سامان كريم
الحوار المتمدن-العدد: 4272 - 2013 / 11 / 11 - 21:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قانون الاحوال الشخصية الجعفرية, طائفي وتحقيق لأهداف امريكية!
سامان كريم
قدم الوزير الطائفي حسن الشمري, المحامي الفاشل, مشروع قرار الاحوال الشخصية الخاص بالمذهب الجعفري" الشيعي". ويقول في معرض إجابته على منتقديه "إذ أن التوجه إلى تشريع هذا القانون حق مكتسب للطائفة الأمامية ألاثني عشرية ومن الواجب أن تبنى المواطنة على الاحترام المتبادل وتبنى على أسس قانونية تنظم هذه العلاقة." وزير كهذا يجب ان لا يجد موقع او وظيفة ليس على اعلى المستويات في الدولة بل في مجلس ادارة اي ناحية في العراق, لانه يريد ويهدف الى تكريس تقيسم المجتمع العراقي على اساس الطوائف الدينية, وهذا بحد ذاته يناقض كل ادعاءات المالكي وحكومته الطائفية.
المالكي بوصفه رئيسا للوزراء يدعي ليلا ونهارا وفي كل مناسبة او دون مناسبة بانه ضد الطائفية, فهل يتوافق هذا المشروع مع ادعاءاته!! هذا من جانب ومن جانب اخر يجب ان تقوم الحكومة الحالية بإفتتاح دورات حول مفاهيم القانونية لوزرائها واعضاء برلمانها، وخصوصا حول المواطنة ومعاني حق المواطنة المتساوية والاحترام المتبادل بين المواطنين. وزير العدل لا يعرف ماهي المواطنة في الوطن, اذا هناك وطن ما في العراق! الموطنة من الناحية القانونية تعني الحق المتساوي للمواطنين امام القانون بغض النظر عن الدين والطائفة الدينية والقومية والجنس والبشرة.... وتعني تشريع قوانين وفق هذا المبدأ اي مبدأ المواطنة المتساوية بين الجميع. ان تشريع القوانين وفق الطائفة الدينية والاديان والقوميات تلغي مبدا المواطنة في العراق من اساسه. لان العراق بلد متعدد الأديان والطوائف الدينية والقوميات. هذه طفئنة ولبننة العراق وفق الصبغة الاسلامية الطائفية.
الوضع السياسي والاجتماعي والامني في العراق كارثي للغاية. اكثر من ستة ملايين يعيشون تحت خط الفقر او على عتبته, ملايين من الايتام والارامل, قلة او انعدام الخدمات, قلة او انعدام الضمانات الاجتماعية, وخصوصا انعدام ضمان البطالة, قلة الاجور, في ظل بلد يقبع فوق بحر من النفط والطاقة الطبيعية, وازدياد العمق الطبقي بين راسمالية الحواسم وكافة ابناء العراق, هذا من الجانب الاقتصادي. اما من الجانب الامني فايام العراقيين اصبحت دامية بالكامل, مفخخات وعبوات ناسفة واغتيالات سياسية وطائفية وسياسية وقتل على الهوية, وتهجير قسري طائفي, على الرغم من أن هناك اكثر من مليون شخص يخدمون في القوات العسكرية والامنية وصرفت مليارات الدولار لهذه المؤسسة التي تمتص قوت العراقيين دون توفير الامن لهم. اما من الجانب الاجتماعي, بين تارة واخرى تطلع لنا غارات وزارية "عبر الوزراء" من هذه الكتلة او تلك, بمشاريع طائفية سواء كان على صعيد التعليم الابتدائى او العالي, او على صعيد الاوقاف وعلى صعيد وزارة العدل وقوانينها. ومن الجانب السياسي مقارعة مستمرة بين مختلف التيارات السياسية القومية والاسلامية للاستحواذ على اكثر ما يمكن من السلطة والنفوذ. في البلد الذي لم يطبع طابع دولته باي طابع ايدولوجي ومنهج فكري واضح. هذا هو الوضع العراقي.
في ظل هذه الاوضاع الانقسامية والتمزقية يطلع علينا اليوم حسن الشمري, وبكل سهولة يطرح قانوناً لتكريس وتعميق الفجوة بين العراقيين, على اساس الطائفة. من الناحية الاجتماعية والتقاليد الاجتماعية هناك زواج وفق التقاليد الدينية والطائفية على الصعيد الشعبي, لان ليس هناك دولة راعية لحق المواطنة المتساوية, ليس هناك دولة اصلاً, بمعنى ان الدولة الحالية في مرحلة انتقالية لتشكيل ذاتها وطبع طابعها عبر القوى البرجوازية المسيطرة او السائدة, والمشروع الشمري هو محاولة لاعطاء هذا الطابع الطائفي للدولة, وقنونة التقليد الجاري الشعبي بدل التصدي له... في الوقت نفسه محاولة لإزالة اي شوائب "علمانية" أو "قومية" من طابع الدولة, وفق ما يشتهي المحتل الامريكي. إن المشروع الامريكي الذي طبقتها الحكومة الامريكية مع اندلاع" الثورات العربية", يهدف الى التفكيك البلدان وفق الطوائف الدينية والقومية وحتى العشائرية التقليدية, وهذا مانراه بصوة واضحة في سودان, وإعادة صياغاتها ضمن النظام العالمي المطلوب لدى أمريكا , اي التفكيك وبعدها تركيب الدويلات الطائفية و القومية والدينية وفق أستراتيجيتها. هذا المشروع وهذه الاستراتيجية اصبحت واضحة لجميع ليس في العراق فحسب بل في المنطقة باجمعها, فشلت في مصر وفي تونس حيث المشروع تحت الضربات الاحتجاجية وفشل في ليبيا حيث تحولت ليبيا الى قاعدة ارهابية وفشل في سورية نوعاً ما لحد الان. بهذا المعنى ان الشمري والطائفين من امثاله يتحركون خارج سياق التاريخ. ولكن لاحزاب واشخاص فاشلة الذين لايجدون مكاناً في التاريخ الفعلي يركنون الى ماوراء التاريخ, وهذا ما فعله حزبه الفضيلة وكتلته, بعدما فشلوا في البصرة وتراجع نفوذهم رويدا رويدا خلال السنوات المنصرمة.
يهدف مشروع القرار على الصعيد الاجتماعي, الى تمزيق المجتمع على اساس الطائفية الدينية البغيضة والرجعية, ومن جانب اخر يهدف الى تمزيق صف الحركة النسوية في العراق على اساس الطائفة, وبالتالي تمزيق الصف الطبقي بين العمال على اساس الطائفية وإبعاد المجتمع في العراق عن بناء دولة على اساس حق المواطنة المتساوية وحتى إبعادها عن "وحدته".
الجانب الاهم من المشروع هو تركيع المراة في العراقية للديانات والطوائف الدينية, حيث يصبح الزواج, زواجا دينيا بالكامل وبالتالي ان قضية الجنس وهي قضية شخصية بحتة تتحول الى قضية الملالي والمشايخ الرجعية والشريعة والمذهب الجعفري.... وهذا ما يتطلبه الراسمال في العراق وفق القوى الراسمالية الكبرى في العالم وفي مقدمتهم امريكا. لان الطائفية هي عدوة لأتحاد المجتمعات على اساس المواطنة, هي عدوة لتوحيد الصفوف بين ابناء البلد الواحد, بالتالي هي عدوة للاتحاد الطبقي بين العمال... وهذا ما يتطلبه الراسمال ليستى له ان يراكم رؤس امواله عبر تمزيق الصف العمالي والعمالة الرخيصة حيث قنونت في العراق.
هذه القضية هي اساسا قضية عمالية وتخص قضايا اجتماعية مهمة ومنها الاحوال الشخصية, وتمس كافة مفاصل المجتمع بكافة فئاته. عليه ان الادانة والشجب العملي والسياسي لهذا المشروع هو عمل مشترك بين كل العلمانيين والتقدميين والتحرريين وكل من يرد او يهدف الى بناء الدولة على أساس حق المواطنة المتساوية, ان يشدوا أحزمتهم للتصدي لهذا المشروع بالتظاهرات والاعتصامات امام وزارة العدل والمنطقة الخضراء وسفارت العراق في الخارج , وألغاء هذا المشروع وفرض الاستقالة على هذا الوزير الرجعي الطائفي حد النخاع.
ان المراة في العراق والحركة النسوية وخصوصا الحركة المساواتية للمراة مع الحركة العمالية يجب ان تتصدى ليس لهذا المشروع الرجعي وحسب، بل يجب ان ترفع رايتها المساواتية بين الرجل والمراة لقبر تلك التطلعات وفرض المساواة الكاملة بين الرجل والمراة على الصعيد القانوني. وهذا يعني زاوج مدني وفي محاكم مدنية او دائرة التسجيل المدني على صعيد االعراق كافة، ومعاقبة كل من يخاف على ذلك بما فيهم الوزير الشمري. 28 / 10 / 2013
#سامان_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟