أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله خليفة - تحولاتُ الروايةِ عند فوزية رشيد (1)














المزيد.....

تحولاتُ الروايةِ عند فوزية رشيد (1)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4409 - 2014 / 3 / 30 - 10:58
المحور: الادب والفن
    


يتجه الشكلُ إلى الانهيار بعد رواية (الحصار)، وتعطينا رواية (القلق السري) شكلاً آخر، الشكل الروائي المفتوح الذي تتحكم فيه الرَاوية، إنه دوائرٌ على شكل موجات متتابعة تبدأ من الساردة (التي تبدو أنها المؤلفة كذلك)، وتقوم باستعمال ضمير المتكلم الحاسم في هذا المجال، وتجري (الأحداث) في أمكنة متنقلة، بيت في مدينة تسكنه الراوية وأهلها، وهذا البيت متقلقل في طبيعته الجغرافية، فهو بين بيئة قروية وبين بيئة بحرية، ولكن هذه التحديدات وامضة طيفية، لكون المناخ البنائي الروائي يهدم البنيةَ الواقعية، والبيت في القرية هذه تسكنه الراوية وأهلها، ثم هناك البيت الذي يسكنه الجد وهو أقيم في منطقة خلوية وتحول إلى بناء شامخ.
الأمكنة تنوس في أوصاف ضبابية، لكون السرد يُصاغُ بغرض هدم هذه البنية الواقعية التصويرية، متوجهاً إلى سرد غنائي، ينمو من الذات الساردة بحريتها التعبيرية، ولهذا فإن الذات الساردة محور العمل تنبثقُ منها شخوصُ العائلة وذوو العلاقة، ويغدو الأب والأم والجد هم الشخوص الأثيرة في هذا التكوين القرابي:
الشيخ مسعود والشيخ مبروك هما الذكران المسيطران على عالم الراوية، الأول الأب والآخر الجد، يبدوان متناقضين بكون الجد هو منتج الثقافة المنفتحة الخلاقة، قد أسس ذلك البيت السابق ذكره، في حين أن الأب الشيخ مسعود هو كائن غريزي، تقول الأم عائشة عن هذا زوجها الشيخ مسعود:
(لم يعد يهمني.. فليكن الأمر من دون رجعة.. أصبحت لا أطيق العيش مع بئر خمر فاسد وزير نساء يعلم الله عددهن!)، ص 146، طبعة وزارة الثقافة البحرينية.
تقوم الأم عائشة بمحاولات مستمرة للانفكاك من العيش مع الشيخ مسعود لكن دون طائل، وهي تحلم بعلاقة رومانسية عاشت معها طويلاً منذ الصبا الأول.
تغدو شهرزاد الابنة هي مُنتج الجد فهو الذي مدها بمواد الحكاية والخيال وأطلق عليها الاسم، ويبدو مسافراً مغامراً لكن دون حيثيات محددة.
إن حيثيات الواقع في الجزء الأول غير صلبة، فهي غائمة، تقوم الساردة بالمحاولة الأولى للإقلاع عن الواقع، وجعل الأحياء الشعبية الأصلية في المحرق ومدينة عيسى مبهمةً ككل الثيمات الأخرى، وبالتالي فإنها لا تنمو بل تظل خلفية ككل المواد الموضوعية من وسط وظروف وأحوال شعبية.
وفيما يحدث تذويت للواقع أو تذويب له، فإن المفردات الدينية الغيبية تبدأ بالانتشار في أنحاء الرواية هذه، كقولها: (الكائنات الاستثنائية تسرح وراء غوايتها وتمائمها وتصوغ من بريق الشهب والنجوم والأفلاك أقداراً محتومة) ص 36.
فيما تقول عجوز عن الشيخ مبروك: (إن بإمكانه أن يتقمص روح الحيوانات والطيور والحشرات)، 49.
وتقول الساردة عن نفسها:(منذ ولدتْ وهي موشومة بهالة لم يألفها. الجد نفسه يؤكد ذلك بين فترة وأخرى. يشعر بأنه هو الآخر لا يختلف عن السحرة المدججين بقوى العوالم السفلية)، ص 47.
إن هذه المصطلحات تترافق ذلك مع دخول العرافات إلى النص حيث تقوم المتجولات المشعوذات بعرض بضائعهن على الفتيات وحين تعترض الفتيات على قدرة عرافة على تحديد مصائرهن غيباً يعرضن قدرتهن على خلق الحرية ورفض الأقدار، وفي هذا التضاد بين جلب مواد تراثية محافظة ونشرها ومقاومة الساردة لبعض أشكال تجلياتها يتوجه النص إلى هدم الواقع والتوجه إلى الخرافات والاسطورة، كما يظهر ذلك بعد فرار الساردة من واقعها والرحيل عنه. فالنص ينقسم إلى (فراشات القلق السري) و(الفرار!).
إن العوالم الذاتية تتغلب على العرض الموضوعي، فالشخوص والأحداث والمواقع التي بدت شاحبة ضبابية محاولة البقاء في عناصر التعدد والإشعاع العام تذوب شيئاً فشيئاً لأسباب عدم وجود صراعات موضوعية لها وعدم تجذرها كبلد وهيئات اجتماعية مختلفة وأماكن وزمن تاريخي، ولهذا فإن انسحاب الساردة من المكان الأول وهطول لغة تداعيات واسعة واستشهادات بالموروث السحري الإغريقي والروماني ومضي الساردة لإفريقيا وأجواء الأساطير وتدفق الغموض عامة وغياب البنى المشهدية لصالح التداعيات الذاتية.
ولهذا، فإن القسم الثاني من الرواية (الفرار) يتفكك ولا يمثل تطور بنية روائية متصاعدة، في حين تبقى الشخصية المحورية (شهرزاد) مهيّمن عليها أو مغيّبة. أما الشخصيات الأولى كالشيخ مسعود أو الشيخ مبروك وعائشة فهي لا تظهر إلا كومضات في القسم الثاني، وقد ساهم تغيير طبيعة هذه الشخصيات العامية البسيطة المكافحة إلى شخصيات مؤسطرة في هدم البناء الواقعي من دون ظهور بديل فني متناسق.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراعات الوعي العربي تاريخياً (6 6 )
- صراعات الوعي العربي تاريخياً (5)
- صراعاتُ الوعي العربي تاريخياّ(4)
- صراعاتُ الوعي العربي تاريخياً (3)
- صراعاتُ الوعي العربي تاريخياً (2)
- صراعاتُ الوعي العربي تاريخياً (1)
- كيفَ كتبتُ؟
- إعادةُ إنتاجِ العنف الموسع
- الرئيسُ أوباما بين المكرِ والهدر
- تاريخٌ مذهلٌ
- تكوّنُ الفردِ الحر
- الراوي وعلمُ الاجتماعِ الوطني (2)
- الراوي وعلمُ الاجتماعِ الوطني (1)
- أهمية العودة إلى الحداثة
- المساراتُ العربيةُ إلى أين؟
- نحو إصلاح اقتصادي
- قوى سياسية غيرُ متعادلة
- منع الكتب مستمرٌ
- ثقافةٌ غيرُ ديمقراطيةِ
- إعلامٌ مضللٌ


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله خليفة - تحولاتُ الروايةِ عند فوزية رشيد (1)