|
هيا بنا نلعب سياسة
احمد عسيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4446 - 2014 / 5 / 7 - 19:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين تأسس حزب البعث ،لم يكن سوى مزيج من أفكار جذابة و صوفية لشابين من الطبقة المتوسطة و شبه الغنية ، قدما حديثا من السوربون و تأثرا بالفكر القومي الأوربي ، و راحا يمزجان الفكر الأوربي بثقافة عربية شعرية و دينية ، و قد تركا الإثنان العمل ، و راحا يسبحان في محيطات الأفكار و اللغة ، و برزت هذه المتع اللغوية بشكل واضح جدا في كتيب الأستاذ ميشيل عفلق (في ذكرى مولد الرسول العربي ) ، و انضم إلى هؤلاء الشباب لاحقا بعض من عشاق اللغة و التصوف كزكي الأرسوزي ليصبح لدى الحزب (معلم ) و (أستاذ ) و لكل منهم معبده و محرابه و مريديه من الشباب المثقف الحالم . بقي حزب البعث على هذه الحالة النخبوية حتى مجيئ نصفه الأخر ، أكرم الحوراني ، الزعيم الجماهيري الفذ و الذي أتقن لعبة الديمقراطية و السياسة ، ليتقدم هذا العريس إلى تلك الفتاة البكر و ينتج عن زواجهما حزب جماهيري بأفكار نخبوية ، و لا أبتعد عن الصواب إذا ادعيت أن معظم أعضاء الحزب في تلك الفترة لم يكونوا قد قرؤوا أفكار المؤسسيين ، ولن يكونوا ليفقهوا هذه الأفكار إذا قرؤوها ، ثم تأتي القفزة الأخرى لهذا الحزب من خلال اغتصاب هذه الأفكار من قبل اللجنة العسكرية ، و لينتج عن هذا الإغتصاب الحالة البعثية التي عرفناها بعد 8 آذار ، هنا نتسائل : مالذي كان يمكن أن يكونه البعث لولا حادثة الزواج و الإغتصاب تلك ؟ الجواب لن يكون صعبا ، فثمة الكثير من الأحزاب التاريخية في الساحة السورية التي يمكن أن نرى فيها البعث لولا هاتين الحادثتين ، ربما أكثرها نصوعا هي حالة حزب العمال الثوري ، و الذي مازال يستمد وجوده و شرعيته من ثقافة مؤسسه الموسوعية ياسين الحافظ ، و قد بقي هذا الحزب بكرا عذراء، مازال مختبئ في صفحات كتب المؤسس و بعض الدارسين لهذا الفكر ، و لا يذكر إلا مع المؤسس و أفكاره ، في قاعات الأكاديميات و بعض الصالوانات الثقافية الخاصة ، أيضا كحزب العمل الشيوعي ، الذي حلم بيوتوبيا الدولة الإشتراكية، و دفع أعضاؤه الشباب الكثير الكثير من التضحيات ،بعد رحلة قصيرة في بحار اللغة و الأفكار و الأحلام ، ليشارف الحزب على الموت قبيل لحظات إحيائه و وضع بعضا من الماكياج على وجهه كي يناسب حاجة النظام السوري حاليا إلى كم هائل من الأحزاب يضفي بها بعضا من الجمالية على قبح جرائمه ، تذكرت كل هذا و أن أقرأ بعض الأقلام التي تدافع عن ولادة حزب جديد باسم حزب الجمهورية ، بكلمات صوفية و ألاعيب لغوية يعيد مشهد ولادة حزب البعث ، فهو حزب (يشكل أمل الإنتقال من لغو السياسة إلى لغتها ) و هو ( المنظومة الفكرية العصرية الواقعية التي تقارب الأشياء بطبيعتها النسبية المتغيرة و تضع مقتضيات المصلحة الوطنية في أولوية التنفيذ و التفكير ) هو المزيد إذن من دروس اللغة ، لكن هذه المرة متناسبا مع الحالة السورية في التراجع خلفا ، أي جاءت اللغة دون أفكار و دون دراسات و دون أي شيئ ، هي مصفوفة كلمات يمكن أن نضع بأي مكان كلمة إضافية أو نحذف كلمة أخرى ، و ربما يدفعنا هذا إلى المزيد من اللعب و التسلية ، لا بأس ، أين المشكلة ؟؟!! فهذا اللعب اللغوي اصبح أحد علائم الوحدة الوطنية ، ألم تشاهدوا جلسة مجلس الشعب السوري و قد احتار أعضاؤه بإعراب كلمة فلاحين في صياغ أحد الجمل ؟ و هل هي فلاحين أم فلاحون ؟ و نحن كمعارضة نحتار أيضا ، هل ننتسب إلى حزب ينادي بالوطنية أم المواطنة ، حزب ينشد الحل المأمول الذي يكفل العيش المشترك للجميع ، أم حزب ينادي بالإنتقال السلمي للحكم و ينادي بكفالة حقوق كل السوريين بغض النظر عن أي انتماء؟؟ لا بأس ، فلدينا الكثير من الوقت كي نؤسس حزبا لغويا ، ريثما ينمو و يصبح مؤهلا للزواج أو الإغتصاب ، و حينها نبدأ جولة جديدة من الحيرة . نحتار في الإنتماء لحزب أسس في لندن أم حزب أسس في باريس أم اسطنبول أم القاهرة ؟ هل نفضل الإنتماء إلى أحزاب تخرج ببيانات طويلة أم قصيرة ؟ هل ننتسب إلى أحزاب أم تجمعات سياسية ؟ هل ننتسب إلى تجمع ينقل أعضاؤه بطيران الإتحاد أم الخليج ؟ يعقد جلساته في الكارلتون أم الهليتون ؟ ألم أقل لكم إنها الملهاة السورية !!! و يبدوا أن البشرية تحتاج القليل من العار كي تصل إلى قاع الحضيض
#احمد_عسيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الذكاء السياسي لجبهة النصرة
-
عشرة أعوام على الربيع الكردي السوري
-
فيلم أسرار عائلية :حين تنتصر لغة الجهل
-
الذكورة و الأنوثة : تاريخيا و انتروبولوجيا
-
مفاهيم اساسية حول الهوية الجنسية و الجندر
-
هلوسات في الجنس
-
الدلائل الفضائحية لمؤتمر جنيف
-
الامة السورية بين الفكر و الحزب
-
بين خالد سعيد و رابعة العدوية
-
لكننا لم نعد اطفالا
-
ظاهرة الامام الصدر
-
الجنس في رواية ساق البامبو
-
الاسرائيليون و نحن........
-
بين معركة أحد و 25 يناير
-
المؤسسة العسكرية في سوريا؟؟؟
-
على الجسد السلام
-
حول ضعف الشخصية لدى المعارضة السورية
-
تحليل مخبري لطائفية الثورة في سوريا
-
فلسفة البوط العسكري في سوريا
-
السياسة السورية و البندول
المزيد.....
-
مستشار رفيع لنتانياهو: المقترح الذي أعلن عنه بايدن يحتاج -ال
...
-
شرطة نيويورك تتدخل باحتجاج مؤيد للفلسطينيين.. وتعتقل 29 شخصا
...
-
السيناتور ساندرز: نتنياهو مجرم حرب ولا ينبغي دعوته للكونغرس
...
-
بعد شهر من إطلاقه.. هبوط المسبار الصيني -تشانغ آه-6- على الج
...
-
توقيف 22 محتجا خلال تظاهرة داعمة للفلسطينيين في متحف بنيويور
...
-
الحوثيون: مستعدون لمعركة طويلة الأمد
-
وقفة في الناصرة للمطالبة بتحرير جثمان الأسير وليد دقة
-
الجزائر.. السجن 5 سنوات لمتورطين بشراء أجهزة أمريكية حساسة ب
...
-
السعودية.. مداهمة حية لضبط مروجي مخدر -الشبو- في الرياض (فيد
...
-
حزب الله يسقط مسيرة هرميس 900 وإسرائيل ترد بقصف بعلبك
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|