أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - قراءة في نص المصطفى سكَم / إنجاز محسن حزيران لفقيهي














المزيد.....

قراءة في نص المصطفى سكَم / إنجاز محسن حزيران لفقيهي


نجية نميلي (أم عائشة)

الحوار المتمدن-العدد: 4435 - 2014 / 4 / 26 - 21:42
المحور: الادب والفن
    


عبور
وقف أمام تمثال طارق بن زياد يمتطي فرسه في اتجاه البحر،انتصبت أمامه يخوت ، التفت إليه مندهشا :كيف تحولت إلى حارس لليخوت ؟
سل سيفه وأمره فتح جوازه البيومتري على صفحة الماء،اغتسل بحروفها ،توالت الصفحات ...وجد نفسه يجلد على الضفتين أمام أنظاره.
________________
إن القارئ المتطلع إلى سبر أغوار نصوص القصة القصيرة جدا بشكل عام، و النص الماثل بين أيدينا بشكل خاص..يتوجب عليه ولابد استحضار مجموعة من العوامل سواء أكانت تاريخية، سياسية,اجتماعية، أم ميثولوجية، نظرا لما يحتويه هذا الفن من إيحاء وترميز وتكثيف معاني، وقد أسهبت المدارس والدراسات و أبدعت في ميدان القراءات النقدية ولم تدع كبيرة ولا صغيرة إلأ أحصتها، بدءا من العنوان, الذي خصصت له علما خاصا جدا به أسمته علم العناوين أو التيترولوجيا...
وسيرا على هذا النهج في قراءتنا لنص الكاتب السيد" المصطفي سكم"،فإنا نجد العنوان في هذا النص قد جاء نكرة"عبور" و هو مصدر فعل: عبر يعبر عبورا، بمعنى المرور، وقطع المسافة من مكان إلى غيره، أو عبور حدود بلد نحو بلد آخر، وقد جاء نكرة، لأن النكرة تفيد العموم، في مقابل المعرفة التي تفيد الخصوص،و هو يضعنا أمام مشهد تخيلي من المشاهد الأكثر روحانية، حين تخاطب الأحاسيس والوجدان في نفسية القارئ المتلقي ،أو ذاك الذي يهم بالعبور على حد سواء...
هو إذن ليس عبورا فيزيائيا بالضرورة، بل هو فكري وجداني.. كقول الشاعر:( أطوي المسافات وما تهتز لي قدم)، وهو ينطوي على احتمالين اثنين سيجعلاننا نتساءل:أهو عبور من البلد الأم نحو بلد آخر حيث الغربة والمعاناة اللتان يقبع داخلهما البطل؟ أم العكس؟
تساؤلنا هذا سوف لن يعمر طويلا، إذ إن في النص ما يزكي الأول و يضحد الثاني،فبمجرد أن يأتي الكاتب على ذكر اسم إحدى الشخصيتين داخل النص"طارق بن زياد" وفي قرينة بالعنوان(عبور)، حتى نكتشف أن الضفة التي يقف عليها البطل في حواره مع الفارس هي ضفتنا وليست الضفة الأخرى، وأن هذا الفارس يرنو باستمرار إلى تلك الضفة ، ضفة الأندلس..الفردوس المفقود، حيث لايمكن لأهلها أن يبنوا له تمثالا هناك و هم يقرأون التاريخ...
تتنوع ظروف كتابة هذا النص بين ماهو اجتماعي،اقتصادي وسياسي...
فطارق بن زياد الذي كان أحرق زوارقه قاطعا أي أمل في الرجوع أو التراجع، و هو يصيح في أصحابه:أيها الناس أين المفر؟
نراه اليوم قد بدل رأيه..ولم يعد غازيا,ولا محررا وفاتحا...إنما أصبح أكثر حرصا على المراكب حارسا لها، يفني وقته دون أن يركبها من سئموا تكاليف الحياة في بلدانهم وغير المرغوب فيهم...
نكتشف هذا كله، ونحن نطالع ما جاء في هذا النص من أفكار متماسكة منصهربعضها في بعض ، متسلسلة عبر زمن السرد وتوالي الأحداث في سجال بين شخصيتي النص:البطل، والفارس(البطل)، حيث يبدو البطل حائرا ثائرا على الوضع, يستجلي الحقائق في دهشة و يضع مجموعة من التساؤلات الغريبة التي تعصف بذهنه:( كيف تحولت إلى حارس لليخوت؟)، بينما يظل الفارس حازما صارما يقوم بدور الشرطي أو الجمركي "حارس الحدود"، الذي ينفذ أوامر رؤسائه في غلظته المعهودة...
تتأزم الأحداث وتتشابك عندما يقف البطل أمام التمثال الذي يبادره بسؤاله السالف الذكر:(كيف تحولت حارسا لليخوت؟) هو سؤال بطعمين واحد بطعم الدهشة والإستغراب...وآخر بطعم الشفقة وعدم الرضى بواقع الحال...
ثم وفي ردة فعل غير متوقعة تبعث الحياة في التمثال من جديد.. نراه يشهر سيفه في وجه محاوره مطالبا إياه بجواز السفر...
الكاتب هنا ألبس بلدان "شمال إفريقيا" إن لم نقل "المغرب" تحديدا حلة التمثال، كاشفا الدور القصري الذي يجب أن تقوم به من حراسة ومراقبة لتدفق المهاجرين الراغبين في معانقة الضفة الأخرى... على سواحل الأبيض المتوسط, إنها معاناة الأمرين جراء الضغوطات الممارسة عليه...
البطل المتسائل نراه يجلد هنا على الشاطئ عند هجرته سريا، أو أمام القنصلية بحثا عن التأشيرة، ثم يجلد هناك عند الوصول هاربا متشردا...ثم ما يكاد يستفيق من هوله وهروبه المستمر، حتى يكتشف أنه عاد ليجلد بين أهله وذويه...
يجلدونه بينما لا تتوقف ألسنتهم عن ترديد عبارات الترحاب(Ici vous êtes chez vous) يظهر ذلك جليا عند قول الكاتب: (وجد نفسه يجلد على الضفتين أمام أنظاره)..التمثال الحارس يجلد هو الآخر على ضفته جراء معاناته مع المهاجرين المتهافتين عليه... ويجلد على الضفة الأخرى إن هو قصر في تأدية مهمة الحراسة.
السؤال المصحوب بالدهشة والشفقة لم يضع حدا لمشكلة السائل إنما كان بداية لعقدة انفرجت عنفا وجلدا، لامسناه في خاتمة النص التي كانت صادمة وغير متوقعة على الإطلاق،خاتمة آثر الكاتب أن يدعها مفتوحة على مستوى عملية الجلد..أهو جلد مادي؟ أم معنوي نفسي، وجداني...؟
العنوان (عبور) نجده يلائم النص و ويأتي على مقاسه، والجيد في هذه الملاءمة، أنها تبقى خفية، مستترة، غير ظاهرة للعيان، إلى حين بلوغنا القفلة، فتنكشف إذ ذاك هذه العلاقة الجميلة والوطيدة...
الكاتب السيد (المصطفى سكم) كان موفقا بشدة في إيصال فكرته للقارئ بطريقة جميلة جدا, وسلسة تلمح ولا تصرح،توحي ولا تفضح...لغة منتقاة بحرص وحذر ،نلمس جماليتها من خلال الحوار الدائر بين التمثال الجماد الذي أنطقه وأضفى عليه صفة الإنسان،وبين البطل، برؤية حوارية من الخلف، وسرد بلغة فصيحة جميلة...
(سل سيفه وأمره فتح جوازه البيومتري على صفحة الماء،اغتسل بحروفها،توالت الصفحات...) توالت المعاناة إذن... وتوالى العابرون والجوازات, وكذا الجثامين...
إن للكاتب السيد المصطفى سكم، قدرة عالية على إنتاج الكتابة القوية من غير تكلف ولا وحشي كلام، فنجد لغته وأسلوبه في الكتابة يشعان فصاحة وبيانا...















الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في نص -زيارة- لنجية نميلي /إنجاز :حيدر لطيف الوائلي
- لقاء مفتوح مع الناقدة الجزائرية : هداية مرزق
- جينات ...تحليق ...لولا...نسبية...العورة...الحل.(من بعض قصصي ...
- بفحولة النار أكتبك قصيدة
- اللحمة الطرية (قصة زجلية مستوحاة من واقع تلميذتي)
- سلطة السرد :تجليات اللفظ ومستويات المعنى /قراءة في نص أحمد إ ...
- -الأنثى -في قصصي القصيرة جدا
- قرءاة في قصيصة رحلة/ إنجاز :إسماعيل البويحياوي __( رحلة :من ...
- عتبات البناء السردي في القصة القصيرة جدا -ناقد- لمبارك السعد ...
- قراءة في نص - سفور- للسعدية بلكارح / إنجاز أمينة حسين
- الفصل الثاني من مسرحية (لا...أيها الآباء)
- مسرحية (لا...أيها الآباء )
- قراءة في نص -خطوبة- لعبد الله الواحدي
- قراءة تحليلية في القصة القصيرة جدا (الوصية) للأستاذ القاص: ع ...
- قصص قصيرة جدا (رابطة القصة القصيرة جدا في المغرب)
- حوار مفتوح مع الناقد المغربي : محمد يوب
- ومضة شعرية
- جدل الاتصال والانفصال في :-كيان امرأة-
- حوار أدبي_ ثقافي مع الأديبة الإعلامية المغربية :فجر عبد الله
- ليل ووهم


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - قراءة في نص المصطفى سكَم / إنجاز محسن حزيران لفقيهي