أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاديا سعد - رد جميل














المزيد.....

رد جميل


فاديا سعد

الحوار المتمدن-العدد: 3186 - 2010 / 11 / 15 - 13:48
المحور: المجتمع المدني
    


نحن نحتاج للفرح.. نحتاج للأمل بكل ما أوتينا من زرع وشجر، ونحن نحتاج للربيع بكل ما أوتينا من نغم أملا بإنقاذ الجمال والمحبة في شعربنا.

يمر العيد هنا بسلام وهناك بوفرة وبأماكن أخرى ملولا، وعاديا.

ولكن ما يجمعنا كلنا في مصطلح العيد هذا الشوق الدفين بأنا: لا نريده أن يمرّ بحلقنا مرور الكرام.

في الحادثة الأخيرة لكنيسة النجاة في بغداد سجّلت أقلام كتّاب مسلمين الحادثة بشجاعة وعاطفة إنسانية لو تجاهلناها لكان ذلك إجحافا بحق العيش المشترك والأمل بكرامة مشتركة ولكان هذا قلة وفاء من امرأة ورثت دينها المسيحي من والديها كما ورث المسلمين دينهم من والديهما.

وبمناسبة اقتراب عيد الأضحى، أود ردّ الجميل بطريقة تتجاوز الغلو الديني الذي أوصلونا إليه سواء الحركات المتشددة أم شيوخ الناقلات العامة، التي تحث السامعين على عدم الشرب من مستنقع اليهود والنصارى بوقاحة لا مثيل لهما.

وردّ الجميل لدي لهؤلاء الشجعان في الإنسانية يعتمد سرد قصة بسيطة مع امرأة مسلمة إلى حدّ أن أثر تصرفها عليّ ما نسيته يوما.

في أحد المشافي التابعة للدولة في دمشق، وقفت مرتبكة وحائرة، كنت وقتها بحاجة لإجراء بعض الفحوصات: أين أذهب، في أي اتجاه، ومن أين.. هل أصعد الدرج؟ أم أستخدم المصعد؟
لم يشجعني مشهد الحشد الكبير بانتظار خدمة المصاعد باستخدام الخدمات الكهربائية، بالإضافة إلى أني، كلما ولجت مشفى تعود إلي صورة سببت بإغماءي ذات يوم حين اقتربت من أحد الدهاليز الواسعة حيث تجمّع اطباء وممرضين وهم يرغون ويزبدون، ينظرون بفضول واستهجان لطفلة رضيعة مددت على السرير الخاص بالاسعافات، بفضول اقتربت منهم أسأل الخبر، فتبرعت إحدى الممرضات باختصار الحادثة قائلة: هذه الرضيعة رماها والدها على الأرض، لأنها جاءت أنثى!! تصوري؟ حين ألقيت نظرة على الرضيعة لم أتصور بل..... أغمي عليّ.

ما زاد الطين بلّة: الغلو عندي في رفض رشوة موظف حكومي ليقدم لي مساعدة حتى لو كان الأمر أوراق معاملة حياة وموت، لكن الضيق الشديد لمجرد التواجود في المشفى ووطأة الذكرى السابقة جعلاني أفكر أن أستدعي أي مستخدمة لمساعدتي في تعريفي بالقسم والاتجاه الذي عليّ اتخاذهما، وسأعطيها ما في محفظتي!

رشوة؟
ليكن!

توسيع رقعة إفساد الناس؟
أيضا ليكن!!

هكذا كنت أفكر حين تقدمت مني مستخدمة متوسطة العمر تضع إشارا بسيطا على رأسها علامة التحجب.
كانت قد تركت ممسحتها الخشبية وأدوات التعقيم وجاءت مباشرة نحوي.

- أين وجهتك؟
- كذا.

- هناك ازدحام، وأشارت نحو المصاعد الكهربائية.. يمكنك اتباعي. وتبعتها صاغرة.


بوجه بشوش سألتني حاجتي، وشرحت لها.
مددت يدي إلى محفظتي بشكل لا واع وأنا أفكر: لن أترك معي سوى المبلغ الخاص لعودتي للبيت، فهي لا تستحق فقط مبلغا من المال لكن لطافتها ودماثتها ومتابعتها إجراءات دخولي القسم الخاص، واهتمامها بما أحتاج وما ليس هناك من داع من إجراءات جعلني أتصور أن أي مبلغ من المال غير كاف لرد جميلها، وازددت اصرارا على هذه الفكرة حين علمت منها أنها تعيل أربعة أطفال وأن زوجها متوفى، وأنها مستأجرة غرفة متواضعة وأنها الرجل والمرأة والأم والمتابعة لدروس أولادها.

كنت قد انتهيت من جميع الإجراءات الخاصة بي وما زالت المستخدمة بجواري تحدثني ببساطة وود من يعرفني سنين طويلة.

عند باب الخروج من المشفى، كان لون وجهي بلون الشوندر، وأنا أقدم لها قبضتي المتقلصة محتارة بين تقديري لإنسانيتها بعرض رشوة من جانبي، وبين شعوري العميق بأن هذا التصرف إهانة لامرأة بهذه المواصفات.

وددت أن أعطيها المال وأهرب من كل هذا الإحراج، لكنها نظرت مباشرة في عيني، وبانسيابية من يدخل أعماق البشر بلا وجل وقالت:

أنا لا أربي أولادي بالمال الحرام.

كانت تلك المرأة العاملة كمستخدمة تتجاوز رموز دينية تدعو بلا خجل ألا يبارك المسلمين أخوانهم من أديان أخرى في أعيادهم.



#فاديا_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأرجحنا... كثيرا
- مهما فعلموا... سيحاكمون
- ممنوع السرقة والاقتباس تحت طائلة... عدم وجود قانون!!
- خلطة سياسية مثل جملة اعتراضية
- كانت موهوبة
- فيما يخص المقاسات
- أنت غليظ؟ انضم إلينا
- حيث الخارطة الإنسانية
- أيتها اللئيمة
- الأسماء التي تضل الطريق
- يمارسون الأمومة.. ولا يدرون
- في عيدي وعيدكن.. قد يبدو الشكل بريء
- على أرجل حمام النّت.. الزاجل
- العالقون على سكة القطار
- أحب شفاهكِ منغلقة كانت، ومنفرجة
- هل من جديد
- وثيقة تفسّر الكثير
- دروشة علمانية
- في منشور : يكذب القرآن ويزدري رسوله
- في حلول........ ألغام الازدواجية


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاديا سعد - رد جميل