أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - الإعلام والوصاية الدينية














المزيد.....

الإعلام والوصاية الدينية


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 3715 - 2012 / 5 / 2 - 19:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


النقاش الذي يعرفه المغرب حاليا حول دفاتر تحملات القنوات التلفزية، هو نقاش مهم وصحي، لأنه يسمح بمعرفة حدود التدخل الحكومي و مجال العمل الإحترافي، ودور الإيديولوجيا وتأثير التوجهات السياسية للأحزاب الحاكمةن وخاصة منها الحزب الإسلامي الذي يشارك في الحكومة لأول مرة.
وقد انقسم الناس في مناقشة هذا الموضوع إلى معسكرين مختلفين، الأول ضدّ مافيات "المخزن" الإعلامي، والثاني ضدّ وصاية الإسلاميين على الإعلام الوطني، والمشكلة أن التيارين معا مغرقان في الخطأ لأن كلا منهما لا يرى إلا نصف الحقيقة، حيث يضطر إلى التحالف مع الشيطان ("المخزن" أو الإسلاميين) للدفاع عن أحد قطبي المعادلة التي ليست في حقيقتها ديمقراطية.
لا شك أنّ كل مواطن مؤمن بضرورة التغيير، لا يملك إلا أن يكون ضدّ لوبيات الفساد والإستبداد في الدولة ، ولكنه أيضا لا يمكن أن يقبل مناورات الإسلاميين لمصادرة الحريات وحقوق المواطنة، أو استعمال الدين للحجر على العقول أو إعادة تشكيل الرأي العام لصالح الإسلاميين عبرالقنوات الرسمية، فـ"التغيير" ليس هو التشبث بالسلطة المطلقة لـ"المخزن"، ولا هو الوقوع في كماشة الإسلاميين، بل هو وضع الضمانات والأسس القانونية للعدل والحرية والمساواة التامة بين الجميع بدون "ولكن .."، والإحتكام بعد ذلك إلى صناديق الإقتراع .
إن المخزن والإسلاميين يمثلان معا تهديدا للمشروع الديمقراطي، لأن أحدهما أنتج الآخر وفرخه ووفر له الأعشاش اللازمة لمُدد طويلة، كما أن التواطؤ المعلن والخفي بين الطرفين أدى في النهاية إلى وضعية صعبة، أنتجت ممانعة ضدّ الوعي الديمقراطي في عمق المجتمع نفسه، وهي وضعية لن تفضي إلا إلى الإنتقال من استبداد إلى آخر مثيل له أو أسوأ.
كان "المخزن" رمزا للإستبداد الذي يرزح تحت نيره الجميع، علمانيين وإسلاميين، وكان الطرفان معا يتوقان إلى الإنعتاق والتحرّر، مع فارق جوهري سرعان ما ظهر خلال النقاش العمومي بالتدريج إلى أن أصبح واضحا منذ مدّة، وهو أن الطرفين وإن كانا متضرّرين من الإستبداد السلطوي لـ"المخزن"، إلا أنهما لا يعتمدان نفس المفهوم للحرية.
كان العلمانيون يرون أن الإختلاف والتعدّدية هما طبيعة المجتمع، وأن الحرية للجميع في إطار المساواة والإحترام المتبادل، بينما كان الإسلاميون يرون أن الحرية إنما هي من حقهم وحدهم من أجل "إقامة الدين" في الدولة، وأن حرية غيرهم "استفزاز لمشاعر المسلمين" ومروق وزيغ وخروج عن "ثوابت الجماعة" و"تقاليدها الأصيلة"، ولهذا اضطر بعض العلمانيين، خوفا من المجهول، إلى النزول في محطة الإصلاح تحت مظلة السلطة، وعدم إكمال المشوار نحو التغيير الشامل الذي ينذر بالأسوأ، بينما اختار بعضهم الآخر الطريق الصعب، مواجهة الطرفين والتذكير بمبادئ الديمقراطية الحقّ بآلياتها وقيمها ومبادئها المتعارف عليها عالميا، والتي تضمن للأغلبية حقها في تولي وإدارة الشأن العام، مثلما تحمي حقوق الأقلية وحرياتها الأساسية.
كان استبداد "المخزن" ذا وجهين وعلى صورتين: يحتكر السلطة والمال ويفرض قيم الطاعة والولاء، و لكنه يترك للناس متنفسا لكي لا ينفجروا في وجهه، وكان المتنفس هوامش من الحرية في التعبير والتنظيم والإبداع الفني والأدبي، لكن بخطوط حمراء يعرفها زبانيته ويراقبونها، ولهذا كانت دولة المخزن مزدوجة الهوية والهوى، بواجهة حداثية ترضي العلمانيين وتمنحهم بعض الأمل، وواجهة دينية تقليدانية تخدّر الإسلاميين ولو إلى حين، لهذا كان اللعب على الحبلين لعبة المخزن المفضلة والمسلية.
أما استبداد الإسلاميين فهو يبدو بوجه كالح، لأنه يعمد إلى مصادرة تلك الهوامش بالذات، فالمستهدف الرئيسي لدى المتشدّدين هو الحريات بكل أنواعها، من حرية المعتقد مرورا بحرية التعبير وانتهاء بحرية الإبداع الفني والجمالي والأدبي، ولأن المرجعية الدولية لحقوق الإنسان تظلّ ملاذا لكل مظلوم عبر العالم، فإن الإسلاميين ـ مثل "المخزن" تماما ـ يتشبثون بـ"الخصوصية الدينية للمغرب" من أجل مصادرة الحريات والتحفظ على حقوق المواطنة الأساسية، وقد بلغوا في ذلك حدّ التنويه بالسلطات الأمنية عند اضطهادها للطرف الآخر، مثلما وقع لمسيحيين مغاربة، بينما ترافع علمانيون في أكثر من مناسبة ضد السلطة ومن أجل تحرير إسلاميين وسلفيين معتقلين.
كانت السلطة تستعمل "الخصوصية" في بعض الحالات الخاصة، ومن أجل التمترس ضدّ التحولات المجتمعية وحماية مراكز النفوذ، بينما يعتمد الإسلاميون مفهوما لـ"الخصوصية" بدون تحفظ وبلا حدود، والهدف واضح لا لبس فيه، العودة بالمغاربة إلى الدولة الدينية، دولة التقليد ووصاية الفقيه، في عصر أصبح للحضارة فيه عنوانان بارزان: الثورة العلمية التكنولوجية، وحقوق الإنسان الكونية، وهما أمران ليس للإسلاميين فيهما إسهام مشرّف.
هل للمغاربة أن يختاروا بين كوليرا "المخزن" و طاعون الوهابية ؟ بالطبع لا! فالخيار الحقيقي هو الإستمرار في النضال ضدّ الفيروسين الخطيرين معا، وهو نضال قد يكون بإمكانيات بسيطة، ضدّ معسكرين مسلحين بوسائل جهنمية من مال وعتاد، و لكن الإنتصار في النهاية هو للإرادة الخيّرة، الإنسانية المنزع والتوجّه، والهزيمة لأعداء الإنسان، فالتاريخ لا يعود أبدا إلى الوراء.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليم الأمازيغية بين الشعار والممارسة
- المشروع الإسلامي والمشروع العلماني أو الدين ضد الإنسان
- الوصاية الدينية والدولة
- حوار مع السلفيين
- مفهوم الحرية بين العلمانيين والمحافظين
- هل تهدد حكومة الإسلاميين المكاسب الديمقراطية للمغاربة؟
- مستقبل المسلمين بين أردوغان و القرضاوي
- ردود سريعة إلى رئيس الحكومة الجديد
- أمازيغ -الويكيليكس- بين أمريكا والإسلاميين
- نماذج وتجارب من -ديمقراطية الأغلبية العددية-
- الديمقراطية والمشاركة السياسية للإسلاميين
- معنى الديمقراطية بين اليساريين والإسلاميين
- المنتخبون والسلطة
- لماذا تنتهك السلطة دستورها الجديد ؟
- كيف يصبح الدين من عوامل الإستبداد ؟
- الدولة الإسلامية ليست دولة مدنية
- ترسيم الأمازيغية في الدستور المغربي المكاسب والمعيقات
- المغرب الخليجي هل يقايض التغيير بالمال ؟
- إلى الفاسي الفهري، الأوراغي، بن عمرو وآخرين
- الديمقراطية ليست دكتاتورية الأغلبية العددية


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - الإعلام والوصاية الدينية