أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاديا سعد - الأسماء التي تضل الطريق














المزيد.....

الأسماء التي تضل الطريق


فاديا سعد

الحوار المتمدن-العدد: 3060 - 2010 / 7 / 11 - 13:05
المحور: المجتمع المدني
    


بعيدا عن المماحكات السياسة والثقافية، كنت أقلّب بالأقنية قصد مشاهدة فلم لطيف يشغلني عن الفوضى العامة، أو الثبات على أغنية تداعب المشاعر من غير أن تهزّها، وتلعن والدها، وفي بعض الأحيان البحث عن أفلام كرتون من نوع عائلة سيمبسون الشهيرة.
ثبت بصري على ما سيعرض بعد حين في أقنية للأفلام، وكان: "في شقة مصر الجديدة" الذي استشهدت باسم بطلته وادعيت أن اسمها "غادة رزق" في مقال سابق: "كتب، وحرب، وحب"
قلت: آه هذا جيد ولا ضير من إعادة مشاهدته.
ولأني أسترطبت القصة والحوار وأداء الممثلين، والإخراج، كنت حضّرت منقوع المتة الخاص بالكسالى، وجلست أمنّي نفسي بهروب ساعتين بلا منغصات، فما تزال شارة البدء تستعرض أسماء الأبطال"
ثبت بصري على اسم البطلة وقد كتب بالبند العريض: "غادة عادل" وقلت باندهاش "غادة عادل"؟!
ظل الاسم الحقيقي للممثلة يتردد في ذهني وقتا غير قليل، وبات يعذبني هذا السؤال: من أين جئت باسم "غادة رزق" كما أوردته في مقالي، وكيف لي أن أغير الأسماء على مزاجي؟
والطامة ستكون قليلة الوقع لو أن خلطي للأسماء بقي بحدود الواقع المعاش مع أصدقائي، فعادة ما أقوم بمقالب غير مقصودة، فأختلق على سبيل المثال كنية للاسم -لا يروق للاوعيي- ثم أغير أحرفا معينة لأشكّل اسما آخر لشخص أعنيه هو نفسه!.
وإذ اعتاد عليّ بعض الأصدقاء واحتووا التداخلات العجيبة لأسمائهم برحابة صدر، لكن كيف للقارئ أن يتجاوز هفوتي؟
كيف لي ألا أتذكر الأشخاص بأسمائهم التي بحث عنها أهلهم وأطلقت عليهم بالذات ليشكلوا مع أسماءهم بصمة للحياة: مررت من عند هذا/هذه بكل التفاصيل المنطقية وغير المنطقية؟ كي يكونوا هم أنفسهم متفردين عن غيرهم؟
المسألة في اعتقادي لها أبعاد خطيرة غير المعنى المادي للذاكرة، فأنا إذ قمت بإلغاء ارتباط اسم "غادة عادل" بالشخصية نفسها، كنت أمارس ما نمارسه جميعا تجاه بعضنا البعض بإلغاء الكيانات البشرية مرفقا بعدم الاعتراف بهم، إنما هذه المرّة تجاه شخص ليس بيني وبينه معركة فكرية حقيقية.
أنا في حقيقة الأمر لا أفعل سوى أن أبرع بالقيام بالطريقة التي أرضعتنا إياها مجتمعاتنا أنفسها، حيث قامت بإلغاءنا أفرادا فلم تعترف بنا أو بحقوقنا، وربطتنا من جهة أخرى بهوية منّفرة حقا... هوية ليست بجديدة وإنما بأكثر ما يكون من الوضوح: حيث تطغى عليها سمات:
عدم التسامح، ونظيره التعصب بكل أشكاله
التخلف، ونظيره انسحاب النماء وحقوقنا السياسية والدينية والحقوقية.
انعدام الاحترام ونظيره الاستعلاء على ما يمثل ما ليس منا سياسيا ثقافيا مذهبيا.
انعدام شروط المواطنة ونظيرها من الفساد المستشري في حكومات ومؤسسات الدول العربية.

فالتقرير الأخير الذي عرض على شاشة الجزيرة، عن احتلال الجزائر ثم مصر ثم سوريا في قائمة الدول الأكثر فسادا، والذي جاء بعد تقرير آخر عرض على BBC
بكون مصر وسوريا تحتلان على التوالي بالأنظمة الأكثر فشلا في التنمية، والذي سبقه تقرير آخر عرض على نفس القناة استبعدت فيه سوريا نهائيا من قائمة الدول المساهمة في مجالات إبداع البحث العلمي والتعليمي وحتى الأدبي.

كل ذلك يثير الدهشة والذهول: أين ذهبت كل الإمكانات البشرية والطاقات الخلاقة والمشاريع الاقتصادية، التي كانت تتمتع بها سوريا أو مصر أو الجزائر، وبالتالي في أي مهب ريح ذهبت ذاكرتي؟
وكيف تشكلت هويتنا الجديدة حيث يحتل الفساد الجزء الأساسي من الهوية:
فالفساد المتجذّر في مجتمع ما، يفسد انسجام الشخصية.
يفرض عليها ادعاء ما ليس فيها ليسحب عنها أخلاقيات أفراد الدول الأقل فسادا: سمة الصدق
ويشكل الكذب والخداع والنفاق، وقتل حرية الاعتقاد، وتكريس الطقوس على حساب الأيمان وهو أحد أهم الظواهر الاجتماعية في المجتمعات الأكثر فسادا، لنجد أن الارتباط وثيقا بين الفساد وسمات الشخصية المفككة..
وغالبا يلجأ من يفرض عليه العيش في مثل هذه المجتمعات من جهة، ويرفض من جهة أخرى هذه الشروط اللا إنسانية للهروب من المواجهة، وتناسي الحقوق ثم النسيان كي تتوسع دائرة النسيان لتشمل حتى الأسماء، والأحداث، ولذلك نقول أننا شعوب بلا ذاكرة تاريخية، إنما في حقيقة الأمر:
نحن شعوب لكثرة كسر إرادتها الحرة وعدم معرفتها أو وعيها بطرق مواجهة هذا الفساد من غير أن تنقطع المسيرة بالإعدامات والسجون والقتل والحروب الأهلية قد شكلت لنفسها ذاكرة جديدة: قبول الواقع أو نسيان مظاهره وعدم الاعتراف بها:
نقلت صديقة بعد عودتها من هولندا هذا الانطباع: "يصف العرب هؤلاء أنهم كفار، والله نحن الكفار"، وتعليلها وتبريرها لجملتها أن الهولنديين، لن يطالبوا بجنة في السماء لأن بلدهم جنة يستمتعون بها ويحافظون عليها من عبث العابثين، وأنها وطفلتها اللتان عانتا بغياب الوالد، وقاستا الكثير، بعدم وجود فرص حقيقية للإهتمام بكرامتهما البشرية لم تجده في موطنها الأصلي "العراق" ثم لم تجده في سوريا يوم لجأت إليها.
يمكنكم القول: أن سمير الحمصي لا يختلف عن سمير الأرناؤوطي في هولندا إلا بما يتمتع كل منهما بسلوك حضاري بالتعامل مع هولندا كأرض وشعب وميزات من حقوق وواجبات.
لن أخفي أني غالبا أمنح نفسي إجازة حين ألتقط روحي وقد غلب عليها قذارات من هنا وهناك يفرضه المثل القئل: من يريد السباحة في الأوساخ لا بد أن يلطخ بها.
إذا: لا شرف لهوية وطنية تكسر إرادة الإنسان لحساب دينه ومذهبه وشدة تورطه بالفساد.
وعودة على نسيان الأسماء ومنحها ألقابا غير التي بالشخصيات الواقعية، الذي بدأ أثناء مسيرتي بسهو بسيط، بسبب كسر إرادتي عشرات بل آلاف المرات، وإذ اعتمدت طريقة المناكفة والمعاندة وقول المباح بما هو متاح بتّ أوسع دائرة النسيان لتشمل أسماء أناس لهم كياناتهم، فعذرا من الممثلة "غادة عادل" فإن أخطأت باسمها، فلي.. لنا... للجميع ما يبرر نسيان أسماء الآخرين.



#فاديا_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يمارسون الأمومة.. ولا يدرون
- في عيدي وعيدكن.. قد يبدو الشكل بريء
- على أرجل حمام النّت.. الزاجل
- العالقون على سكة القطار
- أحب شفاهكِ منغلقة كانت، ومنفرجة
- هل من جديد
- وثيقة تفسّر الكثير
- دروشة علمانية
- في منشور : يكذب القرآن ويزدري رسوله
- في حلول........ ألغام الازدواجية
- واقعة سلوكية ودلالة
- يا زينب بابان
- مقال.. ليس بالمقال
- حين يتخلى الوقار.. عن زيفه
- من قال أنها غير.. مكررة؟
- ............. مبالاة
- وطن أم.. في الخيال وطن؟!
- أطرف انتخابات في العالم
- في إشكالات قراءة النص
- احتراق شمعة


المزيد.....




- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاديا سعد - الأسماء التي تضل الطريق