الايقاع والجرس في الشعر العربي 3

شاكر الخياط
كاتب ناقد وشاعر
(Shakir Al Khaiatt)

الحوار المتمدن-العدد: 4425 - 2014 / 4 / 15 - 22:42
المحور: الادب والفن
    

للإشارة والتوضيح انني اعني بالجرس الكلام العربي بشقيه النثر والشعر لأنه موجود فيهما، لكنني بصدد الشعر وعلى هذا الاساس اوليته اهتماما اكثر من اخيه النثر.... لا شك أن للشعر العربي العمودي والذي نقصد به الشعر الموزون وفق تفعيلات البحور التي وضعها الخليل ابن احمد الفراهيدي ايقاعا حسنا على الاذن فتستلذه وتطرب له وترجو المزيد. لكن نعلم انه ليس كل أبيات نظمت ولو كان ذلك على أوزان البحور الفراهيدية تستلذ بها الأذن وتطرب لها بل هناك ما ينفر منه السمع ويرجو انتهاءه. وهذا يعني أن هناك عوامل اخرى غير الوزن تساهم في خلق تلك النغمة والجرس الذي يشد إليه السمع ويطربه.
من المؤكد أن المتتبعين لشأن الشعر وأسراره والحريصين على اكتشافها والرقي بهذا الفن قد قاموا بدراسة هاته الأسرار وكتبوا عنها. ونجدهم كثيرا ما يتكلمون عن الجرس الشعري وأسبابه, فيردونه إلى تكرار الكلمات, استعمال بعض الأحرف وتكرارها خاصة, واستعمال المدود وتكرارها وغيرها... ونجد كذلك من وضع أسسا جديدة استعمل فيها أرقام الحساب معتمدا في ذلك على السبب والوتد كلاهما
في محاوله منا لبيان أسرار الجرس في الشعر العربي العمودي بالخصوص أو بعضها, فقد اعتمدنا, زيادة على التفعيلات التي وضعها الفراهيدي, حروف المد والسكون المعبر عنها بنفس القيمة (0 في العادة) عند تقطيع البيت الشعري. وقد يكون هذا من أسباب ضعف الجرس عند كتابة أبيات شعرية حيث أنه من المعلوم أن التفعيلات الفراهيدية لا تعمد إلى التفريق بين المد والسكون أثناء التقطيع.
ولهذا قمنا في محاولة منا بالتفريق بين المد والسكون والاعتماد على السبب في دراسة حالات أبيات شعرية وبيان قوة الجرس فيها, فنضع للمد قيمة ( 0) وللسكون قيمة( ° ) وللحركة القيمة المعروفة( "/") . ثم نعتمد بعدها على السبب في البيت الشعري كوحدة رئيسية للتقطيع بغية دراسة الجرس ونجعل للسبب-الممدود- /0 القيمة "3", وللسبب –الساكن- /° القيمة "1", وللحركة / القيمة "2". ثم نقوم بعدها برسم منحنيات للأبيات المدروسة وأجراء دراسة مقارنة.

مثال: با = /0 = 3
مسْ= /° = 1
بُ = 2
البيت:...............بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
الكتابة العروضية :.بانت سعاد فقلب ليوم متبولو
....................0/°-/ /0/-//°/°/°/--/°/0/0
القيمة السببية:......13--232-21112--331
(-) ليس لها قيمة.
الرسم البياني يعتمد علي القيمة السببية أي القيمة الموافقة لكل سبب.
ثم نقوم بحساب المجموع في كل شطر ونجري مقارنة بين قيمتي الشطرين لدراسة تقارب الجرس بين الشطرين.
نبدأ بدراسة البيت المشهور لأبي الطيب المتنبي :
الخيل والليل والبيداء تعرفني....والسيف والرمح والقرطاس والقلم
يظهر من اول وهلة أن لهذا البيت جرسا قويا ونغمة جميلة. أذا قمنا بدراسة البيت وفق الطريقة السابقة يكون لدينا:
ألخيل ولليل ولبيداء تعرفني..........وسسيف وررمح ولقرطاس ولقلمو
/°/°/-/°/°/--/°/°/0/--/°///0......°/°/ ----/°/°/----/°/°/0/---/°///0
211-211--2311- 3221.........211----211-----2311----3221
نلاحظ أن المجموع في الشطرين متساو ومقداره 23. هذا يبين أن البيتين متجانسين من حيث اعتماد المدود والحروف الساكنة في البيت. ولدراسة التجانس من حيث تموقع هذه الأحرف نقوم برسم المخطط البياني لكلا الشطرين:
نلاحظ أن الشطرين يرسمان نفس المنحنى ما يعني أنهما متطابقان تماما وهذا يعد سببا من أسباب قوة الجرس في هذا البيت. فالشطران يتميزان بنفس الجرس, وتموقع الحركات –الأسباب- فيهما متماثلة تماما.
نلاحظ كذلك أن البيت يرسم مخططا بيانيا يتميز بالصعود والنزول مع اتزان ملحوظ وهذا ما يخلق تلك النغمة الجميلة التي تطرب لها الأذن.


في تجربة ثانية نقوم باتباع نفس المراحل مع البيت المشهور كذلك لامرء القيس:
فقلت له لما تمطى بصلبه....................وأردف أعجازا وناء بكلكل
فقلت لهولمما تمططى بصلبهي.............وأردف أعجازن وناء بكلكلي
//°/--//0-/°/0-//°/0-//°//0............./°//----/°/0/°--//0/-//°//0
31-32-212--3212-312 .............2212---131 ---232- 3212

نلاحظ أن المجموع في الشطر الأول هو 28 وفي الشطر الثاني 27 أي أنهما غير متطابقان والفرق بينهما بمقدار سبب ساكن (/°) الموافق للقيمة 1. لكن الشطرين غير متباعدين فالفرق بسيط.
يمكن أن يصل البعد بين الشطرين إلى قيمة 15 نقطة أي خمسة أسباب مدّية (/0) وهذا بفرض الأسباب في الشطر الأول كلها ساكنة (/°) وفي الشطر الثاني كلها ممدودة (/0).
نقوم برسم المخطط البياني للشطرين:
نلاحظ أن البيتين غير متجانسين في تموقع الأسباب بل كثيرا ما تكون متعاكسة وهذا ما من شأنه أن يخلق جرسا متفاوتا بيت الشطرين وقد يزيد البيت جمالا.
الإهتزازات واضحة في الشطرين وهو ما يخلق النغمة التي تطرب لها الأذن. نلاحظ كذلك أن الإهتزازات قوية نتيجة الإنتقال المباشر بين السبب المدّي والساكن كقوله أعجازا
(/° /0 /° = 1 3 1).
نأخذ بيتا اخر –لزهير
سعى ساعيا غيض ابن مرة بعدما.......تبزل ما بين العشيرة بالدم
سعى ساعين غيظ بن مررة بعدما.......تبززل ما بين لعشيرة بددمي
//0--/0//°--/°/°/----/°//--/°//0...../°//--/0-/°/°//0//---/°//
32--123--211----221 321......2212 3 223211--321
المجموع في الشطر الأول يساوي 26 وفي الثاني يساوي 27 اي أن الفرق يعادل قيمة مد ساكن (1) .

يظهر أن البيتين غير متجانسين فيما بينهما من حيث تموقع الأسباب.
يحتوي على اهتزازات لكنها لا تبدو أقوى من تلك الموجودة في البيتين السابقين –من حيث انتظامها. فهذا يدل ربما على أن البيتين السابقين لهما نغمة أقوى والشطر الثاني يبدو أقوى من حيث النغمة وهو أكثر انتظاما.
فيما يلي بيت وضعناه لنبين الفرق:
إن المظالم ليس يمحو أثرها.......إلا سماحة كارم إن تقتفي
إنن لمظالم ليس يمحو أثرها.......إللا سماحة كارمن إن تقتفي
/°/°//0//--/°/ /°/0---/°//.......°/0-//0//--/0//°--/°-/°//
223211- 21- 31---321.....31 2232 123 1 321
يبدو من الشكل أن الأبيات لا تشكل اهتزازات متجانسة وتبدو الأولى أكثر تجانسا وانتقالا مما ربما جعل الجرس ضعيفا. فالشطر الثاني استغرق أكثر من ثلثي المدة بين الحركة والسبب الممدود (9/14) وحوالي ربع المدة بين الحركة والسبب الساكن.
يمثل الرنين او الاهتزاز جزءا من اسرار الجرس في الشعر العمودي العربي.
وهناك بالطبع اسرار اخرى ربما سنأتي اليها لتعزيز هذا البحث وخدمة لما نريد ايصاله للاخرين من المهتمين والمتابعين والذين يهمهم هذا الامرالمهم بالنسبة للشعر او للكلام العربي بشكل عام
وما تقدم هو احد اسباب الجرس الشعري ونرى ذلك الاهتزاز الذي يحدث نتيجة الانتقال بين السبب المدّي -مثل ما- والسبب الساكن -مثل من- والحركة المنفردة -مثل م. وبينا أن تناسق حركات هذا الاهتزاز تؤدي الى حسن الايقاع وأن تطابق الايقاع - بناءا على هذه القاعدة- بين الشطرين من شأنه تقوية الجرس في البيت. ووجدنا أن التعاكس في الاهتزازات بين الشطرين من شأنه ان يقوي الجرس.
لكن قد يمكننا الاطلاع على أبيات باهتزازت متوازنة وقوية لكن نجد الجرس فيها تنقصه القوة والجمال، والاستحسان فيه لا يرقى إلى مستوى أبيات مشهورة. لهذا قمنا بالبحث عن سر آخر من أسرار الجرس في الشعر العربي العمودي.
بعد ملاحظة عميقة واستقراء أولي وجدنا اختلافا قد يكون احيانا واسعا بين الابيات والقصائد من حيث استعمال الحروف. أبيات تكثر فيها النون والميم وأخرى تكثر فيها الجيم والقاف والضاد وأخرى السين والصاد... وان أكثر ما شد انتباهنا هو جمال هذه الأبيات رغم وجود هذا الاختلاف. فما كان منا إلا أن نستنتج مبدئيا تأثير الحروف على الأشعار.
ولدراسة مدى تأثير الحروف العربية على الشعر العربي العمودي وقوة الجرس فيه, وجدنا أنسب طريقة استعمال تقسيم الحروف المعروف لدى علماء التجويد معتمدين في ذلك على المخارج والصفات وهو تقسيم دقيق جدا. لعدم الإطالة, وبودي ان ادعم هذه الدراسة ببيان هذا التقسيم ولمن أراد الإستفادة أكثر يمكنه الرجوع إلى كتب التجويد. ولقد اجهد غيرنا كثيرا لينير لنا هذه المعلومات القيمة بالدقة الاتي سترون والتي اراني هنا ملزما لإدراجها استكمالا لواحدة من حلقات هذه الدراسة بذكر ما سياتي لاحقا، ظنا مني انه مكمل لما قبله ورابط وثيق لما بعده.

" لقد أحصى علماء التجويد سبعة عشرة صفة تقسم إلى قسمين:
- صفات لها أضداد وعددها خمسة هي:
الجهر وضدّه الهمس.
الشدّة والتوسط وضدّهما الرخاوة.
الإستعلاء وضدّه الإستفال.
الإطباق وضدّه الإنفتاح.
الإذلاق وضدّه الإصمات.

ب- صفات ليس لها أضداد وعددها سبع هي:
1- الصفير. القلقلة. اللين. الانحراف. التكرير. التفشّي. الاستطالة.
اعتمدنا في دراستنا على خاص على الحروف التي لها أضداد, على حروف الصفير التكرير
والتفشّي.
1- الهمس:
اصطلاحا ً: هو جريان النّفس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على المخرج. جمعت حروفه في قول " فحثّه شخص سكت ". وا تبقى يمثل حرف الجهر. هذا يعني أن
2-الشدّة:
اصطلاحا هي انحباس جري الصّوت عند النّطق بالحرف لكمال الاعتماد على المخرج، وحروفها ثمانية مجموعة في قول: (أجد قط بكت) وعكسها الرخاوة وتتوسطها حروف اللين وهي ما تبقى.
3- الإستعلاء أو التفخيم:
اصطلاحا ًهو ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف، وحروفه سبعة يجمعها قول " خص ضغط قظ ". الترقيق أوالإستفال هو باقي الحروف.
4-الإطباق (أو الانطباق):
اصطلاحاً هو تلاقي اللسان والحنك الأعلى عند النطق بالحرف ، أو هو تلاصق ما يحاذي اللسان من الحنك الأعلى على اللسان عند النطق بالحرف، وحروفه أربعة هي: الصاد، الضاد، الطاء، والظاء. وهي ط ظ ص ض وأقوى حروف الإطباق الطاء وأضعفها الظاء المعجمة بينما الصاد والضاد متوسطتان في الإطباق، وحروف الإطباق لا تخرج من الفم إلا حين التصاق اللسان بسقف الحلق. وعكسها الانفتاح وهو باقي الحروف.
5-الاذلاق:
اصطلاحا هو خفّة وسرعة النطق بالحروف لخروجه من ذلق اللّسان والشّفة (أي طرفيهما)، وحروفه ستة يجمعها قول: " فرَّ مِن لُبْ "، ثلاثة تخرج من ذلق اللسان هي الراء واللام والنون (لِنَرَ) وثلاثة تخرج من ذلقِ الشّفة وهي الباء والفاء والميم (بفم). الإصمات يمثل باقي الحروف. لا يوجد كلمة رباعية أو خماسية إلا أن يكون فيها مع الحروف المصمتة حرف أو أكثر من حروف الذلاقة، فإن لم يوجد فهي كلمة غير عربية ثل عسجد.

- حروف الصفير هي "س ص ز".
- حرف التكرير هو "ر".
- حرف التفشي هو "ش".


نلاحظ مما سبق أن صفات الحروف الي لها أضداد تحدد مقدار القوة والضعف عند الحرف العربي. فصفات الجهر, الشدّة, الإستعلاء أو التفخيم و الإطباق تمثل القوة والثقل في الحرف وصفاتها العكسية الهمس, لرخاوة واللين, الترقيق أو الإستفال والاذلاق تمثل الضعف والخفة.

وانطلاقا من هذا يمكننا ان نوافق مبدئيا على وجود تأثير لصفة الحرف العربي على البيت الشعري من حيث الايقاع.
لبيان هذا التأثير قمنا بحساب نسبة -او كمية- كل قسم من هذه الحروف في البيت الشعري. انطلاقا من الدراسة قمنا في البداية بدراسة بيت المتنبي المشهور كالآتي:
البيت: الخيل والليل والبيداء تعرفني....والسيف والرمح والقرطاس والقلم
الكتابة العروضية: ألخيل ولليل ولبيداء تعرفني..........وسسيف وررمح ولقرطاس ولقلمو
فوجدنا كمية كل حرف كالآتي:
حروف الإطباق... "ط ظ ص ض"...........: 08%
حروف الشدّة... "أجد قط بكت"...............: 12%
حروف الإستعلاء... "خ ص ضغط قض"..: 10%
حروف الهمس"...فحثّه شخص سكت".......: 19%
حروف الإذلاق... "فرَّ مِن لُبْ"...............: 36%
حروف التكرير..."ر"..........................: 10%
حروف الصفير..."س ص ز"................: 07%
حروف التفشي..."ش"..........................: 0 %
نجد أن البيت يحتوي على نسب ضعيفة نسبيا من حروف القوة عموما -بين 08 و 12 % ونسبة كبيرة من حروف الجهر القوية المقابلة للمهموسة بنسبة 81%. يمكننا ان نستنتج ان شدة الايقاع في البيت تعود خاصة الى حروف الجهر وهذا ما جعله يختلف عن ابيات اخرى. نجده بالمقابل يحتوي على نسبة معتبرة من حروف الإذلاق والتي تتميز -كما قررناه سابقا- بخفة وسرعة النطق وهذا ما جعل البيت يبدو اكثر خفة وسرعة اضافة الى وجود حرف الصفير السين الذي اضفى عليه حدة واضحة -الشطر 2- وحرف التكرير الراء.
فهناك مزيج بين حروف الاذلاق والجهر خصوصا وهذا يميز البيت ويعطيه ميزته.

نقوم بدراسة البيت الثاني لأمرئ القيس كالتالي:
فقلت له لما تمطى بصلبه....................وأردف أعجازا وناء بكلكل
فقلت لهولمما تمططى بصلبهي.............وأردف أعجازن وناء بكلكلي
حروف الإطباق... "ط ظ ص ض"...........: 08%
حروف الشدّة... "أجد قط بكت"...............: 34%
حروف الإستعلاء... "خ ص ضغط قض"..: 11%
حروف الهمس"...فحثّه شخص سكت".......: 06%
حروف الإذلاق... "فرَّ مِن لُبْ"...............: 36%
حروف التكرير..."ر"..........................: 03%
حروف الصفير..."س ص ز"................: 06%
حروف التفشي..."ش"..........................: 0 %

نلاحظ أن البيت يحتوي على نسبة معتبرة من حروف الجهر و حروف الإذلاق اضافة الى حروف الشدّة وهذا ما يجعله يبدو اكثر قوة.
في ما يلي دراسة مقارنة للبيتين:
صفة الحروف...................................... .المتنبي.........امرؤ القيس.....الفرق
حروف الإطباق... "ط ظ ص ض"...........: 08%.........08%...........+00%
حروف الشدّة... "أجد قط بكت"...............: 12%.........34%............-22%
حروف الإستعلاء... "خ ص ضغط قض"..: 10%.........11%............-01%
حروف الهمس"...فحثّه شخص سكت".......: 19%.........06%.............13%
حروف الإذلاق... "فرَّ مِن لُبْ"...............: 36%..........36%.............00%
حروف التكرير..."ر"..........................: 10%..........03%.............07%
حروف الصفير..."س ص ز"................: 07% .........06%.............01%
حروف التفشي..."ش"..........................: 00%..........00%.............00%

نجد ان بيت امرؤ القيس تميز بحروف الشدة بفارق 22% والجهر بفارق 13%و بيت المتنبي بحرف التكرير الراء, والحروف المهموسة بمقدار 13% والنسب الاخرى تبقى متقاربة جدا. فيمكننا ان نقول أن بيت امرؤ القيس يميز بقوة اكبر وجرس اقوى -ليس من باب الافضلية- لاحتوائه نسبة اكبر من حروف الشدة وحروف الجهر.
نجد أن الشطر الثاني "وأردف أعجازا وناء بكلكل" لا يحتوي علي أي من حروف الهمس -كل حروفه مجهورة- وهو ما يمكن أن يفسر القوة الظاهرة عليه.
نلاحظ كذلك ان حروف الإطباق والتفخيم او الإستعلاء تتواجد بنسب ضعيفة في كلا البيتين كذلك الحروف المذلقة تتواجد بنسبة معتبرة -36%- وهو ما يحدد نوعا ما استعمال هاته الحروف في البيت الشعري.

نقوم الآن بتوسيع التجربة لتشمل ابياتا اخرى حتى يتضح الامر اكثر.
عنترة : هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم...... أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ
إبن زيدون: أضْحَى التّنائي بَديلاً عنْ تَدانِينَا.....وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا

صفة الحروف...................................... .عنترة.........إبن زيدون.....الفرق...
حروف الإطباق... "ط ظ ص ض"...........: 00%.........07%...........-07%
حروف الشدّة... "أجد قط بكت"...............: 24%.........43%............-19%
حروف الإستعلاء... "خ ص ضغط قض"..: 02%.........10%............-08%
حروف الهمس"...فحثّه شخص سكت".......: 22%.........15%.............07%
حروف الإذلاق... "فرَّ مِن لُبْ"...............: 29%..........47%.............-18%
حروف التكرير..."ر"..........................: 12%..........00%.............12%
حروف الصفير..."س ص ز"................: 00% .........00%.............00%
حروف التفشي..."ش"..........................: 00%..........00%.............00%

نلاحظ أن بيت ابن زيدون يحتوي على كمية اكبر من حروف الشدّة -زيادة 19%-و حروف الإستعلاء و حروف الإطباق. هذا ما يفترض ان يجعل جرسه أقوى الا ان وجود حروف الإذلاق بنسبة كبيرة نوعا ما -47%- جعله يبدو اكثر خفة. وجود الراء في بيت عنترة جعله يبدو اكثر قوة.
فيما يلي بيت آخر.
الحب داء عضال لا دواء له ... يحار فيه الأطباء النحارير
حروف الإطباق... "ط ظ ص ض"...........: 06%
حروف الشدّة... "أجد قط بكت"...............: 34%
حروف الإستعلاء... "خ ص ضغط قض"..: 06%
حروف الهمس"...فحثّه شخص سكت".......: 17%
حروف الإذلاق... "فرَّ مِن لُبْ"...............: 50%
حروف التكرير..."ر"..........................: 09%
حروف الصفير..."س ص ز"................: 00%
حروف التفشي..."ش"..........................: 00 %
يحتوي البيت على كمية معتبرة من حروف الشدّة وهو ما يجعل فيه قوة ظاهرة, لكنه بالمقابل يحتوي على 50% من حروف الإذلاق التي تتميز بالخفة والسرعة وهذا ما جعل البيت يتميز بالخفة والسرعة وهي ظاهرة عليه.

نلاحظ أن الحروف نسبها غير متباعدة بصورة كبيرة خاصة حروف الإطباق وحروف الإستعلاء التي تتواجد بنسب لا تتعدى 10% على العموم. وإذا زادت نسبتها فيمكن ان تؤثر على السلامة الإيقاعية للبيت خاصة إذا كانت مجتمعة.
كحال البيت الآتي:
وقَبرُ حَربٍ بمكانٍ قَفرٍ----ولَيسَ قُربَ قَبرِ حَربٍ قَبرُ
حروف الإطباق... "ط ظ ص ض"...........: 00%
حروف الشدّة... "أجد قط بكت"...............: 34%
حروف الإستعلاء... "خ ص ضغط قض"..: 16%
حروف الهمس"...فحثّه شخص سكت".......: 09%
حروف الإذلاق... "فرَّ مِن لُبْ"...............: 52%
حروف التكرير..."ر"..........................: 21%
حروف الصفير..."س ص ز"................: 00%
حروف التفشي..."ش"..........................: 00 %

نلاحظ أن البيت يحتوي على كمية أكبر نسبيا من حروف الإستعلاء -16%- إضافة إلى حروف الشدّة -34%- و حروف الجهر بنسبة 91%. ولولا كمية حروف الإذلاق الكبيرة نسبيا -52%- لأصبح البيت أكثر صعوبة.

بحساب النسبة المتوسطة للابيات السابقة نجد:
حروف الإطباق... "ط ظ ص ض"...........: 07%
حروف الشدّة... "أجد قط بكت"...............: 24%
حروف الإستعلاء... "خ ص ضغط قض"..: 08%
حروف الهمس"...فحثّه شخص سكت".......: 17%
حروف الإذلاق... "فرَّ مِن لُبْ"...............: 36%
حروف التكرير..."ر"..........................: 10%
حروف الصفير..."س ص ز"................: 00%
حروف التفشي..."ش"..........................: 00 %
هذا من شأنه أن يعطينا نظرة عن استعمال الحروف وكميتها حسب صفاتها.
و يمكننا أن نستنتج تأثير الحروف -حسب صفاتها- على البيت الشعري ونستخلص بذلك كيفية استعمالها للتأثير على الجرس في البيت الشعري والرفع من قوته عند الحاجة.
في بيت المتنبي "الخيل والليل والبيداء تعرفني....والسيف والرمح والقرطاس والقلم" نلحظ ارتفاع قوة الإيقاع في آخر البيت يرجع إلى استعمال حروف تتميز بالإستعلاء والإطباق والشدّة فيه بصور متتالية وربما كان هدف الشاعر رفع النبرة في هذا المقطع -لقرطاس والقلم- والأعمال بخواتيمها.
فدراسة جرس بيت شعري, انطلاقا مما سبق, يمكن ان تمر بـ :
- دراسة الاسباب المدّية والساكنة والحركة وحساب قيمتها في كل شطر ثم مقارنة القيمة بين الشطرين لدراسة توافق جرسيهما.
- دراسة اهتزازات البيت ومدى انتقالها بين الاسباب المدّية والساكنة والحركة المنفردة كما سبق.
- دراسة كمية الحروف عن طريق صفاتها واستخراج اين قوة الجرس و ضعفه في البيت.
يمكن لنا عند كتابة بيت ان نرجع الى هذه النتائج ومقارنتها بها واستعمالها لتغيير قوة الجرس فيه.
هذا الذي اوردناه سيقودنا الى سؤال في آخر الدراسة او ربما تساؤل مشروع وعلى اصحاب الشأن المشمولين بهذا السؤال الاجابة واجدني سأكون طوع آرائهم ان كانت من الواقع والحقيقة والاثبات بمكان.
للحديث بقية

#شاكر_الخياط (هاشتاغ)       Shakir_Al_Khaiatt#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات