أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاديا سعد - عادة ليس هناك مرتدة في السودان... في الوطن العربي. عادة....... ليس هناك امرأة.














المزيد.....

عادة ليس هناك مرتدة في السودان... في الوطن العربي. عادة....... ليس هناك امرأة.


فاديا سعد

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 18 - 10:13
المحور: الادب والفن
    


عادة ليس هناك مرتدة في السودان... في الوطن العربي.
عادة....... ليس هناك امرأة.


فاديا سعد

- يا امرأة.... اخرجي من هذا الوكر!"

دفعني صباح ربيعي، للخروج من غرفتي الصغيرة: "
تركت كتاب "الخير والشر" مرميّاً في زاوية الغرفة المعتمة، وجريدة مفتوحة تحت النافذة الصغيرة. وضعت أعقاب السجائر، مع ما خلفته سهرتي الطويلة مع "الخير والشر". ألقيت الكيس داخل الحاوية، وهممت بالسّير.

أي أمر جديد يمكنني مشاهدته، في شارعنا الطويل؟!
نظرت إلى السماء: ارجميني ولو بفكرة!

عند المنعطف المقابل لاتجاه سيري، لمحت امرأة مقبلة، ما تزال بعيدة، تسير بتؤدة؟
نعم قد يكون الأمر هكذا.... بتؤدة.

هل يكون تعبير: "بإهمال" أدق؟ . نعم هكذا كانت تتجهً صوبي بإهمال.

كنت قد سمعت عنها ولم ألتقيها.
فضولي بمعرفتها شديد: هاهي فرصتك يا مريم، تأمليها، أطلقي حكمك عليها.
هي مادتك الجديدة. مقالتك. روايتك التي لا تعرف كيف تنهين خيوطها.. إنه بطلتك، ومن تناقضت حولها الشائعات.
بعضهم قالوا:
- مختلة. آخرون أطلقوا عليه:
- عاشقة الشعر.
منهم من كان يقول:
- دماغها لم يحتمل العلم كثيراً!!
دافع عنها البعض بقولهم:
- بل حكيمة. فيلسوفة...

وقفتُ متأملة من تناقضت حولها الأقاويل. بدت لي هيئتها مألوفة، لكني شككت بالأمر:
فمن أين لي بمعرفتها؟!

كانت تنحني على سياج جانبي لحديقة بيت مطل على الشارع، تقطف وردة بيضاء وتتوجه بها نحو فتاة جامعية تتهيأ لركوب الناقلة.
مدّت يدها بالوردة البيضاء:
- احتفظي بها. قالت بعد شمت رائحتها آخذة نفساً عميقاً:
رائحتها ذكية.

ارتبكت الفتاة، وصعدت إلى الحافلة، فابتسمت المرأة وتابعت سيرها، بإهمال مشوب بالمرح.

رأيتها تنظر إلى السماء، كأنها تبحث عن شيء ما، ثم ضحكت ضحكة عميقة.
لم أمنع نفسي من الابتسام : ظريفة هذه المرأة.
وقفت متابعة نهاية هذه المسرحية.

كان رجلا يتقدم من شاب أيضاً:
-هل سمعت آخر أشعار نزار قباني؟
فردّ عليه الشاب:
-لا. أسمعني!
مال عليه قليلاً ثم أطلق صوته كأنه على منبر:
روحي التي زجاجاً مطحوناً
كيف أعيدها من رمادها؟
روحي الهشّة....

علّق الشاب متماهياً مع الموقف: هذه ليست لنزار قباني يا سعيد
ويردّ عليه سعيد بسرعة:
أعرف. أعرف. ثم يغرق من جديد بالضحك.

كنت أنظر للرجل والشاب حين اقتربت مريم من المكان الذي اتخذته للمشاهدة السوريالية لامرأة تقدم الورد فتُرفض خوفا، ولهذا الرجل الذي يدّعي أنه يلقي أشعارا لنزار قباني وهو والسامع يعرف كلاهما أن الموضوع لاشعرا ولا شاعرا.

صارت المرأة على مسافة قريبة مني. إنها تنظر إليّ مباشرة.
" ماذا؟ ماذا؟!" هممت بالقول مندهشة...
عجبا أنا أيضا أخاف أن تمد يدها بالوردة لتعطيني إياها!

عادة أنا....... أنت....... نحن من السهل علينا أن نأخذ السلاح.... هو الشيء الوحيد الذي أتيح لنا أن نأخذه...... الشيء الوحيد الذي تعلمنا أنه شرعي...... الشيء الوحيد الذي لا نخجل أن نمسكه.... فهو عنوانا للرجولة..... عنوانا للقوة وعنوانا للسهولة!..... نحن نحب السهولة..... أما قطف وردة؟! تقديمها لامرأة؟....... كفاني نفاقا...... أنا أيضا أخافها!.

: هل آخذها... آخذ الوردة.......؟ أنا خائفة فأنا بشر!!!!!


السؤال لم يصل شفتيّ. نظرت في عينيها كما فعلت هي، وبقينا نحن الاثنتين نعلق المسافة الفاصلة بيننا على النظرة.

مندهشة كنت، وشبه مشلولة لبريق سال من عينيها.
شوق ما..... شوق مبهم، فسألتها: من أنتِ يا عمري؟

عتبها الخافت هز كياني:
نسيتيني؟

تذكرت أني خرجت من غرفتي التي نادراً ما أفارقها، لأبحث عن شيء معين. مشاعر محددة. نظرة رائعة كهذه، التي تتدفق من عيني امرأة لديها الشجاعة أن تقفز سياج بيت مستقر وتقطف وردة وتقدمها لشخص ما.

كانت كأنما تسألني:
"أين كنت؟ لما تركتني كل هذه السنين؟
"اعذريني" قلت لها.
"لا عذر لك"
لكني لم ألتق بكِ قبل الآن!!"

نظرت إليّ نظرة عتب. نظرة ودّ. نظرة أقل ما يقال فيها: نظرة محبة.

حين أطلت النظر في وجهها صرختُ صرخة تردد صداها في الشارع الطويل، وصلت صرختي إلى الغمام.

اعذريني يا صديقتي.. أهملتكِ كثيراً، نسيتكِ طويلاً، غبت عنكِ لمدة تشبه العمر. تعالي إلي. أسلمّ عليكِ.

مددت يدي إليها، ومدّت يدها لي. التقى باطن كفي، بباطن كفها. كيف لا تعرفني وأعرفها؟!

حين هززنا يدنا بالسلام انتبهتُ إلى الستارة الشفافة من الدمع مجللة بياض عينيها، ودمعة كاللؤلؤ تسيل، تؤكد عتابها لأني لم أتعرف عليها منذ أن أطلّت من مفرق الطريق.

"لا تبكِ". قلت لها. وبنفس الوقت، أخرجت منديلي لأمسح دمعتها.

حين لا مس منديلي خدّها، انتبهتُ إلى أن الخدّ الذي أجففه>
كان الوجنة.....خدّي أنا، والدمعة التي سالت، كانت دمعتي أنا.



#فاديا_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيبة الفراغ
- مثقف 777
- أنتِ صديقتي..... وأكثر
- لسيد الرئيس بشار الأسد: أما عن الطمأنينة فسأحدّثك، ولا حرج:
- عن رنيم معتوق وتحصين الجبهة الداخلية ضد الارهاب.
- لأني أشعر بالغيرة
- رد جميل
- تأرجحنا... كثيرا
- مهما فعلموا... سيحاكمون
- ممنوع السرقة والاقتباس تحت طائلة... عدم وجود قانون!!
- خلطة سياسية مثل جملة اعتراضية
- كانت موهوبة
- فيما يخص المقاسات
- أنت غليظ؟ انضم إلينا
- حيث الخارطة الإنسانية
- أيتها اللئيمة
- الأسماء التي تضل الطريق
- يمارسون الأمومة.. ولا يدرون
- في عيدي وعيدكن.. قد يبدو الشكل بريء
- على أرجل حمام النّت.. الزاجل


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاديا سعد - عادة ليس هناك مرتدة في السودان... في الوطن العربي. عادة....... ليس هناك امرأة.