أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - لماذا لا تنجح الانتخابات في بلدان المسلمين














المزيد.....

لماذا لا تنجح الانتخابات في بلدان المسلمين


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 4459 - 2014 / 5 / 21 - 06:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاحتكام إلى صناديق الاقتراع آلية من آليات الديمقراطية، هدفها فرز من يتولى إدارة الشأن العام، وتدبير الاختلاف بشكل سلمي وحضاري.
لكن الانتخابات لا تنظم إلا على أساس تعاقد متين وواضح يضمن حقوق الجميع في إطار المساواة التامة بين كل مكونات الأمة، وعندما ينعدم هذا التعاقد بسبب تباعد المرجعيات وتناقضها التام، وغياب أرضية مشتركة، وشيوع الخوف لانعدام الثقة، تصبح الانتخابات مجرد لعبة شكلية عديمة الجدوى.
يفسر هذا الأسباب التي جعلت المسلمين يميلون إلى اختزال الديمقراطية في صناديق الاقتراع لا غير، حيث يعتقد كل طرف بحكم عدم قبوله بالآخر، بأن الأغلبية العددية تمنحه إمكانية سحق الآخر وإخضاعه وإذلاله والتحكم في مصيره.
ويفسر هذا كذلك الأسباب التي جعلت المصريين بعد الانتفاضة وبعد انتخابات من كل نوع لم يهنئوا بالاستقرار، وكذلك التونسيون، وكذلك الجزائريون، كما يفسر كيف لجأ العراقيون إلى تنظيم انتخابات تحت تهديد الجماعات المسلحة ووقع التفجيرات التي أودت بحياة مواطنين يوم الاقتراع. وهي وضعية سريالية لا يمكن تفسيرها إلا بالإصرار على الاتجاه في الطريق الخطأ، حيث لن تسفر الانتخابات عن أية شرعية ما دام الّأساس الصلب غير متوفر، وهو التعاقد المدني الذي تعترف فيه كل الأطراف ببعضها البعض، وتضع دستورا يقر بحقوقها جميعها في إطار المواطنة، وهذا النوع من التعاقد غير ممكن إلا في إطار وعي مدني ديمقراطي لا طائفي ولا ديني ولا عرقي ولا عسكري.
تعتمد الطائفية نزعة التجييش الحربي وأساليب التحريض التي تصور الطوائف الأخرى في صورة الشيطان الذي يتربص بالكيان الطائفي ويكيد له، وإذ تقوم الطوائف بالمزايدة على بعضها البعض في الدين أو العرق فإنها تضطر إلى التراجع عن كل منطلقات دولة القانون التي تصبح ضد مصالحها، حيث يصبح الفضاء العام مجالا لاستعراض عضلات الطوائف وإبراز تفوقها العسكري أو الديني، وبهذا ينعدم الأمن والاستقرار ويشيع الخوف والترقب وانعدام الثقة في الدولة وفي جدواها، حيث يحتمي الناس بالطائفة لا بالقانون، ويلجئون إلى مشايخهم ورموزهم الطائفية لا إلى الدولة الجامعة.
ومن المفارقات التي أبانت عنها الانتخابات العراقية، والتي على كل من يختزل الديمقراطية في صوت الأغلبية العددية التفكير فيها بإمعان، هي أن فكرة الأغلبية التي ينادي بها الإسلاميون السنيون في مختلف بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط تصبح مرفوضة لديهم في العراق والبحرين، فقط لأن الأغلبية في هذين البلدين شيعية وليست سنية، ولهذا يسمي الإسلاميون التفجيرات في العراق "مقاومة"، ويسمون القتل اليومي في سوريا "جهادا"، بينما يتعلق الأمر بذهنية ترفض رفضا كليا احترام الآخر واعتباره سواء كان أغلبية أو أقلية.
لا يعني هذا أن الأغلبية الشيعية ستكون رحيمة بأهل السنة إن هي تمكنت من السلطة، لا شك أنها ستسومهم الخسف وتذيقهم الهوان، ليس لأن الشيعة أشرار والسنة أخيار مساكين، بل لأن الدولة الدينية والطائفية لا يمكن أن تكون ديمقراطية ـ سواء كانت سنية أو شيعية ـ بسب طبيعة الأسس التي تقوم عليها، والدليل على ذلك أن لا إيران الشيعية ولا السعودية السنية أفلحتا في ترسيخ الديمقراطية وضمان الاستقرار.
ليس ثمة مخرج من هذا المأزق الحضاري إلا شيء واحد هو القبول بمبدأ الدولة المدنية الديمقراطية التي قاومهما المسلمون على مدى قرن كامل، وإنهاء الطائفية ووضع دساتير ديمقراطية شكلا ومضمونا ليجد كل طرف مكانته في الدولة باعتباره مواطنا ينتمي إلى الدولة لا إلى الطائفة، ولا إلى جماعة دينية، واللجوء بعد ذلك إلى الانتخابات التي لن تكون موضوع منازعة ومثار فتنة بعد ذلك. أما الاستمرار في وهم سحق الآخرين والقضاء المبرم عليهم وإقامة دولة الشريعة على أنقاضهم ورفاتهم والانتقام للماضي البعيد من الحاضر المعيب، فهذا من الدوافع الغريزية السابقة على المدنية، والتي ليست من الحضارة في شيء.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق طارق رمضان
- لماذا نحن ضد إعدام 529 إخوانيا مصريا
- من أين تأتي جاذبية خطاب العنف والتطرف ؟
- حقوق المرأة في الدستور المغربي، مكتسبات معطلة
- جذور الإسلاموفوبيا من أجل نظرة واقعية
- من المسئول عن جعل الفنانين المصريين سفراء للعسكر ؟
- لماذا تظل الحقائق صادمة في بلدان المسلمين ؟
- ثورة القبل
- مأزق المسلمين حضاري وليس سياسيا
- لماذا لم يزهر ربيع الإسلاميين ؟
- -صامدون- ضد من ؟
- أحمد عصيد - كاتب وشاعر وباحث أمازيغي مغربي، وناشط حقوقي وعلم ...
- حول -المحاكم الشعبية الأمازيغية-
- السلفية ومستقبل المسلمين
- دور الإسلاميين في المخطط الأمريكي الجديد
- كيف نحول الإسلاميين إلى ضحايا وهم في الحكم ؟
- الإعلام والوصاية الدينية
- تعليم الأمازيغية بين الشعار والممارسة
- المشروع الإسلامي والمشروع العلماني أو الدين ضد الإنسان
- الوصاية الدينية والدولة


المزيد.....




- براد بيت يتحدث بصراحة عن تجربة تعافيه من الإدمان على الكحول ...
- جاي زي يفاجئ الجمهور في إحدى محطات جولة بيونسيه الباريسية
- من الدهنية إلى الحساسة..أسس اختيار المكياج المناسب لنوع البش ...
- رئيس وزراء قطر يكشف دور الدوحة بوقف إطلاق النار بين إيران وإ ...
- ترامب يصب غضبه على إسرائيل ويُبدي عدم رضاه عن إيران بعد خرق ...
- -حرب نووية أُوقفت في ساعات بينما حربنا ما زالت مستمرة-: غزيو ...
- ما بعد وقف إطلاق النار: أي دروس تستخلصها إيران من المواجهة م ...
- هدنة هشة تحت النار.. تل أبيب تحذر وطهران تنفي إطلاق الصواريخ ...
- ترامب يطالب إسرائيل بعدم إلقاء المزيد من القنابل على إيران
- احذر من تأثير -تشات جي بي تي- على دماغك وقدراتك الذهنية!


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - لماذا لا تنجح الانتخابات في بلدان المسلمين