أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامان كريم - حوار مع سامان كريم حول اتفاق جنيف وتداعياته!















المزيد.....


حوار مع سامان كريم حول اتفاق جنيف وتداعياته!


سامان كريم

الحوار المتمدن-العدد: 4292 - 2013 / 12 / 1 - 21:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حوار مع سامان كريم حول اتفاق جنيف وتداعياته!

الى الامام: توصلت القوى الغربية والجمهورية الاسلامية في ايران الى اتفاق حول الملف النووي الاخير، لماذا الان وما هي العوامل المحلية بالنسبة لايران والاقليمية والدولية بالنسبة للغرب التي تقف وراء الاتفاقية التي سميت بأتفاقية جنيف؟
سامان کری-;-م: سؤالكم غير دقيق. ان الاتفاق تم بين السداسية الدولية وإيران. السداسية الدولية عبارة عن القوى الكبرى بالمعنى التقليدي اي بمعنى الحرب الباردة الى حد كبير. السداسية تتضمن القوى الغربية بقيادة امريكا وروسيا والصين بإعتبارهما قوتين دوليتين صاعدتين ومؤثرتين على الصعيد الدولي, وهذه ظاهرة عالمية جديدة الى حدما.
القضية قبل ان تكون اتفاقاَ بين ايران والسداسية الدولية او كما وردت في سؤالكم بين الغرب وإيران, هي اتفاق بين هذه الدول اي بين روسيا والصين من جانب وامريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا من جانب اخر ولو ان وضع المانيا مختلف عن القوى الغربية الاخرى في السداسية. إن القضايا الدولية الكبرى على شاكلة "الملف النووي" الايراني او القضية السورية والفلسطينية... يستوجب حلها بين تلك الدول قبل ان تكون حلا اقليميا او اتفاقا بين دولتين في الاطار الإقليمي.
الاتفاق في جنيف اسمه او عنوانه هو "الملف النووي الايراني" لكن القضية ليس بهكذا البساطة, بل القضية الرئيسة ومنذ نشوء هذه المشكلة قبل اكثر من عشرة سنوات, هي موقع ودور النظام الايراني في المنطقة, موقع له مقبولية لدى ما يسمى بــ"المجتمع الدولي" اي الدول الكبرى بغربها وشرقها... هذه هي القضية الرئيسة لكن عنوانها او ديكورها "الملف النووي". هذه نقطة محورية مهمة لتحليلنا, نختلف فيها عن التحليلات الرائجة من مفكري القومية العربية والاسلام السياسي بتفرعاتها المختلفة واللبرالية الغربية والتحليلات الصحفية بصورة عامة.
بعد هذه المقدمة البسيطة, اريد ان ارجع الى جوهر سؤالكم وهو "لماذا الان؟". براي ان الاجابة الدقيقة لاي تحليل سياسي تعتمد على المرحلة التي تم فيها هذا الاتفاق او ذاك, مع الاخذ بنظر الاعتبار توازن القوى بين مختلف الدول على الصعيد العالمي ومختلف لاعبي المنطقة وهنا نتحدث عن اتفاق جنيف. ان اتفاق جنيف تم التوقيع عليه من قبل الغرب بقيادة امريكا من جانب وروسيا والصين من جانب اخر وهذه القضية الكامنة وغير المرئية هي الاصل والاساس وبعد ذلك تم الاتفاق بين كل هذه الدول الستة ماتسمى بالسداسية الدولية مع إيران. والسؤال هنا لماذا تم الاتفاق بين الغرب وروسيا والصين في هذه المرحلة او "الان؟".
المحور الرئيس هو فشل تحقيق "النظام العالمي الجديد" لامريكا بصورة مطلقة, التي حاولت ومنذ سقوط جدار برلين تحقيقها بقيادتها ليتسنى لها قيادة العالم بصورة فردية ومطلقة. حيث بدأت الاستراتيجية الامريكية هذه بصورة مروعة, وبنزيف من الشريان من كل اتجاهاتها وممارساتها العملية. انهر من الدم في البلقان ويوغسلافيا العراق وافغانستان وصومال وراوندا ... بامثولة وايديولوجيا حقيرة ومتعجرفة "كل ما نقوله تمشي" و"معنا او عدونا", كانت الجبرية في السياسة الدولة هي السائدة منذ سنة 1990 لغاية سنة 2006 - 2008, والنظرية التفكيكية لتفكيك البلدان والمجتمعات على اساس ايديولوجيا وثقافة "بالمعنى الشامل لمفهوم الثقافة" الطائفية الدينية والاديان بصورة عامة ليعاد تركيبة الدول على اساسها. اي التفكيك ثم التركيب, وفق نظرية مابعد الحداثة. ومن الجانب الاقتصادي تحركت وفق النظرية "النقدية الحديثة" التي تروج لها الحركة الاجتماعية البرجوازية ما تسمى نيو ليبرالية التي قادتها امريكا منذ بوش الاول لغاية اوباما على الصعيد العالمي وفي امريكا ايضا. هذا النظام سقط وفشل بصورة عملية منذ 2008 اي منذ تفجير الازمة الاقتصادية العالمية التي بدأت من امريكا وإنتشر وبائها في العالم اجمع, والتي يعاني العالم الرأسمالي منها لحد الان وهي مستمرة بدرجات متفاوتة في هذا البلد او ذاك. ان الازمة الاقتصادية فعلت ودفعت باتجاه تسريع إفشال الاستراتيجية الامريكية. من الطبيعي ان فشل تحقيق هذه الاستراتيجية, تسقط معها بنيتها الفوقية من الايدولوجيا والثقافة والاسلوب المتبع في الاقتصاد على الصعيد العالمي اي " نيو ليبرالية إقتصادية".
المحور الثاني هو عودة روسيا بإسلوب مؤثر الى الساحة الدولية منذ هجومها المخادع على جورجيا, وصعود الصين والبلدان الاخرى مثل البرازيل والهند كقوى مؤثرة لرسم السياسات الدولية. اي ظهور مقاومة مستميتة من قبل هذه الدول وخصوصا بصورة واضحة من لدى روسيا بوجه سياسات امريكية على الصعيد العالمي وخصوصا في الشرق الاوسط والعالم العربي وشرق آسيا الاقصي, بحجة احترام القرارات الدولية والركوع لقرارات الامم المتحدة. كانت السائد قبل 2006 التحرك الامريكي بمفرده لحل القضايا الدولية وشن الحروب وما الى ذلك. هذه السياسية "الحروب الاستباقية" ولى زمنها بعد ظهور هذه القوى وكما نراها الآن في فترة رئاسة اوباما. ولى زمنها اذا أمريكا راغبة في السلام العالمي او اذا اقتنعت بتراجع دورها كما هي لحد الان, بخلاف ذلك ستكون الحرب العالمية نتيجتها.
وفق المحورين اعلاه انبثقت حالة عالمية جديدة. تقسيم العالم مجددا بين القوى الكبرى وعلى حساب سلطة ونفوذ ودور الولايات المتحدة الامريكية بصورة خاصة والغرب عموماً. من هنا يلوح في الافق نظام عالمي جديد. نظام عالمي رأسمالي يلعب فيها عدد من اللاعبين الاساسين وستكون امريكا واحدة منهم. اي نظام متعدد الاقطاب... في هذا الاطار الجديد سيعاد رسم الخارط السياسية على الصعيد العالمي وبالطبع على صعيد الشرق الاوسط والعالم العربي... هذا الواقع العالمي هيئ الارضية المناسبة لتوقيع اتفاق جنيف بين إيران والسداسية الدولية.
أما بخصوص العوامل الداخلية لامريكا وايران برأيي ان هذه العوامل وهي موجودة طبعا ولكنها ثانوية الى حد كبير. امريكا تعاني من ازمة اقتصادية عميقة, تراجع في نفوذها على الصعيد العالمي وفي منطقة الشرق الاوسط, وبالتحديد فشل سياساتها التي رسمتها أبان مرحلة "الربيع العربي" اي قبل اكثر من ثلاثة سنوات, وكانت هذه السياسات اعتمدت على الاسلام السياسي لتفكيك المنطقة واعادة تركيبها بعد ذلك. كانت امتداد لتحقيق إستراتيجيتها السابقة اي "تحقيق النظام العالمي بقيادتها"... فشلت هذه السياسية في مصر وسقط حكم الاسلام السياسي البرجوازي الاخواني وفشل في سوريا على رغم الزج بمليارات الدولارات من قبل حلفائها في المنطقة لتمويل الحركات الارهابية وتصدير الارهابين اليها.. فشلت وصمدت سوريا بدعم مباشر وقوي من قبل روسيا والصين وايضا وقبل ذلك فشلت في حربها في العراق وافغانستان, حيث تمزقت الدولتين تمزيقا شبه تاماً. المرحلة الاخيرة هذه دفعت بسرعة خارقة الى هبوط الموقع والدور الامريكي في المنطقة وعلى الصعيد العالمي.... ناهيك عن فشل حلفائها في المنطقة السعودية وتركيا وقطر لتحقيق اي مكاسب لها. هذه هي حالة امريكا قبل توقيع الاتفاقية.
اما بخصوص إيران فهي عانت كثيرا من تحجيم دورها وموقعها في المنطقة. هذه هي الاساس. بعد ذلك عانت من العقوبات الاقتصادية وصعود انتشار الفقر والمجاعة والبطالة. لكن علينا ان نذكر بان النظام في إيران هو نظام يمارس الحكم بالحديد والنار وهو نظام برجوازي اسلامي, بالتالي ان الفقر والمجاعة والبطالة والحرمان السياسي والمعنوي وحتى الثقافي هي ركيزة من ركائز هذا النظام... عليه ان العقوبات الاقتصادية هي وسعت من الفقر والبطالة والمجاعة وليس سببها. النظام الايراني عانى كثيرا جراء قطع اوصاله في المنطقة الحرب في سوريا والخوف من سقوط ركيزة من ركائزه المؤثرة في المنطقة, والخوف من تقزيم حزب الله في المنطقة... هذه هي حالة النظام الايراني قبل توقيع الاتفاقية.
اخيرا اريد ان اؤكد على ان لولا ظهور المحورين اعلاه العالم لم يرى هذه الاتفاقية. اما المسائل الداخلية لكل من امريكا وايران فهي مسائل تساعد على ابرام هذه الاتفاقية لتحسين اوضاعهما وفق ما يرنوا اليه المحورين اعلاه. بصورة ملخصة ان امريكا وايران يحتاجان بعضهما البعض, وهذا ما قاله بوتين "لم يتضرر احد في هذه الاتفاقية", اعتقد ان قصده الدول الموقعة جميعاً وفي اطار المرحلة الحالية.

الى الامام: لماذا اسرائيل معارضة للاتفاق المذكور؟ وهل هي محقة بأن ايران تخدع العالم وان الاتفاقية خطأ تأريخي؟.
سامان كريم: قضية اسرائيل ليس الملف النووي الايراني والخوف من النووي الايرانية. نفرض ان ايران تمتلك القنبلة النووية او تحاول امتلاكها, لا يغير ذلك كثيرا من توازن القوى في المنطقة ولا يخل بهذا التوازن. المعلوم للجميع ان اسرائيل لديها ترسانة نووية لا تقل عن مائة راس نووي, ولديها نظام درع قوي ومتطور لا يضاهيه اي نظام اخر في المنطقة, ولديها منظمومة استخباراتية اكثر تطورا في العالم. القضية اساسا هي الخوف من موقعها ودورها في المنطقة. وهي تخاف من هذا اليوم منذ سقوط جدار برلين. حيث النظام الثناني الاقطاب الذي وفر لاسرائيل هذا الموقع في المنطقة ووضعه ضمن منظومة استراتيجية امريكية بوجه الاتحاد السوفيتي السابق. منذ ذلك اليوم إسرائيل تحاول إبعاد انظار الراي العام العالمي عن القضية الفلسطينية وعن حل الدولتين عبر تأجيج الصراعات السياسية في المنطقة ومساعدتها لشن الحروب وهذا ادى الى العدول عن حل القضية الفلسطينية, وفسخ اتفاق مدريد واسلو...وتمكنت من تراكم رؤس اموال هائلة عبر صناعة الامن, حيث ان العالم الغربي يعتمد على تكنولوجيتها المتطورة في هذا الميدان...إن السلام والصلح هما عدوان كبيران للحركة القومية اليهودية في اسرائيل بيسارها ويمينها. لانها تعلم جيدا ان السلام والصلح في المنطقة تؤدي الى هبوط موقعها وبالتالي وضع قضية فلسطين في صدارة المشاكل العالمية.
نزول موقع اسرائيل في المنطقة نراه الان بصورة جلية. حيث حذر وزير خارجية بريطانيا اسرائيل بخرق اتفاقية جنيف علناً وفي داخل مجلس العموم البريطاني... وقبل الاتفاق بمدة قصيرة وافقت "إسرائيل" وللمرة الأولى في تاريخها على الاعتراف بسياسة الاتحاد الأوروبي التي تقضي بعدم تحويل الأموال للمستوطنات الإسرائيلية سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذا بدوره ادى الى مطالبة الاتحاد الاوربي لاسرائيل باعترافها علنا باحتلالها للجولان والاراضي الفلسطينية, او لم يوقع معها اتفاق التعاون العلمي والمعروف باسم هوريزون 2020 وهذا الطلب باقي لحد الان... واخيرا عدم حسبان رايها في ادارة الملف النووي الايراني....
إذن ان "الخطا التاريخي" الذي يتحدث عنه نتنياهو ليس الاتفاق مع ايران في جنيف بل موقع اسرائيل ودورها في المنطقة وفي منظومة استراتيجية لامريكا والغرب. تحقق خوفها.... لانه يعلم جيدا ان هذا الاتفاق سيؤدي الى تفاهمات سياسية كبيرة في المنطقة, وستؤدي الى وضع قضية الفلسطينية في صدارة القضايا الساخنة على منضدة الدول الكبرى والمنطقة, وتعرف ان برنامجها النووي الكامن والخافي لحد الان, وعليه كشفه امام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويعرف ايضا عليه ان يعترف رسميا باحتلال الجولان وفلسطين وبالتالي.... ان موقعها ودورها يهبط الى غير رجعة في هذه المرحلة والى المدى المنظور... ان امريكا والغرب غير محتاجين لاسرائيل في هذه المرحلة مثل ما كانت عليه ابان الحرب الباردة.....
الى الامام: كيف ستؤثر هذه الاتفاقية على مكانة تركيا وقطر والسعودية في الصراع الاقليمي في المنطقة، وخاصة ان السعودية شككت ضمنا بالاتفاقية من الجانب الايراني؟
سامان كريم: اتفاقية جنيف ستؤدي إلى تفاهمات جديدة في المنطقة وبالتالي الى إعادة رسم سياسات المنطقة وتوازن القوى في المنطقة. ونرى ملامح هذه التغيرات منذ الان. دعوة رسمية من الحكومة البحرينية الى للنظام الايراني لمشاركة فيما يسمى بالحوار الوطني, وهذا يعني دعوة إيران لحل أزمة البحرين, هذه الدعوة كانت بمثابة كفر قبل عدة أشهر. فسخ عقد الشراكة النفطية بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة البارزانى والحكومة التركية بقيادة اردوغان... بعد لقاء وزيري خارجية إيران وتركيا.. حيث توجه رئيس حكومة الاقليم نيجيرفان بارزاني الى تركيا لتوقيع العقد ولكن اوردغان لم يوقع العقد.... دعوة تركيا لايران كشريك ودعوتها لروسيا كشريك لحل الازمة السورية... كان قبل عدة اشهر بمثابة محورين متضادين... توسع الاختلافات بين دول الخليج حول هذه القضية... محاولة قطر لاعادة العلاقات مع الحكومة السورية عبر حزب الله و حركة فتح في فلسطين...
الصراع بين الدول الكبرى لتقسيم العالم انعكس بصورة ملموسة على الدول الاقليمة الكبرى... ايران وتركيا ومصر والسعودية... وعلى اثره شكل محورين سياسيين مختلفين... المحور التركي الخليجي كانت بداية لموقف موحد تجاه "الربيع العربي" ضمن استراتيجية امريكية, ومحور إيران وسوريا وحزب الله ضمن استرايتجيية روسية في المنطقة.... فشل الاستراتيجية الامريكية في المنطقة أدى وسيؤدي بصورة اعمق الى الكثير من تراجع المحور الامريكي في المنطقة. هذا المحور تركيا والسعودية وقطر كانوا لاعبين اساسيين في ترسيم سياسات المنطقة ضمن استراتيجية امريكية خلال الثلاثة سنوات الماضة... والحال كهذا ان سقوط استراتيجية امريكية ادى الى تراجع موقعهم ومكانتهم في المنطقة. لا اتحدث عن قطر لانها نفذت كافة طاقتها وفشلت وهي ليست بهذا الموقع الذي يمكنها من لعب دور ثابت ومؤثر في المنطقة, سياساتها عبارة عن سياسة الرشوة, وتوزيع البترو دولارات على حركات الارهابية وتقويتهم.
تركيا كانت ترسم رسما ملونا زاهيا لمستقبلها ضمن استراتيجية امريكية, كشرطي في المنطقة على راس الحكومات الاسلامية من الخليج الى المغرب. وكانت لها الحق لان نتائج "الربيع العربي" التي اصبح خريفا, كلها لصالحها. تبوء الاخوان في مصر على راس السلطة وفي تونس وفي ليبيا كان لها يد الطولي.. وتمويل ودعم الجماعات الارهابية في سوريا عبر تصدريهم "ترانزيت" وتقديم كافة اشكال الدعم اللوجستي والاستخباراتي لهم لتمكينهم من اسقاط النظام القومي في سوريا... كل هذه السياسات سقطت. حيث سقط حكم الاخوان في مصر وقاومت النظام السوري مقاومة شرسة بالبقاء بدعم روسي كبير, بل يحقق الانتصارات على الارهابيين الاسلاميين, وفي تونس النهضة الاسلامية تحت الضربات الاحتجاجية... كل هذه السياسات فشلت وضربت بعرض الحائط الرؤية الارخوانية للحركة الاخوانية في تركيا وحكومتها اردوغان, هذا ناهيك عن تراجع النمو في اقتصادها وتوسعة نفوذ الحزب "ب. ب. ك" في المنطقة عبر استلائها على شرق سوريا بالكامل تقريبا. كان هدف اردوغان قبل فشله هو الصلح والسلام مع هذا الحزب لترتيب الوضع الداخلي التركي كبلد قوي وكبير وموثر ولكن بعد فشله تراجعت عن عقد هذا الصلح على الاقل في هذه المرحلة. هذه هي حالة مكانة تركيا في هذه المرحلة ولا تحسد عليها.
اما السعودية ورغم خلافها الايدولوجي مع الاخوان التركي الحاكم, انها ايضا مستاءة طبعا, ومن حقها ان تكون مستاءة ولديها شكوكها على الاتفاقية... تبوءت السعودية موقعها ومكانتها بعد اتفاقية كامب ديفيد اي بعد ان فشلت الحركة القومية العربية وحكوماتها في قيادة العالم العربي... تبوءت بسبب قوتها الاقتصادية عبر الريع النفطي. وكانت تدير الملفات الساخنة في المنطقة ضمن استراتيجية امريكية ومنها ادارة امن اسرائيل في المرحلة السابقة, وكشرطي لمنطقة الخليج على الاقل. برز دورها منذ سقوط جدار برلين, لتشكيل ودعم الجماعات الاسلامية الارهابية وعملت على هذه الحركات باتفاق تام مع امريكا ومصر في مرحلة السادات وما تلتها وباكستان.. حيث تراعي اكثر من 11 الف مدرسة اسلامية غير رسمية فيها.... لمواجهة إيران "الشيعي" وقيادتها للمنطقة عبر توظيف هذه الحركات لصالح سياساتها وتحت لافتة الاسلام.... بامكاني أن اسمي هذه السياسة "بناء الارهاب"... هذه كانت ركيزة مهمة لتفكيك المنطقة على اساس الطائفية الدينية ولخلق ازمات مختلفة لابعاد الانظار عن القضايا الجوهرية والساخنة في المنطقة والعالم اجمع... اي بناء عدو لامريكا والغرب وهذا ما ينقص امريكا والغرب بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.... مع فشل الاستراتيجية الامريكية تفشل هذه السياسية اي سياسة السعودية لبناء الارهاب والجماعات الارهابية... اي ان بناء الجماعات الارهابية على شاكلة القاعدة والنصرة وداعش لم تبقى ضمن استراتيجية امريكية, وبالتالي تهدف الى فك الارتباط معها على الاقل, لانها لم تعد بامكانها ان تمرر سياساتها عبر تلك الجماعات بعد عقد قران مباشر وعلني لاكثر من ثلاثة عقود. اذن ان الدور السعودي ضمن الاستراتيجية الامريكية لم يعد كما كان سابقا, بل هبط هذا الدور لان "الارهاب" لم يعد صالحا لامريكا في هذه المرحلة على الاقل... ونشاهد ذلك بصورة واضحة في السياسة الامريكية في سورية والمنطقة عموما. السعودية تخاف من هذا الهبوط في مكانتها وموقعها....
الى الامام: هل هناك ربط بين الاتفاقية والملف السوري، وهل سيؤثر هذا على الاخير؟
سامان كريم. ليس لدي شك في ان العلاقة المتينة بين الملفين. لان الملفين اصبحا حالة واحدة تقريبا. بدون مقاومة النظام القومي في سورية للجماعات الارهابية والمحور الامريكي الغربي, بدعم روسي قوي, نحن لم نرى اتفاقية جنيف الايراني. هذا براي قضية جدير بالاستقصاء. السياسة القريبة لواشنطن والغرب بقيادة السعودية واسرائيل وتركيا في المنطقة هي احتواء ايران عبر قطع اوصالها في المنطقة, اي اسقاط النظام السوري وتحجيم حزب الله فشلوا في الاثنين معا ونجحوا في سحب حماس من دائرة ايران. بعد ان اوضح للجميع ان النظام السوري باقي على الاقل خلال المدة المنظورة.... وحزب الله باقي في المنطقة,,,, لم يبقى لهم سياسة فعالة لاحتواء ايران. اما الحرب معها بصورة مباشرة او عبر اسرائيل او المفاوضات المباشرة كما حصل في جنيف.
النظام السوري ساعد النظام الايراني ببقائه في السلطة, عليه ان اتفاق جنيف يساعد كثيرا لحلحلة الازمة السورية. وبراي هناك شواهد لذلك مثلا الحديث الساخن حول دعوة ايران للمشاركة في جنيف 2... اكثر من ذلك تحديد موعد جنيف 2 بعد يوم واحد من اتفاق جنيف مع ايران وبدون اخذ راي الجماعات البرجوازية الارهابية في سورية... وبعد ذلك قبول هذه المعارضة بحضورها في اجتماعات جنيف 2.... هذه كلها مؤشرات قوية على رابط قوي بين الملفين. براي لم تعد لامريكا واكثرية القوى الغربية الاهتمام السابق بمعارضة البرجوازية الارهابية السورية.

الى الامام: ما هو تصور الحزب الشيوعي العمالي الى هذه الاتفاقية، الا يعتقد بأنها في صالح نزع فتيل الحرب في المنطقة، والذي سيكون في صالح الطبقة العاملة وعموم الجماهير في المنطقة؟
سامان كريم: الصلح والسلام بين مختلف الحركات البرجوازية وحكوماتها في المنطقة لصالح جميع الناس وجماهير المنطقة, عليه لصالحنا ايضا ولصالح الطبقة العاملة وحركتها التحررية. إن إبعاد الحروب والاقتتال الداخلي في بلدان عدة في منطقتنا, تحول انظار الطبقة العاملة والجماهير المحرومة الى القضايا الطبقية والقضايا اليومية المعيشية. برغم ذلك علينا ان ندك البنيان الفكري والنظري للحركات القومية والاسلامية بكافة تفرعاتها... كجزء من مهامنا النضالية على صعيد الصراع الفكري. نحن نعرف حتى اذا لم يبقى اية حركة ارهابية واسلامية في المنطقة, هذا لم تكن نتيجة نضالنا وصراعنا المستمر مع هذه الجماعات والحركات البرجوازية, بل ان البرجوازية العالمية هي التي اوجدت لابعاد هذه الحركات عن الساحة السياسية وفق سياساتها في هذه المرحلة. عليه تبقى مهامنا في موقعها.
القضية الاهم للحزب الشيوعي العمالي هي قيادة الطبقة العاملة وتنظيمها وفق اسلوب عمل شيوعي نحو الثورة العمالية. هذه هي وظيفتنا وفلسفة وجودنا. ان الصلح والسلام في المنطقة يساعد كثيرا لتقوية وتطوير هذا المسار. يبقى استعدادنا وهمتنا لاداء هذه الوظيفة خصوصا بعد التجارب المرة خلال العقدين الماضين من الحروب والارهاب وتصوير الثورات الى تناقضها في مرحلة ما تسمى "بالربيع العربي"... علينا اعادة الاعتبار للثورة وايدولوجيا الثورية وثقافتها واسلوبها. ان الثورة بعد هذه التجارب المرة يجب ان تنظم من قبل اصحابها الواقعيين اي قادة الطبقة العاملة وحزبها الثوري الماركسي... ان وظيفتنا في هذا المسار هي تثوير العالم... وقلب نظام الحكم الرأسمالي في العراق كمهمة ملحة لنا. ثبتت هذه الحركات في العالم العربي ان القومية العربية كحركة اجتماعية برجوازية والاسلام السياسي بكافة اشكاله... حركات رجعية مناهضة لتطلعات الطبقة العاملة وللجماهير المحرومة... جربت حكم الاخوان في مصر والنهضة في تونس ولنظام الاسد في سورية والحركات الارهابية في العراق وسورية . ان الثورة تستوجب تنظيمها وتهيئة كافة الاستعدادات السياسية والفكرية والتنظيمة وكل ما تتطلبها الثورة من قبل اصحابها قادة الطبقة العاملة وحزبها. 1.12.2013



#سامان_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون الاحوال الشخصية الجعفرية, طائفي وتحقيق لأهداف امريكية!
- نفاق -المجتمع الدولي- ومؤسساته! على هامش قضية المرأة في السع ...
- في ذكرى ثورة اكتوبر الاشتراكية
- حوار مع سامان كريم حول بحث -الحزب, افقه ومكانته-, في الاجتما ...
- دور الوسيط ل -الاتحاد العام التونسي للشغل- معاكس لتطلعات الط ...
- لا تتوهموا ب- وثيقة الشرف- إنها دوران في حلقة مفرغة!
- -جهاد النكاح- موديل إسلامي جديد لتركيع المرأة
- حوار مع سامان كريم حول الضربة الأمريكية المحتلمة ضد السورية
- الحشود التي يجمعها الاخوان المسلمون ليست جماهيرهم!
- الثورة المفقودة
- حول الاعتصامات في المدن الجنوبية
- ملف 30 يونيو، الآفاق والتحديات
- لجيش قاد الانقلاب على -الثورة-
- 48 ساعة إنذار للثورة في مصر
- الديمقراطية بين حقيقتها و زينتها!
- حوار صفحة الحزب الشيوعي العمالي العراقي مع سامان كريم حول ال ...
- في ذكرى رحيل منصور حكمت
- توسيع وتطوير حلقات عمالية خطوة لتنظيم الطبقة العاملة في العر ...
- اليسار وانتفاضة اذار 1991
- المستجدات السياسية في الوضع العراقي


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامان كريم - حوار مع سامان كريم حول اتفاق جنيف وتداعياته!