أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر الخياط - في النقد الادبي - 5 -














المزيد.....

في النقد الادبي - 5 -


شاكر الخياط
كاتب ناقد وشاعر

(Shakir Al Khaiatt)


الحوار المتمدن-العدد: 4396 - 2014 / 3 / 17 - 16:52
المحور: الادب والفن
    


ان من يظن ان النقد بالنسبة للعرب وفي الادب حديث العهد ونحن متأخرون عن باقي الامم في ذلك فهو واهم لان هذا المنطوق وهذه الفرضية غير صحيحة.. فالنقد الادبي ولد مع ولادة الشعر ومنذ ان عرف العربي ان هذا الحرف الكريم سيميزه لاحقا عن بقية الامم بلاغة وفصاحة ، عرف معها النقد منهجا تقييميا للادب واسلوبا فكريا بنيويا رؤيويا يستند عليه الادب في بنائه ولا مفر منه فهما متلازمان بينهما شعور متبادل كالنسغ الصاعد والنسغ النازل في بناء حياة النبات... فلقد كان الشاعر ناقدا في الوقت الذي يرى شعر الآخرين ويتفحص مواطن الضعف والقوة في القصيدة، كان الآخرون يعينونه برؤية ما كان يرى عند غيره... ولهذا كان الشاعر اقرب من غيره على فهم الصنعة الشعرية، وعلى ادراك اسرار القبح والجمال... وعلى هذا الاساس كان من الصعب ان نحكم على الصورة الاولى التي نشأ عليها النقد الادبي العربي ذلك لأنه ارتبط بالشعر في نشأته، لان كل ما يمتلكه المفكرون والمتابعون لا يتجاوز المائة وخمسين عاما التي سبقت ظهور الاسلام، ولان اغلب من قرأنا لهم لم يذكروا احدا في الشعر قبل المهلهل بن ربيعة او امريء القيس بن حجر والذين يعتبرونهم اول من وطأ متون الشعر العربي..
يقول الجاحظ: " اما الشعر، فحديث الميلاد، صغير السن، اول من نهج سبيله وسهل الطريق اليه امرؤ القيس بن حجر، ومهلهل بن ربيعة....فاذا استظهرنا الشعر، وجدنا له الى ان جاء الله بالإسلام خمسين ومائة عام، واذا استظهرنا بغاية الاستظهار فمائتي عام ". (1)
يقول ابن سلام : " وكان اول من قصد القصائد وذكر الوقائع، المهلهل بن ربيعة التغلبي في مقتل اخيه كليب وائل " .
على اننا لا يمكن ان نسلم او نجزم بان الشعر الذي رأيناه قد وصل الى ما وصل اليه الان هو ذات الشعر الذي بدأ به العارفون منذ زمن بن حجر او المهلهل، كلا بالتأكيد، فلقد قطع الشعر احقابا وازمنة وهي سنة التطور والارتقاء، وهذا نفسه الذي نهجه النقد الادبي ومنذ عصر قبل الاسلام وقد تطور النقد وفقا لتطور الشعر ولا يخفى على احد ان الشعراء كانوا يأتون مثلا الى النابغة ليقرؤوه شعرهم ويعرفون منه مدى صلاحية او قوة وضعف ذلك الشعر، فمن اثنى عليه النابغة طار وحلق وبنى وانشد احسن من ذي قبل، ومن اشار اليه في ضعف او خلل ما، عاد لينتج ما هو احسن، ومن تلك النماذج ما يظهر جليا وواضحا لكل ذي اهتمام ومتابعة في الشأن النقدي ما اورده الينا الخبر من نقد النابغة الذبياني لبيتي حسان بن ثابت، لان العرب اجتمعوا على الرضا بآراء النابغة وقضائه بين شعرائهم، وهذا يوحي لنا بأمرين :
اولهما ان العرب اهتمت بالنقد وكانت معنية به على انه وسيلة الى تطوير الفن الشعري، لان مجد القبيلة يتمثل ببراعة شاعرها ....
ثانيهما وهو خاص باختيار الناقد، فهم يشترطون به ان يكون شاعرا فحلا، وصاحب تجارب وبصر بالشعر على ضوء خبرته الواسعة، والنابغة قد تمكن من التربع على هذه القمة في عصره، اذ رشحه تاريخه الطويل في قول الشعر وابداعه لأن تضرب له قبة حمراء في سوق عكاظ، وكانت الشعراء تأتيه لتعرض عليه قصائدها، وهو من يجيز الغث من السمين، وعلى هذا الاساس قد طار ذكر الاعشى والخنساء بسبب ثناء ومدح النابغة لهما...
يروى ان حسان بن ثابت انشد النابغة قصيدة قال فيها مفتخرا :
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى... وأسيافنا يقطرن من نجـدةٍ دمـا
ولدنا بني العنقاء وابنـي محرق..... فأكرم بنا خالاً وأكرم بنا ابن ما
قال له النابغة انت شاعر لكنك اقللت جفانك واسيافك، وفخرت بمن ولدت ولم تفخر ولدك، نقد البيت الاول يدل على وجوب التعبير عن المعنى باللفظ الذي يؤديه اداءا كاملا، بحيث ينهض اللفظ بحق المعنى، وهذه ملاحظة بارعة لان العرب تستحسن المبالغة في مواطن معينة، والفخر من هذه المواطن المحببة، اما نقد النابغة للبيت الثاني فهو دليل على معرفته بتقاليد العرب ووعيه بعاداتهم التي تعتد بالآباء والاجداد وتقيم وزنا لحسب القبيلة ونسبها، وعلى هذا فان نقد النابغة يقوم على تفضيل المبالغة جريا وراء المثل الاعلى في المعنى، كما يقوم ايضا على تقديس ما اعتاد عليه القوم، وتقديس المثل الاعلى ماثل في ان ( الجفنات ) وهي جمع مؤنث سالم لا تدل على الكثرة مثل ( الجفان )، لان جمع المؤنث السالم انما يدل- في اصل وضعه – على عدد قليل، على عكس جمع التكسير اذا كان للكثرة فهو يدل – في اصل وضعه – على اعداد مفرطة في الكثرة والكثرة تناسب الفخر، ولو قال الشاعر ( لنا الجفان ) لوصل الى ما يريد النابغة من المبالغة، ولتحقق المثل الاعلى من الفخر... ولو قال (البيض) لكان افضل من ( الغر) لان الغرة بياض قليل في لون كثير، وكذلك في (يلمعن بالضحى) فلو كان قد قال ( بالدجى) لكان ذلك اقوم.. ولو قال ( يجرين ) لكان اكثر واحسن من ( يقطرن)
وتقديس المثل الاعلى ماثل في ان كلمة ( اسيافنا ) – وان كانت جمع تكسير- فهي جمع قلة، فجموع القلة الاربعة ( افعل، افعلة، افعال، فعلة ) انما تدل - في اصل وضعها – على اعداد لا ترفع لأكثر من عشرة، وقد تهبط الى ثلاثة، والعد القليل في موطن الفخر غير مستحب عند العرب، ولو قال ( سيوفنا ) لوصل الى غايته في الفخر. ولقد حاول النابغة الذبياني ان يصل الى تحقيق المثل الاعلى القائم على المبالغة في الفخر عن طريق ناقدة لفظية مستخدما ذوقه الادبي وحسه اللغوي.
اما من ناحية العرف والعادة التي جرت عليها العرب في الافتخار بأصولهم من آباء واجداد – لا الافتخار بأبنائهم وفروعهم – فقد طبقها النابغة الذبياني على قول حسان بن ثابت ( واكرم بنا ابن ما ) ولم يقل ( فاكرم بنا ابا ) وهذه مسألة - وان كانت معنوية – ترجع الى الذوق العام الذي استهجن ان يفخر الشاعر بابنه لا بابيه، كما يفعل المفتخرون من العرب.
(1) كتاب الحيوان للجاحظ
للحديث بقية







#شاكر_الخياط (هاشتاغ)       Shakir_Al_Khaiatt#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في النقد الادبي – 4 –
- في النقد الادبي – 3 – الشعر
- في النقد الادبي - الشعر - - 2 -
- في النقد الادبي -1-
- البشرى الفاجعة....... صناعة السيارات في العراق
- صدق ... وانت حر ... او لا تصدق
- الويسكي حلال ... ولحم الخنزير حرام
- البرلمانيون.....إِنّي لَأَفتَحُ عَيني حينَ أَفتَحُها.......
- بعد صدور قانون التقاعد الموحد،،،(80000 ) ثمانون الف عراقي ،ه ...
- كنف التغرب
- انتخابات اتحاد ادباء الانبار كيف تمت؟؟؟؟
- انتخابات الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق
- الكرة الحل الامثل
- فلسفة البسطاء
- هذه هي الدنيا
- قانون جديد للمتقاعدين في العراق
- خير قصيدة
- الى القادم يوما
- مقترح مشروع
- باية فيزا ازور الجواهري


المزيد.....




- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر الخياط - في النقد الادبي - 5 -