أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جهاد علاونه - أنا أتألم إذن أنا مسيحي















المزيد.....

أنا أتألم إذن أنا مسيحي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 20:49
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


الجوهر الأساس في الديانة المسيحية هو أن المسيح كان يتألم لآلام الناس ويتوجع لأوجاعهم ويبكي على مراثيهم ولم يكن يشعر به أحد غير أبيه الذي في السموات ومجموعة من التلاميذ الذين تشربوا وتعلموا منه كيف يتألموا لآلام الآخرين, وكل شخص يتألم بسبب آلام الآخرين أشعر أنا شخصيا أنه مسيحي مخلص,مسيحي سك, مسيحي كح, والعالم كله مشغول بآلام العرب المسلمين, والعربُ المسلمون لا يعرفون أن العالم كله يحاول إخراجهم من سباتهم ومن جهلهم, والعالم مشغول بتخلفنا ونحن نعتقد بأننا أعلم الناس وأفضل الناس , وهذا الإيمان الذي يؤمن به قومي يجعلني أتألم عليهم وعلى أوهامهم أكثر من أي وقتٍ مضى, وأنا واحد من الناس الذين يشعرون بآلام الناس المحيطين بي من كل جانب ولكن الناس لا تشعر بي, أتألم من أجلهم, وأصابتني الأمراض النفسية من كثرة الأوجاع والأحزان, وفي الحقيقة من كثرة أوجاعي والأمراض النفسية التي تسلطت عليّ لا أعرف حين أذهب إلى الطبيب من أيها أشكو له!!, هل أشكو له من الاكتئاب؟أم من القلق الزائد؟أم من الهوس؟ أم من الخوف والرِهاب العصبي!! ولا أعرف أي مرضٍ منها أبدأ بعلاجه حين أطلبُ من الطبيب علاجا! ولا أعرف أي مرضٍ نفسي قد أثر في شخصيتي أكثر!!فكلي عبارة عن كتلة من المواجع والأمراض, وحتى حين أذهب إلى الطبيب العام لا أدري عن أي مرضٍ أشكو!هل أشكو عن الصداع؟أن من القرحة؟ كثيرة هي الأمراض وكثيرة هي المواجع وما يؤلمني أكثر : هو: أنني ومن كثرة الآلام والأحزان لم أعد أتذكر مما أشكو ومما أتألم, أنا لستُ فاقدا للذاكرة ولا أنسى آلامي, بل أنسى الذين يؤلمونني من كثرة عددهم , والغريب في الأمر أنني لم أألم أحدا في حياتي, ولم أتسبب بأوجاع أي إنسان كان صغيرا أم كبيرا سمينا أم نحيلا فقيرا أم غنيا طويلا أم قصيرا, أنا لا أتسبب للآخرين بالكوارث وبالدموع, ولم أر طوال حياتي إنسانا بكى لأحزاني أو لأوجاعي, ولا أتصور أن يأتي عليّ يوم أرى فيه إنسانا يبكي على حالي أو يرثي لسوء أحوالي وخصوصا في الآونة الأخيرة حيث بلغت الأزمة ذروتها وأخذت منعطفا هاما وخطيرا في حياتي, وكل أحزان الناس وآلامهم تنعكس على حياتي بشكل عام وأشعر فيها أكثر مما يشعرون هم فيها, ولكن لم يقل لي أحدٌ بأن يتأسف أو يبكي من أجلي ومن أجل ما أعانيه, والمهم أن كل الناس منشغلون في حياتهم الخاصة جدا ولا يتذكرون إلا أنفسهم ولا يطربون إلا لأصواتهم وكل دجاجة في الحي تهتم بصياصيها أما كتاكيتي فلا أحد يتذكرهم ولا أحد يسأل عنهم, مرة أخرى ربما في داخل كل إنسان ما يكفيه من آلام وأحزان.

ومن كثرة ما ظلمني الناس لم أعد أتذكر من هو الذي تسبب لي بالجفاف ومن هو الذي تسبب بسوء حالي, ومن كثرة الذين غدروا بي لم أعد أتذكر من هو الذي غدر بي بالضبط ومن هو الذي طعنني وتسبب بقتلي!!.أحزاني كثيرة لا تُعدُ ولا تُحصى,والذين ظلموني لا يمكن عدهم أو إحصائهم حتى لو تدخلت بذلك دائرة الإحصاء العامة في الأردن , إن الناس لا يريدون مني سماع حقيقتهم, ويهربون من الآلام والأحزان ولا يقتربون منها في الوقت الذي أُقبل أنا فيه على الآلام وعلى الأحزان , والناس لا يريدون من ينبههم أنهم يعيشون في وهم ,ويؤمنون بالحقيقة الظاهرة أمامهم وذلك لكي لا تتحطم أوهامهم, الناس هنا يعيشون على الأوهام,ويعملون طوال اليوم على الأوهام, ويؤمنون بأشياء مزيفة, أما أنا فأتألم لأنني أرفض الأوهام وأعرف جزء كبيرا من الحقيقة لذلك أتألم وأحزن وتدمع عيناي وينفطر قلبي من الحياة البائسة ,والذي يشجع الناس على الأوهام يصبح سيدا لهم وبطلا أسطوريا وإلهاً والذي يحاول إيقاظهم من أوهامهم وسباتهم يصبح هدفا سهلا لهم, يصبح من مرماهم على بعد فركة كعب, يقتلونه, يتهمونه بالجنون, يتوعدونه بنارٍ وقودها الناسُ والحجارة, يتهمونه بالزندقة وبالهراء, الناس في النظام البيئي المحيط بي يقتلون كل من يقول لهم أن حياتكم هذه كلها مجرد أوهام وليست حقيقة, هؤلاء كلهم يصوبون سهامهم إلى صدري, يعمون نظري, يوقفونني عند كل نقطة تفتيش, يسيئون لي بالسر وبالعلانية , يتسببون بآلامي وأحزاني وإذا فكرتُ يوما بأن آخذ منهم ثأري لا أدري في الحقيقة ممن آخذ ثأري!!من هذا؟أم من ذاك؟ مِن الذي سرق رغيف خبزي وطعامي ؟أم من الذي قطع يدي وصادر أشعاري وأفكاري؟.

من كثرة الآلام التي في جسدي لا أعرف من أي آلام أتوجع, ومن كثرة البحار التي غرقتُ بها لم اعد أتذكر أي بحرِ خنق أنفاسي الأخيرة, ومن كثرة الجروح التي في داخلي لا أعرف من أي جرحٍ أنزف,ومن أين نزف أكثر شيء كل هذا الدم الذي أمامكم, ومن كثرة التعب والأشياء المتعبة لا أعرف أنا من أي شيءٍ متعب, إن الذين أتعبوني كثر,والذين أتعبوا أقدامي من كثرة المسير عليها أو من كثرة الوقوف عليها أيضا هم كثر, كل شيءٍ متعب جدا, كل شيء يهز أنفاسي, أتألم كثيرا على نفسي وعلى الناس وأرقص دوما من شدة الحزن, هذا الكون الفسيح الذي نعيش فيه يكاد أن يكون ضيقا على حجمي فهو ليس بمقاس أحزاني وأوجاعي الكثيرة, والذين أزعج نفسي من أجلهم لا يفكرون بي مطلقا, هم يخدمون الذين يكذبون عليهم والذين يسرقونهم أما أولئك الناس من أمثالي فلا أحد يعبه بهم, بل على عكس كل التوقعات دائما ما يقولون: شو بده بالثقافة وبالسياسة؟ ومرة قال لي أحد المسئولين: أنا مش عارف شو اللي امغلبكوا بالدين وبالسياسة!! أنتم بصراحة لا تستحقون لقمة الخبز التي تأكلونها, وهذا بصراحة وأمثال هذا ما يؤرقني وما يجعلني متعبا جدا,ودائم البكاء والحزن, مصير العالم أمامي وكل الناس أمامي مخدوعين ويعيشون على الأوهام,والذي يريد أن يوقظهم من أوهامهم وسباتهم يلعنونه ويسبونه ويشتمونه ويتمنون له الهلاك, ومن كثرة ما تدمع عيناي لا أعرف من أيِ منظر أو من أي كلمة أدمع, وما الذي جعل عيوني دائما البكاء والاحمرار, أشياء كثيرة التي أبكتني,ومناظر كثيرة أبكتني, عدم احترام الإنسان, عدم احترام الحرية, عدم الرضوخ لمطالب المثقفين الأحرار, ظلم الأزواج لأزواجهم, المشردون على أرصفة الطرقات , والذين يعملون تحت أشعة الشمس الحارقة وتحت هبات الرياح الباردة ليكسبوا قوت يومهم أيضا أولئك يؤلمونني أكثر, ولا أدري بالضبط أي إنسان جعلني أتألم أكثر؟ولا أدري أي مقتول جعلني أتألم أكثر, فالمذبوحون كثر والمقتولون كثر والمعذبون في الأرض أكثر من عدد شعر رأسي , كل شيء بالنسبة لي يصيبني بالألم, شقيٌ من يوم يومي, وتعيس جدا ووحيد في هذه الحياة, أسير وحدي وأخطو وحدي ولا أحد يقف معي ولا أحد يساندني.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم ميلادي يوم السلام
- قطتي البيضاء
- لا تبتسم إلا وأنت ميت
- الإنسان هذا المخلوق
- الجنس والسلام
- حول الإسلام السياسي
- ملاحظتان على أسماء الله الحسنى
- الإسلام هو الحل!!!
- السلام والحرية السياسية الفردية
- دولة بدون مجتمع مدني ستسقط
- السلام بين الشعوب
- السلام فرصتنا الأخيرة
- الدين بعد سن البلوغ
- التبادل الديني
- المسلمون المساكين
- المسيحية عكس لعبة الشطرنج
- متى سنتذوق طعم السلام!
- رسالة إلى فضيلة القس:إيميل حداد(سفراء السلام)
- صفات المسلمين
- أخطاء البخاري


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جهاد علاونه - أنا أتألم إذن أنا مسيحي