|
نص : صرير الابواب . برقيات مستعجلة في بريد الغابات
سعدي عباس العبد
الحوار المتمدن-العدد: 4450 - 2014 / 5 / 11 - 22:24
المحور:
الادب والفن
نص : صرير الابواب : برقيات مستعجلة في بريد الغابات ..
____________________________________
• • • الابواب ملاذات .. وارواح ميته .. قبل موتها كانت اشجار ..كانت معادن تحت الارض • الابواب صرير الريح وبكاء الخشب .. وانين الاشجار في تحولاتها ومسخوها • الابواب غطاء ودثار وحارس امين .. لايسمع ولايرى ولا يفشي الاسرار التي جرت على • مقربة من عيونهِ الخشبية المغلقة .. • الابواب ستر الناس ..ومستودع آثامهم ..وحفظ عوراتهم واسرارهم وغرائزهم وحجب عُريهم .. • الابواب مصدّات الريح والغبار واحاديث الوشاة ... تحفر المسامير في الخشب .. فتجرح هامات الاشجار .. فتشب الابواب عن الغابة • الابواب ذاكرة الطفل وارجوحته ومحميته ..ورائحته الاوّلى .. وعلامة المكان الاوّل .. • الابواب روح الحجرات وضلوعها .. فاذا ما انكسر الظلع .. انكسرت الروح .. • الابواب مصدّات البرد وعيون الغرباء والتلصص .., الحجرات بلا ابواب , كالماشي عاريا وسط • الاسواق .. الابواب سبورة الطفل الاليفة ..ولوحة للرسم وارشفة الذكريات .. • الابواب التي تأتي عبرها الرياح .. تغلق لنستريح .. الرياح تعادل الشر او تساوي الفعل المذموم • والباب كناية او رمز لصون الذات واللسان ..والنأي عن ملامسة تخوم الشر .. • الابواب انواع واشكال متفاوته في اللون والحجم والقوّة والتماسك .. متباينة في الجمال وسحر • والروح ومدى قوّة تحمل المشاق في الملمات : إذا كان باب بيتك من زجاج فلا ترمي الناس • بالحجر ..ابواب الزجاج رقيقة لاتحتمل الحجر ..كالقلوب او الارواح التي تنفر وتثور من ادنى • مساس بكبرياؤها.. تلك الابواب لا تقوى حيال هبوب الريح .. فسرعان ماتتهشم عند هبوب اوّل • عاصفة .......وثمة بيبان مثقوبة على الدوام ..وهي كناية ومثل ورمز ....كباب النجار .. • وثمة ابواب غير مغلقة تانف من الانغلاق وتعدّه امرا غير محبذ ويلحق التشوّيه بكرامتها • او يحط من منزلتها او قدرها ..كابواب الكرماء فهي مشرعة على الدوام ..لا تسد او تغلق • بوجه السائل وابن السبيل ومن يرووم حاجة او ينشد شيئا ..تلك الابواب كثيرا ما تكون • اوسع وارحب وانبل الابواب .. ولكنها باتت في عداد الذكريات الجميلة .. اصبحت جزءا من الفلكلور • والتراث الشفاهي المتداول .. • وللابواب ايقاعات وجرس .. فيما اذا طرقتها يد , ما .. ثمة وقع مكتوم يند عن الباب المطروق • ووقع صاخب يتصاعد قوّيا في الفضاء .. وهناك طرق فاتر لا يكاد يُسمع .. • كلّ باب له ايقاع ونمط خاص .. يعود له وحده .. باب الحديد يختلف في وقعهِ ورنّته وانتشار • صداه عن نظيره باب الخشب او الجينكو وهذا الاخير بات في عداد الابواب التراثية المنقرضة • والابواب حالها حال الإنسان تنمو في مفاصلها العاهات والامراض .. ويترك عليها الزمن عبر • مروره اثار الشيخوخة والخواء .. فالابواب تنخلع رزاتها او تتدهور مفاصلها ويصيبها • العطب والخمول حالما تجتاز عتبة زمنها المقدر والمكتوب ... او تبلغ من العمر عتيا .. • عندها تمسي كثيرة الشكوى والانين .. عبر صريرها المتوالي .. والصرير احد علامات • الشيخوخة ولكن ليس دائما يكون مؤشرا على دنو الشيخوخة ..فغالبا مايكون الصرير بكاء • او البكاءا حنينا للغابات والبراري حيث جذورها ومسقط رأسها وموطنها وذكرياتها وطفولتها • ومهدها الاوّل .. فصريرها هو نداء يتدفق من روح الباب .. يخرج ملتاعا من مفاصل الظلوع • نداء وبكاء وصوت استغاثة وربما غناء ...غناء الابواب .. حزين في الغالب وخاصة اذا ما • اشتدت الريح في هبوبها .. او فتحت الباب يد , ما .. فتتصاعد على الفور , نبرته الشجية • المفعمة بالانكسار والحنين .. خاصة اذا ما كان الباب طاعن بالشيخوخة والتلف ... • الابواب متباينة في الوظيفة والنوع الرمزي ... • فباب الله يختلف في الملامح والنوع والوظيفة ..فهذا الباب يمت بوشيجة حميمة بديمومة الانسان • على الارض ..فيما يتعلق برزقهِ .. فهو ينهض من احزانه وشقاءه عند بزوغ الضياء الاوّل • مع اطلالة طلائع شروق الفجر .. يكون هناك عند الباب .. باب الله الرمزي ..ذلك الباب يحظى • بتبجيل وقدسية لدى الانسان كونه باب الديمومة او الاستمرارية في مواصلة المشوار .. مشوار • الحياة ..والباب المشار اليه .. لن يغلق .. فهو مفتوح بوجه سائر المخلوقات بقطع النظر عن • انتماءاتهم والوانهم وقومياتهم ودياناتهم ونوعهم ومهنهم التي يحترفونها .. فالباب باب الله • مفتوح للص والعامل والشحاذ والظالم والعادل والوضيع والنبيل والانتهازي والمجرم والكاتب • والراقصة والفنان والمغني والقديس والعاهرة والموسيقي والقبيح والوسيم والمقامر والزاني • والطيور بسائر انواعها وبقية الحيوانات بانوعها والاشجار ........... باب يسع جميع مخلوقات • الكون ..هذا هو باب الله الذي لن يغلق ...........وكلنا على باب الله ..وهناك ابواب متفرعة عن • الباب الكبير .. ابواب الجنّة والجحيم .. ابواب الفرج ..ابواب السعادة .. ابواب النحس .. • ابواب الامل ..والابواب التي تبقى مشرعة للعناوين والتسميات .. ك : نحن على ابواب الشتاء • مثلا .. والعيد على الابواب .. او الامتحانات على الابواب .. او ابواب الشركة مغلقة ..او الباب • يفوت او يتسع لمرور جمل .. او ابواب المتاجر مسدودة ....... او : اصبر لعل الله يفتح لك بابا • او باب المسجد مفتوح .. او : لا احد على الباب ..او : هل تركت باب السيارة مفتوحا .. • او : ... جيران الباب على الباب ...... او : بابنا مقابل بابهم ..او : ثالث باب على ايدك اليمين •
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلطة الاغتراب : عزف على ايقاع الغياب
-
جراح النساء : وشم على جسد المرأة
-
نص : السيوف ......... السيوف
-
تاملات : الحياة كانت هناك
-
تاملات في الحبال : حبال الغسيل ........... حبال الشنق
-
استذكارات : القديس خياديف ............. خيون دواي الفهد : ال
...
-
استذكارات : خيون دواي الفهد : ذاكرة الشوارع والبارات
-
استذكارات : من كراج النهضة الى سجون المعسكرات
-
استذكارات : كراج النهضة ح8 : من كراج النهضة الى سجون المعسكر
...
-
استذكارات : كراج النهضة في اناشيد وقصائدوجمال ليالي بائعة ال
...
-
استذكارات : كراج النهضة ..: التابوت محمول على اكتاف الشاعر
-
استذكارات ... كراج النهضة ح3
-
كراج النهضة ح2
-
ما يدور بخلد الناخب : التغيّير محض حلُم
-
استذكارات : محمد راضي فرج .. شاعر غاب مبكّرا
-
جوائز الفن بين الحظ والاستحقاق
-
لا : لصناعة الموت
-
الانتخابات : اكذوبة راسمالية
-
تاريخ الحزن العراقي : الاغنية العراقية انموذجا
-
استذكارات : عن الشحاذ والي الاعرج او العراق , لا فرق
المزيد.....
-
فنانة مصرية تصدم الجمهور بتفضيلها -الزواج بمتعة- يومين كل أس
...
-
وفاة الممثلة البريطانية هيلين ماكروري بسبب السرطان
-
مصر.. وفاة زوجة الفنان الراحل خالد صالح متأثرة بفيروس كورونا
...
-
الموت يفجع الفنان المصري أحمد خالد صالح
-
كاريكاتير -القدس- لليوم السبت
-
ملف عمر الراضي.. السلطات المغربية تكذب مغالطات منظمات غير حك
...
-
وفاة الفنان السوري كمال بلان في موسكو
-
قصر أحمد باي يوثق حياة آخر حكام الشرق في -إيالة الجزائر-
-
عرض مسرحية جبرا في بيت لحم
-
فيما تؤكد الحكومة أن العلاقة مع المغرب وثيقة..خطط ستة وزراء
...
المزيد.....
-
القصة المايكرو
/ محمد نجيب السعد
-
رجل من الشمال وقصص أخرى
/ مراد سليمان علو
-
مدونة الصمت
/ أحمد الشطري
-
رواية القاهرة تولوز
/ محمد الفقي
-
كما رواه شاهد عيان: الباب السابع
/ دلور ميقري
-
الأعمال الشعرية
/ محمد رشو
-
ديوان شعر 22 ( صلاة العاشق )
/ منصور الريكان
-
هل يسأم النهب من نفسه؟
/ محمد الحنفي
-
في رثاء عامودا
/ عبداللطيف الحسيني
-
ظلال الاسم الجريح
/ عبداللطيف الحسيني
المزيد.....
|