أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - أ.د المصطفى سلام يكشف لنا عن غواية من غوايات القصة القصيرة جدا من خلال قصة -مفاهيم- للكاتب أحمد إخلاص















المزيد.....

أ.د المصطفى سلام يكشف لنا عن غواية من غوايات القصة القصيرة جدا من خلال قصة -مفاهيم- للكاتب أحمد إخلاص


نجية نميلي (أم عائشة)

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 18 - 13:49
المحور: الادب والفن
    




مفاهيم!
انتشى وهو ينتزع حريته من فم الأسد.
صار خصما بحجم المساواة...
تحقق له التجول في الغابة بلا خوف
نسي مبيته على التبن الحافي...
وحده الثعلب كان يفهم اللعبة.

_____________________________

1 – غواية قصة "مفاهيم "

تفيد القراءة الأولية لهذا النص أنه يتوزع إلى اتجاهين فكريين : الاتجاه الفلسفي من خلال العنوان " مفاهيم " حيث المفهوم يناقش في رحاب التفكير الفلسفي ، و يأخذ معانيه من تصورات فلسفية ، كيفما كان الحقل الذي ينتسب إليه ، و بعد ذلك يمكن أن يرحل إلى سياقات أو مجالات معرفية ثانية . و هذا ديدن الكثير من المفاهيم و المصطلحات التي تنشأ في بيئة معرفية ثم ترحل إلى بيئات أخر . ثم هناك الاتجاه السردي الموغل نسبيا في القدامة ، أقصد أدب الحيوان ، و هو تراث سردي مهم خلفته الإنسانية عبر تاريخها العريق . حيث شكل التعبير على لسان الحيوان تجربة إبداعية متميزة ، لم تفقد وجاهتها بعد ، إذ هناك توظيفات و استثمارات لمتخيل الحيوان في الأدب ( الشعر ، القصة ، الرواية ، قصص الأطفال ، الرسوم ..... الأفلام......)هذا النمط من الكتابة يتميز بانتخاب حيوانات معينة لرمزيتها و جعلها محور السرد أو التمثيل الفني . و نلاحظ أن شكل التمثيل يتخذ صيغتين مختلفتين : التمثيل المباشر للحيوان . ثم التمثيل الرمزي البلاغي له ؛ بمعنى أن الحيوان لا يحضر في التعبيرات الفنية بدلالته الأولية بل بتمثلات بلاغية ورمزية ، حيث التشبيهات و الاستعارات و الكنايات و الرموز ... و نص" مفاهيم " يمتح من هذه التجربة ، و يتناص مع نصوص كثيرة أشهرها كتاب : كليلة و دمنة . إضافة إلى النصوص التراثية و المسرودات الشعبية لقصص الحيوان ، ناهيك عن القصص الديني الذي يستثمر بدوره الحيوان .
بني هذا النص عبر تقنية القلب أو العكس، سواء على مستوى الإخراج السردي أم التشخيص الدلالي . و من مظاهر القلب في النص :
1 – تقديم النتيجة و تأخير السبب: حيث بدأ النص بالانتشاء كإحساس و شعور ينتاب صاحبه بعد إنجاز فعل بطولي، إحساس بالتميز و التفوق لأنه أتى بفعل خارق أو ما شابه ذلك. لكن دلاليا هناك قلب من نوع آخر، حيث الانتشاء هو أول السكر و مقدماته، أي أنه بداية لغياب العقل و الإدراك أو الصحو و اليقظة . لكن النص يربط بين الانتشاء و تجربة الانفلات من الخطر أو النجاة من الموت: " انتشى و هو ينتزع حريته من فم الأسد " .
2 – المساواة لا تصنع البطولة: إذا كانت المساواة تعني التناسب في المكونات و العناصر، أو التوافق بين موضوعين في قوة التأثير مثلا، أو التعادل في القوة و الخاصية و الوظيفة ، فإن بطل النص ليس في وضع التساوي مع الخصم " الأسد " . قد يحقق انتصارا معينا لكن لا يمكن أن يكون انتصارا أبديا ، و بالتالي ليس بطلا خالدا . فالبطولة هي جولة ليس إلا، يقول النص مبينا هذا التوهم الحاصل عن السكر بالنصر على الأسد " صار خصما بحجم المساواة " لأن التاريخ أثبت بالوقائع أن البطولة وسام لا يرثه أحد ، و لا يملك أحد و إن انتصر في جولات الصراع و الحروب . قد تصبح بطلا اليوم، أو تتربع على عرشها ردحا من الزمن ، لكن هناك من يتربص بعرشك ...و هذه سنة تاريخية في تاريخ البشرية .
3 – البطولة لا تلغي الخوف : تؤكد التجربة الطبية و النفسية و الفلسفية أيضا أن الإنسان لا يمكن أن يتحرر جذريا من الخوف ، و إن كان بطلا . حيث الخوف من الأحاسيس الملازمة له، و المميزة لأنه يقترن في جوهره بنزعة البقاء أو حب الحياة. يمكن أن نتحدث عن غياب الخوف بعد الموت مثلا، لكن في الحياة، و لو كانت رمقا قليلا، فهناك ذرة من خوف. و في هذا النص، نلاحظ أن نشوة الانفلات من الموت أبعدت الخوف، لكنه إبعاد سطحي و عرضي، مادام العقل أو إدراك الخطر قد غاب مؤقتا. فالإنسان مادام يفهم أو يدرك أن هذا الأمر خطر و فيه هلاك له هناك نسبة من الخوف.
4 – الأمان لا يعني نسيان الأصل: أي مهما كان الإنسان آمنا عن ذاته و مطمئنا على وجوده، عبر الانتصار على مصادر التهديد و الأخطار، لا يمكن أن ينسى أو يغفل عن طبيعته و أصله. يشخص النص ذلك قائلا: " تحقق له التجول في الغابة، نسي مبيته على التبن الحافي. " و هذا ما يلاحظ في كثير من الممارسات الإنسانية ، حيث يتم نسيان الأصل و البداية، فليس عيبا أن يتغير الإنسان و أن يرقى في مدارج التطور، بشرط احترام قانون التطور نفسه ، لأن التاريخ و الطبيعة و الحياة و العلم و التقنية مثلا أتاحت للإنسان إمكانية التطور . لكن أن يكون الانتقال صاروخيا و حرقا لمراحل أساسية في قانون الانتقال من وضع إلى آخر، فهو يخلق وهما بالبطولة و نشوة بالانتصار سرعان ما تزول.
5 – قانون اللعبة ليس حكرا على أحد : يختم النص بما يشبه الحكمة ، و هذا ديدن الحكايات الشعبية في أدب الحيوان . فالإنسان غالبا ما يغفل عن الضروري أو يتوهم غيره ، لكن هناك من لا يخطئ ذلك . و المسألة كما يطرح النص عبارة عن لعبة ، فيها منتصر و منهزم ، تقوم على قوانين و تسنينات خاصة ، من فقه ذلك انتصر و تجنب الهزيمة ، قد يتحقق الانتصار لأسباب ما ، لكن لا يعني أنه انتصار نهائي ، كما تكون الهزيمة مؤقتة و ليست حكما أبديا .جاء في النص: "وحده الثعلب كان يفهم اللعبة " أي أن الانتصار على الأسد في عالم الحيوان، و تحقيق البطولة في مملكة الغابة هو شأن نسبي و فوز وهمي و بطولة الحالمين. لأن التاريخ و الطبيعة أو الحياة عامة أكدت أن القوي في البدء هو القوي في المنتهى، لا يمكن الخروج عن هذه القاعدة. و اللبيب من أدرك و فهم قانون لعبة الانتصار و الانهزام، فمثلا في التجربة السياسية قد ينتصر من كان بعيدا عن عتبة الفوز، و هذا لا يعني هزيمة من كان ينتصر بالقوة و الفعل ( بالمال و النفوذ و القوة ......)
خاتمة :
استطاعت القصة القصيرة جدا أن تساهم في التمثيل الدلالي لقضايا إنسانية و اجتماعية و ثقافية و سياسية مختلفة. إنها تتخذ من التجربة الإنسانية مرجعا لها في انتقاء المضامين و تشخيصها عبر تقنيات سردية أهمها الاقتصاد في الدوال و التكثيف في المدلولات . و سر غواية هذا النمط من الإبداع يكمن في جمالية البناء من جهة و فتنة التأويلات التي ينجزها القارئ و هو يملأ بياضات القصة القصيرة جدا، التي تستعصي على الملء النهائي .

نقد :أ.د المصطفى سلام







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جدا تحت عنوان :رسالة
- هي...في قصصي القصيرة جدا
- قراءة في نص (إشباع) لنجية نميلي /إنجاز: المصطفى سلام
- لم أكبُر
- النظم المفقود
- الصوت المشاكس
- صلاة عاشقة
- قصة قصيرة جدا للقاص :عبد الرحيم التدلاوي تحت مجهر الأستاذة:س ...
- قراءة في نص -بطل- لنجية نميلي /إنجاز :المصطفى سلام
- قراءة في نص المصطفى سكَم / إنجاز محسن حزيران لفقيهي
- قراءة في نص -زيارة- لنجية نميلي /إنجاز :حيدر لطيف الوائلي
- لقاء مفتوح مع الناقدة الجزائرية : هداية مرزق
- جينات ...تحليق ...لولا...نسبية...العورة...الحل.(من بعض قصصي ...
- بفحولة النار أكتبك قصيدة
- اللحمة الطرية (قصة زجلية مستوحاة من واقع تلميذتي)
- سلطة السرد :تجليات اللفظ ومستويات المعنى /قراءة في نص أحمد إ ...
- -الأنثى -في قصصي القصيرة جدا
- قرءاة في قصيصة رحلة/ إنجاز :إسماعيل البويحياوي __( رحلة :من ...
- عتبات البناء السردي في القصة القصيرة جدا -ناقد- لمبارك السعد ...
- قراءة في نص - سفور- للسعدية بلكارح / إنجاز أمينة حسين


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - أ.د المصطفى سلام يكشف لنا عن غواية من غوايات القصة القصيرة جدا من خلال قصة -مفاهيم- للكاتب أحمد إخلاص