاب راس المال او مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي بدون فهم منهج ماركس وانجلز في الايدولوجية الالمانية. في هذا الكتاب عرض بشكل رائع ومنسق ومنسجم التاريخ والطبقات والصراع الطبقي والحركات الاجتماعية وبالتالي الثورات الاجتماعية اي طرح طريقة التفكير. لماذا لم تطرح اهمية هذا الكتاب مثلا او ثلاثية الثورة الفرنسية التي تجسد فيها طريقة التفكير التي طرحت في الايدولوجية الالمانية في بساطتها الموضوعية وفي اطار الثورة او الحركات الفعلية في فرنسا. اي تجسيد النهج على الواقع الموضوعي.

واخيرا البرجوازية تبتغي الى فرض تصورها علينا فرض تصورها على الجيل الجديد من قادة الطبقة العاملة وابعادها عن ماركس كما هو. اي ماركس قائد الثورة العمالية وليس ماركس كاتب الكتابات الاقتصادية والفلسفية.

الى الأمام: في المقدمة لهذا الكتاب، الذي ألفه عدد من الخبراء الدوليين وصدر للاحتفال بالذكري السنوية المائة والخمسين لانتهاء ماركس من تأليفه، كتب إريك هوبسباوم يقول: "لعل هذه هي اللحظة المناسبة للعودة إلى دراسة "أسس نقد الاقتصاد السياسي" دون قيود تفرضها الاعتبارات المعاصرة للسياسة اليسارية، بين هجوم نيكيتا خروتشوف على ستالين وسقوط ميخائيل جورباتشوف. بالإضافة إلى ذلك قال إريك هوبسباوم، كي يؤكد على القيمة الهائلة لهذا النص، إن "أسس نقد الاقتصاد السياسي" يحتوي على "تحليل ورؤى، بشأن التكنولوجيا، على سبيل المثال، تنقل معالجة ماركس للرأسمالية إلى أبعد من القرن التاسع عشر بكثير، وإلى عصر مجتمع لا يعود الإنتاج فيه بحاجة إلى عمالة كثيفة، إلى الأتمتة، وتوفر إمكانية أوقات الفراغ، وبالتالي التحول من الاغتراب في ظروف كهذه. إنه النص الوحيد الذي يتخطى إلى حد ما تلميح ماركس الخاص بالمستقبل الشيوعي الوارد في "الأيديولوجية الألمانية". باختصار، لقد جرى وصفه بأنه "قمة تفكير ماركس وأغناه". بالتالي، ماذا ستكون نتيجة إعادة قراءة "أسس نقد الاقتصاد السياسي" اليوم ؟

سامان كريم: برايي اهم من ذلك اي اهم من اعادة قراءة هذا الكتاب "اسس نقد الاقتصاد السياسي"... هو اعادة قراءة منهج ماركس وطريقة تفكيرة واعادته الى المجتمع وخصوصا كمفتاح نظري مؤثر اعادته الى الصف الطليعي للطبقة العاملة. من هنا ارى ان اعادة قراءة الايدولوجية الالمانية والبيان الشيوعي وراس المال من الاولويات الفكرية والنظرية من قبل جيلينا الشيوعي, من الطبيعي انا مع اعادة قراءة هذا الكتاب ايضا ولكن بالنسبة لي ارى أن الاولوية للأطروحات التي ذكرتها. هذا جانب.

اما بخصوص الجانب الاخر والاهم هو من يقراءه ووفق اي تصور يقراءه. اذا يقراءه احد الاكاديميين البرجوازيين نحصل على اعادة قراءة برجوازية او حتى على ماركس برجوازي. هذه هي القضية. او في افضل الاحوال نحصل على ماركس اقتصادي يفسر الاقتصاد ويحلله بشكل دقيق وهذا ايضا ليس المكانة الواقعية لماركس. ويقول ماركس بهذا الصدد وفي اطروحاته حول فيورباخ "ان الفلاسفة لم يفعلوا غير ان فسروا العالم باشكال مختلفة, ولكن المهمة تتقوم في تغييره". البرجوازية تهدف الى تقديم ماركس كفيلسوف او كاقتصادي اي الجزء الاول من هذه الاطروحة ولكن ماركس ينتقدها بشدة ويقول "المهمة تتقوم بتغييره" وهذا هي جوهر ماركس.

الى الأمام: لماذا من المهم اليوم قراءة ماركس؟

سامان كريم: تحدثت اعلاه عن قراءة اطروحات ماركس. برايي الاهم من ذلك اي الاهم من قراءة بحوث ماركس وهي ضرورية, هو الرد الماركسي على الافكار البرجوازية السائدة في هذه المرحلة, بمعنى اخر تجسيد نهج ماركس ورؤيته وطريقة تفكيره لنقد الافكار السائدة على الصعيد العالمي وعلى كافة الميادين العلمية الاقتصادية والسياسية والفكرية, طليعي الطبقة العاملة تنقصهم هذه المسائل الفورية. حيث شاعت في مرحلتنا اشكال مختلفة من المناهج البنيوية والتفكيكية والقومية الشوفينية والاسلامية والنيو ليبرالية وهجين من المناهج المختلفة كما نراه في كتابات المثقفين في العالم العربي وموديلها كالعادة تم استراده من فرنسا...

أذ ننظر الى ماركس نفسه, كيف وصل ماركس الى هذه الحالة المرموقة ولحد الان من البنيان الفكري والنظري, ليس بتوضيح الشيوعية وافكارها وميادينها المختلفة بل بمصارعة المفكرين الكبار في مرحلته, ادم سميث وريكاردو وهيغل وفيورباخ...الخ. ووضح نظرياته او اسس نظرياته من خلال نقده لهولاء المفكرين الكبار في مرحلته. ولينين ايضا صارع كبار مفكري عصره. بمعنى اخر ان الحضور الفكري على الصعيد العالمي وبالتالي المحلي للشيوعية غائب تماما, وهذا ضعفنا الاكبر في هذا الميدان المهم من النضال. اذا تسألني ان اختار من بين قراءة كتابات ماركس واطروحاته المختلفة, والصراع النظري والفكري بوجه كبار مفكري برجوازية معاصرة, انا اختار الثاني وارى من الضروري ان نتصدى لهذه المهمة.

حركتنا الشيوعية العمالية ضعيفة جدا في هذا المجال. اذا ننظر الى تاريخ هذه الحركة الذي يقارب الثلاثون سنة، نرى ان الاهمية التي توليت لهذا النضال قليلة جدا او تكاد ان تكون غائبا تماما. مثلا... ماهي الاسس التي تحركت او تتحرك عليها النيو ليبرالية؟! كلنا نستخدم هذه التسمية ولكن ماهي اسسها الاقتصادية, وماهو النقد الماركسي بوجهها؟ ماهو الخلاف بين التيارات البرجوازية العالمية السائدة وجميعها تستند الى السوق الحر واقتصاد السوق؟ لماذا هذا التصارع بين تلك البلدان والحركات؟! كيف تمكن الاسلام السياسي ان يطرح مشروعه الرجعي "الاسلام هو الحل"؟ القضية ليس اجابات مبسطة وليس التحريض والتشهير الذي ساد على خطاباتنا السياسية بل اهم من ذلك هذه الحركة سيطرت على افكار عشرات الملايين من البشر في العالم العربي وغيره... بالتالي يتطلب دك الاسس الفكرية لهذه الحركة كحركة برجوازية رجعية تفرز الارهاب تارة وتفرز "البرلمان" تارة اخرى, ولكن من ناحية المحتوى هي حركة اسلامية برجوازية تدافع بشراسة عن الملكية الخاصة البرجوازية. وهكذا بالنسبة للقومية العربية... ماهي اسس هذه الحركة في العالم العربي؟ خصوصا ان الصف الطليعي للطبقة العاملة في العالم العربي وبصورة ادق في مصر والعراق وسورية والجزائر والمغرب وتونس مبتلات بشكل مزمن بالوباء القومي وأفكاره ونهجه.. نرى ذلك في كافة النضالات والحركات العمالية في العالم العربي من البصرة الى الاسكندرية والمحلة والجزائر المدينة.... والديمقراطية ايضا... ما هو تعريفنا او اداركنا للديمقراطية كيف ننتقدها, هل الديمقراطية في هذه المرحلة هي الديمقراطية التي تحدث عنها ماركس او بعد ذلك لينين؟! هل للديمقراطية المعاصرة دور ما في الثورة العمالية؟! هل علينا كشيوعيين ان ننضال في سبيل الديمقراطية؟! واصلا ما هي الديمقراطية؟ ...

بدون تصفية الحساب مع هذه الحركات السائدة على الصعيد العالمي والمحلي ليس بالامكان الحديث عن تحزب الطبقة العاملة وبالتالي الاعداد والتنظيم السياسي والفكري للجزء الطليعي منها للثورة. ليس بالامكان ان ننظم بدون مرجع فكري قوي ومؤثر على الصعيد الاجتماعي ككل. ارى هذا الامر اهم بكثير من اعادة قراءة كتابات ماركس. اذا اعتبرنا اعادة القراءة قراءة ابحاث ماركس وليس نقد المفكرين البرجوازيين.

والجانب الاخر هو ان النضال الفكري والنظري بوجه البرجوازية هو بحد ذاته اعادة قراءة لافكار ماركس ولكن كتجسيد لنهجه، بامكاننا قراءة الدراسات الاقتصادية لماركس ليس قراءة بحثية بل قراءة نقدية بوجه مثلا النظرية النقدية الجديدة وهكذا.

الى الأمام: هل بأمكاننا اعادة البريق لماركس والماركسية؟

سامان كريم: اعادة البريق لماركس... افهمه ولكن الماركسية علينا ان ندقق فيها. هناك حركات وتيارات واحزاب مختلفة تسمي نفسها ماركسية او هكذا تدعي ولكن هي متناقضة ومتضادة مع ماركس ونهجه وتفكيره.
اعادة البريق لماركس يعني اعادة البريق للطبقة العاملة ودورها الريادي في المجتمع. برايي هذه الاعادة مرهونة بدخول الطبقة العاملة في المعترك السياسي بوجه البرجوازية كرقم سياسي مؤثر على الاحوال والتغيرات الاجتماعية. وهذا مسالة عملية. ولكن هذه المسالة تتطلب جملة من التدابير المهمة لعل اولها بالنسبة لي على الاقل هو النضال الفكري والنظري بوجه كبار مفكري البرجوازية كما تحدثت عنها، وبموازاة ذلك التحزب العمالي والتنظيم بمعناه الواسع الحزبي وغير الحزبي.

هل بامكاننا؟! هذا سؤال مهم برايي يتوقف على قيادة منسجمة لها رؤية استراتيجية واضحة وتدرك اولويات المرحلة بدقة, وتوفر المستلزمات لهذه المهمة. طبعا تنقصنا هذه الوسيلة المهمة لحد الان.

الى الأمام: اين يقف ماركس اليوم والماركسية في العراق وما مهمة الشيوعيين لانهاء الاوضاع الماساوية من الطائفية والقومية والفساد والقتل اليومي والبطالة؟

سامان كريم: برايي يقف ماركس كحركة في العراق بشكل ضعيف جداً ونحن مسؤولون الى حد كبير عن هذا الامر. حركة الشيوعية العمالية في العراق ليست رقما في المعادلات السياسية وليس لها بنية تنظيمة متجذرة واساليب عملها غير واضحة, ولا تدرك بوصلتها ولا اولوياتها. هذا هو وضعنا بصورة موضوعية.

ما مهمة الشيوعيين؟! مهمة الشيوعيين هي كما هي تاريخياً. مهمة الشيوعيين لا تتاثر بتغير الاوضاع واقصد جوهر الشيوعية والهوية الشيوعية. الشيوعية هي حركة سياسية للطبقة العاملة لاسقاط النظام الراسمالي وبناء مجتمع شيوعي. هذا تعريفها المبسط. بدون وجود الشيوعية وحزبها في خضم النضال الطبقي بوجه الراسمال كطليعة لهذه النضالات ليس بامكاننا ان نتحدث كشيوعيين عن انهاء الاوضاع المأساوية. وفي سبيل انهاء هذه الاوضاع برايي يجب علينا ان نضع الحزب على مساره الطبقي الصحيح وكتبت بحثا حول هذا الموضوع تحت عنوان" التحزب الطبقي, بصدد تجربتنا في العراق" ونشرته في شباط ٢-;-٠-;-١-;-٢-;-. وهذا يتطلب جملة من الوظائف المهمة. لعل اولها وجود استراتجية واضحة, واولويات واضحة وفق المرحلة الحالية وبالتالي انسجام القيادة حول هذه الامور. وهذه هي البداية. انهاء الاوضاع الماساوية يتطلب مقدرة عمالية على ارض الواقع اي اللجان الشيوعية المنظمة وهذه هي بداية التحزب وبعد ذلك تحويل هذا الحزب الذي لديه هذه البنية الى قوة مؤثرة ورقما سياسيا مؤثرا على التحولات السياسية في المجتمع.

كيف نحارب الطائفية بدون دك الاسس الفكرية للطائفية وهناك الاف من الكتاب والمفكرين البرجوازين يرجون لهذه المسالة وكيف نحارب الاسلام السياسي بدون هذا الامر, والقومية ايضا... القضية ليست التسليح او بناء شبكات ومنظمات جانبية على غرار مؤتمر حرية العراق... بدون وجود بنية تنظيمة طبقية فعالة ليس بامكان التكتيك ان يفعل شيئا كما راينا. الطائفية السياسية والاسلام السياسي والقومية والديمقراطية هذه المسائل يجب مواجهتها كما هي. وهي فكر وتنظير وادارة وسياسة وتنظيم وتقاليد سياسية واجتماعية وثقافة وفن... عليه يجب ان نصارعها على هذه الاصعدة كافة. الاجابة على المسائل اليومية جزء من هذا المسعى, الحضور في النضال العمالي بصورة مباشرة جزء من هذا المسعى, تنظيم القادة العماليين جزء من هذا المسعى.. النضالات الجماهيرية والنسوية جزء من هذا المسعى... ولكن الحلقة الاصلية التي تربط كافة هذه المسائل هي النضال الطبقي بوجه الراسمال وكيفية تحول هذا النضال الى نضال سياسي منظم بوجه الرأسمال وطبقته وسلطته لغاية ضربها على الارض. ٢-;-٢-;-.٥-;-.٢-;-٠-;-١-;-٤-;-

#سامان_كريم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات