أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - لا ديمقراطية بدون فردية














المزيد.....

لا ديمقراطية بدون فردية


مناف الحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4440 - 2014 / 5 / 1 - 21:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا ديمقراطية بدون فردية
مناف الحمد

عندما تكون خبرة الوجود الفردي ضعيفة ، وهو الحاصل في مجتمعاتنا التي لا يزال الفرد فيها يعرّف بدالة الانتماء إلى إطار ما طائفي أو قبلي أو جهوي أو ........تصبح نهاية هذا الوجود الفردي ليست ذا شأن خطير .
ولأن إدراك الموت صفة مميزة للإنسان ، فإن ما تفعله هذه المجتمعات لا يعدو أن يكون قمعاً وكبتاً لإدراك نهاية الوجود الفردي .
وهو كبت يدفع هذا الإدراك بعيداً إلى هوّة عميقة في كيان الفرد بدون أن يتمكّن من القضاء عليه.
ضعف الإحساس بمأساة نهاية الوجود الفردي المنبثق عن ضعف خبرة التفرد أحد العوامل المفسّرة لغلبة ثقافة الموت على ثقافة الحياة ، والاستهتار بقيمة الحياة عند شباب في مقتبل العمر .
تقدّم بالطبع تبريرات للفعل الذي يسميه أصحابه "استشهادياً " وهي تبريرات لا ترقى إلى مستوى التأصيل الشرعي السليم إذا أردنا التحاور بأدواتهم نفسها .
ولكن الجذر العميق على ما نعتقد هو ما ذكرناه من أن التفرّد ليس معاشاً كما يجب أن يعاش .
وما قلناه عن تهافت التأصيل الشرعي لهذا الفعل يجد مستنده في فقدانه للأسس الثلاثة التي تبرّره من منظور شرعي .
فقتل أبرياء جائز حتى لو كانوا من جبهة الاستشهادي إذا وفقط إذا تحققت شروط ثلاثة وضّحها الغزالي في مستصفاه :
أن تكون العملية ضرورية بمعنى وقوعها في الصنف الأول من الأصناف الثلاثة (والصنفان الآخران هما الحاجيات والتحسينيات ) التي آلت إليها القسمة لأفعال البشر في أصول الفقه الإسلامي وصفة الضرورة كفيلة بجواز خرق حتى المحرّمات بدون وزر .( ومثالها إباحة شرب الخمر للضرورة عندما يهدد العطش بالموت ، وحيث لا وجود لشراب غيره وهو مسموح بقدر الضرورة فقط ) .
وأن تكون قطعيّة بمعنى أن مصلحة المسلمين مستحيلة التحقّق بدونها .
وأن تكون كليّة أي أنها تحقق مصلحة المجموع .
وليس شاقّاً الاستنتاج أن هذه العمليات التي سنّتها التيارات الجهادية المتطرفة لا تحقق أيّ شرط من هذه الشروط الثلاثة ؛ فلا هي كفيلة بتحقيق مصلحة كلية ( والتجارب تؤكد ذلك ) ، ولا هي قطعيّة ، وليست السبيل الوحيد الممكن انتهاجه للوصول إلى الهدف ، ولا هي من صنف الضروريات.
لكن ضعف أهمبة تراجيديا الموت، وكون الإحساس بها قابعاً في غور عميق يمكن أن يكون عاملاً مفسّراً لاعتيادنا على رائحة الموت ، وتراكم الجثث بعشرات الألوف ومرور أخباره بشكل شبه سلس على مسامعنا وأبصارنا .
يحمل الاستشهادي تبريراً لفعلته " بغضّ النظر عن كونه تبريراً متهافتاً " ولكنه تبرير للتضحية بالحياة من أجل قضية ، ولكن كيف يبرّر تبلد الحسّ أمام تحوّل الموت إلى ظاهرة عادية تستدعي قليلاً من الحزن وبعضاً من الدموع ثم تمرّ مرور الكرام .
لماذا يموت الأطفال والنساء والشيوخ بالآلاف في مجتمعاتنا وهم بنسبة كبيرة منهم ليسوا أصحاب قرار فيما يجري ونعتبر الأمر ثمناً مبرراً ؟
صحيح أن للحرية ثمناً يجب أن يدفع ، ولكن ليتحمّل المطالب بها هذا الثمن ، وليس من لم يقرّر السير في طريق الظّفر بها بالسلاح .
النظام المستبد الباحث عن البقاء لا مشكلة لديه في قتل الآلاف ، ولكنّ الباحثين عن الحرية يجب أن يكون شعورهم بقيمة الفرد أكثر رهافة ، وأن يدفع إلى سطح الوعي هذا المكبوت المتمثّل بالإحساس بنهاية الوجود الفردي .
وليست كلمة يجب هنا ترفاً جاء به سياق الكلام ، وإنما ضرورة يتطلبها الادعاء بالحلم بدولة ديمقراطية ؛ فلا ديمقراطية بدون فرد يحسّ بفرديته ، ويدركها بعمق إدراكاً لا يمكن أن يكتمل بدون إحساس واضح وقويّ وغير مقموع بفكرة نهاية الوجود الفردي .
ما لم نقدّر فرديّتنا وما لم نعشها كخبرة وجودية تملأ كياننا وتصبغ سلوكنا فلن ندفع إلى سطح وعينا فكرة الموت ، وما لم نقم بالفعل الأخير فلن نتمكّن من الفعل الأول ، وما لم نتمكّن منه فسنظل مادة طيّعة في يد الاستبداد إن لم يكن بشكله الحالي فبأشكال أكثر قسوة ووحشية وإجراماً



#مناف_الحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت إحساساً بالذنب
- صديقي (س)
- في ذكرى السابع من نيسان
- لا تستخدموا الإسلام كأداة تسويق واسترضاء للأكثرية
- شبكات الثقة والتحول الديمقراطي
- الطاغية وعنف اللغة
- فتح صفحة جديدة
- أين انتم من الضحية؟
- التشكل الكاذب
- التعسف في التعامل مع النص المطلق
- من الذي يشرعن التدخل الخارجي؟
- يا الله ما لنا غيرك يا الله
- لوك والحق الطبيعي
- الهويات المتخندقة مسؤولية من ؟
- الحقوق الطبيعية
- بؤساء النظام لا يصلحون لجسر الهوة
- تهافت مفهوم الوصاية
- المجتمع الليبرالي كما نفهمه
- الأدلجة والذات المهيضة
- رحيل الغزالي الصغير


المزيد.....




- الرئاسة السورية: زيارة مرتقبة للرئيس أحمد الشرع إلى فرنسا
- قوات الدعم السريع تستهدف بورتسودان... والعدل الدولية ترفض دع ...
- ميرتس يتوقع نيل ثقة البرلمان لمنصب المستشار من الجولة الأولى ...
- جرافات إسرائيلية تهدم منازل في الضفة الغربية
- محامو السويداء يطالبون بتحقيق شفاف وعاجل في أحداث صحنايا وجر ...
- اتحاد نقابي يحث صندوق النرويج السيادي على سحب استثماراته من ...
- نتنياهو يشرف على الغارات الإسرائيلية في اليمن من مقر وزارة ا ...
- نقص التغذية يعصف بأطفال غزة والمستشفيات لا تملك حلولا
- هل يغير القصف الإسرائيلي على الحديدة معادلة الردع مع الحوثيي ...
- السودان يستقبل مساعدات إنسانية جديدة من تركيا


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - لا ديمقراطية بدون فردية